للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْكَلَامِ عَلَى عَدَمِ التُّهْمَةِ.

(أَمَّا لَوْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ) بِأَنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي يَرَى التَّفْسِيقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ أَمْ لَا فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ إنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يُفَسِّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلَّدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا الْجَوَازِ بَعِيدٌ (وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ عَدْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِيمَا عَدَاهُ (وَهَلْ يَجُوزُ لِعَدْلٍ أَنْ يَشْهَدَ بِبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ) وَهُوَ لَا يَرَاهُ أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا يَعْتَقِدُهُ دُونَهُ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَذِكْرُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ (وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ) كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ (إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ) لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (فَلَا يُكَلِّفُ) لَهُ (بَلْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ) إلَيْهِ (الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ (وَالْمُخَدَّرَةُ كَالْمَرِيضِ) فِيمَا ذُكِرَ (وَغَيْرُهَا) مِنْ النِّسَاءِ (تَحْضُرُ) وَتُؤَدِّي (وَيَجِبُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ) لِتُؤَدِّي الْوَاجِبَ عَلَيْهَا (وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ فِي) أَكْلِ (طَعَامٍ أَوْ) فِي (حَمَّامٍ أَوْ صَلَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَهُ لِلْأَدَاءِ بَلْ يُتِمُّهُ ثُمَّ يَمْضِي) لَهُ.

(وَلَوْ رَدَّ قَاضٍ شَهَادَتَهُ لِجَرْحِهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ (لَا) إنْ دُعِيَ (إلَيْهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ (وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَائِرًا) أَوْ مُتَعَنِّتًا وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَا يَأْمَنُ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ جَوْرًا أَوْ تَعَنُّتًا فَيَتَعَيَّرُ بِذَلِكَ (وَكَذَا) يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ (عِنْدَ أَمِيرٍ وَنَحْوِهِ) كَوَزِيرٍ (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْحَقِّ) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَدَائِهِ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ إلَى ذَلِكَ بِالْقَاضِي فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُ انْعِقَادَ وِلَايَتِهِ لِجَهْلٍ أَوْ فِسْقٍ لَزِمَهُ.

(فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ) الشَّاهِدُ (مِنْ الْأَدَاءِ حَيَاءً) مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ (عَصَى وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَى أَنْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ وَلَوْ قَالَ) الْمُدَّعِي (لِلْقَاضِي شَاهِدِي مُمْتَنِعٌ) مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِي (عِنَادًا) فَأَحْضَرَهُ لِيَشْهَدَ لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ (سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ) أَيْ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِالِامْتِنَاعِ بِزَعْمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عِنَادًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ (فَرْعٌ لَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلشَّاهِدِ (أَخْذُ رِزْقٍ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الرَّعِيَّةِ تَبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَرْجِيحُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي كِتَابَةِ الصُّكُوكِ (وَلَهُ) بِكُلِّ حَالٍ (أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى التَّحَمُّلِ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَمَا فِي

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ إلَخْ) مَثَلُ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَالْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْفَرْعِ لِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ) وَهُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ) أَوْ مِنْ عُقُوبَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ عَدُوٍّ قَاهِرٍ أَوْ فِتْنَةٍ عَامَّةٍ (قَوْلُهُ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ) لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ شَدِيدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمَرَضِ مَا يَعْجَزُ مَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْحُضُورِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (تَنْبِيهٌ) جَعَلَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي التَّلْقِينِ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنَ مَا تَحَمَّلَهُ يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَسَبَقَ نَقْلُ الدَّارِمِيُّ لَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ إتْلَافُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَتَضْمِينُهَا لِلْمُتْلِفِ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إمَّا مَأْثُومًا مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنَّهُ قَتَلَ كَافِرًا وَالْحَاكِمُ عِرَاقِيٌّ حَنَفِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ قُلْت وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّهُ بِالتَّعْرِيضِ وَيُعَزِّرُهُ أَبْلَغُ مِمَّا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ.

وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ نَحْوَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ لِآدَمِيٍّ أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُحْمَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُخَالِفُهُ وَطَالَمَا اشْتَبَهَ عَلَى النُّفُوسِ الشَّدِيدَةِ الْقِيَامُ فِي الْبَاطِلِ بِالْقِيَامِ فِي الْحَقِّ قَالَ وَإِنَّنِي سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَاَللَّهِ مَا شَهِدْت عَلَى يَسَارٍ قَطُّ وَلَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ مَا لَوْ شَهِدْت عَلَيْهِ لَحَدَدْته وَيَنْبَغِي حَيْثُ مَنَعْنَاهُ إذَا شَهِدَ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَنْ كَانَ عَاصِيًا حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ر (قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ اجْتِهَادٌ فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَفَسَادِهِ وَلَوْ دُعِيَ الشَّاهِدُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَى شَهَادَتَيْنِ بِحَقَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَخَيَّرَ فِي إجَابَةِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَقَّانِ فَإِنْ خِيفَ فَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْبِدَارُ إلَى مَا خِيفَ فَوَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَاعُ ر وَأَنْ يُقَالَ يُجِيبُ مَنْ تَحَمَّلَ لَهُ أَوَّلًا وَأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّحَمُّلِ قَصْدًا وَاتِّفَاقًا غ

[فَرْعٌ امْتَنَعَ الشَّاهِدُ مِنْ الْأَدَاءِ حَيَاءً]

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إلَخْ) وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>