للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِي وَقْتِهِ كَأَصْلِهِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ (إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَادَّعَى الْوِلَادَةَ قَبْلَهُ) وَادَّعَتْهَا بَعْدَهُ (فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي أَصْلِ الْوِلَادَةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِي وَقْتِهَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ (وَإِنْ ادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ) عَلَى الْوِلَادَةِ (فَقَالَ لَا أَدْرِي جُعِلَ كَالْمُنْكَرِ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ الْجَازِمَةُ) بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُقَدَّمْ وَلَا يُقْنَعُ مِنْهُ بِمَا قَالَهُ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى مَا قَالَهُ (جُعِلَ نَاكِلًا) فَتَحْلِفُ هِيَ إذْ لَوْ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَعْجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى عَنْ الدَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ (فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ الرَّجْعَةُ وَالْعِدَّةُ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ) وَلَيْسَ هَذَا قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ بَلْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ آثَارِ النِّكَاحِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ (وَإِنْ جَزَمَ بِتَقَدُّمِ الْوِلَادَةِ فَقَالَتْ لَا أَدْرِي فَلَهُ الرَّجْعَةُ) وَلَا يُقْنَعُ مِنْهَا بِمَا قَالَتْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ، وَهِيَ تَدَّعِي بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الشَّكِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ (وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا) قَالَ فِي الْأَصْلِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَا لَا نَدْرِي السَّابِقَ مِنْهُمَا أَيْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا (وَلَيْسَ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَمْضِيَ أَقْرَاءٌ ثَلَاثَةٌ) عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ.

[الْبَابُ الثَّانِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ عَلَى امْرَأَةٍ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ) عَلَى امْرَأَةٍ قَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصٍ وَقَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصَيْنِ (فَإِنْ اجْتَمَعَا) الْأَوْلَى اجْتَمَعَتَا (مِنْ جِنْسٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَنْ) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ (وَوَطِئَ) هَا (فِي الْعِدَّةِ) وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ (وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بِشُبْهَةٍ، وَهِيَ بَائِنٌ) وَعِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ تَدَاخَلَتَا) إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّعَدُّدِ حِينَئِذٍ (فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ) وَقْتِ (الْوَطْءِ) وَتَنْدَرِجُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَدْرُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَاقِعًا عَنْ الْجِهَتَيْنِ.

(وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَقَطْ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَخَرَجَ بِالشُّبْهَةِ مَا لَوْ وَطِئَ الْبَائِنَ بِلَا شُبْهَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ (أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا حَمْلًا) أَيْ بِهِ وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا أَمْ حَامِلًا ثُمَّ أَحْبَلَهَا (تَدَاخَلَتَا أَيْضًا) ؛ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَكَانَتَا كَالْمُتَجَانِسَتَيْنِ (فَتَنْقَضِيَانِ بِالْوَضْعِ) ، وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ قَبْلَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ أَوْ رَأَتْهُ وَتَمَّتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ، وَإِلَّا فَتَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِ الْحَمْلِ بِالْأَقْرَاءِ مَنَعَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ قَالُوا، وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكَبِيرِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ (وَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ (وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ) فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَزِمَهَا عِدَّةٌ أُخْرَى (وَإِنْ اجْتَمَعَتَا لِشَخْصَيْنِ) كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَوَطِئَهَا غَيْرُ ذِي الْعِدَّةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ (لَمْ يَتَدَاخَلَا) لِأَثَرٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الدِّيَتَيْنِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) ثَمَّ (حَمْلٌ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ عَلَى) عِدَّةِ (الشُّبْهَةِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ) عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِقُوَّةِ عِدَّتِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنِّكَاحِ (ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا تُتِمُّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ) أَوْ تَسْتَأْنِفُهَا (وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهِ، وَكَذَا) لَهُ (تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْبَائِنِ) فِيهَا (وَ) لَكِنْ (يَحْرُمُ اسْتِمْتَاعُ الزَّوْجِ بِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) الَّتِي شَرَعَتْ فِيهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ.

(وَإِنْ نَكَحَتْ وَوَطِئَتْ) فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ (فَزَمَنُ اسْتِفْرَاشِ الْوَاطِئِ) بِهَا (غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْعِدَّةِ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِالْحَالِ فَهُوَ زَانٍ لَا يَقْطَعُ وَطْؤُهُ الْعِدَّةَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنْ خَالَطَهَا بِلَا وَطْءٍ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ الْعِدَّتَانِ (مِنْ شُبْهَةٍ قُدِّمَتْ الْأُولَى) لِتَقَدُّمِهَا (فَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ شَخْصٌ امْرَأَةً نِكَاحًا (فَاسِدًا وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ) قَبْلَ وَطْئِهِ أَوْ بَعْدَهُ (ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَاطِئِ) بِالشُّبْهَةِ (لِتَوَقُّفِ تِلْكَ) أَيْ عِدَّةِ النِّكَاحِ (عَلَى التَّفْرِيقِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَأَنْتِ فِي الْعِدَّة فَلِي الرَّجْعَةُ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ) (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا إلَخْ) أَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ) وَغَيْرُهُ وَصَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْوَرْدِيِّ (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ النَّسَائِيّ) وَغَيْرُهُ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ وُوطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَخْ) قَالَ الْفَتَى سَبَقَ مِنْهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مَا يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَيِسَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ اسْتَأْنَفَتْ وَالرَّوْضَةُ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا التَّنَاقُضِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إلَّا مَا هُنَا وَرَدَّهُ أَيْضًا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُعْتَمَدِ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِثْلُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>