للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا إذْنٍ) مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ فِي الْأُولَى، وَالْمَالِكِ فِي الثَّانِيَةِ. (وَإِنْ كَانَ) الْجَنَاحُ (عَالِيًا) لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِهِ بِالْإِذْنِ (وَالدِّيَةُ) فِي الْحُرِّ وَالْقِيمَةُ فِي الرَّقِيقِ (عَلَى الْعَاقِلَةِ) إنْ تَلِفَا بِذَلِكَ (وَإِنْ تَلِفَ بِهِ مَالٌ) لَيْسَ بِرَقِيقٍ (فَفِي مَالِهِ) يَجِبُ الضَّمَانُ أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَهُوَ كَالشَّارِعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الصُّلْحِ.

(فَصْلٌ: لَا يَضْمَنُ) الْمَالِكُ (التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فِي مِلْكِهِ) أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ إذْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى حَرَجٍ عَظِيمٍ، وَيَنْجَرَّ إلَى بُطْلَانِ فَائِدَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ، وَلَا يَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ أَحَدٍ (كَمَنْ نَصَبَ فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (سِكِّينًا) أَوْ شَبَكَةً (فَأَهْلَكَتْ) شَيْئًا (أَوْ) وَضَعَ (جَرَّةً عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ) لَهُ (فَسَقَطَتْ بِرِيحٍ أَوْ هَدْمٍ) لِمَحَلِّهَا (بِبَلِّهَا) فَأَهْلَكَتْ شَيْئًا (أَوْ أَوْقَفَ دَابَّةً فِي مِلْكِهِ فَرَفَسَتْ رَجُلًا) فَأَهْلَكَتْهُ (وَلَوْ كَانَ خَارِجَ مِلْكِهِ أَوْ نَجَّسَتْ ثَوْبَهُ) مَثَلًا (أَوْ كَسَرَ حَطَبًا فِيهِ) أَيْ فِي مِلْكِهِ (فَتَطَايَرَ) مِنْهُ شَيْءٌ فَأَهْلَكَ شَيْئًا (أَوْ حَفَرَ) فِيهِ (بِئْرًا أَوْ بَالُوعَةً فَتَنَدَّى جِدَارُ جَارِهِ) فَانْهَدَمَ (أَوْ غَارَتْ) بِذَلِكَ (بِئْرُهُ) أَيْ مَاؤُهَا (أَوْ تَغَيَّرَتْ) فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْمُلَّاكَ لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ بِخِلَافِ إشْرَاعِ الْجَنَاحِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ (لَمْ يَضْمَنْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ تَقَدَّمَ (فَإِنْ وَسَّعَ حَفَرَهَا أَوْ قَرَّبَهَا مِنْ الْجِدَارِ) أَيْ جِدَارِ جَارِهِ (خِلَافَ الْعَادَةِ أَوْ وَضَعَ فِي أَصْلِ جِدَارِ غَيْرِهِ سِرْجِينًا أَوْ لَمْ يَطْوِ بِئْرَهُ، وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ أَرْضِهَا (يَنْهَارُ) إذَا لَمْ تُطْوَ (ضَمِنَ) مَا هَلَكَ بِذَلِكَ لِتَقْصِيرِهِ.

(وَلَا يَضْمَنُ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ نَارٍ) أَوْقَدَهَا (فِي مِلْكِهِ وَطَرَفِ سَطْحِهِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَوْ عَلَى سَطْحِهِ (إلَّا إنْ أَوْقَدَ) هَا (وَأَكْثَرَ) فِي الْإِيقَادِ (خِلَافَ الْعَادَةِ أَوْ) أَوْقَدَهَا (فِي) يَوْمِ رِيحٍ (عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدٍ فَيَضْمَنُ كَطَرْحِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ (إلَّا) الْأَوْلَى لَا (إنْ عَصَفَ) الرِّيحُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِيقَادِ فَلَا يَضْمَنُ لِعُذْرِهِ نَعَمْ إنْ أَمْكَنَهُ إطْفَاؤُهُ فَتَرَكَهُ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَفِي عَدَمِ تَضْمِينِهِ نَظَرٌ.

(وَإِنْ سَقَى أَرْضَهُ كَالْعَادَةِ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْ جُحْرٍ) فَأَهْلَكَ شَيْئًا (لَمْ يَضْمَنْهُ إلَّا إنْ سَقَى فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ عَلِمَ) بِالْجُحْرِ (وَلَمْ يَحْتَطْ) فَيَضْمَنُ لِتَقْصِيرِهِ.

[فَصْلٌ كَانَ الْمِيزَابُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ خَارِجًا عَنْ الْجِدَارِ فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ فِيهِمَا إنْسَانٌ حُرٌّ]

(فَصْلٌ: إذَا كَانَ الْمِيزَابُ كُلُّهُ خَارِجًا) عَنْ الْجِدَارِ بِأَنْ سَمَّرَ عَلَيْهِ (أَوْ بَعْضُهُ دَاخِلًا) فِيهِ (وَبَعْضُهُ خَارِجًا) عَنْهُ فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ فِيهِمَا (إنْسَانٌ) حُرٌّ (لَزِمَهُ الدِّيَةُ) أَوْ غَيْرُهُ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ كَمَا فِي الْجَنَاحِ، وَكَمَا لَوْ طَرَحَ تُرَابًا فِي الطَّرِيقِ لِيُطَيِّنَ بِهِ سَطْحَهُ فَزَلَقَ بِهِ إنْسَانٌ، وَهَلَكَ، وَدَعْوَى ضَرُورَةِ الْبِنَاءِ إلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَتَّخِذَ لِمَاءِ السَّطْحِ بِئْرًا فِي دَارِهِ أَوْ يُجْرِيَ الْمَاءَ فِي أُخْدُودٍ فِي الْجِدَارِ (وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ، وَهَلَكَ بِالْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ أَوْ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا (أَوْ بِطَرَفِ الْكُلِّ لَزِمَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ) لِحُصُولِ التَّلَفِ مِنْ مَضْمُونٍ وَغَيْرِ مَضْمُونٍ، وَإِنْ زَادَتْ مِسَاحَةُ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّلَفَ حَصَلَ بِثِقَلِ الْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ فَسَدَ بِمَائِهِ) أَيْ الْمِيزَابِ (ثَوْبُ مَارٍّ ضَمِنَ) مَا نَقَصَ بِهِ (وَالضَّمَانُ بِالْجَنَاحِ كَهُوَ بِالْمِيزَابِ) فِيمَا فَصَّلَهُ آنِفًا.

(وَالْجِدَارُ إنْ بُنِيَ) أَيْ إنْ بَنَاهُ شَخْصٌ (مُسْتَوِيًا أَوْ مَائِلًا إلَى مِلْكِهِ) أَوْ مَوَاتٍ فَسَقَطَ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا (فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يُقَصِّرْ؛ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ الْمَائِلِ إلَيْهِ الْجِدَارُ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ كَانَ كَمَا لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْهَوَاءِ تَابِعَةٌ لِمَنْفَعَةِ الْقَرَارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. (وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ أَوْ إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ (ضَمِنَ) مَا تَلِفَ بِهِ، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ فِيهِ كَالسَّابَاطِ وَالْجَنَاحِ (فَإِنْ مَالَ الْمُسْتَوِي) إلَى ذَلِكَ أَوْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ (لَمْ يَضْمَنْهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ هَدْمُهُ) ، وَإِصْلَاحُهُ (وَأُمِرَ بِهِ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِهَدْمِهِ الْوَالِي أَوْ غَيْرُهُ إذْ لَا صُنْعَ لَهُ فِي الْبَلِّ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ وَنَحْوِهِ، وَكَمِلْكِ الْغَيْرِ الدَّرْبَ الْمُنْسَدَّ أَوْ نَحْوَهُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ مَسْجِدٌ أَوْ نَحْوُهُ فَهُوَ كَالشَّارِعِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَصْلٌ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فِي مِلْكِهِ أَيْ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ]

(قَوْلُهُ: كَمَنْ نَصَبَ فِيهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَنْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ لَهُ فَسَقَطَتْ إلَخْ) سَيَأْتِي بَيَانُ عَدَمِ الضَّمَانِ بِهَا فِي بَابِ حُكْمِ الصَّائِلِ

(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَفِي عَدَمِ تَضْمِينِهِ نَظَرٌ) لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ فِيمَا لَوْ بَنَى جِدَارَهُ مُسْتَوِيًا ثُمَّ مَالَ إلَى شَارِعٍ أَوْ مِلْكِ غَيْرِهِ، وَأَمْكَنَهُ هَدْمُهُ أَوْ إصْلَاحُهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ

(قَوْلُهُ: فَهَلَكَ بِالْخَارِجِ إنْسَانٌ لَزِمَهُ الدِّيَةُ) أَيْ، وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُ إلَى الشَّارِعِ إذَا كَانَ عَالِيًا لَا يَضُرُّ بِالْمَارِّ كَمَا فِي الْجَنَاحِ، وَقَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالْمُسْلِمِ، قَالَ فَيَمْتَنِعُ عَلَى الذِّمِّيِّ كَالْجَنَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ، قَالَ وَيُحْتَمَلُ تَرَتُّبُهُ عَلَى الْجَنَاحِ؛ لِأَنَّ الْجَنَاحَ يَمْشِي عَلَيْهِ الذِّمِّيُّ وَيَقْعُدُ وَيَنَامُ فَكَانَ أَشَدَّ مِنْ إعْلَاءِ بِنَائِهِ بِخِلَافِ الْمِيزَابِ، قَالَ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ، وَهَلَكَ بِالْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ إلَخْ) لَوْ سَقَطَ كُلُّ الْخَارِجِ وَبَعْضُ الدَّاخِلِ أَوْ عَكْسُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَسُقُوطِ كُلِّهِ، وَلَوْ سَقَطَ كُلُّهُ وَانْكَسَرَ نِصْفَيْنِ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ أَصَابَ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ أَصَابَ بِمَا كَانَ فِي الْجِدَارِ لَمْ يَضْمَنْ أَوْ بِالْخَارِجِ ضَمِنَ الْكُلَّ كَمَا، قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ، وَلَوْ نَامَ عَلَى طَرَفِ سَطْحِهِ فَانْقَلَبَ إلَى الطَّرِيقِ عَلَى مَارٍّ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنْ كَانَ سُقُوطُهُ بِانْهِيَارِ الْحَائِطِ مِنْ تَحْتِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَ لِتَقَلُّبِهِ فِي نَوْمِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ بِفِعْلِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ تُصُوِّرَ حُصُولُ التَّلَفِ بِسُقُوطِ الدَّاخِلِ فِي الْمِلْكِ دُونَ الْخَارِجِ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَتَشَطَّى ثُمَّ يَسْقُطَ فَيُصِيبَ الدَّاخِلَ بِمُفْرَدِهِ شَيْئًا دُونَ التَّشْطِيَةِ الْخَارِجَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَنْ الدَّاخِلَةِ، وَهَذَا صَحِيحٌ وَيَأْتِي فِي الْمِيزَابِ مِثْلُهُ (قَوْلُهُ: ثَوْبُ مَارٍّ) أَيْ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ مَا نَقَصَ بِهِ) فَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ وَبَعْضُهُ خَارِجًا، وَلَوْ اتَّصَلَ مَاؤُهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ، قَالَ الْغَزِّيِّ: فَالْقِيَاسُ التَّضْمِينُ أَيْضًا

(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكُهُ الْمَائِلُ إلَيْهِ الْجِدَارُ مُسْتَحَقًّا لِغَيْرِهِ إلَخْ) مَا تَفَقَّهَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِ بِحَفْرِهِ فِي مِلْكِهِ مُتَعَدِّيًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا إلَى شَارِعٍ) أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ دَرْبٍ مُشْتَرَكٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>