للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقُدِّمَ عَلَى الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَا لَهَا

(وَنُدِبَ) لَهُ (مُرَاجَعَتُهُ لِأَهْلِهَا) فِي تَزْوِيجِهَا (وَ) مُرَاجَعَةُ (أَهْلِ الْمَجْنُونِ) فِي تَزْوِيجِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهِمَا وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُتَوَلِّي يُرَاجَعُ الْجَمِيعُ حَتَّى الْأَخُ وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ وَالْخَالُ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ قَالَ وَعَلَيْهِ يُرَاجَعُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيهِ وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَجَزَمَ الْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخِطْبَةِ بِمَا حَاصِلُهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَالْمُعْتَبَرُ رَدُّ السُّلْطَانِ وَإِجَابَتُهُ فِي الْمَجْنُونَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُرَاجَعَتُهُمْ وَاجِبَةً لَاعْتُبِرَ رَدُّهُمْ وَإِجَابَتُهُمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.

(فَلَوْ لَمْ تَحْتَجْ) الْمَجْنُونَةُ (لِلنِّكَاحِ لَمْ يُزَوِّجْهَا) السُّلْطَانُ (لِمَصْلَحَةٍ كَكِفَايَةِ النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا) ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا حِينَئِذٍ يَقَعُ إجْبَارًا وَلَيْسَ هُوَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَلَفْظَةُ وَنَحْوُهَا لَا حَاجَةَ إلَيْهَا

(وَلَا يُزَوَّجُ مُغْمًى عَلَيْهِ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ) عَادَةً لِكَوْنِهَا تُتَوَقَّعُ فَإِنْ لَمْ تُنْتَظَرْ لِكَوْنِهَا لَا تُتَوَقَّعُ جَازَ تَزْوِيجُهُ كَالْمَجْنُونِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ أَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ تُتَوَقَّعْ إفَاقَتُهُ فَكَالْمَجْنُونِ

ثُمَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ مَحَلُّهُ فِي مُطْبَقِي الْجُنُونِ أَمَّا مُتَقَطِّعَاهُ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُنْقَطِعُ الْجُنُونِ وَمُنْقَطِعَتُهُ لَا يُزَوَّجَانِ إلَّا حَالَ الْإِفَاقَةِ) لِيَأْذَنَا فِي نِكَاحِهِمَا (وَيَبْطُلُ إذْنُهُمَا بِالْجُنُونِ) كَمَا يَبْطُلُ بِهِ الْوَكَالَةُ فَيُشْتَرَطُ وُقُوعُ الْعَقْدِ فِي وَقْتِ الْإِفَاقَةِ

[فَصْلٌ السَّفِيهُ يُزَوِّجُهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ]

(فَصْلٌ) وَ (السَّفِيهُ يُزَوِّجُهُ الْوَلِيُّ بِإِذْنِهِ) سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْ هَذَا مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي عَقِبَهُ وَالسَّفِيهُ يُزَوَّجُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (فَلَوْ أَذِنَ لَهُ) الْوَلِيُّ فِي تَزْوِيجِهِ (فَيَتَزَوَّجُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ صَحِيحُ الْعِبَارَةِ وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ ثُمَّ لِلْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ الْمَرْأَةَ فَقَطْ أَوْ الْمَهْرَ فَقَطْ أَوْ يُعَيِّنَهُمَا أَوْ يُطْلِقَ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ فُلَانَةَ (أَوْ قَبِيلَةً) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْ مِنْ بَنِي فُلَانٍ (لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا وَلَوْ سَاوَتْهَا فِي الْمَهْرِ) أَوْ نَقَصَتْ عَنْهَا فِيهِ اعْتِبَارًا بِالْإِذْنِ وَالتَّرْجِيحُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاوَاةِ مِنْ زِيَادَتِهِ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ (وَيَنْكِحُهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَأْذُونُ فِيهِ شَرْعًا (فَمَا دُونَ) هـ؛ لِأَنَّهُ حَصَّلَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا (فَإِنْ زَادَ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (صَحَّ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسِدُهُ خَلَلُ الصَّدَاقِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ بِقَدْرِهِ (مِنْ الْمُسَمَّى) الْمُعَيَّنِ مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَمْهِرْ مِنْ هَذَا فَأَمْهَرَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ فِي الذِّمَّةِ انْتَهَى.

وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ لِطِفْلٍ بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَنْكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَسَدَ مَجْمُوعُ الْمُسَمَّى وَصَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْهُ أَوْ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ فَقَصَرَ الْإِلْغَاءَ عَلَى الزَّائِدِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ

(وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِامْرَأَةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ (بِأَلْفٍ فَنَكَحَ بِهِ صَحَّ) النِّكَاحُ (وَلَزِمَهُ) الْأَلْفُ (إلَّا إنْ كَانَ) وَفِي نُسْخَةٍ يَكُونُ (مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ) مِنْ الْأَلْفِ (فَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ (لِمَا مَرَّ) وَقَوْلُهُ وَلَزِمَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ بِالْمُسَمَّى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي رَشِيدَةٍ رَضِيَتْ بِالْمُسَمَّى دُونَ غَيْرِهَا (وَإِنْ نَكَحَ بِأَلْفَيْنِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ فَسَدَ) النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الزَّائِدِ.

وَفِي الرَّدِّ إلَى مَا عَيَّنَهُ إضْرَارٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ دُونَ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ (فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَتَسْقُطُ الزِّيَادَةُ لِمَا مَرَّ

(وَإِنْ قَالَ) لَهُ (أَنْكِحْ فُلَانَةَ بِأَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلُّ) مِنْهُ (بَطَلَ الْإِذْنُ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَالْقِيَاسُ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ (فَيَصِحُّ) الْإِذْنُ وَحِينَئِذٍ (فَإِنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ) مِنْ أَلْفٍ (وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ) مِنْهُ أَيْضًا (بَطَلَ) النِّكَاحُ (أَوْ بِالْأَلْفِ) أَيْ أَوْ نَكَحَ بِالْأَلْفِ (فَيَصِحُّ بِهِ أَوْ) نَكَحَ (بِأَكْثَرَ) مِنْهُ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ (صَحَّ بِالْأَلْفِ) وَسَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَهَذِهِ فُهِمَتْ مِنْ قَوْلِهِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ (أَوْ) نَكَحَ (بِمَا دُونَهُ صَحَّ) النِّكَاحُ (بِهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنْ) امْرَأَةً أَوْ قَبِيلَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ تَزَوَّجْ (وَلَمْ يُقَدِّرْ الْمَهْرَ صَحَّ) الْإِذْنُ كَمَا فِي إذْنِ الْعَبْدِ (وَيَنْكِحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) فَأَقَلَّ مَنْ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ) وَهُوَ الصَّوَابُ

(فَصْلٌ وَالسَّفِيهُ إلَخْ) (قَوْلُهُ نَعَمْ عُمُومُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ يُفِيدُهُ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَحِقَهُ مَغَارِمُ فِيهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ خَيْرًا مِنْ الْمُعَيَّنَةِ نَسَبًا وَجَمَالًا وَدِينًا وَدُونَهَا مَهْرًا وَنَفَقَةً فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ قَطْعًا كَمَا لَوْ عَيَّنَ مَهْرًا فَنَكَحَ بِدُونِهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ الْمُتَصَرِّفَ هُنَاكَ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَبَطَلَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ عَلَى خِلَافِ الْإِذْنِ الشَّرْعِيِّ فَإِنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ وَالسَّفِيهُ هُنَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْقِدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى عَيْنٍ هِيَ أَكْثَرُ مِنْهُ أَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ مُشْتَرَكًا بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهُوَ يَتَصَرَّفُ لِشَرِيكِهِ ع (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ السَّفِيهَ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ بَطَلَ الْإِذْنُ) أَيْ لِاخْتِلَالِهِ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>