للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا لَمْ يُعْرَفُوا وَلِيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ جَرْحِهِمْ إذَا عَرَفَهُمْ (فَلَا يَكْفِي) قَوْلُ الْفَرْعِ (أَشْهَدَنِي عَدْلٌ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُ لَوْ سَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ (وَلِفَرْعٍ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ) لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا (لَا) تَزْكِيَةُ (أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ) لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ هُنَا وَالْمُزَكِّي قَائِمٌ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ بَلْ لَهُ إطْلَاقُهَا ثُمَّ الْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي شَهَادَتِهِ لِصِدْقِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ (فَرْعٌ) لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ قُدِّمَ عَلَيْهِمَا فِي الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ) عَنْ الشَّهَادَةِ (فَإِنْ رَجَعُوا) أَيْ الشُّهُودُ (عَنْ الشَّهَادَةِ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا (لَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَإِنْ أَعَادُوهَا) سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُوبَةٍ أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ (وَلَا يُفَسَّقُونَ) بِرُجُوعِهِمْ (إلَّا أَنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ فَيُفَسَّقُونَ

(وَلَوْ رَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ (فِي زِنًا حُدُّوا) حَدَّ الْقَاذِفِ وَإِنْ قَالُوا غَلِطْنَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْبِيرِ وَكَانَ حَقُّهُمْ التَّثَبُّتَ وَكَمَا لَوْ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ (وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ) وَإِنْ أَعَادُوهَا لِمَا مَرَّ (فَإِنْ قَالُوا) لِلْحَاكِمِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ (تَوَقَّفْ) عَنْ الْحُكْمِ (ثُمَّ قَالُوا) لَهُ (اُحْكُمْ) فَنَحْنُ عَلَى شَهَادَتِنَا (حَكَمَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ رُجُوعُهُمْ وَلَا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُمْ وَإِنْ عَرَضَ شَكٌّ فَقَدْ زَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ رِيبَةٌ حَكَمَ وَإِنْ دَامَتْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَسَاهُلٍ فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ سَبَبِ التَّوَقُّفِ هَلْ هُوَ لِشَكٍّ طَرَأَ أَمْ لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لِشَكٍّ طَرَأَ قَالَ لَهُمْ بَيِّنُوهُ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْحُكْمِ (بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ) مِنْهُمْ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلٍ جَازِمٍ وَالتَّوَقُّفُ الطَّارِئُ قَدْ زَالَ

(وَإِنْ رَجَعُوا) عَمَّا شَهِدُوا بِهِ (بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ بِمَالٍ أَوْ عَقْدٍ وَلَوْ نِكَاحًا نَفَذَ الْحُكْمُ) بِهِ وَاسْتَوْفَى إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى إذْ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ (أَوْ بِعُقُوبَةٍ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ لَمْ يَسْتَوْفِ) لِتَأَثُّرِهَا بِالشُّبْهَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا (وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فِي قَتْلٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ مَاتَ مِنْهُ أَوْ قَطْعٍ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا اُقْتُصَّ مِنْهُمْ مُمَاثَلَةً) أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مُوَزَّعَةً عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرِ الْحَجْرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ وَيُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ رَجَعَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ خَبَرٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ.

(وَقُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ) لَزِمَهُمْ عَلَى قَتْلِهِمْ لِيَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (أَوْ) قَالُوا (أَخْطَأْنَا) فِي شَهَادَتِنَا (فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ) فَتَكُونُ فِي مَالِهِمْ (لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْ) لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي هَذَا مُتَدَافِعٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرٍ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهِ (وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا) لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهَا تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ الدِّيَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ احْتِمَالُ أَنَّ لَهُمْ تَحْلِيفَهَا لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا لَغَرِمُوا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ بِأَنَّ الْجَانِيَ إذَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

يَسْتَعْمِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَعْرِفْ شَاهِدُ الْفَرْعِ عَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ شَاهِدِ الْأَصْلِ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ مُبْتَدِئٍ لَهَا كَمَا أَنَّ النَّاقِلَ لِلْخَبَرِ عَنْ الصَّحَابِيِّ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ

[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

(الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ) (قَوْلُهُ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ) كَقَوْلِهِمْ رَجَعْنَا عَنْهَا أَوْ أَبْطَلْنَاهَا أَوْ فَسَخْنَاهَا أَوْ رَدَدْنَاهَا أَوْ هِيَ بَاطِلَةٌ وَفِي مَعْنَى الرُّجُوعِ طُرُوُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَكَتَبَ هَلْ يَلْتَحِقُ بِالرُّجُوعِ مَا لَوْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي كَذَا وَلَكِنْ نَعْلَمُ رُجُوعَهُ فِي وَكَالَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَالثَّانِي يَسْمَعُهَا بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ الرُّجُوعَ حِينَئِذٍ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَصَرِيحُ الرُّجُوعِ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي وَلَوْ قَالَ أَبْطَلْت شَهَادَتِي أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ وَجْهَانِ فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ قَالَ وَلَوْ قَالَ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ كَانَ رُجُوعًا وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْحُكْمِ فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا بَعْدَ الْحُكْمِ. اهـ. وَأَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا) قَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الرُّجُوعُ مَعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ

(قَوْلُهُ أَوْ عَقْدٍ) أَيْ أَوْ فَسْخٍ (قَوْلُهُ وَجَلْدٍ) أَيْ وَمَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاتَ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَأْتِي فِي الْجَلْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فَإِنْ جُلِدَ الْحَدَّ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا فَلَا قِصَاصَ وَلَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ تَغَلَّظَ الْعَمْدِ الْمَحْضِ فَإِنْ خَرَجَ الْجَلْدُ عَنْ الْحَدِّ حَتَّى صَارَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَقْصُودِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْ الْجَلْدِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ وَإِنْ حَصَلَ أَثَرٌ يَقْتَضِي الْحُكُومَةَ وَجَبَتْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِي نَصِّ الْمُخْتَصَرِ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ قِصَاصٌ أَغْرَمُوهُ وَعَزَّرُوا اهـ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الْجَلْدُ غَالِبًا (قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>