للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرِيكَ وَلِأَنَّ الْمُتَّهِبَ وَالْمُوصَى لَهُ تَقَلَّدَ الْمِنَّةَ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمُوصِي بِقَبُولِهِمَا تَبَرُّعَهُمَا فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ لَأَخَذَ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ وَتَسَلُّطٍ فَلَا يَكُونُ مُتَقَلِّدًا لِلْمِنَّةِ (فَلَوْ اقْتَضَتْ) أَيْ الْهِبَةُ (ثَوَابًا) بِأَنْ ذَكَرَ الْعَاقِدَانِ ثَوَابًا مَعْلُومًا (ثَبَتَتْ) أَيْ الشُّفْعَةُ (وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ) لِأَنَّهُ صَارَ بَيْعًا.

(وَتَثْبُتُ) الشُّفْعَةُ (إنْ جَعَلَ الشِّقْصَ أُجْرَةً وَكَذَا جُعْلًا بَعْدَ الْعَمَلِ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِمُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْجُعْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُمَلِّكْ.

(وَلَوْ أَقْرَضَهُ الشِّقْصَ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ قَرْضِهِ (ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ) إذَا مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ كَمَا سَيَأْتِي بِزِيَادَةٍ (وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) أَوْ مُتْعَةً، أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ (أَوْ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ كِتَابَةٍ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ لِذَلِكَ (فَإِنْ عَوَّضَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الشِّقْصَ (عَنْ بَعْضِهَا) أَيْ النُّجُومِ (ثُمَّ عَجَزَ وَرَقَّ لَمْ تَبْقَ شُفْعَةٌ لِخُرُوجِهِ) آخِرًا (عَنْ الْعِوَضِ) .

(فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا) مَثَلًا بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (بَعْدَ مَوْتِي فَلَكِ هَذَا الشِّقْصُ فَخَدَمَتْهُمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ) مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، وَذِكْرُ الْخِدْمَةِ شَرْطٌ لَا عِوَضٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَثْبُتُ فِي شِقْصٍ أَوْصَى بِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِنْ شَارَكَ التَّطَوُّعُ صُورَةَ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا ظَاهِرَةٌ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا انْتَهَى.

وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوصِي بَلْ لِأَوْلَادِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ أَوْ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى التَّعْلِيقِ وَفِي هَذِهِ إلَى عَدَمِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ التَّعْلِيقَ فِي تِلْكَ وَأَتَى بِهِ فِي هَذِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ: وَخُصَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ لِأَوْلَادِهِ فَجَازَ لَهَا الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ وَمُبَاشَرَةُ خِدْمَتِهِمْ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا.

(فَصْلٌ: لِقَيِّمٍ) لِطِفْلَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي عَقَارٍ (بَاعَ شِقْصَ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ الشُّفْعَةُ) أَيْ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا (لِلْآخَرِ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ وَالْآخَرَ إلَى الْأَخْذِ (لَا لِنَفْسِهِ) إنْ كَانَ شَرِيكًا لِمَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَنْهُ لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ لِيَعُودَ النَّفْعُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَبِيعُهُ مَالَ نَفْسِهِ (إلَّا إنْ اشْتَرَى) مِنْ شَرِيكِهِ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ (لِلطِّفْلِ أَوْ كَانَ) الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي لَهُ (أَبًا، أَوْ جَدًّا) فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى وَلِقُوَّةِ الْوِلَايَةِ وَالشُّفْعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَكَالْقَيِّمِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ.

(فَرْعٌ: الْوَكِيلُ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ يَشْفَعُ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ (لِنَفْسِهِ) فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَهُ أَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا فِي شِرَاءِ الشِّقْصِ فَلِلْوَكِيلِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ نَاظِرٌ لِنَفْسِهِ، يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إنْ قَصَّرَ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ.

(وَإِنْ وَكَّلَ) شَرِيكٌ (شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ) الْوَكِيلُ (نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ) أَيْ نِصْفَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ مَعَ نِصْفِ نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ إنْ شَاءَ (شَفَعَ الْمُوَكِّلُ) أَيْ أَخَذَ نَصِيبَ الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ (وَكَذَا الْوَكِيلُ) أَيْ يَأْخُذُ نَصِيبَ الْمُوَكِّلِ بِهَا وَمَا ذَكَرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ إذْنَهُ فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ بَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً رُدَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ) الشُّرَكَاءِ فِي عَقَارٍ (نَصِيبَهُ مِنْ الثَّانِي اشْتَرَكَ الْمُشْتَرِي وَالثَّالِثُ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ فَإِنْ شَاءَ الثَّالِثُ أَخَذَ نِصْفَ الشِّقْصِ، أَوْ تَرَكَهُ (فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: خُذْ الْكُلَّ) أَوْ اُتْرُكْهُ (وَقَدْ أَسْقَطْت حَقِّي لَك لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمُشْتَرِي) مِنْ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَقَرَّ عَلَى النِّصْفِ بِالشِّرَاءِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلشِّقْصِ شَفِيعَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ فَحَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقُولَ: اُتْرُكْ الْكُلَّ أَوْ خُذْهُ فَقَدْ تَرَكْت حَقِّي وَلَا نَظَرَ إلَى تَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِدُخُولِهِ فِي هَذَا الْعَقْدِ.

(وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِثَالِثٍ، ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ) أَيْ النِّصْفَ الْآخَرَ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ) فِي الْبَابِ الثَّانِي.

[فَصْلٌ بَاعَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ أَجْنَبِيَّانِ وَرَدُّ الْوَارِثِ الْبَيْعَ]

(فَصْلٌ)

لَوْ (بَاعَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ، وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ أَجْنَبِيَّانِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا بَعْد مَوْتِي فَلَكَ هَذَا الشِّقْص فَخَدَمَتْهُمْ فَهَلْ فِيهِ شُفْعَة]

قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْفَارِقِيُّ: لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ: وَلَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ خَدَمْتِ، أَوْ تَعَهَّدْتِ أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي مُدَّةَ كَذَا فَلَكِ الشِّقْصُ الْفُلَانِيُّ فَخَدَمَتْ مَلَكَتْ وَلَا شُفْعَةَ. اهـ. وَعَبَّرَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ بِذَلِكَ.

[فَصْلٌ لِقَيِّمٍ لِطِفْلَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي عَقَارٍ بَاعَ شِقْصَ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ الشُّفْعَةُ]

(قَوْلُهُ: لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغِبْطَةٍ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ فَإِنْ رَفَعَ الْوَصِيُّ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ مَنْ قَدَّرَ ثَمَنَ الشِّقْصِ فَبَاعَ بِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيُّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ،. اهـ.

وَكَذَا قَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ فَبَاعَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ مَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فِي بَيْعِ مَالِهِ مِنْ نَفْسِهِ.

[فَرْعٌ الْوَكِيلُ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ]

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَكِيلُ) تَرْجِيحُ أَخْذِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَقَوْلُهُ: إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَيْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>