للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كَجَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا أَوْ أُخْتِهَا وَشَاةٍ وَسَخْلَتِهَا وَكَذَا حَامِلٌ) مِنْ أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَصْوِيرِ أَصْلِهِ بِالْأَمَةِ (وَشَاةٍ لَبُونٍ) وَعَبْدٍ وَوَلَدِهِ أَوْ أَخِيهِ وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ الْجَارِيَةِ مَاشِطَةً حَيْثُ يَصِحُّ مَعَ أَنَّهُ يَنْدُرُ اجْتِمَاعُ ذَلِكَ بِالصِّفَاتِ الْمَشْرُوطَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْمَشْطَ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعَلُّمِ بِخِلَافِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهِمَا (أَوْ لِلْبُعْدِ) عَنْ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ (كَكَوْنِهِ بِمَسَافَةٍ لَا يُجْلَبُ مِثْلُهُ مِنْهَا فِي الْعَادَةِ) الْغَالِبَةِ (لِلْمُعَامَلَةِ) بِأَنْ لَمْ يُجْلَبْ أَوْ يُجْلَبُ نَادِرًا أَوْ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ بَلْ لِلْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا (لَمْ يَصِحَّ) بِخِلَافِ مَا إذَا اُعْتِيدَ جَلْبُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ فَيَصِحُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ نَقْلًا عَنْ الْأَئِمَّةِ لَا تُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ هُنَا وَنَازَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْهَا بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ انْقِطَاعِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لِنَقْلِهِ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَحَيْثُ اُعْتِيدَ نَقْلُهُ غَالِبًا لِلْمُعَامَلَةِ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلِّ التَّسْلِيمِ صَحَّ وَإِنْ تَبَاعَدَا بِخِلَافِهَا فِيمَا يَأْتِي فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ فَاعْتُبِرَ لِتَخْفِيفِهَا قُرْبُ الْمَسَافَةِ وَاعْتِبَارِي لِمَحَلِّ التَّسْلِيمِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ كَثِيرٍ مَحَلَّ الْعَقْدِ وَإِنْ كُنْت تَبِعْتهمْ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ.

(وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ كَالْقَدْرِ الْكَثِيرِ مِنْ الْبَاكُورَةِ) وَهِيَ أَوَّلُ الْفَاكِهَةِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِعِزَّةِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ قَدْرٍ مِنْهَا لَا يَعْسُرُ تَحْمِيلُهُ (فَإِذَا انْقَطَعَ الْمَوْجُودُ) أَيْ مَا يَعُمُّ وُجُودُهُ (بِجَائِحَةٍ) بَعْدَ الْعَقْدِ (قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَضُرَّ) فَلَوْ عَلِمَ قَبْلَهُ انْقِطَاعَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ قَبْلَهُ إذْ لَمْ يَجِئْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ (أَوْ) انْقَطَعَ (بَعْدَهُ أَوْ عِنْدَهُ وَلَوْ) كَانَ الْحُلُولُ (بِمَوْتِ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثَبَتَ) لِلْمُسَلِّمِ (الْخِيَارُ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَلَمْ يَنْفَسِخْ) أَيْ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ أَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالْوَفَاءُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُمْكِنٌ (فَلَوْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَجَازَ) الْعَقْدَ (لَمْ يَسْقُطْ الْفَسْخُ وَإِنْ أَسْقَطَهُ) صَرِيحًا كَزَوْجَتَيْ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ إذَا رَضِيَتَا وَكَالْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْعَقْدَ عِنْدَ إبَاقِ الْعَبْدِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلتَّسْلِيمِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ وَالْإِسْقَاطُ إنَّمَا يُؤْثَرُ فِي الْحَالِ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ فَعُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ عَلَى التَّرَاخِي وَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ لَا تَصْبِرْ وَخُذْ رَأْسَ مَالِكِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ) أَيْ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (بِثَمَنِ الْمِثْلِ وَإِنْ غَلَا وَلَوْ) كَانَ تَحْصِيلُهُ (مِنْ غَيْرِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ التَّسْلِيمِ (إلَى دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) لِخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ عَلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ أَنْ يُفْقَدَ أَوْ يُوجَدَ بِمَحَلٍّ آخَرَ لَكِنَّهُ يَفْسُدُ بِنَقْلِهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ أَوْ يَبِيعُونَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَا سِعْرُهُ.

وَقَوْلُ الْأَصْلِ وَلَوْ كَانُوا يَبِيعُونَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ وَجَبَ تَحْصِيلُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ تَحْصِيلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ بِنَظِيرِهِ مِنْ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ حِينَئِذٍ فَهُنَا أَوْلَى وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِعُ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُلُوِّ هُنَا ارْتِفَاعُ الْأَسْعَارِ لَا الزِّيَادَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ قِيَاسِ السَّلَمِ عَلَى الْغَصْبِ لِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدٌ وُضِعَ لِطَلَبِ الرِّبْحِ وَالزِّيَادَةِ فَكُلِّفَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ التَّحْصِيلَ لِهَذَا الْغَرَضِ الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَقْدُ وَإِلَّا لَانْتَفَتْ فَائِدَتُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ بَابُ تَعَدٍّ وَالْمُمَاثَلَةُ مَطْلُوبَةٌ فِيهِ فَلَمْ يُكَلَّفْ فِيهِ الزِّيَادَةُ لِآيَةِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ بِاخْتِيَارِهِ وَقَبَضَ الْبَدَلَ فَالزِّيَادَةُ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ النَّمَاءِ الْحَاصِلِ مِمَّا قَبَضَهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ

(الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ أَيْ مَكَان (تَسْلِيمِ) الْمُسَلَّمِ فِيهِ (الْمُؤَجَّلِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ) كَانَ الْعَقْدُ (بِمَكَانٍ لَا يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ) لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ فِيمَا يُرَادُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَكَانَ الْعَقْدُ بِمَكَانٍ يَصْلُحُ لِلتَّسْلِيمِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ أَوْ أُخْتِهَا) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّسَرِّي أَوْ أَحَدِ مُنَاسِبَيْهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا حَامِلٌ إلَخْ) أَوْ خُنْثَى وَأَصَحُّ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ) اعْتَرَضَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْفَرْقِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ قَاعِدَةَ الشَّافِعِيِّ فِي السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِمَّا يَعُمُّ وُجُودُهُ وَيُؤْمَنُ انْقِطَاعُهُ وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ لَا تَلْحَقُ ذَلِكَ بِمَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ الثَّانِي مِنْ قَاعِدَةِ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ السَّلَمِ حَالًّا فِي عَبْدٍ كَاتِبٍ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهَا بِالتَّعْلِيمِ فِي يَوْمَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ وَمَتَى كَانَ التَّعْلِيمُ مُتَعَذِّرًا وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ السَّلَمُ حَالًّا فِي الْعَبْدِ الْكَاتِبِ وَالْجَارِيَةِ الْمَاشِطَةِ فَظَهَرَ بُطْلَانُ هَذَا الْفَرْقِ بِالسَّلَمِ الْحَالِّ اهـ وَوَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ الْمَنْعُ فِي الْجَارِيَةِ وَوَلَدِهَا بِأَنَّهُ إذَا وَصَفَ الْجَارِيَةَ فَالسَّلَمُ فِي وَلَدِهَا سَلَمٌ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ.

(قَوْلُهُ يَسْهُلُ تَحْصِيلُهُمَا بِالتَّعْلِيمِ) وَهَذَا مُتَأَتٍّ وَلَوْ فِي السَّلَمِ الْحَالِّ بِأَنْ تَكُونَ تِلْكَ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ تَحُلُّ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْحَاصِلُ إنْ تَيَسَّرَ إحْضَارُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَإِلَّا فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ كَمَا لَوْ أَخْلَفَ الشَّرْطَ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ عَسُرَ تَحْصِيلُهُ) بِأَنْ لَا يَحْصُلَ إلَّا بِمَشَقَّةٍ عَظِيمَةٍ (قَوْلُهُ فَانْقِطَاعُهُ الْمُثْبِتُ لِلْخِيَارِ إلَخْ) فِي مَعْنَى انْقِطَاعِهِ مَا لَوْ غَابَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَى الْوَفَاءِ مَعَ وُجُودِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي يُشِيرُ إلَيْهِ) حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ جِنْسُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ مَوْجُودًا فِي أَيْدِي النَّاسِ وَلَكِنْ يُبَاعُ بِثَمَنٍ غَالٍ فَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَلَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ وَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ مِلْكَهُ فَتَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ حَتَّى ازْدَادَتْ قِيمَتُهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ وَكَذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ عَلَى إنْسَانٍ حِنْطَةً فِي زَمَانِ الرُّخْصِ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْمِثْلَ ارْتَفَعَتْ الْأَسْعَارُ وَغَلَتْ الْحِنْطَةُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْمِثْلِ فَكَذَا هُنَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الْتَزَمَ التَّحْصِيلَ بِالْعَقْدِ إلَخْ) وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي ثَمَنِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي مُقَابَلَةِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ فَإِنَّهُ لَا أَجَلَ فِيهِ

(قَوْلُهُ الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَيَانُ مَحَلِّ تَسْلِيمِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>