للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلتَّسْلِيمِ لِلْعُرْفِ وَيَكْفِي فِي تَعْيِينِهِ أَنْ يَقُولَ تُسَلِّمْهُ لِي فِي بَلْدَةِ كَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ كَبِيرَةً كَبَغْدَادَ وَالْبَصْرَةِ وَيَكْفِي إحْضَارُهُ فِي أَوَّلِهَا وَلَا يُكَلَّفُ إحْضَارَهُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي أَيِّ الْبِلَادِ شِئْت فَسَدَ وَفِي أَيِّ مَكَان شِئْت مِنْ بَلَدِ كَذَا فَإِنْ اتَّسَعَ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ أَوْ بِبَلَدِ كَذَا وَبِبَلَدِ كَذَا فَهَلْ يَفْسُدُ أَوْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى تَسْلِيمِ النِّصْفِ بِكُلِّ بَلَدٍ وَجْهَانِ قَالَ الشَّاشِيُّ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَسَلُّمِهِ فِي بَلَدِ كَذَا وَتَسَلُّمِهِ فِي شَهْرِ كَذَا حَيْثُ لَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ اخْتِلَافُ الْغَرَضِ فِي الزَّمَانِ دُونَ الْمَكَانِ (فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَّةِ التَّسْلِيمِ (فَأَقْرَبُ مَكَان) وَفِي نُسْخَةٍ مَوْضِعٌ (صَالِحٌ) لَهُ (إلَيْهِ) يَتَعَيَّنُ عَلَى الْأَقْيَسِ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا بُدَّ أَنْ يُقَالَ مَعَ هَذَا إنْ كَانَ الصَّالِحُ أَبْعَدَ مِنْ الْخَرِبِ اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَاهُ لِغَرَضِ الْمُسْتَحِقِّ فَجَمَعْنَا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ.

وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ بَيْنَ أَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الْخَرِبِ وَلَا كَلَامَ وَأَنْ يَتَسَلَّمَ فِي الصَّالِحِ مِنْ غَيْرِ حَطِّ شَيْءٍ مِنْ الْأُجْرَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ إذْ كَيْفَ يُجْبَرُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ عَلَى النَّقْلِ إلَى مَكَان بَعِيدٍ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَلْتَزِمْ ذَلِكَ وَكَيْفَ يُسَلَّمُ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ ذَلِكَ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ صَارَ الْمُعَيَّنُ مَخُوفًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَكَان آخَرَ وَلَهُ أَنْ يَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا قَدْ رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ قَالَ فَلَوْ قَالَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَا أَفْسَخُ السَّلَمَ لِأُؤَدِّيَ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ وَتَبْرَأَ ذِمَّتِي مِمَّا عَلَيَّ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ ثَمَّ رَهْنٌ يُرِيدُ فَكَّهُ أَوْ ضَامِنٌ يُرِيدُ خَلَاصَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَصْلِ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ إعَادَةِ مَا خَرِبَ بِخِلَافِ مَا انْقَطَعَ مِنْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُسَلَّمُ فِيهَا (وَفِي السَّلَمِ الْحَالِّ يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ) لِلتَّسْلِيمِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَنَّهُ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ أَوْ بِأَنَّ لِحَمْلِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مُؤْنَةً لِلْعُرْفِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ كَالْبَيْعِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطْلَقًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ فَسَّرْته بِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَفِيمَا قَالَهُ وَقْفَةٌ.

(فَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ) وَتَعَيَّنَ (بِخِلَافِ الْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ فَقُبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ (وَالْمُرَادُ بِمَوْضِعِ الْعَقْدِ تِلْكَ النَّاحِيَةُ) أَيْ الْمَحَلَّةُ (لَا نَفْسَ الْمَوْضِعِ) أَيْ مَوْضِعِ الْعَقْدِ (وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ وَ) الثَّمَنُ (الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ) الْمُعَيَّنِ (وَفِي التَّتِمَّةِ كُلُّ عِوَضٍ) مِنْ نَحْوِ أُجْرَةٍ وَصَدَاقٍ وَعِوَضِ خُلْعٍ (مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ) غَيْرُ مُؤَجَّلٍ (لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ الْحَالِّ) إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ وَتَعَيَّنَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِأَنَّ كُلَّ عِوَضٍ مُلْتَزِمٌ فِي الذِّمَّةِ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ أَيْ فَيُقْبَلُ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ كَمَا مَرَّ

(الشَّرْطُ الْخَامِسُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ الْوَزْنِ) فِيمَا يُوزَنُ (أَوْ الذَّرْعِ) فِيمَا يُذْرَعُ (أَوْ الْعَدِّ) فِيمَا يُعَدُّ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ مَعَ قِيَاسِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَهُ فَخَرِبَ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَخْرُبْ وَلَكِنْ صَارَ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ أَحْضَرَهُ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ وَلَيْسَ لِلْمُسَلِّمِ أَنْ يُكَلِّفَهُ نَقْلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ إلَى أَنْ يَزُولَ الْخَوْفُ أَوْ يَأْخُذَهُ فِيهِ اهـ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا بُدَّ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَقْتَضِهِ إلَخْ) قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعَقْدَ اقْتَضَاهُ فَلَا أُجْرَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ فَيُتَّجَهُ تَخْيِيرُ الْمُسَلِّمِ إلَخْ) اسْتَبْعَدَهُ فِي الْخَادِمِ وَقَالَ إنَّ الْوَجْهَ تَسْلِيمُهُ فِي الصَّالِحِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَلَامٌ عَجِيبٌ إلَخْ) اعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ عَلَى الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِالْمُسْتَحِقِّ الْمُسَلِّمَ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ إنَّهُ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ الَّذِي فَرَضَهُ مِنْ الْمُحَالِ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ لَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ أَبْعَدُ فَمَا ذَكَرَهُ فَاسِدُ التَّصْوِيرِ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِأُجْرَةِ الزَّائِدِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا تَوَهَّمَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ فَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الزَّائِدِ بَلْ يُقَالُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ أُجْرَةُ الزَّائِدِ وَبِأَنَّهُ أَحَالَ فِي الِاسْتِشْهَادِ عَلَى مَجْهُولٍ وَعَبَّرَ بِنَظَائِرَ وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا وَاحِدًا وَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ يَدُلُّ لَهُ مَا اعْتَبَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا اللُّقَطَةُ فِي الْبَادِيَةِ تُعْرَفُ فِي أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ وَمِنْهَا الزَّكَاةُ إذَا حَالَ الْحَوْلُ فِي الْبَادِيَةِ تُنْقَلُ إلَى أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ أَنْ يُتَخَيَّرَ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ كَثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَتِلْكَ (قَوْلُهُ فَالْأَرْجَحُ إجَابَتُهُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ مَنْ يُرِيدُ خَلَاصَهُ) وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ هُنَا وَلَا هُنَاكَ اهـ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَأَنْ أَسْلَمَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشَّعِيرِ وَهُمَا سَائِرَانِ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَجَزَمَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَهُوَ حَالٌّ وَقَدْ عَجَزَ عَنْهُ فِي الْحَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ صَالِحًا فِي اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا فِي مَوْضِعٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَا فِي سَفَرٍ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ لِتَسْلِيمِهِ مَكَانٌ جَازَ) وَتَعَيَّنَ لَوْ عَيَّنَ مَوْضِعًا مَخُوفًا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ فِيهِ وَهَلْ لَهُ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ أَقْرَبُهُمَا تَكْلِيفُهُ نَقْلَهُ إلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ إلَيْهِ صَالِحٍ لِلتَّسْلِيمِ لِلْأَمْنِ فِيهِ

(قَوْلُهُ التَّقْدِيرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إلَخْ) فَلَا يَصِحُّ فِي كَنْدُوحِ النَّحْلِ وَأَفْرَاخِهَا لَا مَعَ الْكَنْدُوحِ وَلَا بِدُونِهِ لِعَدَمِ الضَّبْطِ كَيْلًا وَوَزْنًا وَذَرْعًا وَعَدًّا (قَوْلُهُ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ) خَصَّ فِيهِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ لِغَلَبَتِهِمَا وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ غَيْرُ مَرْوَ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مَصْدَرٌ لَا يُمْكِنُ السَّلَمُ فِيهِ فَتَعَيَّنَ التَّقْدِيرُ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَالْكَيْلُ وَفِي مَوْزُونٍ فَالْوَزْنُ فَلْيَكُنْ كَيْلُهُ وَوَزْنُهُ مَعْلُومًا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ

<<  <  ج: ص:  >  >>