للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَنِيِّ إلَى آخِرِهِ وَيُسْتَثْنَى السَّفِيهُ فَلَا يَصِحُّ عَقْدُهُ وَلَا عَقْدُ الْوَلِيِّ لَهُ بِالزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ خِلَافًا لِلْقَاضِي (فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ) بَذْلِ (الزَّائِدِ) عَلَى دِينَارٍ (بَعْدَ الْعَقْدِ) بِهِ (فَنَاقِضٌ) لِلْعَهْدِ كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ أَصْلِ الْجِزْيَةِ فَيَبْلُغُ الْمَأْمَنَ كَمَا سَيَأْتِي فَعُلِمَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَ كَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ (فَإِنْ بَلَغَ الْمَأْمَنَ وَعَادَ بَاذِلًا لِلدِّينَارِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَعَادَ وَطَلَبَ الْعَقْدَ بِدِينَارٍ (أُجِيبَ) كَمَا لَوْ طَلَبَهُ أَوَّلًا (فَإِنْ شُرِطَ وَأُطْلِقَ عَلَى كُلِّ فَقِيرٍ دِينَارٌ وَ) كُلِّ (غَنِيٍّ أَرْبَعَةٌ وَ) كُلِّ (مُتَوَسِّطٍ دِينَارٌ إنْ اُعْتُبِرَتْ هَذِهِ الْأَحْوَالُ) أَيْ الْفَقْرُ وَالْغِنَى وَالتَّوَسُّطُ (وَقْتَ الْأَخْذِ) لَا وَقْتَ طُرُوِّهَا وَلَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأُطْلِقَ أَيْ الشَّرْطُ مَا لَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قُيِّدَتْ الْأَحْوَالُ الْمَذْكُورَةُ بِوَقْتٍ فَيُتَّبَعُ (وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَقْرِ) أَوْ التَّوَسُّطِ مِنْهُمْ بِيَمِينِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ أَوْ يُعْهَدُ لَهُ مَالٌ وَكَذَا مَنْ غَابَ وَأَسْلَمَ ثُمَّ حَضَرَ وَقَالَ أَسْلَمْت مِنْ وَقْتِ كَذَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ

(وَلَا تُؤْخَذُ) الْجِزْيَةُ (فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِالْقِسْطِ) اتِّبَاعًا لِسِيرَةِ الْأَوَّلِينَ (إلَّا مِمَّنْ مَاتَ) أَوْ أَسْلَمَ أَوْ اسْتَقَالَ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ نَبَذَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَيُؤْخَذُ بِالْقِسْطِ إذْ وُجُوبُهَا بِالسُّكْنَى فَإِذَا سَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَجَبَ قِسْطُهُ كَالْأُجْرَةِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ فَتِرْكَتُهُ كُلُّهَا فَيْءٌ فَلَا مَعْنَى لِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ نَصِيبِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْجِزْيَةِ وَسَقَطَتْ حِصَّةُ بَيْتِ الْمَالِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فِي أَثْنَاءِ الْعَامِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْقِسْطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ

(فَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ) مَعَ الْجِزْيَةِ (دَيْنٌ لِآدَمِيٍّ) وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا (سَوَّى بَيْنَهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ حَتَّى تَكُونَ كَالزَّكَاةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا حَقٌّ الْآدَمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا أُجْرَةٌ

(وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ طَلَبُ تَعْجِيلِ الْجِزْيَةِ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِالْقِسْطِ

[فَصْلٌ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ بِجِزْيَةٍ]

(فَصْلٌ فَإِنْ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ) بِجِزْيَةٍ (اُسْتُحِبَّ) مَعَهَا (اشْتِرَاطُ ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَّا) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَارُّ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ (لَا عَلَى فَقِيرٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ فَلَا يَتَيَسَّرُ لِلْفَقِيرِ الْقِيَامُ بِهَا وَالْأَصْلُ فِي اشْتِرَاطِهَا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَالَحَ أَهْلَ أَيْلَةَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَانُوا ثَلَثَمِائَةِ رَجُلٍ وَعَلَى ضِيَافَةِ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَرَوَى الشَّيْخَانِ خَبَرَ «الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» (وَيُبَيِّنُ) لَهُمْ فِي الْعَقْدِ (أَيَّامَ الضِّيَافَةِ) أَيْ قَدْرَهَا (فِي الْحَوْلِ) كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ (وَمُدَّةَ الْإِقَامَةِ) كَيَوْمٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِيَنْتَفِيَ الْغَرَرُ (وَلَا تَزِيدُ) مُدَّتُهَا أَيْ لَا تُنْدَبُ زِيَادَتُهَا (عَلَى الثَّلَاثِ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ؛ وَلِأَنَّ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مَشَقَّةً فَإِنْ وَقَعَ تَوَافُقٌ عَلَى زِيَادَةٍ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ تَزْوِيدَ الضَّيْفِ كِفَايَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (وَيُبَيِّنُ) لَهُمْ (عَدَدَ الضِّيفَانِ خَيْلًا وَرَجْلًا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ (كَعِشْرِينَ) ضَيْفًا فِي الْعَامِ مِنْ الْفُرْسَانِ كَذَا وَمِنْ الرَّجَّالَةِ كَذَا (عَلَى الْوَاحِدِ) مِنْهُمْ (أَوْ أَلْفٍ) كَذَلِكَ (عَلَى الْجَمِيعِ وَ) هُمْ (يُوَزِّعُونَهَا) عَلَى أَنْفُسِهِمْ (بِقَدْرِ الْجِزْيَةِ) أَوْ يَتَحَمَّلُ بَعْضُهُمْ عَنْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ كَذَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي سِيَرِ الْوَاقِدِيِّ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ الْمُمَاكَسَةُ عَلَى أَنْ يَعْقِدَ لِلْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَلِلْمُتَوَسِّطِ بِدِينَارَيْنِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا أَوْ يَعْقِدَ عَلَى صِفَةِ الْغَنِيِّ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَعَلَى صِفَةِ التَّوَسُّطِ بِدِينَارَيْنِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثَانِيًا قَالَ شَيْخُنَا وَبِهَذَا الْجَمْعِ يُوَافِقُ كَلَامُ الشَّارِحِ كَلَامَ الْأَصْحَابِ وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ أَيْ الْمُمَاكَسَةِ عِنْدَ الْأَخْذِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَلَخَّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تَارَةً يُعْقَدُ عَلَى الْأَشْخَاصِ وَتَارَةً يُعْقَدُ عَلَى الْأَوْصَافِ فَإِنْ عَقَدَ بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ فَالْمُمَاكَسَةُ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي فَعِنْدَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّائِدِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَنَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) شَمِلَ مَا لَوْ عَقَدَهَا رَشِيدٌ ثُمَّ سَفِهَ، وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ

(قَوْلُهُ إلَّا مِمَّنْ مَاتَ) أَيْ أَوْ جُنَّ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ) فَقَالَ: وَإِنْ فَلَسَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ ضَرَبَ مَعَ غُرَمَائِهِ بِحِصَّةِ جِزْيَتِهِ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَوْلِ. اهـ. فَالنَّصُّ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا قَسَمَ مَالَهُ حِينَئِذٍ وَتُحْمَلُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَخْذِهِ) أَيْ إنْ قَسَمَ مَالَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا إذْ عِبَارَتُهُ، وَإِنْ فَلَسَهُ لِأَهْلِ دِينِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ ضَرَبَ مَعَ غُرَمَائِهِ بِحِصَّةِ جِزْيَتِهِ لِمَا مَضَى عَلَيْهِ مِنْ الْحَوْلِ

(قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ) أَيْ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَرُّوا بِبَلَدِهِمْ) بِجِزْيَةٍ وَلَوْ كَانَتْ بِدَارِنَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنَّا) خَرَجَ بِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ وَيُشْبِهُ جَوَازَ شَرْطِهِ نَعَمْ فِي اسْتِحْقَاقِهِمْ الضِّيَافَةَ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُطْلَقًا تَرَدَّدَ لِلْإِمَامِ وَالرَّاجِحُ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِمْ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَبُولُهَا دَنَانِيرَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْحَقُّ أَنَّ الضِّيَافَةَ كَالْقَدْرِ الزَّائِدِ عَلَى الدِّينَارِ فَمَنْ قَدَرَ عَلَى شَرْطِهِ وَجَبَ وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ عَلِمُوا جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الدِّينَارِ وَتَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا صُولِحُوا فِي بَلَدِهِمْ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا إذَا صُولِحُوا بِدَارِنَا أَوْ بِبَلَدٍ فِيهِ مُسْلِمُونَ وَبِهِ صَرَّحَ سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ لَكِنْ حَكَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ وَجْهًا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إجْرَاءِ النَّصِّ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ لَمْ يَمُرَّ بِهِمْ أَحَدٌ سَنَةً لَمْ يَلْزَمْهُمْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِضِيَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) وَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ فِي الْحَوْلِ كَمِائَةِ يَوْمٍ فِيهِ) كَذَا قَالَاهُ ثُمَّ نَقَلَا عَنْ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ وَشَرَطَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ قُدُومِ كُلِّ قَوْمٍ فَوَجْهَانِ إنْ جَعَلْنَاهَا جِزْيَةً لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ انْتَهَى قَالُوا وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمُدَّةُ الْإِقَامَةِ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) وَلِأَنَّ الضِّيَافَةَ تَخْتَصُّ بِالْمُسَافِرِينَ وَمَنْ قَصَدَ إقَامَةً أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ انْقَطَعَ سَفَرُهُ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ) وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ عَدَدَ الضِّيفَانِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ إذَا جُعِلَتْ مِنْ الْجِزْيَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ لِلْعَدَدِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ مُفَرَّعٌ عَلَى الضَّعِيفِ قَالَ شَيْخُنَا الْمُعَوَّلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَأَصْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>