للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالتَّضْيِيعِ (وَإِنْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ) مَثَلًا (مُسَيِّبَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَوْضِعٍ يُعْسَرُ عَلَيْهَا) الْخُرُوجُ مِنْهُ فَتَلِفَتْ (ضَمِنَ) هَا (وَإِنْ دَخَلَتْ دَابَّةٌ مِلْكَهُ فَرَمَحَتْهُ فَمَاتَ فَكَإِتْلَافِهَا زَرْعَهُ) فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ (وَالدِّيَةُ إنْ وَجَبَتْ) تَكُونُ (عَلَى عَاقِلَةِ مَالِكِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ كَحَفْرِ الْبِئْرِ

(وَإِنْ ضَرَبَ شَجَرَةً فِي مِلْكِهِ) لِيَقْطَعَهَا (وَعَلِمَ أَنَّهَا) إذَا سَقَطَتْ (تَسْقُطُ عَلَى غَافِلٍ) عَنْ ذَلِكَ مِنْ النُّظَّارِ (وَلَمْ يُعْلِمْهُ) الْقَاطِعُ بِهِ فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ فَأَتْلَفَتْهُ (ضَمِنَ) هـ وَإِنْ دَخَلَ مِلْكَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ يَعْلَمَ الْقَاطِعُ بِذَلِكَ أَوْ عَلِمَ بِهِ وَعَلِمَ بِهِ النَّاظِرُ أَيْضًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَكِنْ أَعْلَمَهُ الْقَاطِعُ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمَا بِهِ (فَلَا) يَضْمَنُهُ إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَلَوْ رَكِبَ صَبِيٌّ أَوْ بَالِغٌ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَغَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَعَلَى الرَّاكِبِ الضَّمَانُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَكِبَ الْمَالِكُ فَغَلَبَتْهُ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِذَا نَدَّ بَعِيرٌ) مِنْ مَالِكِهِ فَأَتْلَفَ شَيْئًا (أَوْ تَفَرَّقَتْ الْغَنَمُ عَلَى الرَّاعِي لِرِيحٍ هَاجَتْ وَأَظْلَمَتْ) أَيْ وَأَظْلَمَ النَّهَارُ بِهَا (فَأَتْلَفَتْ الْمَزَارِعَ لَمْ يَضْمَنْ) كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ، وَالرَّاعِي مَا أَتْلَفَتْهُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا أَتْلَفَتْهُ الدَّابَّةُ الَّتِي غَلَبَتْ رَاكِبَهَا حَيْثُ يَضْمَنُ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ تَفَرَّقَتْ لِنَوْمِهِ أَوْ غَفْلَتِهِ) عَنْهَا فَأَتْلَفَتْ ذَلِكَ (ضَمِنَ) لِتَقْصِيرِهِ وَذِكْرُ الْغَفْلَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ رَدَّ دَابَّةً) بِغَيْرِ إذْنٍ وَهِيَ تَحْتَ يَدِهِ (فَأَتْلَفَتْ فِي رُجُوعِهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ) لِذَلِكَ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ فِي مُوجِبِ الدِّيَةِ (وَإِنْ سَقَطَ) هُوَ (أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا) عَلَى شَيْءٍ (فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ سَقَطَ طِفْلٌ عَلَى شَيْءٍ) فَأَتْلَفَهُ (ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّ لِلطِّفْلِ فِعْلًا بِخِلَافِ الْمَيِّتِ (وَإِنْ حَلَّ قَيْدَ دَابَّةِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْ) كَمَا لَوْ أَبْطَلَ الْحِرْزَ فَأُخِذَ الْمَالُ وَكَذَا لَوْ سَقَطَتْ دَابَّةٌ فِي وَهْدَةٍ فَنَفَرَ مِنْ سَقَطْتهَا بَعِيرٌ وَتَلِفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَإِنْ أَتْلَفَتْ) الدَّابَّةُ (الْمُسْتَعَارَةُ وَكَذَا الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ) لَهَا (زَرْعًا) مَثَلًا (لِمَالِكِهَا ضَمِنَ) هَا (الْمُسْتَعِيرُ، وَالْبَائِعُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِمَا وَأَتْلَفَتْ مِلْكَ غَيْرِهِمَا، فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ لِلْبَائِعِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَنًا لِلدَّابَّةِ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ مِلْكَهُ وَيَصِيرُ قَابِضًا لِلثَّمَنِ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ (وَإِنْ تَنَخَّمَ فِي مَمَرِّ حَمَّامٍ فَزَلَقَ بِهَا) أَيْ بِنُخَامَتِهِ (رَجُلٌ) فَتَلِفَ (ضَمِنَ) هـ

(كِتَابُ السِّيَرِ) جَمْعُ سِيرَةٍ وَهِيَ الطَّرِيقَةُ وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا أَصَالَةً الْجِهَادُ الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَوَاتِهِ فَلِهَذَا تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ كَكَثِيرٍ بِهَا وَبَعْضُهُمْ بِالْجِهَادِ وَبَعْضُهُمْ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: ٢١٦] {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: ٣٦] {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: ٨٩] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» (وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ) ثَلَاثَةٌ

(الْأَوَّلُ فِي مُقَدَّمَاتٍ) لِفُرُوضِ الْكِفَايَةِ (أَوَّلُ مَا فُرِضَ) بَعْدَ الْإِنْذَارِ وَالدُّعَاءِ إلَى التَّوْحِيدِ (مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا ذُكِرَ فِي) أَوَّلِ سُورَةِ (الْمُزَّمِّلِ ثُمَّ نُسِخَ بِمَا فِي آخِرِهَا ثُمَّ نُسِخَ بِا) لصَّلَوَاتِ (الْخَمْسِ) أَيْ بِإِيجَابِهَا لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِمَكَّةَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَخَالَفَهُ فِي فَتَاوِيه فَقَالَ بَعْدَ النُّبُوَّةِ بِخَمْسٍ أَوْ سِتٍّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَجَعَلَ اللَّيْلَةَ مِنْ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَخَالَفَهُمَا مَعًا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَجَزَمَ بِأَنَّهَا مِنْ رَبِيعِ الْآخَرِ وَقَلَّدَ فِيهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ (ثُمَّ أَمَرَ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِالصَّلَاةِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) مُدَّةَ إقَامَتِهِ بِمَكَّةَ وَبَعْدَ الْهِجْرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ وَإِلَّا نُسِبَ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ نُسِخَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ إلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ تَرْتِيبٌ بَيْنَ النَّسْخِ بِذَلِكَ وَبَيْنَ الصَّلَاةَ إلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا صُورَتُهُ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ ضَمَانِ الْمَتَاعِ عَلَى مُلْقِيهِ عَنْ دَابَّتِهِ وَالدَّابَّةُ عَلَى مُخْرِجِهَا مِنْ زَرْعِهِ لِعُذْرِهِ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى دَفْعِ ضَرَرِ دَابَّتِهِ وَإِتْلَافِ زَرْعِهِ وَلِتَعَدِّي مَالِكِ الْمَتَاعِ وَالدَّابَّةِ بِمَا فَعَلَهُ وَيَشْهَدُ لَهُ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي بَحْرِهِ لَوْ دَخَلَتْ بَهِيمَةٌ دَارِهِ فَمَنَعَهَا بِضَرْبٍ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِهِ لَا يَضْمَنُهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دَارِهِ.

وَقَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا مِنْ ثُلْمَةٍ فَهَلَكَتْ إنْ لَمْ تَكُنْ الثُّلْمَةُ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْبَقَرَةُ مِنْهَا بِسُهُولَةٍ يَجِبُ الضَّمَانُ أَيْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا كَالصَّائِلَةِ عَلَى مَالِكِهِ وَكَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْبَغَوِيِّ شَامِلٌ لِمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ وَلَمْ يَتَعَدَّ بِإِدْخَالِهَا مِلْكَ غَيْرِهِ وَلِمَا إذَا لَمْ تُتْلِفْ بِدُخُولِهَا شَيْئًا وَإِنْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ تُتْلِفُ وَلَعَلَّ سُكُوتَ الشَّيْخَيْنِ عَنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ الضَّمَانِ لِلْعِلْمِ بِمَا ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ سَابِقًا وَلَاحِقًا اهـ وَقَدْ قَالُوا وَلَوْ خَرَجَتْ أَغْصَانُ شَجَرَتِهِ إلَى هَوَاءِ مِلْكِ جَارِهِ فَلِلْجَارِ مُطَالَبَتُهُ بِإِزَالَتِهَا بِالتَّلْوِيَةِ أَوَالْقُطْع فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَهُ التَّلْوِيَةُ فَإِنْ لَمْ تُمْكِنْ فَلَهُ الْقَطْعُ وَلَا حَاجَةَ إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَمَيْلُ الْجِدَارِ إلَى هَوَاءِ مِلْكِ الْجَارِ كَأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلَتْ بَقَرَةٌ مُسَيَّبَةٌ مِلْكَهُ فَأَخْرَجَهَا إلَخْ فَإِنْ سَهُلَ عَلَيْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا كَالصَّائِلَةِ وَقَالَ فِي الْبَحْر: لَوْ دَخَلَتْ بَهِيمَةٌ دَارِهِ فَمَنَعَهَا بِضَرْبٍ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِهِ لَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دَارِهِ اهـ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ هَذَا إذَا دَخَلَتْ مِلْكَ الْغَيْرِ تُتْلِفُ مِلْكَهُ فَيَدْفَعُهَا أَمَّا إذَا دَخَلَتْ وَهِيَ لَا تُتْلِفُ شَيْئًا إلَّا شَغْلَ الْمَكَانِ وَأَخْرَجَهَا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَيَنْبَغِي تَنْزِيلُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ السَّابِقِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَهَذَا كَلَامٌ مُتَّجَهٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ عَدَمُ الضَّمَانِ وَإِنْ لَمْ تُتْلِفْ شَيْئًا

قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلٍ أَيْ مَرْجُوحٍ قَوْلُهُ وَإِنْ سَقَطَ هُوَ أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا إلَخْ وَكَذَا لَوْ لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ وَتَكَسَّرَ بِسَبَبِهِ قَارُورَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ بِهِ سُقُوطُهُ بِمَرَضٍ أَوْ عَارِضِ رِيحٍ شَدِيدٍ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[كِتَابُ السِّيَرِ وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَاب]

[الْبَاب الْأَوَّلُ فِي فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ]

[الطَّرَف الْأَوَّلُ فِي مُقَدَّمَاتٍ فُرُوضِ الْكِفَايَة]

(كِتَابُ السِّيَرِ) (قَوْلُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ) وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سُرُورٍ الْمَقْدِسِيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>