للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا قُبَيْلَ الْخُلْعِ مَا يُوَافِقُهُ وَخَالَفَ فِي الطَّلَاقِ فَجَزَمَ فِيمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ وَتَأَخُّرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ فِي التَّتِمَّةِ إلَى وَجْهٍ فِي اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ هُنَا كَمَا هُنَاكَ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ .

(وَلَوْ قَالَ الشَّرِيكَانِ) لِعَبْدَيْهِمَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (إذَا مُتْنَا فَأَنْت حُرٌّ) لَمْ يَعْتِقْ حَتَّى يَمُوتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فَإِنْ مَاتَا مَعًا فَهُوَ تَعْلِيقٌ لَا تَدْبِيرٌ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِمَوْتِهِ بَلْ بِمَوْتِهِ وَمَوْتِ غَيْرِهِ (وَإِنْ تَرَتَّبَا) مَوْتًا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا (صَارَ نَصِيبُ الثَّانِي مُدَبَّرَ التَّعْلِيقِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ لِتَعَلُّقِ (الْعِتْقِ بِمَوْتِهِ وَحْدَهُ) وَكَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَاتَ شَرِيكِي فَنَصِيبِي مِنْك مُدَبَّرٌ وَنَصِيبُ الْمَيِّتِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا (وَلِوَارِثِهِ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ فِي نَصِيبِ مُوَرِّثِهِ (بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ) كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ بِمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحَقَّ الْعِتْقِ بِمَوْتِ الشَّرِيكِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْطَالُ تَعْلِيقِ الْمَيِّتِ (كَمَا لَا يَبِيعُونَ) أَيْ الْوَرَثَةُ (مَا أَوْصَى) مُوَرِّثُهُمْ (بِهِ) وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيْعُهُ (وَلَا يَرْجِعُونَ فِي دَارٍ أَوْصَى) مُوَرِّثُهُمْ (بِعَارِيَّتِهَا شَهْرًا) وَإِنْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا.

(وَإِنْ قَالَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ لِعَبْدَيْهِمَا (أَنْت حَبِيسٌ عَلَى آخِرِنَا مَوْتًا، فَإِذَا مَاتَ عَتَقْت فَكَمَا لَوْ قَالَا إنْ مُتْنَا) فَأَنْتَ حُرٌّ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ (إلَّا أَنَّ الْكَسْبَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ هُنَا لِلْآخَرِ) وَهُنَاكَ كَسْبُ نَصِيبِ الْأَوَّلِ لِوَرَثَتِهِ (وَكَانَ الْأَوَّلُ) مِنْهُمَا مَوْتًا (أَوْصَى بِهِ لِآخِرِهِمَا مَوْتًا) فَكَانَ كَسْبُهُ لِآخِرِهِمَا (وَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَعَتَقَ بِالْمَوْتِ لَمْ يَسْرِ) إلَى بَاقِيهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا سِرَايَةَ عَلَى الْمَيِّتِ.

[فَرْعٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَّرْتُك إنْ شِئْت أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتُّ]

(فَرْعٌ) لَوْ (قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت مُدَبَّرٌ) أَوْ دَبَّرْتُك (إنْ شِئْت) أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت مُدَبَّرٌ أَوْ فَأَنْت حُرٌّ إذَا مِتُّ (اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا) فِي صِحَّةِ التَّدْبِيرِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ بِهَا خِطَابًا، وَإِذَا كَانَ (بِخِلَافِ) مَا لَوْ ذَكَرَ بَدَلَهَا (مَتَى أَوْ مَتَى مَا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ كَمَهْمَا وَأَيَّ حِينٍ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِمَتَى وَمَهْمَا (وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَالَيْنِ الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الْمُعَلَّقِ بِهَا وَلِأَنَّهَا مَشِيئَةٌ فِي عَقْدِ التَّدْبِيرِ وَهُوَ لَا يَنْعَقِدُ بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا إذَا صَرَّحَ بِالْمَشِيئَةِ) أَيْ بِوُقُوعِهَا (بَعْدَ الْمَوْتِ) أَوْ نَوَاهَا (فَإِنَّهَا تُشْتَرَطُ بَعْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَعْدَ الْمَوْتِ الْفَوْرُ) لَهَا (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مَتَى وَنَحْوَهُ قَالَ) الْمُنَاسِبَ لِكَلَامِ أَصْلِهِ قَالَهُ (الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا تَأَخَّرَتْ عَنْ الْخِطَابِ وَاعْتُبِرَ وُقُوعُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِ اتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ مَعْنًى وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبُولِ الْوَصِيَّةِ.

(فَإِذَا قَالَ إذَا مِتُّ فَشِئْت فَأَنْت حُرٌّ اشْتَرَطَ الْفَوْرَ) لِلْمَشِيئَةِ (بَعْدَ الْمَوْتِ) ؛ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ (وَكَذَا سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ) الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفَاءِ (كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ اشْتَرَطَ) فِي مَدْخُولِهَا (الْفَوْرَ) لِذَلِكَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمِثَالِ اتِّصَالُ الْكَلَامِ بِالدُّخُولِ (وَقَوْلُهُ إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شِئْت) أَوْ إذَا شِئْت (أَوْ أَنْتَ حُرٌّ إذَا مِتّ إنْ شِئْت) أَوْ إذَا شِئْت (يُحْتَمَلُ) أَنْ يُرِيدَ بِهِ (الْمَشِيئَةَ فِي الْحَيَاةِ وَ) الْمَشِيئَةَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

وَأَمَّا إذَا مِتُّ فَدَخَلْت الدَّارَ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمَشِيئَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْأَصَحِّ فَكَذَا هُنَا، وَأَمَّا قَوْلُهُ إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَاَلَّذِي يُنَاسِبُهُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمَشِيئَةِ أَنَّهُ يُرَاجَعُ، فَإِنْ أَطْلَقَ فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ اهـ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَتِيقٌ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي فَفَعَلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَتَقَ، وَإِنْ أَرَادُوا بَيْعَهُ قَبْلَ فِعْلِهِ فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ فَيُقَالُ لَهُ إنْ فَعَلْت كَذَا وَإِلَّا جَعَلْنَا لَهُمْ التَّصَرُّفَ فِيك. اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ إلَخْ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الصِّفَتَيْنِ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِمَا الطَّلَاقُ مِنْ فِعْلِهِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَأَنَّ الصِّفَةَ الْأُولَى فِي مَسْأَلَتِنَا لَيْسَتْ مِنْ فِعْلِهِ وَذِكْرُ الَّتِي مِنْ فِعْلِهِ عَقِبَهَا يُشْعِرُ بِتَأَخُّرِهَا عَنْهَا

(قَوْلُهُ أَوْصَى بِعَارِيَّتِهَا شَهْرًا) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَيُفْهَمُ مِنْ تَمْثِيلُهُ فِي الْعَارِيَّةِ بِشَهْرٍ التَّصْوِيرُ بِالْمُؤَقَّتَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَمَّا الْمُطْلَقَةُ فَيَبْعُدُ مَنْعُ الْوَارِثِ مِنْ إبْطَالِهَا؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَلْيُمَكَّنْ مِنْهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةَ فَوْرًا) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْفَوْرِيَّةِ مَعَ أَنَّ مَوْضِعَهُ إذَا أَضَافَهُ لِلْعَبْدِ كَمَا صَوَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَوْ قَالَ إنْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ إذَا شَاءَ زَيْدٌ فَأَنْت مُدَبَّرٌ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ لَمْ يَشْتَرِطْ الْفَوْرَ فَمَتَى شَاءَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ صَارَ مُدَبَّرًا، وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَيِّزِ الْعِتْقِ بِالصِّفَاتِ فَهُوَ كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ صِفَةٌ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فَاسْتَوَى فِيهَا قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ تَمْلِيكٌ أَوْ تَخْيِيرٌ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قُرْبُ الزَّمَانِ وَبُعْدُهُ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ وَعُلِمَ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَشِيئَةِ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا حَتَّى لَوْ شَاءَ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ وَإِنْ قَالَ لَا أَشَاءُ الْعِتْقَ ثُمَّ قَالَ أَشَاءُ لَمْ يُسْمَعْ وَلَمْ يَعْتِقْ وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْضًا ر (قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا) لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلزَّمَانِ فَاسْتَوَى فِيهَا جَمِيعُ الزَّمَانِ، وَإِنْ مَوْضُوعَةٌ لِلْفِعْلِ فَاعْتُبِرَ فِيهَا زَمَانُ الْفِعْلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا قَيَّدَهُ بِزَمَانٍ أَوْ بِمَجْلِسٍ فَيُعْتَبَرُ مَا قَيَّدَهُ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ (قَوْلُهُ وَتُشْتَرَطُ فِي الْحَالَيْنِ الْمَشِيئَةُ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ) فَلَوْ قَالَ فِي حَيَاتِهِ شِئْت، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَشَأْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي بُطْلَانِ التَّدْبِيرِ، وَلَوْ قَالَ لَسْت أَشَاءُ، ثُمَّ قَالَ شِئْت ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِالْمَشِيئَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ هُنَا عَلَى التَّرَاخِي فَرَاعَيْنَا وُجُودَهَا مُتَقَدِّمَةً وَمُتَأَخِّرَةً وَهُنَاكَ عَلَى الْفَوْرِ فَرَاعَيْنَا مَا تَقَدَّمَ ر وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرِيَّةً فَالِاعْتِبَارُ بِمَا شَاءَ أَوَّلًا أَوْ مُتَرَاخِيَةً ثَبَتَ التَّدْبِيرُ بِمَشِيئَتِهِ لَهُ سَوَاءٌ أَتَقَدَّمَتْ مَشِيئَةٌ لَهُ عَلَى رَدِّهِ أَمْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ

(قَوْلُهُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(تَنْبِيهٌ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمَشِيئَةِ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَبَهِيمَةٍ فُرُوعٌ وَتَفَاصِيلُ كَثِيرَةٌ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَلَا هَا هُنَا، وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ ذَلِكَ جُمْلَةً صَالِحَةً فَعَلَيْك أَنْ تُرَاجِعَهَا وَتُلْحِقَ بِكُلِّ مَوْضِعٍ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ غ

<<  <  ج: ص:  >  >>