للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَاعَ مُدَّ حِنْطَةٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ أَوْ مِلْحٍ جَازَ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَشَرَطَ) فِيهِ (التَّقَابُضَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ) هَذَا مَعَ شُرُوطِهِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيَذْكُرْ اشْتِرَاطَ الْحُلُولِ (وَلَوْ بَاعَ صَاعَ بُرٍّ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ مُخْتَلَطًا بِمِثْلِهِ جَازَ وَكَذَا) يَجُوزُ بَيْعُهُ (بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ إذْ التَّوْزِيعُ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ) وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَظْهَرْ فِي الْمِكْيَالِ وَلِخَلْطِ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِالْآخَرِ ضَابِطٌ يَأْتِي قَرِيبًا

(فَرْعٌ وَإِنْ) (بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ) بِضَمِّ الزَّايِ حَبٌّ أَسْوَدُ دَقِيقٌ (أَوْ مَدَرٌ) أَيْ طِينٌ صَغِيرٌ نَاشِفٌ أَوْ عُقْدَتَيْنِ (أَوْ شَعِيرٌ بِحَيْثُ لَوْ مُيِّزَ أَثَّرَ فِي النَّقْصِ لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بَعْضَ الْمِكْيَالِ بِخِلَافِ مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَلَا يَضُرُّ قَلِيلُ تُرَابٍ وَ) لَا (دِقَاقُ تِبْنٍ) لِدُخُولِهِمَا فِي تَضَاعِيفِ الْحِنْطَةِ فَلَا يَظْهَرَانِ فِي الْمِكْيَالِ (وَيَضُرُّ مِثْلُهُ فِي الْوَزْنِ) لِأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَإِنْ بَاعَ حِنْطَةً بِشَعِيرٍ وَفِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا حَبَّاتٌ مِنْ الْآخَرِ) بِحَيْثُ (لَا يَقْصِدُ إخْرَاجَهُ) أَيْ إخْرَاجَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَبَّاتِ (لِيُسْتَعْمَلَ شَعِيرًا أَوْ حِنْطَةً لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا ضَرَّ) وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْكَيْلِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَلَا بِتَمَوُّلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَإِطْلَاقُهُمْ بُطْلَانِ بَيْعِ الْهَرَوِيِّ وَهُوَ نَقْدٌ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَحَدِ التِّبْرَيْنِ عَلَى الْخُلُوصِ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَثُرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْأَوْجَهُ بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا وَإِنْ قَلَّ يُؤَثِّرُ فِي الْوَزْنِ بِخِلَافِ الْكَيْلِ (وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ بِشَعِيرٍ فِي سُنْبُلِهِ) لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ

[فَرْعٌ بَاعَ دَارًا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ]

(فَرْعٌ) لَوْ (بَاعَ دَارًا وَقَدْ ظَهَرَ بِهَا مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ لَمْ يَصِحَّ) لِلرِّبَا لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ مَقْصُودٌ بِالْمُقَابَلَةِ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ (فَلَوْ ظَهَرَ) بِهَا الْمَعْدِنُ (بَعْدَ الشِّرَاءِ) جَازَ لِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً فَإِنْ قُلْت لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا قُلْت لَا أَثَرَ لَهُ فِي غَيْرِ التَّابِعِ أَمَّا التَّابِعُ فَقَدْ يَتَسَامَحُ بِجَهْلِهِ وَالْمَعْدِنُ مِنْ تَوَابِعِ الْأَرْضِ كَالْحَمْلِ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ جَوَازُ الْبَيْعِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ ذَاتِ لَبَنٍ بِذَاتِ لَبَنٍ وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ اللَّبَنَ فِي الضَّرْعِ كَهُوَ فِي الْإِنَاءِ بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ ذَاتَ اللَّبَنِ الْمَقْصُودُ مِنْهَا اللَّبَنُ وَالْأَرْضُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْمَعْدِنَ (أَوْ اشْتَرَى دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرُ مَاءٍ جَازَ) لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ بِهِ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى مَقْصُودِ الدَّارِ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْقَصْدِ إلَيْهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْمَعْدِنِ الْمَعْلُومِ وَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ تَابِعًا بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهُ مَقْصُودًا فِي نَفْسِهِ حَتَّى يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ دَارٍ فِيهَا بِئْرُ مَاءٍ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى بَيْعِهِ لِاخْتِلَاطِ الْمَاءِ الْمَوْجُودِ لِلْبَائِعِ بِمَا يَحْدُثُ لِلْمُشْتَرِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ بِالْإِضَافَةِ اُغْتُفِرَ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقْصُودٌ فِي نَفْسِهِ اُعْتُبِرَ التَّعَرُّضُ لَهُ فِي الْبَيْعِ لِيَدْخُلَ فِيهِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ أَنَّ التَّابِعَ إذَا صُرِّحَ بِهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَالْحَمْلِ وَلَوْ سَلَّمَ عَدَمَ سُقُوطِهِ بِهِ فَمَنْقُوضٌ بِبَيْعِ الْخَاتَمِ وَفَصِّهِ وَبِبَيْعِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا الْمُتَّصِلَةِ بِهَا مِنْ سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ (لَا) إنْ اشْتَرَى (دَارًا مُوِّهَتْ) أَيْ مُمَوَّهَةً (بِذَهَبٍ) تَمْوِيهًا (يَتَحَصَّلُ مِنْهُ) شَيْءٌ (بِذَهَبٍ) فَلَا يَصِحُّ لِلرِّبَا

(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ (تُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ حَالَ الْكَمَالِ) لِلرِّبَوِيِّ وَذَلِكَ (بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَتَنْقِيَةِ الْحُبُوبِ) تَنْقِيَتُهَا شَرْطٌ لِلْمُمَاثَلَةِ لَا لِلْكَمَالِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِجَفَافِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ (وَبَقَاءُ الْهَيْئَةِ) فِيهِمَا وَفِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ يَكُونَ الرِّبَوِيُّ مُتَهَيِّئًا لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْهُ كَاللَّبَنِ أَوْ كَوْنِهِ بِهَيْئَةٍ يَتَأَتَّى مَعَهُ ادِّخَارُهُ كَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ فَقَدْ «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرَّطْبُ إذَا يَبِسَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إذًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ وَقِيسَ بِالرَّطْبِ سَائِرُ الْمَطْعُومَاتِ الرِّبَوِيَّةِ (فَلَا يُبَاعُ رَطْبُهَا بِرَطْبِهَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ فِيهِمَا (مُطْلَقًا) أَيْ (سَوَاءٌ كَانَ لَهَا حَالَةُ جَفَافٍ) كَتِينٍ وَمِشْمِشٍ وَخَوْخٍ وَرُمَّانٍ حَامِضٍ وَبِطِّيخٍ وَكُمَّثْرَى يُفْلَقَانِ (أَمْ لَا) كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِهِ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِجَهْلِ قَدْرِ النَّقْصِ (وَلَا) يُبَاعُ (رَطْبُهَا بِيَابِسِهَا) لِذَلِكَ (إلَّا فِي) صُورَةِ (الْعَرَايَا) لِلرُّخْصَةِ فِيهَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّتْ حَبَّاتُ الْآخَرِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ وَتَعْلِيلِهِمْ التَّقْيِيدَ بِمَا ذَكَرَهُ كَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَوْجُودَةٌ مَعَ كَثْرَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فِي مَسْأَلَتِنَا بِخِلَافِ تِلْكَ

[فَرْعٌ بَاعَ حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا زُوَانٌ]

(قَوْلُهُ فِي بَابِ الْأَلْفَاظِ الْمُطْلَقَةِ) عِبَارَتُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا فِيهِ مَعْدِنُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا (قَوْلُهُ فَالْمُقَابَلَةُ بَيْنَ الدَّارِ وَالذَّهَبِ خَاصَّةً) وَمَا فِي تُخُومِ الْأَرْضِ غَيْرِ مَلْمُوحٍ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يُعَدُّ مُفْسِدًا وَمِثْلُهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا بِمَاءٍ عَذْبٍ فَظَهَرَ مِنْهَا الْمَاءُ الْعَذْبُ بِالْحَفْرِ (قَوْلُهُ لَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ بِالْمُفْسِدِ فِي بَابِ الرِّبَا) مَمْنُوعٌ فَإِنَّ لِلْجَهْلِ أَثَرًا فِي تَصْحِيحِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ صُبْرَةً تَحْتَهَا دَكَّةٌ بَطَلَ الْعَقْدُ إنْ عَلِمَ بِهَا وَإِنْ جَهِلَ صَحَّ وَيَتَخَيَّرُ وَأَيْضًا فَالْإِبْطَالُ إنَّمَا حَصَلَ فِي بَيْعِ مَا فِيهِ مَعْدِنُ الذَّهَبِ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِ لِأَجْلِ مُقَابَلَتِهِ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ قَصْدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ فَإِنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ مُقَابَلَةَ الدَّارِ لَا غَيْرُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا بِئْرُ مَاءٍ) أَيْ عَذْبٍ فَإِنْ كَانَ مَالُهَا فَلَا رِبَا فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوبٍ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَابِعٌ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ وَاحِدٌ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يَمْتَنِعُ فَلَا يَجْعَلْ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ وَلَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ وَفِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ إلَخْ) أَمَّا إذَا لَمْ يَتَحَصَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَصِحُّ

[فَصْلٌ بَيَانِ الْحَالِ الَّذِي تُعْتَبَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْبَيْع]

(قَوْلُهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْجَفَافِ) وَإِلَّا فَالنُّقْصَانُ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>