للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّابَّةِ (لِنَافِلَةٍ وَأَكْلٍ وَشُرْبٍ) وَنَحْوِهَا لِإِمْكَانِهِمَا عَلَى الدَّابَّةِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِيقَافِهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَالْفَصِيحُ وَقْفُهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ (وَعَلَيْهِ فِي الْتِزَامِ الْحَمْلِ الرَّفْعُ وَالْحَطُّ) لِلْحِمْلِ (وَالْحِفْظُ) لِلْمَتَاعِ (فِي الْمَنَازِلِ) كَالْوِعَاءِ (وَلَوْ آجَرَهُ عَيْنَ الدَّابَّةِ فَالْوَاجِبُ) عَلَيْهِ (التَّخْلِيَةُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِمَّا مَرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا.

(فَرْعٌ وَلْيَتَوَسَّطْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ شَدَّيْنِ) لِلْمَحْمِلِ أَوْ نَحْوِهِ (وَجُلُوسَيْنِ يَضُرُّ أَحَدُهُمَا بِالرَّاكِبِ وَالْآخَرُ بِالدَّابَّةِ) فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الرَّحْلِ أَمَكْبُوبًا أَوْ مُسْتَلْقِيًا أَوْ فِي كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ اُعْتُبِرَ الْوَسَطُ وَالْمَكْبُوبُ قِيلَ جَعْلُ مُقَدَّمِ الْمَحْمِلِ أَوْ الزَّامِلَةِ أَوْسَعَ مِنْ الْمُؤَخَّرِ وَالْمُسْتَلْقِي عَكْسُهُ وَقِيلَ الْمَكْبُوبُ أَنْ يُضَيَّقَ الْمُقَدَّمُ وَالْمُؤَخَّرُ جَمِيعًا وَالْمُسْتَلْقِي أَنْ يُوَسَّعَا جَمِيعًا وَعَلَى التَّفْسِيرَيْنِ الْمَكْبُوبُ أَسْهَلُ عَلَى الدَّابَّةِ وَالْمُسْتَلْقِي أَسْهَلُ عَلَى الرَّاكِبِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ (وَلَيْسَ لَهُ النَّوْمُ عَلَيْهَا) فَلِلْمُؤَجِّرِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّ النَّائِمَ يَثْقُلُ فَلَا يُحْتَمَلُ (فِي غَيْرِ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ، وَعَلَى الْقَوِيِّ النُّزُولُ) عَنْ الدَّابَّةِ (إنْ اُعْتِيدَ فِي الْعِقَابِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَقَبَةٍ أَيْ فِي الْعَقَبَاتِ (الصَّعْبَةِ) لِإِرَاحَةِ الدَّابَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ فِيهَا إنْ لَمْ يُعْتَدْ وَلَا فِي غَيْرِهَا وَإِنْ اُعْتِيدَ (لَا) عَلَى (الضَّعِيفِ) كَالشَّيْخِ الْعَاجِزِ (وَالْمَرْأَةِ وَذَوِي الْمَنْصِبِ) الَّذِي يُخِلُّ الْمَشْيُ بِمُرُوءَتِهِمْ عَادَةً (إلَّا بِالشَّرْطِ) لِلنُّزُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ مَا ذُكِرَ بَلْ يُتَّبَعُ فِيهِ الشَّرْطُ.

[فَرْعٌ اكْتَرَى دَابَّةً لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا إلَى بَلَدٍ أَوْصَلَهُ الْعُمْرَانَ]

(فَرْعٌ وَإِنْ اكْتَرَى) دَابَّةً لِلرُّكُوبِ عَلَيْهَا (إلَى بَلَدٍ أَوْصَلَهُ الْعُمْرَانَ) إنْ لَمْ يَكُنْ سُورٌ وَإِلَّا أَوْصَلَهُ السُّورَ (لَا الْمَنْزِلَ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ الْبَلَدُ صَغِيرًا تَتَقَارَبُ أَقْطَارُهُ فَيُوصِلُهُ الْمَنْزِلَ (أَوْ) لِلرُّكُوبِ (إلَى مَكَّةَ لَمْ يُتِمَّ الْحَجَّ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ (أَوْ) لِلرُّكُوبِ (لِلْحَجِّ رَكِبَ إلَى مِنًى ثُمَّ) إلَى (عَرَفَةَ ثُمَّ) إلَى (مُزْدَلِفَةَ ثُمَّ) إلَى (مِنًى ثُمَّ) إلَى (مَكَّةَ لِلْإِفَاضَةِ) أَيْ طَوَافِهَا (وَكَذَا) يَرْكَبُهَا مِنْ مَكَّةَ رَاجِعًا (إلَى مِنًى لِلرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ) بِهَا لِأَنَّ الْحَجَّ لَمْ يَفْرُغْ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَلَّلَ وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ الْمَبِيتِ بِالطَّوَافِ سَهْوٌ (وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُتَكَارِيَيْنِ (فِرَاقُ الْقَافِلَةِ) بِتَقَدُّمٍ أَوْ تَأَخُّرٍ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَحْشَةِ.

(فَرْعٌ وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) فَلَا تُبْدَلُ لِفَوَاتِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَتْ بِعَشَوَانٍ) أَيْ بِعَدَمِ إبْصَارِهَا بِاللَّيْلِ وَلَفْظُ عَشَوَانٍ لَا أَحْفَظُهُ وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ: الْعَشَا مَقْصُورٌ مَصْدَرُ الْأَعْشَى وَهُوَ الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ (وَعَرَجٍ مُعَوِّقٍ) لَهَا عَنْ السَّيْرِ مَعَ الْقَافِلَةِ (وَنَحْوِهِ) كَتَعَثُّرِهَا تَعَثُّرًا غَيْرَ مُعْتَادٍ وَهَذَا الْفَسْخُ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا سَيَأْتِي (لَا) مُجَرَّدِ (خُشُونَةِ مَشْيٍ) وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَجَعَلَهُ عَيْبًا وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي عَيْبِ الْمَبِيعِ انْتَهَى.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْدُودَ ثَمَّ لَيْسَ مُجَرَّدَ الْخُشُونَةِ بَلْ خُشُونَةً يُخْشَى مِنْهَا السُّقُوطَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ هُنَا مَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَنْفَعَةِ تَأْثِيرًا يَظْهَرُ بِهِ تَفَاوُتٌ فِي الْأُجْرَةِ لَا فِي الْقِيمَةِ لِأَنَّ مَوْرِدَ الْعَقْدِ الْمَنْفَعَةُ (وَ) الدَّابَّةُ (الْمُلْتَزَمَةُ فِي الذِّمَّةِ يُبْدِلُهَا) الْمُؤَجِّرُ (لِلتَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ) أَيْ لِأَحَدِهِمَا لِيَتَمَكَّنَ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَكَمَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ وَهَذَا غَيْرُ سَلِيمٍ فَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ رَجَعَ إلَى مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ نَعَمْ لَوْ عَجَزَ عَنْ إبْدَالِهَا فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ (لَا) إبْدَالَهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا عَنْ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ (بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْتَرِي) لِأَنَّ لَهُ فِيهَا حَقًّا (إذْ لِلْمُكْتَرِي تَأْجِيرُهَا) أَيْ إجَارَتُهَا (بَعْدَ قَبْضِهَا وَ) لَهُ (الِاعْتِيَاضُ عَنْ مَنْفَعَتِهَا) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ حَقٍّ فِي عَيْنٍ (لَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَمَّا الْتَزَمَهُ لَهُ) الْمُكْرِي (لِأَنَّهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (كَالسَّلَمِ) وَهُوَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ فِيهِ.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: فَالْوَاجِبُ التَّخْلِيَةُ) الْمُرَادُ بِالتَّخْلِيَةِ التَّمْكِينُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ قَبْضَهَا بِالتَّخْلِيَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَبْضَ الْمَبِيعِ فَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الدَّابَّةِ سَوْقُهَا، أَوْ قَوْدُهَا زَادَ النَّوَوِيُّ وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَى تَسْلِيمِهَا) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ إجَارَةِ عَيْنٍ، أَوْ ذِمَّةٍ لَزِمَهُ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الرُّكُوبِ فَعَلَيْهِ تَهْيِئَةُ أَسْبَابِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ عَلَى عَيْنِ دَابَّةٍ لَا تَتَوَقَّفُ الْمَنْفَعَةُ الْمَعْقُودُ لَهَا عَلَى شَيْءٍ، أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا عُرْيًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ تَسْلِيمِهَا.

[فَرْعٌ كَيْفِيَّةِ الْجُلُوسِ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّابَّةِ]

(قَوْلُهُ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إنْ كَانَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ حَطَبٍ إلَى دَارِهِ وَأَطْلَقَ لَمْ يَلْزَمْهُ إطْلَاعُهُ السَّقْفَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إدْخَالُهُ الدَّارَ، وَالْبَابُ ضَيِّقٌ أَوْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ؟ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا وَلَوْ ذَهَبَ مُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةِ بِهَا وَالطَّرِيقُ آمِنٌ فَحَدَثَ خَوْفٌ فَرَجَعَ بِهَا ضَمِنَ، أَوْ مَكَثَ هُنَاكَ يَنْتَظِرُ الْأَمْنَ لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ مُدَّتُهُ وَلَهُ حِينَئِذٍ حُكْمُ الْوَدِيعِ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ قَارَنَ الْخَوْفُ الْعَقْدَ فَرَجَعَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ إنْ عَرَفَهُ الْمُؤَجِّرُ وَإِنْ ظَنَّ الْأَمْنَ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ تَضْمِينِهِ (قَوْلُهُ: وَتَعْبِيرُ الْأَصْلِ بَدَلَ " الْمَبِيتِ " بِالطَّوَافِ سَهْوٌ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ طَوَافُ الْوَدَاعِ وَالتَّقْدِيرُ وَعَائِدٌ إلَى مَكَّةَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْحَجِّ وَوَاقِعٌ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَقَوْلُهُ: إنَّهُ سَهْوٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ مُرَادُهُ بِالطَّوَافِ طَوَافُ الْوَدَاعِ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى، وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَطَوَافَ الْوَدَاعِ وَإِنْ كَانَتْ تُفْعَلُ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ فَهِيَ مِنْ تَوَابِعِ الْحَجِّ وَلِهَذَا اُخْتُلِفَ فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ هَلْ هُوَ مِنْ الْمَنَاسِكِ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ مَأْخَذُ الْخِلَافِ هُنَا.

[فَرْعٌ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ]

(قَوْلُهُ: وَتَنْفَسِخُ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ) وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ لَا يَجُوزُ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ عَنْ الْأَجِيرِ غَيْرُهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِنَابَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَسْخُ إنْ تَعَيَّبَ) شَمِلَ الْعَيْبَ الْقَدِيمَ وَالْحَادِثَ لِتَضَرُّرِهِ بِالْبَقَاءِ وَوَجْهُهُ فِي الْحَادِثِ أَنَّ الْمَنَافِعَ الْمُسْتَقْبَلَةَ لَمْ تُقْبَضْ بَعْدُ فَهُوَ قَدِيمٌ بِالْإِضَافَةِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الصِّحَاحِ إلَخْ) وَفِيهَا أَيْضًا وَالْعَشْوَاءُ النَّاقَةُ الَّتِي لَا تُبْصِرُ أَمَامَهَا فَهِيَ تَخْبِطُ بِيَدَيْهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>