للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ.

(وَ) يُحَدُّ (مَنْ فِيهِ رِقٌّ) ، وَلَوْ مُبَعَّضًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ لِتَقَرُّرِ الْوَاجِبِ حِينَئِذٍ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ (، وَلَا يُحَدُّ أَصْلُ الْفَرْعِ) ، وَإِنْ سَفَلَ كَمَا لَا يُقَادُ بِهِ (وَإِنْ اسْتَحَقَّهُ) أَيْ الْفَرْعُ الْحَدَّ (بِإِرْثٍ) كَأَنْ وَرِثَ مِنْ أُمِّهِ حَدَّ قَذْفٍ عَلَى أَبِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَحُدُّهُ وَخَرَجَ بِالْحَدِّ التَّعْزِيرُ فَيَلْزَمُ الْأَصْلُ لِلْأَذَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ (وَيُعَزَّرُ بِهِ) أَيْ بِالْقَذْفِ (صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ مَيَّزَا) لِلزَّجْرِ وَالتَّأْدِيبِ.

(فَرْعٌ: هُوَ) أَيْ حَدُّ الْقَذْفِ (حَقُّ آدَمِيٍّ، وَقَدْ يُشْبِهُ الْحَدَّ) وَفِي نُسْخَةٍ وَفِيهِ شِبْهُ الْحَدِّ (مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) أَيْ الْمَقْذُوفَ (لَوْ اسْتَوْفَاهُ) بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَكُنْ سَيِّدَ الْقَاذِفِ (لَمْ يُجْزِهِ) ، وَإِنْ إذَنْ لَهُ الْقَاذِفُ كَجَلْدِ الزِّنَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ؛ لِأَنَّ مَوَاقِعَ الْجَلَدَاتِ وَالْإِيلَامِ بِهَا مُخْتَلِفٌ فَلَا يُؤْمَنُ مِنْ الْحَيْفِ فِيهَا (بِخِلَافِ الْمُقْتَصِّ) لَوْ اسْتَوْفَى قِصَاصَهُ بِنَفْسِهِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ الرَّعِيَّةِ زَانِيًا مُحْصَنًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُ وَاسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ مَعَ مَسْأَلَةِ السَّيِّدِ السَّابِقَةِ مَا لَوْ قَذَفَهُ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ بِلَا مُجَاوَزَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى أَخْذِهِ إذَا مُنِعَ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِقَذْفِهِ وَلِقَاذِفٍ يَجْحَدُ وَيَحْلِفُ (وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ) كَمَا مَرَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحَقًّا لِلْآدَمِيِّ (وَ) الْمُغَلَّبُ (فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ) إنَّمَا (يُسْتَوْفَى بِطَلَبِهِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَضَرِّرُ بِإِشَاعَةِ الْفَاحِشَةِ (وَيَسْقُطُ بِإِذْنِهِ) لِلْقَاذِفِ فِي الْقَذْفِ كَمَا فِي الْقَوَدِ (وَبِعَفْوِهِ) عَنْهُ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (لَا) بِعَفْوِهِ (بِمَالٍ) فَلَا يُسْقِطُ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَارِقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ هُنَا لَا يَقْتَضِي إبْطَالَهُ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَالْأَوْجَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْحَنَّاطِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الْمُلَقَّنِ، وَأَقَرَّهُ أَنَّهُ يَسْقُطُ لِلْعَفْوِ عَنْهُ لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَالَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (شَهِدَ بِالزِّنَا لَا الْإِقْرَارُ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَا، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِئَلَّا يَتَّخِذَ صُورَةَ الشَّهَادَةِ ذَرِيعَةً إلَى الْوَقِيعَةِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْإِقْرَارِ بِهِ إذْ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَقْرَرْت بِأَنَّك زَنَيْت، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الْقَذْفِ (لَا) إنْ شَهِدَ بِهِ (أَرْبَعَةٌ) فَلَا يُحَدُّونَ (وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ بِفِسْقٍ مَقْطُوعٍ بِهِ) كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَفَارَقَ مَا مَرَّ بِأَنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ مُتَيَقَّنٌ وَفِسْقُهُمْ إنَّمَا يُعْرَفُ بِالظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ رَدِّ شَهَادَتِهِمْ بِفِسْقٍ وَرَدِّهَا بِغَيْرِهِ كَعَدَاوَةٍ، وَلَا فِي الْفِسْقِ بَيْنَ الْمَقْطُوعِ بِهِ وَالْمُجْتَهَدِ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ.

(وَيُحَدُّ الْقَاذِفُ) لِمَنْ شَهِدَتْ الْأَرْبَعَةُ بِزِنَاهُ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّنَا، وَلَا مُعَارِضَ.

(ثُمَّ الزَّوْجُ) إنْ شَهِدَ بِزِنَا زَوْجَتِهِ (قَاذِفٌ لَهَا لَا شَاهِدٌ) فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ بِزِنَاهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ لِلتُّهْمَةِ (وَإِنْ شَهِدَ) عَلَيْهَا (مَعَ دُونِ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ (كَنِسَاءٍ، وَعَبِيدٍ وَذِمِّيِّينَ) شَهِدُوا بِزِنَا امْرَأَةٍ فَإِنَّهُمْ يُحَدُّونَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ فَلَمْ يَقْصِدُوا إلَّا الْعَارَ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ شُهُودٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

(وَإِنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ) فَأَقَلُّ بِالزِّنَا (فَحُدُّوا، وَأَعَادُوهَا مَعَ رَابِعٍ لَمْ تُقْبَلْ) شَهَادَتُهُمْ كَالْفَاسِقِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ثُمَّ يَتُوبُ وَيُعِيدُهَا لَا تُقْبَلُ (أَوْ) شَهِدَ لَهُ (عَبِيدٌ) وَحُدُّوا (فَأَعَادُوهَا بَعْدَ الْعِتْقِ قُبِلَتْ) لِعَدَمِ اتِّهَامِهِمْ.

(وَإِنْ شَهِدَ) بِهِ (خَمْسَةٌ فَرَجَعَ وَاحِدٌ) مِنْهُمْ عَنْ شَهَادَتِهِ (لَمْ يُحَدَّ) لِبَقَاءِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَلِأَنَّ الْقَذْفَ بِالزِّنَا أَقَلُّ مِنْ الزِّنَا فَكَانَ أَقَلَّ حَدًّا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ مَيَّزَا) ، وَلَوْ لَمْ يُتَّفَقْ تَعْزِيرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ عَلَى الْقَذْفِ حَتَّى بَلَغَ سَقَطَ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ مِثْلُهُ فِي الْمَجْنُونِ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ إذَا أَفَاقَ.

[فَرْعٌ حَدُّ الْقَذْفِ حَقُّ آدَمِيٍّ]

(قَوْلُهُ: لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِهِ ثُمَّ لَا يُحَدُّ حَتَّى يَبْرَأَ) فَلَوْ مَاتَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ اسْتَقَلَّ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِنْ كَانَ بِالْإِذْنِ فَلَا قِصَاصَ، وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِعَفْوِهِ بِمَالٍ، وَهُوَ جَاهِلٌ) بِبُطْلَانِ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا صَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ) عِبَارَتُهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ بِهَذِهِ الْمُصَالَحَةِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَادَهَا بِخِلَافِ الشُّفْعَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْحَقِّ فِي مِثْلِ هَذَا لَا يَقْتَضِي إبْطَالَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الْحَنَّاطِيُّ) الْأَوْجَهُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَنْ جَهِلَ بُطْلَانَ الْعَفْوِ بِمَالٍ، وَكَلَامُ الْحَنَّاطِيِّ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ فَسَاوَى النَّظِيرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْحَنَّاطِيِّ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ فَسَادَ الصُّلْحِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) ، وَجَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَّلِ بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ.

[فَصْلٌ شَهِدَ بِالزِّنَا لَا الْإِقْرَارُ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ]

(قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدَ بِالزِّنَا لَا بِالْإِقْرَارِ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا) بِخِلَافِ شَاهِدِ الْجُرْحِ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَاذِفٍ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ كِفَايَةً أَوْ عَيْنًا، وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّابِعِ الشَّهَادَةُ لِدَفْعِ الْحَدِّ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مُحْصَنًا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ حَدَّ ثَلَاثَةٍ أَيْسَرُ مِنْ قَتْلِ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ لَزِمَهُ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ حَدَّ وَاحِدٍ أَوْلَى مِنْ الثَّلَاثَةِ كَذَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَلَدَ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ إلَخْ) الْجَوَابُ عَنْ قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ كَانَ يَرَى نِكَاحَ السِّرِّ وَفَعَلَهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَيُرْوَى أَنَّهُ كَانَ يَتَبَسَّمُ عِنْدَ شَهَادَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنِّي أَعْجَبُ مِمَّا أُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَهُ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ فَقِيلَ وَمَا تَفْعَلُ، قَالَ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا زَوْجَتِي

(قَوْلُهُ: وَإِذَا شَهِدَ ثَلَاثَةٌ فَحُدُّوا، وَأَعَادُوهَا مَعَ رَابِعٍ لَمْ تُقْبَلْ) حَيْثُ حُدُّوا لِنَقْصِ الْعَدَدِ أَوْ الْوَصْفِ فَأَعَادُوهَا فَالْقِيَاسُ قَبُولُهَا مِمَّنْ لَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فِي الْحَالِ ثُمَّ أَعَادَهَا لَقُبِلَتْ دُونَ غَيْرِهِ. (تَنْبِيهٌ) وَإِذَا جُلِدَ رَجُلٌ بِالزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ أَوْ غَيْرِهِمَا حَرُمَ أَنْ تُرْبَطَ يَدَاهُ أَوْ رِجْلَاهُ وَيُفَرَّقُ الضَّرْبُ عَلَيْهِ، وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُ وَجْهِهِ وَخَوَاصِرِهِ، وَقَرِيبٍ مِنْ ذَكَرِهِ وَأُنْثَيَيْهِ وَيُضْرَبُ قَائِمًا وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً مَسْتُورَةً بِثَوْبٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>