الْوَرَثَةِ وَتَبِعَ فِي هَذَا أَصْلَهُ وكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ أَيْضًا لَا لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ لِعَدَمِ اطِّرَادِهِ بَلْ لِيُقَلِّلَ الْمَأْخُوذَ فَيَقُولُ وَإِنْ دَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ لِعَدَمِ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِنَّ وَمَهْرِ مِثْلِ مَنْ عَدَاهُنَّ مِمَّنْ دَخَلَ بِهِنَّ فَلَوْ دَخَلَ بِثَلَاثٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ ثَلَاثٍ وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ أَرْبَعُمِائَةٍ وَلَوْ دَخَلَ بِسَبْعٍ أَخَذَ مُسَمَّى أَرْبَعٍ وَمَهْرَ مِثْلِ سِتٍّ وَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ نُعْطِي الْمَدْخُولَ بِهِنَّ نِصْفَهَا وَنُوقِفُ نِصْفَهَا وَلَوْ عَمِلْنَا بِمَا فِي الْكِتَابِ أُخِذَ أَلْفٌ فِي الْمِثَالَيْنِ نُعْطِي مِنْهُ الْمَدْخُولَ بِهِنَّ فِي الْأَوَّلِ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَتُوقَفُ ثَمَانُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَفِي الثَّانِي ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَيُوقَفُ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ (وَقَوْلُ ابْنِ الْحَدَّادِ) السَّابِقُ (هُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ قَرِيبًا) فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الرَّابِعِ (مِنْ أَنَّهُ إذَا) وَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدَانِ وَقَدْ (جُهِلَ السَّابِقُ بَطَلَ الْعَقْدُ) الصَّادِقُ بِالْعَقْدَيْنِ (وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا قَدْ أُشْكِلَ هُنَا) كَمَا مَرَّ (وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ وَاحِدَةٌ وَالزَّوْجُ مُتَعَدِّدٌ وَلَمْ يُعْهَدْ جَوَازُهُ أَصْلًا بَلْ مَمْنُوعٌ مِنْهُ وَهُنَا بِالْعَكْسِ وَقَدْ عُهِدَ جَوَازُهُ فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ فِي ذَاكَ.
(النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرِّ ثَلَاثًا) فِي نِكَاحٍ أَوْ أَنْكِحَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ (حَرُمَتْ عَلَيْهِ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ) لَمْ يُنْزِلْ أَوْ (بَقِيَ) مِنْ ذَكَرِهِ بَعْدَ قَطْعِهَا (أَكْثَرُ) مِنْ قَدْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَغْيِيبُ جَمِيعِ الْبَاقِي وَلْتَكُنْ غَيْبَةُ ذَلِكَ (فِي قُبُلِهَا) لَا فِي غَيْرِهِ كَدُبُرِهَا كَمَا لَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْصِينُ (فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) لَا فِي غَيْرِهِ كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَمِلْكِ يَمِينٍ وَشُبْهَةٍ لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الْحِلَّ بِالنِّكَاحِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ النِّكَاحَ الصَّحِيحَ (وَإِنْ كَانَ) الْغَيْرُ (نَائِمًا) أَوْ هِيَ نَائِمَةً وَيُحْتَمَلُ شُمُولُ كَلَامِهِ لَهَا بِأَنْ يُقَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَائِمًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ هَذَا الْوَطْءَ فِي ذَاتِهِ يُلْتَذُّ بِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحِسَّ بِهِ لِعَارِضِ غَيْبَةِ الْعَقْلِ (أَوْ عَلَيْهَا) أَيْ الْحَشَفَةِ (حَائِلٌ) كَأَنْ لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً فَإِنَّهُ يَكْفِي تَغْيِيبُهَا كَمَا يَكْفِي فِي تَحْصِينِهَا (بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ) لِلْآلَةِ.
(وَإِنْ ضَعُفَ) الِانْتِشَارُ وَاسْتَعَانَ بِأُصْبُعِهِ أَوْ أُصْبُعِهَا لِيَحْصُلَ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ حَتَّى لَوْ أَدْخَلَ السَّلِيمُ ذَكَرَهُ بِأُصْبُعِهِ بِلَا انْتِشَارٍ لَمْ يُحَلِّلْ كَالطِّفْلِ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ بِالْفِعْلِ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ إلَى أَنْ تَتَحَلَّلَ (تَنْفِيرًا مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: ٢٣٠] أَيْ الثَّالِثَةَ {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْت بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَك» وَالْمُرَادُ بِهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ بِالْوَطْءِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ الْوَطْءُ نَفْسُهُ سُمِّيَ بِهَا ذَلِكَ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ.
(فَرْعٌ وَتَحِلُّ) لَهُ (بِوَطْءِ كَبِيرٍ وَكَذَا صَغِيرٍ غَيْرِ رَقِيقٍ يَتَأَتَّى مِنْهُ)
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ عَقَدَ عَلَى سِتٍّ بِثَلَاثٍ وَجُهِلَ السَّابِقُ مِنْ الْعُقُودِ]
قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فَرْقُ الشَّارِحُ يَقْتَضِي اعْتِمَادَ خِلَافِهِ
[النَّوْعُ الثَّالِثُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ الْعَبْدُ طَلْقَتَيْنِ أَوْ الْحُرُّ ثَلَاثًا إلَخْ) قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَكَحَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يَحْتَمِلُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ وَالتَّزْوِيجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَاخْتَلَفَ الْوَرَثَةُ وَالزَّوْجَةُ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ مَا تَزَوَّجْت زَوْجًا آخَرَ بَعْدَمَا طَلَّقَك الْمُوَرِّثُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمْ لِأَنَّ إقْدَامَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى النِّكَاحِ الثَّانِي دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ وَلَوْ طَلَبَ الْوَرَثَةُ يَمِينَهَا لَمْ تَحْلِفْ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ لَا مِنْهُمْ اهـ وَسُئِلَ الْقَفَّالُ عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ رَجْعِيًّا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ أَرَادَ نِكَاحَهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا أَنَّهُ إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ (قَوْلُهُ حَرُمَتْ عَلَيْهِ) التَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثِ الْمُتَفَرِّقَةِ هَلْ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ أَوْ إلَى الثَّالِثَةِ فَقَطْ فِيهِ تَرَدُّدٌ يُؤَثِّرُ فِيمَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالثَّالِثَةِ وَحَكَمَ الْقَاضِي ثُمَّ رَجَعَا هَلْ يَغْرَمَانِ الثُّلُثَ أَوْ الْكُلَّ وَجْهَانِ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ التَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ يُنْسَبُ إلَى الْكُلِّ وَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ كُلَّ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمَا مَنَعَاهُ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبُضْعِ كَالثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ حَتَّى تَغِيبَ حَشَفَةُ غَيْرِهِ) لِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الْآلَةُ الْحَسَّاسَةُ وَبِهَا الِالْتِذَاذُ وَبِهَذَا سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ الْعُسَيْلَةُ (قَوْلُهُ أَوْ قَدْرُهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا) وَالْمُعْتَبَرُ الْحَشَفَةُ الَّتِي كَانَتْ لِهَذَا الْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هُنَا إنَّ الْتِقَاءَ الْخِتَانَيْنِ شَرْطٌ فِي الْإِبَاحَةِ وَلَا يَحْصُلُ بِدُونِ الِافْتِضَاضِ لِأَنَّ مَدْخَلَ الذَّكَرِ مِنْ مَخْرَجِ الْحَيْضِ وَهُوَ فِي الْبِكْرِ يَضِيقُ عَنْ مَدْخَلِ الذَّكَرِ فَإِذَا دَخَلَ اتَّسَعَ الثُّقْبُ وَانْخَرَقَتْ بِهِ الْجِلْدَةُ فَزَالَتْ الْبَكَارَةُ الَّتِي هِيَ ضِيقُ الْمَنْفَذِ اهـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَإِنَّمَا تَغِيبُ الْحَشَفَةُ وَلَا تَزُولُ الْبَكَارَةُ فِي الْغَوْرَاءِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ لِلْآلَةِ) أَيْ وَإِزَالَةِ الْبَكَارَةِ بِهَا وَكَتَبَ أَيْضًا لَيْسَ لَنَا وَطْءٌ يَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُهُ عَلَى الِانْتِشَارِ سِوَى هَذَا وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ أَحْكَامِ الْوَطْءِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِدْخَالِ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ (قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الِانْتِشَارَ إلَخْ) قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: ٢٣٠] إلَخْ) قِيلَ لَا شَكَّ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ لَا يَحْصُلُ الْحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُطَلِّقَهَا الثَّانِي وَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا مِنْهُ فَكَيْفَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَوْ السُّنَّةِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ بِالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ يَرْتَفِعُ التَّحْرِيمُ مِنْ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَيَخْلُفُهُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ لِكَوْنِهَا زَوْجَةَ الْغَيْرِ وَمِنْ الطَّلَاقِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَسَائِرِ الْمُعْتَدَّاتِ مِنْ غَيْرِهِ فَهُمَا تَحْرِيمَانِ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يَحْتَاجُ إلَى النَّصِّ عَلَيْهِمَا هُنَا (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّذَّةُ الْحَاصِلَةُ إلَخْ) الْعُسَيْلَةُ الْجِمَاعُ كَمَا وَرَدَ تَفْسِيرُهَا بِهِ