للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَإِلَّا فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ (وَكَذَا عَكْسُهُ) بِأَنْ عَقَدَ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ كَ سَاقَيْتُكَ لِتَتَعَهَّدَ نَخِيلِي بِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمُسَاقَاةِ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ هَذَا إذَا قَصَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ الْمُسَاقَاةَ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِجَارَةُ بِشُرُوطِهَا كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ) الْمَوْجُودَةِ (أَوْ كُلِّهَا مَعَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ) وَإِنْ كَانَ نِصْفُهَا فِي الْأُولَى شَائِعًا (وَكَذَا قَبْلَهُ) لَكِنْ (بِشَرْطِ الْقَطْعِ) لِلنِّصْفِ، أَوْ الْكُلِّ (وَلَمْ يَكُنْ) أَيْ النِّصْفُ (شَائِعًا) كَأَنْ شَرَطَ لَهُ ثَمَرَةً مُعَيَّنَةً (صَحَّ) فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً، أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَكِنْ شَرَطَ نِصْفًا شَائِعًا لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فِي الثَّانِيَةِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ شَرْطَ الْأُجْرَةِ أَنْ تَكُونَ فِي الذِّمَّةِ، أَوْ مَوْجُودَةً مَعْلُومَةً كَمَا سَيَأْتِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَعَذُّرِ قَطْعِ الشَّائِعِ وَحْدَهُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ بَيْعٌ لَا إفْرَازٌ وَإِلَّا فَذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ قِسْمَتَهَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ وَلَوْ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إذَا قُلْنَا إنَّهَا إفْرَازٌ وَهَذَا جَازَ فِي سَائِرِ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ وَذِكْرُ النِّصْفِ مِثَالٌ فَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ كَذَلِكَ.

(وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك بِالنِّصْفِ) مَثَلًا (لِيَكُونَ أَجْرُهُ لَك لَمْ يَضُرَّ) لِسَبْقِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ.

(وَلَوْ سَاقَاهُ وَلَمْ يُفَصِّلْ الْأَعْمَالَ صَحَّ وَيُحْمَلُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ عَلَى عُرْفِهَا) الْغَالِبِ (إنْ عَرَفَاهُ) إذْ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ فَإِنْ جَهِلَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَجَبَ التَّفْصِيلُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي، وَإِنْ عُقِدَ بِغَيْرِ لَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَّا فِي لَفْظِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ يُشِيرُ إلَيْهِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قَالَ خُذْ فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْحِ الْأَعْمَالِ الَّتِي عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ قَالَ سَاقَيْتُك فَلَا حَاجَةَ إلَى تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ، وَإِنْ قَالَ عَامَلْتُك فَفِي التَّفْصِيلِ تَرَدُّدٌ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ.

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا وَيَجْمَعُهَا حُكْمَانِ الْأَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا فَكُلُّ مَا يُحْتَاجُ) إلَيْهِ (لِتَنْمِيَةِ الثَّمَرَةِ وَيَتَكَرَّرُ كُلَّ سَنَةٍ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ كَالسَّقْيِ، وَإِصْلَاحِ مَجَارِيهِ) أَيْ الْمَاءِ (وَالْأَجَاجِينِ) الَّتِي يَقِفُ فِيهَا الْمَاءُ حَوْلَ الشَّجَرِ (وَتَنْقِيَةِ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ) مِنْ الطِّينِ وَنَحْوِهِ (وَإِدَارَةِ الدُّولَابِ وَفَتْحِ رَأْسِ السَّاقِيَةِ) أَيْ الْقَنَاةِ (وَسَدِّهَا) عِنْدَ السَّقْيِ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ (وَتَقْلِيبِ الْأَرْضِ بِالْمَسَاحِي وَكِرَابِهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ أَيْ قَلْبِهَا لِلْحَرْثِ (فِي الزِّرَاعَةِ وَتَقْوِيَتِهَا بِالزِّبْلِ إنْ اُعْتِيدَ وَالتَّلْقِيحِ وَقَطْعِ) الْمُضِرِّ بِالشَّجَرِ مِنْ (الْحَشِيشِ) وَنَحْوِهِ كَالْقُضْبَانِ (وَالْجَرِيدِ وَصَرْفِهِ) عَنْ وُجُوهِ الْعَنَاقِيدِ لِتُصِيبَهَا الشَّمْسُ وَلِيَتَيَسَّرَ قَطْعُهَا عِنْدَ الْإِدْرَاكِ (عَلَى الْعَامِلِ وَكَذَا التَّعْرِيشُ لِلْعِنَبِ وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ) عَلَى الشَّجَرِ، وَفِي الْبَيْدَرِ عَنْ السَّرِقَةِ وَالشَّمْسِ وَالطُّيُورِ وَالذَّنَابِيرِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ فَوْقَهَا حَشِيشًا أَوْ نَحْوَهُ فِي الْأُولَتَيْنِ وَأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ عُنْقُودٍ فِي وِعَاءٍ كَقَوْصَرَّةٍ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ (وَالْجِدَادُ وَتَجْفِيفُ الثَّمَرِ إنْ اُعْتِيدَ) كُلٌّ مِنْ التَّعْرِيشِ وَمَا بَعْدَهُ (أَوْ شَرَطَ) عَلَى الْعَامِلِ وَذِكْرُ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ الْأَخِيرِ وَالِاعْتِيَادِ فِي الْحِفْظِ وَالْجِدَادِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَأَنَّهُ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ تَصْحِيحَ وُجُوبِ التَّجْفِيفِ عَلَى الْعَامِلِ بِذَلِكَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ؛ إذْ النَّافِي لِوُجُوبِهِ لَا يَسَعُهُ مُخَالَفَةُ الْعَادَةِ أَوْ الشَّرْطِ فَمَحَلُّ التَّصْحِيحِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا (وَإِذَا لَزِمَ) التَّجْفِيفُ (وَجَبَ تَسْوِيَةُ الْبَيْدَرِ) وَالْمُرَادُ بِهِ الْجَرِينُ (وَنَقْلُهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (إلَيْهِ وَتَقْلِيبُهَا فِي الشَّمْسِ) وَقَوْلُهُ (وَصَوْنُهَا عَنْ الشَّمْسِ) فِيهِ إقَامَةُ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (إنْ اُحْتِيجَ) إلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ حِفْظُ الثَّمَرَةِ وَجِدَادُهَا الْعَامِلَ دُونَ الْمَالِكِ كَالْمَذْكُورَانِ قَبِلَهُمَا لِأَنَّهُمَا مِنْ صَلَاحِ الثَّمَرَةِ (وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ) لَا عَلَى الْعَامِلِ؛ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْعَمَلُ (كَطَلْعِ التَّلْقِيحِ وَقَصَبِ التَّعْرِيشِ) .

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

فِي بَابِهِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي نَاوِيًا الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ وَيَقَعُ الظِّهَارُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَمَسْأَلَتُنَا مِنْ ذَلِكَ. اهـ. وَالصَّوَابُ مَا صَحَّحُوهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَمَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي هُوَ أَنَّ لَفْظَ الظِّهَارِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ تَصَوُّرُهُ فِي حَقِّ الْأَمَةِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ حُمِلَ عَلَى الْكِنَايَةِ بِإِرَادَةِ الْمُكَلَّفِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَأَمَّا لَفْظُ الْإِجَارَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ، وَإِيقَاعُهُ إجَارَةً بِأَنْ يَذْكُرَ عِوَضًا مَعْلُومًا فَعُدُولُ الْمُكَلَّفِ عَنْ الْعِوَضِ الصَّحِيحِ إلَى الْفَاسِدِ دَلِيلُ الْإِلْغَاءِ وَلَا ضَرُورَةَ بِنَا إلَى حَمْلِهِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْفَسَادِ فَلَا يَكُونُ إعْمَالُهُ فِي غَيْرِهِ مَعَ إمْكَانِ تَصْحِيحِهِ إجَارَةً وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَأَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ لِتَخْرُجَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ وَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِلَا ثَمَنٍ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا عَكْسُهُ) لَفْظُ الْإِجَارَةِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يَقْبَلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالصَّرِيحُ إنَّمَا يَكُونُ كِنَايَةً بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ لَا يَجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ وَالثَّانِي أَنْ يَقْبَلَهُ الْعَقْدُ الْمَنْوِيُّ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِسْمَتَهُمَا عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا جَائِزٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: إذَا قُلْنَا: إنَّهَا إفْرَازٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَذْكُورَ يَجْرِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي إلَخْ) فَإِنَّهُ قَيَّدَ تَرْجِيحَ عَدَمِ وُجُوبِ تَفْصِيلِ الْأَعْمَالِ بِمَا إذَا عُقِدَ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاقْتَضَى الْوُجُوبَ إذَا عُقِدَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ نَقَلَ الْقَيْدَ الْمَذْكُورَ عَنْ الْإِمَامِ

[الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْمُسَاقَاة وَيَجْمَعُهَا حُكْمَانِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا)

(قَوْلُهُ: كَالسَّقْيِ) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا مَا يُشْرَبُ بِعُرُوقِهِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْمَاوَرْدِيُّ أَوْجَهُهَا جَوَازُ شَرْطِ ذَلِكَ عَلَى الْمَالِكِ وَعَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ أُطْلِقَ صَحَّ وَكَانَ عَلَى الْعَامِلِ كَمَا حَكَاهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ النَّصِّ.

(قَوْلُهُ: وَحِفْظُ الثَّمَرَةِ عَلَى الشَّجَرِ إلَخْ) لَوْ لَمْ تُحْفَظْ بِالْعَامِلِ لِكَثْرَةِ السُّرَّاقِ، أَوْ لِكِبَرِ الْبُسْتَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَاَلَّذِي يَقْوَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتَرِيَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بَلْ عَلَى الْمَالِكِ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ. مَا ذَكَرَهُ مَرْدُودٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الْأَعْيَانُ الَّتِي يُوَفَّى بِهَا الْعَمَلُ كَالْفَأْسِ وَالْمِنْجَلِ وَالْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ بِهَا، وَيُدَارُ بِهَا الدُّولَابُ، وَالْبَذْرُ، وَخَرَاجُ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>