للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ (بِمِلْكِ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ أَرْضٍ مَعْرُوفَةٍ فَرْعٌ مَا شَهِدَ بِهِ) الشَّاهِدُ (اعْتِمَادًا عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ جَازَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) اعْتِمَادًا عَلَيْهَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى خَطِّ الْأَبِ دُونَ الشَّهَادَةِ

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ حَرَامٌ) الْآيَةَ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا (وَيَجِبُ الْأَدَاءُ) لَهَا (عَلَى مُتَعَيَّنٍ) لَهَا وَعَلَى (غَيْرِهِ إنْ دُعِيَ) كُلٌّ مِنْهُمَا (لِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) وَهِيَ كَمَا سَيَأْتِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ (وَلَا عُذْرَ لَهُ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَهُوَ عَدْلٌ) فَإِنْ لَمْ يُدْعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ بَقِيَّةِ الْمَفَاهِيمِ (فَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ) مِنْ اثْنَيْنِ (وَامْتَنَعَ الْآخَرُ) بِلَا عُذْرٍ (وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ عَصَى) وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى الْقَضَاءَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ (وَكَذَا شَاهِدَا رَدِّ الْوَدِيعَةِ) إذَا امْتَنَعَا مِنْ الْأَدَاءِ وَقَالَا لِلْمُودَعِ احْلِفْ عَلَى الرَّدِّ يَعْصِيَانِ (وَإِنْ صَدَقَ) الْمُودَعُ (فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْوَاقِعَةِ (إلَّا شَاهِدٌ) وَاحِدٌ (لَزِمَهُ الْأَدَاءُ إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا (وَإِلَّا فَلَا) يَلْزَمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ (وَيَجِبُ الْأَدَاءُ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (وَإِنْ تَحَمَّلَاهَا اتِّفَاقًا) بِأَنْ وَقَعَ السَّمَاعُ أَوْ الرُّؤْيَةُ اتِّفَاقًا (لَا قَصْدًا) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثُمَّ بَيَّنَ بَقِيَّةَ مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ فَقَالَ.

(فَإِنْ دُعِيَ لِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ (الْأَدَاءُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: ٢٨٢] وَلِلْمَشَقَّةِ وَلِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ (وَحَدُّ الْقُرْبِ مَا يَعُودُ فِيهِ) بِمَعْنًى مِنْهُ (الْمُبَكِّرُ مِنْ يَوْمِهِ) أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ (لَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ) تَمَامِ (مَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَلَوْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ إلَى فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذْ ادَّعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ فِي عَمَلِهِ فَإِنْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ أَوْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ وَقَدْ اسْتَحْضَرَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِنْ الشَّامِ أَيْضًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ (وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى الْعَدْلِ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ) لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ بَاطِلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِسْقِ الظَّاهِرِ بِأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبِالظَّاهِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهْمًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَقَالَ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَنَقَلَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ قَدَّمْته

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُدُودِهِ وَأَدَائِهَا) (قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى مُتَعَيِّنٍ لَهَا) بِأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرَهَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جُنُّوا أَوْ فَسَقَوْا أَوْ مَرِضُوا أَوْ غَابُوا أَوْ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِأَمْرٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: ٢٨٢] أَيْ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَوْ لِلْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَوْ لِلتَّحَمُّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَوْ دُعِيَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِلْقِصَاصِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِيَثْبُتَ بِهَا اللَّوْثُ (قَوْلُهُ أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَائِلِ اللَّيْلِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ الْإِقَامَةِ فِي الْمُحَاكَمَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ بُكْرَةً وَاشْتَغَلَ بِالْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ لَيْلًا عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ فَهُوَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لِأَنَّ الْفَوْرَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى زَمَنِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ الَّذِي رَاعُوهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ لَا مَا بَيْنَهُ) أَيْ مَا يَعُودُ فِيهِ (قَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَعَيَّنَ حُضُورُهُ طَرِيقًا فِي خَلَاصِ الْحَقِّ وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ فَيُشْبِهُ اللُّزُومَ لِأَنَّهَا أَدَاءُ أَمَانَةٍ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ إلَخْ) وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ أَدَاءَهُ حَمْلُ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَاطِلِ إذْ السَّبَبُ الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ بَاطِلٌ شَرْعًا وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ بَاطِنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ إلَخْ) غَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَجَحَدَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَلَكِنْ بِيَدِهِ وَثِيقَةٌ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ قَدْ قَبَضَهُ وَالشُّهُودُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي الْوَثِيقَةِ وَيَقْبِضُهُ قِصَاصًا عَنْ الْمَجْحُودِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْحُكْمِ بِدَيْنٍ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ الْخَصْمُ وَحَمَلَ الشُّهُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَاطِنًا وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهُمَا) عِبَارَتُهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ قَالَ إنْ كَانَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ شَهِدَ عَصَى وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ خَفِيًّا لِأَنَّهُ يَلْبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الْقَاضِي وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ وَاَلَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَلَقَّيْته مِنْ مَدَارِجِ مُصَنَّفَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا يَعْصِي وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَهِيَ حَقٌّ وَيَجُوزُ لَهُ أَدَاؤُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الَّذِي أَرَاهُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ وَمِمَّنْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَصَاحِبُهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ) أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ

<<  <  ج: ص:  >  >>