للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْدُونَ أَيْ يَتَحَدَّثُونَ وَعَلَى أَهْلِهِ الْمُجْتَمَعِينَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُحْمَلُ تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِمُجْتَمَعِ أَهْلِ النَّادِي (وَمُنَاخُ الْإِبِلِ) بِضَمِّ الْمِيمِ مَوْضِعُ إنَاخَتِهَا (وَمُطَّرَحُ الْكُنَاسَاتِ وَالْمَرْعَى الْمُسْتَقِلُّ وَالْمُحْتَطَبُ) أَعْنِي (الْقَرِيبَيْنِ) مِنْ الْقَرْيَةِ بِخِلَافِ الْبَعِيدَيْنِ عَنْهَا عِنْدَ الْإِمَامِ دُونَ الْبَغَوِيّ كَمَا حَكَى الْخِلَافَ بِقَوْلِهِ.

(وَفِي الْبَعِيدِ) مِنْهُمَا (تَرَدُّدٌ) وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ قَوْلَ الْبَغَوِيّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَفْحُشْ بُعْدُهُ عَنْ الْقَرْيَةِ وَكَانَ بِحَيْثُ يُعَدُّ مِنْ مَرَافِقِهَا وَالِاسْتِقْلَالُ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُحْتَطَبِ أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَكِنْ كَانَ يُرْعَى فِيهِ أَوْ يُحْتَطَبُ مِنْهُ عِنْدَ خَوْفِ الْبُعْدِ فَلَيْسَ بِحَرِيمٍ وَمِنْ حَرِيمِ الْقَرْيَةِ مُرَاحُ الْغَنَمِ وَالطَّرِيقُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ (وَحَرِيمُ الدَّارِ) الْمَبْنِيَّةِ (فِي الْمَوَاتِ مُطَّرَحُ الْكُنَاسَاتِ وَنَحْوِهَا) كَالتُّرَابِ وَالرَّمَادِ وَالثَّلْجِ بِبَلَدٍ يَكْثُرُ فِيهِ (وَالْمَمَرُّ صَوْبَ الْبَابِ وَإِنْ انْعَطَفَ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ اسْتِحْقَاقَهُ قُبَالَةَ الْبَابِ عَلَى امْتِدَادِ الْمَوَاتِ بَلْ لِغَيْرِهِ إحْيَاءُ مَا فِي قُبَالَةِ الْبَابِ إذَا أَبْقَى لَهُ مَمَرًّا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِالْمَوَاتِ الدَّارُ الْمُلَاصِقَةُ لِلدُّورِ وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا.

(وَهَلْ فِنَاءُ الْجُدْرَانِ) أَيْ جُدْرَانِ الدَّارِ وَهُوَ مَا حَوَالَيْهَا مِنْ الْخَلَاءِ الْمُتَّصِلِ بِهَا (حَرِيمٌ) لَهَا أَوْ لَا (وَجْهَانِ) كَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ النَّصِّ وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ أَرَادَ مُحْيٍ أَنْ يَبْنِيَ بِجَنْبِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُبْعِدَ عَنْ فِنَائِهَا (لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ بِقُرْبِهَا و) مِنْ سَائِرِ (مَا يَضُرُّ بِهَا) كَإِلْصَاقِ جِدَارِهِ أَوْ زِبْلِهِ بِهَا لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِمَا يَضُرُّ مِلْكَ غَيْرِهِ.

(وَحَرِيمُ الْبِئْرِ) الْمَحْفُورَةِ فِي الْمَوَاتِ (مُطَّرَحُ تُرَابِهَا) وَسَائِرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا (وَمُتَرَدَّدُ النَّواَزِحِ) مِنْهَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ (وَمُجْتَمَعُ) الْمَاءِ لِسَقْيِ (الْمَاشِيَةِ) وَالزَّرْعِ مِنْ حَوْضٍ وَنَحْوِهِ (وَالتَّقْدِيرُ) فِي كُلِّ ذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ بَلْ (بِالْحَاجَةِ) أَيْ بِحَسْبِهَا وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اخْتِلَافَ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ فِي التَّحْدِيدِ عَلَى اخْتِلَافِ الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ بِذَلِكَ يُقَاسُ حَرِيمُ النَّهْرِ الْمَحْفُورِ فِي الْمَوَاتِ (وَحَرِيمُ) بِئْرِ (الْقَنَاةِ مَا يَنْقُصُ مَاؤُهَا أَوْ يَنْهَارُ) أَيْ يَسْقُطُ (تُرَابُهَا بِحَفْرٍ) فِي جَانِبِهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ الْآتِي فِيمَا لَوْ حَفَرَ بِمِلْكِهِ بِئْرًا لِسَبْقِ مِلْكِهِ عَلَى الْحَفْرِ بِخِلَافِ الْمَوَاتِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بِفَرَاغِ الْعَمَلِ ثُمَّ مَا عُدَّ حَرِيمًا مَحِلُّهُ إذَا انْتَهَى الْمَوَاتُ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مِلْكٌ قَبْلَ تَمَامِ حَدِّ الْحَرِيمِ فَالْحَرِيمُ إلَى انْتِهَاءِ الْمَوَاتِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَمَا لَا مَوَاتَ حَوْلَهُ لَا حَرِيمَ لَهُ كَالدُّورِ الْمُتَلَاصِقَةِ) إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ أَمَّا الْمُتَلَاصِقُ بَعْضُهَا بِأَنْ تَكُونَ طَرَفَ الدُّورِ فَلَهَا حَرِيمٌ مِنْ خَارِجِ الْقَرْيَةِ

. (فَرْعٌ لَوْ اتَّخَذَ دَارِهِ) الْمُتَلَاصِقَةَ بِالْمَسَاكِنِ (حَمَّامًا أَوْ طَاحُونَةً أَوْ حَانُوتَ حَدَّادٍ وَأَحْكَمَ جُدْرَانَهُ) بِحَيْثُ تَلِيقُ بِمَا يَقْصِدُهُ (أَوْ) اتَّخَذَهَا (مَدْبَغَةً جَازَ) وَإِنْ تَضَرَّرَ جَارُهُ بِالرَّائِحَةِ وَانْزِعَاجِ السَّمْعِ وَأَفْضَى ذَلِكَ إلَى تَلَفٍ لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ وَفِي مَنْعِهِ إضْرَارٌ بِهِ (فَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ بِأَنْ أَضَرَّتْ النَّدَاوَةُ وَالدَّقُّ) الْحَاصِلَانِ بِمُخَالَفَتِهِ (بِجِدَارِ الْجَارِ مُنِعَ) وَضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهِ لِتَعَدِّيهِ وَبِذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ وَاسْتَثْنَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: وَفِي الْبَعِيدِ تَرَدُّدٌ) عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَالْمَرْعَى الْقَرِيبُ دُونَ الْبَعِيدِ وَالْمُحْتَطَبُ كَالْمَرْعَى (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: عِنْدَ خَوْفِ الْبُعْدِ) أَيْ عَنْ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَوَاتِ) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ الْمَبْنِيَّةُ أَوْ حَالٌ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُضَافَ كَجُزْءٍ مِنْهُ كَقَوْلِهِ {مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [البقرة: ١٣٥] (قَوْلُهُ: مَطْرَحُ الْكُنَاسَاتِ إلَخْ) عَدَّ الْغَزَالِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ مِنْ الْحَرِيمِ مَاءَ الْمِيزَابِ أَيْ حَيْثُ يَكْثُرُ الْمَطَرُ.

(قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا) هَذَا فِي الْقُرَى أَمَّا سُكَّانُ الصَّحَارِي فَعَادَتُهُمْ تَنْقِيَةُ الْمَنْزِلِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالشَّوْكِ وَبِنَاءُ الْمَعْلَفِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّمَلُّكَ مَلَكَ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَرْتَحِلَ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَمِيلُ إلَى تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّ لِلدَّارِ وَالْحِيطَانِ حَرِيمًا وَهُوَ مَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ الْأَذَى بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ يُمْنَعُ أَنْ يُلْصِقَ حَائِطَهُ بِحَائِطِهِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي حَرِيمِهِ فَإِنْ جَعَلَ بَيْنَهُمَا فَاصِلًا وَإِنْ قَلَّ جَازَ (قَوْلُهُ: وَالزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ) قَالَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(قَوْلُهُ: وَمُتَرَدَّدُ النَّوَازِحِ) قَيَّدَ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ كَوْنَ مَوْضِعِ الدُّولَابِ وَمُتَرَدَّدِ الدَّابَّةِ مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ بِكَوْنِ الِاسْتِقَاءِ بِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمَّا مَا يُتَّخَذُ لِمَا شُرِبَ فَقَطْ فَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَوْضِعُ وُقُوفِ الْمُسْتَقِي، وَزَادَا مَلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْ حَوْضِهَا مِنْ طِينٍ وَغَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَلْقَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَيْضًا كَذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ وَمِنْ حَرِيمِهَا أَيْضًا مَا لَوْ حُفِرَ فِيهِ بِئْرٌ نَقَصَ مَاءَ الْأُولَى وَعَنْ الرُّويَانِيِّ تَقْيِيدُ مَوْضِعِ النَّازِحِ بِمَا إذَا كَانَ يَنْزَحُ بِآلَةٍ لَا بِيَدِهِ فَإِنَّ الَّتِي تُنْزَحُ بِالدَّابَّةِ حَرِيمُهَا قَدْرُ عُمْقِهَا (قَوْلُهُ: وَحَرِيمُ بِئْرِ الْقَنَاةِ) الْمُرَادُ بِبِئْرِ الْقَنَاةِ الَّتِي يَعْلُو الْمَاءُ بِنَفْسِهِ مِنْهَا وَيَجْرِي فِي السَّاقِيَةِ إلَى الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: بِحَفْرٍ فِي جَانِبِهَا) قَالَ فِي الْكَافِي قَنَاةٌ فِي مَوَاتٍ جَاءَ آخَرُ وَحَفَرَ قَنَاةً بِجَنْبِهَا فَانْتَقَصَ مَاؤُهَا مِنْهُ. اهـ. فَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِجَنْبِهَا أَنَّ الْبَعِيدَةَ بِخِلَافِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخَائِرِ إنْ أَحْيَا بِئْرًا فَجَاءَ آخَرُ وَتَبَاعَدَ عَنْ حَرِيمِهِ وَحَفَرَ بِئْرًا فَنَقَصَ مَاءُ الْأُولَى لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَوَاتٍ لَا حَقَّ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَإِنْ حَفَرَ فِي حَرِيمِهَا مُنِعَ فَإِنَّ الْحَرِيمَ فِي حُكْمِ الْوِقَايَةِ لِلْمِلْكِ فَيَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِيهِ سِيَّمَا إذَا أَدَّى إلَى نَقْصِ الْمَاءِ أَوْ هَدْمِ الْبِئْرِ.

وَكَذَا إذَا تَوَقَّعَ نَقْصَ الْمَاءِ فِي ثَانِي الْحَالِ يُمْنَعُ مِنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا أَحْيَا سَاقِيَةً تُقَلِّلُ مَاءَ الْأُولَى أَوْ تَهْدِمُهَا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْهُ. اهـ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْعَادَةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ (قَوْلُهُ: كَالدُّورِ الْمُلَاصِقَةِ) وَالدَّارِ إذَا كَانَتْ فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ

[فَرْعٌ اتَّخَذَ دَارِهِ الْمُتَلَاصِقَةَ بِالْمَسَاكِنِ حَمَّامًا أَوْ طَاحُونَةً أَوْ حَانُوتَ حَدَّادٍ أَوْ مَدْبَغَةً]

(قَوْلُهُ: فَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مَحَلَّ رِعَايَةِ ضَرَرِ الْجِدَارِ عِنْدَ تَصَرُّفِ الشَّخْصِ عَلَى خِلَافِ مَا تَقْتَضِيهِ الْعَادَةُ أَمَّا لَوْ تَصَرَّفَ عَلَى وَفْقِهَا لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ ضَرَّ (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ ظَهَرَ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يَضُرُّ الْمِلْكَ دُونَ الْمَالِكِ) يَرُدُّ عَلَى هَذَا مَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ يَلْزَمُ مِنْ حَفْرِهِ سُقُوطُ جِدَارِ جَارِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَلَوْ دَقَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>