مَا لَيْسَ فِيهِ عَلَى مَا فِيهِ (وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمَكِيلِ بِالْوَزْنِ وَكَذَا عَكْسُهُ) أَيْ فِي الْمَوْزُونِ بِالْكَيْلِ (إنْ أَمْكَنَ) كَيْلُهُ (كَصِغَارِ اللُّؤْلُؤِ) كَمَا مَرَّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ وَثَمَّ الْمُمَاثَلَةُ بِعَادَةِ عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا مَرَّ وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهُ مَالِيَّةً كَثِيرَةً وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فَكَأَنَّهُ اخْتَارَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوَافِقُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مُخَالِفًا لَهُ لِأَنَّ فُتَاتَ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَنَحْوِهِمَا إنَّمَا لَمْ يُعَدَّ الْكَيْلُ فِيهَا ضَبْطًا لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بِالثِّقَلِ عَلَى الْمَحَلِّ أَوْ تَرْكِهِ وَفِي اللُّؤْلُؤِ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ تَفَاوُتٌ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ فَيَصِحُّ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَلَا مُخَالَفَةَ فَالْمُعْتَمَدُ تَقْيِيدُ الْإِمَامِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ أَيْضًا فَلَا يُسَلَّمُ فِيهِمَا إلَّا وَزْنًا (لَا بِهِمَا) أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (مَعًا) فَلَوْ أَسْلَمَ فِي مِائَةٍ صَاعٍ بُرٍّ مَثَلًا عَلَى أَنَّ وَزْنَهَا كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِزُّ وُجُودُهُ (وَلَا بِالذَّرْعِ وَالْوَزْنِ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ) لِذَلِكَ وَذِكْرُ مَوْصُوفٍ إيضَاحٌ إذْ الْكَلَامُ فِيهِ (وَالْمُعْتَبَرُ فِي نَحْوِ الْبِطِّيخِ وَالرُّمَّانِ وَالْبُقُولِ وَالْبَيْضِ الْوَزْنُ) لِأَنَّ ذَلِكَ يَضْبِطُهُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ بِالْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا بِالْعَدِّ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ فِيهِ وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ بِأَنَّ الْعُمْدَةَ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْضِ بَيْضُ الدَّجَاجِ وَنَحْوِهِ فَمَا فَوْقَهُ بِخِلَافِ بَيْضِ الْحَمَامِ وَنَحْوِهِ (وَإِنْ ذُكِرَ مَعَهُ) أَيْ الْوَزْنِ (الْعَدُّ فَسَدَ) الْعَقْدُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى ذِكْرِ الْحَجْمِ وَذَلِكَ يُورِثُ عِزَّةَ الْوُجُودِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ عَلَى الْجَوَازِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى الْوَزْنِ التَّقْرِيبِيِّ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى التَّحْدِيدِيِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى عَدَدٍ يَسِيرٍ لَا يَتَعَذَّرُ تَحْصِيلُهُ عَلَيْهِ وَحَمْلِ غَيْرِهِ عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ لِتَعَذُّرِ ضَبْطِهِ وَالْمُرَادُ فِيمَا ذِكْرُ الْوَزْنِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ فِي عَدَدٍ مِنْ الْبِطِّيخِ مَثَلًا كَمِائَةٍ بِالْوَزْنِ فِي الْجَمِيعِ دُونَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِي نَحْوِ الْجَوْزِ) مِمَّا لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَيُعَدُّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَبْطًا كَلَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ (بِالْكَيْلِ وَكَذَا بِالْوَزْنِ) وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (إنْ لَمْ تَخْتَلِفْ قُشُورُهُ) غِلَظًا وَرِقَّةً (غَالِبًا) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا اسْتَدْرَكَهُ الْإِمَامُ عَلَى إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ الْجَوَازَ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ لِأَنَّهُ مُسْتَتْبَعٌ لَا مُخْتَصَرٌ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَةَ كَذَا كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهَا خِلَافًا فِيمَا بَعْدَهَا دُونَ مَا قَبْلَهَا وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَلِإِيهَامِهَا عَوْدَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ إلَى الْوَزْنِ فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْبَلُ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ فِي قِشْرِهِمَا الْأَسْفَلِ فَقَطْ بَلْ قَالُوا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِمَا إلَّا فِي الْقِشْرِ الْأَسْفَلِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ السَّلَمِ (فِي اللَّبِنِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (ذِكْرُ الْعَدِّ) لَهُ (وَالطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالثَّخَانَةِ) لِكُلِّ لَبِنَةٍ (وَ) ذِكْرُ (أَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ وَيُسْتَحَبُّ ذِكْرُ وَزْنِ اللَّبِنَةِ لِأَنَّهَا) تُضْرَبُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَلَا يَعِزُّ وُجُودُهَا وَالْأَمْرُ فِي وَزْنِهَا عَلَى التَّقْرِيبِ
(فَرْعٌ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَكُوزٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ مَا يَسَعُ لِأَنَّ فِيهِ غَرَرًا لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ قَبْلَ قَبْضِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِخِلَافِ بَيْعِ مِلْئِهِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَدَمِ الْغَرَرِ (وَإِنْ عَيَّنَ) فِي الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ مِكْيَالًا (مُعْتَادًا)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ) بِأَنْ كَانَ لَا يَتَجَافَى فِي الْمِكْيَالِ وَلَا يَلْتَصِقُ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ كَالْقَمْحِ وَالْفُولِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَوْلَى لِرَزَانَتِهَا فِي الْكَيْلِ بِخِلَافِ الْمِسْكِ وَنَحْوِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ الْكَلَامَ عِنْدَهُمَا فِيمَا لَهُ خَطَرٌ وَاللَّآلِئُ الصِّغَارُ وَالْمُرَادَةُ لِلتَّدَاوِي قَدْ لَا يَكُونُ لَهَا خَطَرٌ اهـ (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ النَّقْدَيْنِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُسَلِّمُ فِيهَا إلَّا وَزْنًا) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَفِي مَعْنَاهُمَا كُلُّ مَا يَعْظُمُ خَطَرُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُضْبَطُ بِهِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْفَاكِهَةِ تُوزَنُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعَهُ الْعَدَّ فَسَدَ) نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ جَوَازَ ذِكْرِ وَزْنِ الْخَشَبِ مَعَ صِفَاتِهِ الْمَشْرُوطَةِ لِأَنَّهُ إنْ زَادَ أَمْكَنَ نَحْتُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ ذِكْرَ طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَثِخَنِهِ وَبِالنَّحْتِ تَزُولُ إحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْوَزْنَ عَلَى التَّقْرِيبِ فَلَا تَزُولُ الصِّفَاتُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ اتِّفَاقًا) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْحَجْمِ مَعَ الْعَدِّ فَيُؤَدِّي حِينَئِذٍ إلَى عِزَّةِ الْوُجُودِ
(قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ التَّمَسُّكُ بِمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ) لِأَنَّهُ آخِرُ مُؤَلَّفَاتِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ إطْلَاقُهُمَا فِي بَابِ الرِّبَا جَوَازَ بَيْعِ الْجَوْزِ بِالْجَوْزِ وَزْنًا وَاللَّوْزِ بِاللَّوْزِ كَيْلًا مَعَ قِشْرِهِمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَا فِيهِ هَذَا الشَّرْطَ مَعَ أَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ السَّلَمِ وَفِي تَعْلِيقِ الْبَنْدَنِيجِيِّ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْمِشْمِشِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوَاهُ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ اهـ وَفِي بَعْضِ نُسَخِهِ التَّمْرُ بَدَلَ الْمِشْمِشِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَلِهَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قِشْرُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ مِنْ الْأَصْلِ لَا لِاشْتِرَاطِ الْوَزْنِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ طِينٍ مَعْرُوفٍ) وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يُعْجَنَ بِنَجِسٍ
[فَرْعٌ يَبْطُلُ السَّلَمُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِتَعْيِينِ مِكْيَالٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ]
(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ الْحَالُّ بِذَلِكَ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْعِ بِالْوَاضِحِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْيِينِ هُنَا تَعْيِينُ الْفَرْدِ مِنْ نَوْعِ الْمَكَايِيلِ أَمَّا تَعْيِينُ نَوْعِ الْمِكْيَالِ بِالْغَلَبَةِ أَوْ بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِهِ كَمَا سَيَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute