للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُشِيرَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَدَّهَا بِقَضِيبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ يَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهَا) فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْغَلَطِ.

وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْوَاجِبِ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَدَدِ (أَعَادَا الْعَدَدَ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ الْعَدَّ (وَيَكْفِي) فِي الْعَدِّ (خَبَرُ الْمَالِكِ) أَوْ نَائِبِهِ (الثِّقَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْفَقِيرِ) الْأَوْلَى لِلْمُسْتَحِقِّ (وَالسَّاعِي الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ عِنْدَ الْأَخْذِ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ وَقَالَ تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ (وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ) مَا اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ (آجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَفَعَ زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَحْوَهَا أَنْ يَقُولَ رَبَّنَا تَقَبَّلَ مِنَّا إنَّك أَنْت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَامْرَأَةِ عِمْرَانَ (وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ (عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ) لِأَنَّ ذَلِكَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شِعَارِهِمْ وَالْمَكْرُوهُ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ (إلَّا تَبَعًا لَهُمْ) فَلَا يُكْرَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ (كَالْآلِ) فَيُقَالُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَتْبَاعِهِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ وَقَدْ أُمِرْنَا بِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ وَذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَهُمْ) أَيْ الْآلُ (بَنُو هَاشِمٍ وَ) بَنُو (الْمُطَّلِبِ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ.

وَاَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ أَقَارِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذَكَرٍ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَكَذَا) لَا تُكْرَهُ تَبَعًا (عَلَى غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْآلِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِنْ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْآلِ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَالُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا صَارَتْ مُخْتَصَّةً بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ (كَمَا لَا يُقَالُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى) وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَصًّا بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِنَبِيَّيْنِ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا يَرْتَفِعَانِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ فِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِمَّا يَرْفَعُهُمَا هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ أَمَّا مِنْهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى.

(وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ) فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَ بَيْنَهُمَا (لَكِنْ الْمُخَاطَبَةُ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْبَةً فِي الْمُرَاسَلَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا وَيُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَحْيَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ.

(بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ) (وَشَرْطُهُ فِي) الْمَالِ (الْحَوْلِيِّ انْعِقَادُ الْحَوْلِ وَشَرْطُ انْعِقَادِهِ النِّصَابُ فِي السَّائِمَةِ وَالنَّقْدَيْنِ لَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ عَجَّلَ عَنْ مَعْلُوفَةِ سَيُسَمِّيهَا أَوْ دُونَ نِصَابٍ مِنْ سَائِمَةٍ) أَوْ نَقْدٍ (لَمْ يَجُزْ) إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالدِّيَةَ قَبْلَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْعَقَدَ الْحَوْلُ وَوُجِدَ النِّصَابُ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ إذَا تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَاسْتُثْنِيَ الْوَلِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ (أَوْ) عَجَّلَ (عَنْ عَرْضِ التِّجَارَةِ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ عَجَّلَ زَكَاةَ عِشْرِينَ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ الْحَوْلِ عِشْرِينَ (جَازَ) وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ لِانْعِقَادِ حَوْلِهِ (فَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِعَامَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَجْزَأَهُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْإِجْزَاءُ عَنْهُ مُطْلَقًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ مُسْلَمٌ إنْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْمُجْزِئَ عَنْ خَمْسِينَ شَاةً مَثَلًا إنَّمَا هُوَ شَاةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا شَائِعَةٌ وَلَا مُبْهَمَةٌ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا أَمَّا مَا عَدَا الْعَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يُجْزِئُ التَّعْجِيلُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَحَمَلُوا تَسَلُّفَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ كَذَا فِي الْأَصْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الخُرَاسانِييِّنَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ آجَرَك اللَّهُ) فِي آجَرَك اللَّهُ لُغَتَانِ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ (قَوْلُهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ إلَخْ) هَلْ يُقَالُ بَنَاتُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ يَعُدُّونَ آلَهُ وَهَلْ تُنْسَبُ بَنَاتُ بَنَاتِهِ إلَيْهِ كَمَا تُنْسَبُ الذُّكُورُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ إلَخْ) «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ بَيْنَهُمْ تَارِكًا مِنْهُ غَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ.

[بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ]

لَوْ نَذَرَ تَعْجِيلَهَا فَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ وَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ النَّذْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ قَبْلَ الْقَتْلِ) وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ كَالسُّبْكِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسَلَّمٌ إنْ مَيَّزَ إلَخْ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِي الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ «وَتَسَلُّفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَسَلُّفُ صَدَقَةِ عَامَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ) وَعَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ تَقْدِيمَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِيهَا وَجْهَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>