للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَالِهِ وَلَوْ قِيلَ بِهِ لَكَانَ قَرِيبًا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْجُنُونَ يُفْضِي إلَى الْجِنَايَةِ عَلَى الرُّوحِ (لَا الْإِغْمَاءُ بِالْمَرَضِ) فَلَا يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَسَائِرِ الْأَمْرَاضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفَاقَةُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ أَمَّا الدَّائِمُ الْمَيْئُوسُ مِنْ زَوَالِهِ فَكَالْجُنُونِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي (لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا إنْ بَقِيَ الْإِغْمَاءُ بَعْدَ زَوَالِ الْمَرَضِ أَفَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ كَالْجُنُونِ (فَيَثْبُتُ بِهَا) أَيْ بِالْعُيُوبِ السَّابِقَةِ وَالْآتِيَةِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا (الْفَسْخُ) لِلنِّكَاحِ (وَإِنْ قُلْت) فَقَدْ صَحَّ ذَلِكَ فِي الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ وَالْقَرَنِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعَوَّلَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَكُونُ إلَّا تَوْقِيفًا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يُخِلُّ بِالتَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ بَلْ بَعْضُهَا يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ شَيْءٍ عَيْبًا فَشَاهِدَانِ خَبِيرَانِ) بِالطِّبِّ يُقَيِّمُهُمَا الْمُدَّعِي لِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّمْهُمَا صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ (وَإِلَى مُخْتَصٍّ بِهِ) أَيْ بِالزَّوْجِ.

(وَهُوَ الْعُنَّةُ) أَيْ عَجْزُهُ عَنْ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ لِعَدَمِ انْتِشَارِ آلَتِهِ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ (وَالْجَبُّ) لِذَكَرِهِ أَيْ قَطْعِهِ إنْ يَبْقَ مِنْهُ قَدْرُ الْحَشَفَةِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ) مُخْتَصٌّ بِهَا أَيْ بِالزَّوْجَةِ (وَهُوَ الرَّتَقُ وَالْقَرَنُ) بِفَتْحِ رَائِهِ أَرْجَحُ مِنْ إسْكَانِهَا وَهُمَا انْسِدَادُ مَحَلِّ الْجِمَاعِ مِنْهَا فِي الْأَوَّلِ بِلَحْمٍ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ فِيهِ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ مِنْ ثُقْبَةِ ضَيِّقَةٍ فِيهِ (فَإِنْ شَقَّتْ الرَّتَقَ) أَوْ شَقَّهُ غَيْرُهَا (وَإِنْ أَمْكَنَ الْوَطْءُ بَطَلَ خِيَارُهُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ (وَلَا تُجْبَرُ) هِيَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى شَقِّهِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ وَكَالرَّتَقِ فِي هَذَا الْقَرَنُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ جُمْلَةَ الْعُيُوبِ سَبْعَةٌ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ خَمْسَةٌ (وَمَا سِوَى هَذِهِ السَّبْعَةِ كَالْبَخَرِ وَالصُّنَانِ وَالِاسْتِحَاضَةِ وَالْقُرُوحِ السَّائِلَةِ) وَالْعَمَى وَالزَّمَانَةِ وَالْبَلَهِ وَالْخِصَاءِ وَالْإِفْضَاءِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (عِذْيَوْطًا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْيَاءِ وَهُوَ أَنْ يَتَغَوَّطَ عِنْدَ الْجِمَاعِ (فَلَا خِيَارَ بِهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفَوِّتُ مَقْصُودَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ نَظِيرِهَا فِي الْبَيْعِ لِفَوَاتِ الْمَالِيَّةِ

(وَلَا) كَوْنُهُ (خُنْثَى وَاضِحًا) وَلَوْ بِإِخْبَارِهِ وَلَا عَقِيمًا كَذَلِكَ أَمَّا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ مَا قَالُوهُ فِي الِاسْتِحَاضَةِ إذَا كَانَتْ الْمُسْتَحَاضَةُ حَافِظَةً لِعَادَتِهَا وَإِلَّا فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِاسْتِحْكَامِ اسْتِحَاضَتِهَا؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ وَالْمَمْنُوعُ شَرْعًا كَالْمَمْنُوعِ حِسًّا وَلَا نَظَرَ إلَى تَوَقُّعِ الشِّفَاءِ عَلَى نُدْرَةٍ كَمَا لَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ

(فَصْلٌ وَإِنْ وُجِدَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَيْبٌ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ (يَثْبُتُ لَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ اتَّحَدَ عَيْبُهُمَا) كَأَنْ كَانَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بَرَصٌ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَعَافُ مِنْ غَيْرِهِ مَا لَا يَعَافُ مِنْ نَفْسِهِ (أَوْ كَانَ بِهِ جَبٌّ وَهِيَ رَتْقَاءُ) لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ الْمَقْصُودِ مِنْ النِّكَاحِ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْإِمَامِ وَنَقَلَ عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ حَكَى طَرِيقًا آخَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ فَسَخَ لَا يَصِلُ إلَى الْوَطْءِ.

وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الدَّارِمِيِّ وَعَنْ النَّصِّ ثُمَّ قَالَ فَبَانَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ مِثْلَهُ (وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ إلَّا بِتَقَطُّعٍ) فَيُمْكِنُهُمَا الْفَسْخُ فِي زَمَنِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ

(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَ) أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (عَالِمًا بِالْعَيْبِ) الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرَ الْعُنَّةِ (فَلَا خِيَارَ) لَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ (وَالْقَوْلُ) فِيمَا لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ وَادَّعَى عَلَى الْآخَرِ عِلْمَهُ بِهِ وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَأَنْكَرَ (قَوْلُهُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ.

(فَصْلٌ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ) بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْمُقَارِنِ لَهُ فِي أَنَّهُ (مُثْبِتٌ لِلزَّوْجِ الْفَسْخَ) مُطْلَقًا وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْفِرَاقُ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَدْفَعُ عَنْهُ التَّشْطِيرَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ (وَ) مُثْبِتٌ (لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مُطْلَقًا) عَنْ تَقْيِيدٍ بِسِوَى الْعُنَّةِ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ (وَبَعْدَهُ فِيمَا سِوَى الْعُنَّةِ) لِذَلِكَ أَمَّا الْعُنَّةُ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا الْخِيَارُ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي (وَيَثْبُتُ) لَهَا الْفَسْخُ (بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا) وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ يُورِثُ الْيَأْسَ عَنْ الْوَطْءِ

(فَرْعٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ بِالْجُنُونِ غَيْرِ الْحَادِثِ) وَإِنْ رَضِيَتْ (وَكَذَا بِالْبَرَصِ وَالْجُذَامِ) غَيْرِ الْحَادِثَيْنِ؛ لِأَنَّهُمْ يُعَيَّرُونَ بِكُلٍّ مِنْهَا وَلِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يَتَعَدَّى إلَيْهَا وَإِلَى نَسْلِهَا وَكَلَامُهُمْ قَدْ يَتَنَاوَلُ النَّسِيبَ وَغَيْرَهُ لَكِنْ فِي الْبَسِيطِ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ فَلَوْ تَزَوَّجَتْ مِنْ مَعِيبٍ ثُمَّ عَلِمَتْ بِهِ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ انْتَهَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ بِمَرَضٍ يَدُومُ) أَيْ أَوْ كِبَرٍ.

(قَوْلُهُ وَفِي الثَّانِي بِعَظْمٍ إلَخْ) أَنْكَرَ عَلَى مَنْ فَسَّرَهُ بِالْعَظْمِ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ عَظْمًا لِصَلَابَتِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِلَحْمٍ يَنْبُتُ وَيَخْرُجُ الْبَوْلُ إلَخْ) عِبَارَةُ التَّهْذِيبِ وَالرَّتَقُ وَالْقَرَنُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ إذَا مَنَعَ الْجِمَاعَ فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ فَلَا خِيَارَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَأَبَانَ أَنَّهُ عَلَى ضَمْرٍ بَيِّنٍ وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ إطْلَاقِ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِيهِمَا مَعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ إذَا حَكَمَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحَيْضِ وَعَلَى زَوْجِ الْمُتَحَيِّرَةِ نَفَقَتُهَا وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ نِكَاحِهَا لِأَنَّ جِمَاعَهَا مُتَوَقَّعٌ بِخِلَافِ الرَّتْقَاءِ اهـ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَقَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ

[فَصْلٌ وُجِدَ بِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَيْبٌ يُثْبِتُ الْخِيَارَ]

(قَوْلُهُ وَلَا يُمْكِنُ الْفَسْخُ فِي مَجْنُونَيْنِ مِنْهُمَا وَلَا مِنْ أَحَدِهِمَا) أَمَّا مِنْ وَلِيِّهَا فَيُمْكِنُ

[فَرْعٌ نَكَحَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ الْقَائِمِ بِالْآخَرِ غَيْرَ الْعُنَّةِ]

(قَوْلُهُ غَيْرُ الْعُنَّةِ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا الْعُنَّةُ فَالرِّضَا بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ إذْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَمَوْتِهَا وَيُتَصَوَّرُ مَعْرِفَتُهَا الْعُنَّةَ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ بِأَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا ثُمَّ جَدَّدَ عَقْدَهَا وَعَلِمَتْ عُنَّتَهُ قَبْلَ ذَلِكَ

[فَصْلٌ الْعَيْبُ الْحَادِثُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ]

(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ بِالْجَبِّ وَلَوْ بِفِعْلِهَا) لَوْ حَدَثَ بِهِ جَبٌّ مِنْ جِنَايَةٍ فَرَضِيَتْ بِهِ ثُمَّ حَدَثَ بِهَا رَتَقٌ أَوْ قَرَنٌ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ جَرْيًا عَلَى إطْلَاقِهِمْ أَوَّلًا لِقِيَامِ الْمَانِعِ بِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ لِلْأَوْلِيَاءِ الْفَسْخُ بِالْجُنُونِ غَيْرِ الْحَادِثِ الْبَرَصِ وَالْجُذَامِ غَيْرِ الْحَادِثَيْنِ فِي النِّكَاحِ]

(قَوْلُهُ فَلَهَا الْخِيَارُ دُونَ السَّيِّدِ) هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ ثُبُوتُهُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>