للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ لِأَنَّ الْوَطْءَ سَبَبُ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا، وَالْعَلُوقُ مِنْ آثَارِهِ فَأَدَمْنَا بِهِ الْيَدَ، وَالِاسْتِيلَاءَ، وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ، وَالِاسْتِيلَاءِ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا لِأَنَّهَا فِي الزِّنَا لَا تُضَافُ إلَى وَطْئِهِ لِأَنَّ الشَّرْعَ قَطَعَ نَسَبَ الْوَلَدِ عَنْهُ، وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ بِالْوِلَادَةِ فَلَا ضَمَانَ لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحَقٍّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ (وَالْوَاجِبُ) فِيمَا إذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ (قِيمَةُ يَوْمِ) ، وَفِي نُسْخَةٍ وَقْتِ (الْإِحْبَالِ) لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ فَبَقِيَ ضِمْنًا حَتَّى مَاتَ، وَقِيمَتُهُ عَشَرَةٌ لَزِمَهُ مِائَةٌ.

(فَصْلٌ) (لِلرَّاهِنِ انْتِفَاعٌ لَا يَنْقُصُ الرَّهْنَ) أَيْ الْمَرْهُونَ (كَرُكُوبٍ، وَسُكْنَى، وَاسْتِخْدَامٍ) لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إذَا كَانَ مَرْهُونًا» ، وَلِخَبَرِ «الرَّهْنُ مَرْكُوبٌ، وَمَحْلُوبٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَصَحَّحَهُ (وَلُبْسٍ، وَإِنْزَاءِ فَحْلٍ لَا يَنْقُصَانِهِ) أَيْ الْمَرْهُونَ (وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى يَحِلُّ الدَّيْنُ قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلِهَا أَوْ تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِهِ لَا) إنْ حَلَّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ ظُهُورِ حَمْلِهَا، وَلَمْ تَلِدْ قَبْلَ الْحُلُولِ فَلَيْسَ لَهُ الْإِنْزَاءُ عَلَيْهَا (لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا دُونَهُ) أَيْ الْحَمْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ، وَلَا يُؤَثِّرُ احْتِمَالُ بَيْعِهَا مَعَهُ بِغَيْرِ تَوْزِيعٍ لِأَنَّ الرَّاهِنَ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَحَيْثُ أَنْزَى عَلَيْهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ الْبَيْعِ امْتَنَعَ بَيْعُهَا دُونَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ فَالظَّاهِرُ تَبَيُّنُ بُطْلَانِهِ، وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ الْجَائِزِ فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ (وَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ، وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ كَأَنْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِخَوْفٍ أَوْ قَحْطٍ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ لَهُ السَّفَرُ بِهِ (وَلَا الْبِنَاءُ، وَالْغِرَاسُ) فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعَهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُ.

وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى الْبِنَاءُ الْخَفِيفُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِاللَّبِنِ، وَنَحْوِهِ كَمِظَلَّةِ النَّاطُورِ لِأَنَّهُ يُزَالُ عَنْ قُرْبٍ كَالزَّرْعِ، وَلَا تَنْقُصُ بِهِ الْقِيمَةُ (وَلَهُ زِرَاعَةُ مَا يُدْرِكُ قَبْلَ حُلُولِ الدَّيْنِ) أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ (إنْ لَمْ تَنْقُصْ) أَيْ الزِّرَاعَةُ (قِيمَةَ الْأَرْضِ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَإِلَّا) بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُدْرَكُ بَعْدَ الْحُلُولِ (فَلَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ (فَإِنْ حَلَّ الدَّيْنُ) فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ (قَبْلَ إدْرَاكِهِ) أَيْ الزَّرْعِ (لِعَارِضٍ تُرِكَ إلَى الْإِدْرَاكِ فَإِنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ) حَيْثُ مَنَعْنَاهُ (لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ) دُخُولِ وَقْتِ (الْبَيْعِ) ، وَهُوَ بَعْدَ الْحُلُولِ (إنْ زَادَتْ قِيمَتُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (بِالْقَلْعِ) عَلَى قِيمَتِهَا بِدُونِهِ (فِي قَضَاءِ) دَيْنِ (الْغَرِيمِ) سَوَاءٌ أَحَصَلَ بِالزِّيَادَةِ وَفَاءُ الدَّيْنِ أَمْ لَا فَعُلِمَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ أَوْ حَلَّ، وَلَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِالْقَلْعِ أَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَقْضِي الدَّيْنَ لَا يَقْلَعُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْأُولَى رُبَّمَا يَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ، وَمَحِلِّ قَلْعِهِ فِيمَا قَالَهُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ فَإِنْ أَذِنَ فِي بَيْعِهِ مَعَهَا بِيعَا، وَوَزَّعَ الثَّمَنَ كَمَا فِي رَهْنِ الْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ مَا فِيهَا فَيُكَلَّفُ الْقَلْعَ (فَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (بِفَلَسٍ فَقَدْ مَرَّ) فِي فَصْلٍ يَصِحُّ رَهْنُ الْجَارِيَةِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ مَاتَتْ الْأَمَةُ الَّتِي أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ بِالْوِلَادَةِ أَوْ نَقَصَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ حَالَ الْإِيلَادِ فَأَيْسَرَ]

قَوْلُهُ أَمَّا الْمَوْتُ بِالْوِلَادَةِ بِالزِّنَا إلَخْ) وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْغَصْبِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَحْبَلَ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِأَنَّ صُورَتَهُ إذَا حَصَلَ مَعَ الزِّنَا اسْتِيلَاءٌ تَامٌّ عَلَيْهَا بِحَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ

[فَصْلٌ لِلرَّاهِنِ انْتِفَاعٌ لَا يَنْقُصُ الرَّهْنَ كَرُكُوبٍ وَسُكْنَى وَاسْتِخْدَامٍ]

(قَوْلُهُ وَاسْتِخْدَامٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ اسْتِخْدَامَ الْأَمَةِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا مَنَعْنَاهُ الْوَطْءَ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِخْدَامُهَا حَذَرًا مِنْهُ وَيُسَاعِدُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ بِمَنْعِ الْخَلْوَةِ بِهَا وَحِينَئِذٍ تُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَإِنْزَاءٍ عَلَى أُنْثَى) يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ الْإِنْزَاءِ عَلَى الْأُنْثَى بِلَا إذْنٍ بِمَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لَا يُعَدُّ فِيهَا عَيْبًا لَوْ ظَهَرَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَحَيْثُ أَخَذَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ لِلِانْتِفَاعِ إلَخْ) لَوْ تَلِفَ إمَّا بِدَعْوَاهُ مَعَ الْيَمِينِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَهَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا وَلَكِنْ لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَالْمُرْتَهِنِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينِهِ مَعَ أَنَّ الرَّاهِنَ ائْتَمَنَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ عَلَى الْعَكْسِ مَعَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُجْبَرٌ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ شَرْعًا اهـ وَفِي الْبَحْرِ التَّصْرِيحُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ فَقَالَ فَرْعٌ رَهَنَ الْوَصِيُّ عَبْدَ الْيَتِيمِ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ الْوَصِيُّ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِلْيَتِيمِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَإِنْ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ وَضَمِنَ وَكَذَا إنْ اسْتَعَارَهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اسْتَعَارَهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى السَّفَرِ بِهِ إلَخْ) وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَا وَكِيلِهِ وَلَا أَمِينٍ وَلَا حَاكِمٍ وَكَذَا لَوْ وَقَعَ نَهْبٌ أَوْ إغَارَةٌ فِي الْقَرْيَةِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَهَابُهُ إنْ أَقَامَ بِهِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ إلَى وَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا نَعَمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَهُ وَأَقْبَضَهُ فِي السَّفَرِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِهِ إلَى نَحْوِ مَقْصِدِهِ لِلْقَرِينَةِ وَقِسْ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ.

(قَوْلُهُ وَلَا الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ) يُسْتَثْنَى مَا إذَا غَرَسَ مِنْ قُضْبَانِ الْمَرْهُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا مَنْعَ الْغِرَاسِ بِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَبِيعَتْ الْأَرْضُ وَحْدَهَا وَبَيْعُ الْأَرْضِ دُونَ غِرَاسِهَا يَنْقُصُ قِيمَتَهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَنْقُصَ الْغُصْنُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الشَّجَرَةِ قِيمَتَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَنْقِيصُ قِيمَةِ الْمَرْهُونِ الثَّانِي أَنْ لَا تَنْقُصَ الْقِيمَةُ بِالْغِرَاسِ الْمُسْتَجِدِّ ع (قَوْلُهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ قَلْعُهُمَا عِنْدَ فَرَاغِ الْأَجَلِ) أَوْ الْتَزَمَهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَعَهُ فِيمَا يَظْهَرُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الدَّارِمِيِّ وَإِنْ زَرَعَهَا وَقُلْنَا يَجُوزُ وَكَانَ يَحْصُدُ مَعَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ صَحَّ وَلَفْظُ الْأُمِّ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الزَّرْعِ الَّذِي يَحِلُّ قَبْلَ الْمَحِلِّ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) لِضَرَرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ قَالَ أَنَا أَقْلَعُهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَقْلَعْ إلَّا عِنْدَ الْبَيْعِ إلَخْ) شَمَلَ كَلَامُهُمْ مَا إذَا وَقَفَ الرَّاهِنُ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَمَا إذَا كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثَمَرَةٌ وَبَاعَهَا بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَهُ وَمَا إذَا آجَرَ الْبِنَاءَ مُدَّةً وَحَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ مُضِيِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>