لِيُقَوِّمَهُ الْمُقَوِّمُونَ بِذَلِكَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَةِ الْوَاحِدَةِ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْقِيَمِ لِتَفَاوُتِهِمْ فِي الْمَلَاحَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَصْفِ (لَكِنْ) يَسْتَفِيدُ الْمَالِكُ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَصْفِ أَنَّهُ (إنْ قَدَّرَهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (الْغَاصِبُ بِحَقِيرٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الْوَصْفِ لَمْ يُسْمَعْ) تَقْدِيرُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِصِفَاتٍ فِيمَا غَصَبَهُ تَقْتَضِي النَّفَاسَةَ ثُمَّ قَدَّرَهُ بِحَقِيرٍ لَا يَلِيقُ بِهَا لَمْ يُسْمَعْ تَقْدِيرُهُ بَلْ يُؤْمَرُ بِالزِّيَادَةِ إلَى أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيمَةً لِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَوْصُوفِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ إثْبَاتِ الْوَصْفِ بِالشَّهَادَةِ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا فَمَاتَ اسْتَحَقَّ قِيمَتَهُ بِتِلْكَ الصِّفَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَبُولِ ثَمَّ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ تَقْدِيرُ الْغَاصِبِ بِحَقِيرٍ يُنَافِي مُقْتَضَى الصِّفَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا ذَكَرَ الشُّهُودُ قِيمَتَهَا وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ (فَإِنْ قَالَ الْغَاصِبُ لَا أَعْرِفُهَا) أَيْ الْقِيمَةَ أَيْ قَدْرَهَا (لَكِنَّهَا دُونَ مَا ادَّعَى) بِهِ الْمَالِكُ عَلَيَّ (لَمْ يُسْمَعْ) قَوْلُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ قَدْرًا فَإِذَا بَيَّنَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمَالِكُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَاسْتَحَقَّهُ (أَوْ قَالَ شُهُودُ الْمَالِكِ هِيَ أَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرَ) الْغَاصِبُ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (سُمِعَتْ) شَهَادَتُهُمْ.
وَفَائِدَةُ سَمَاعِهَا مِنْهُمْ مَعَ عَدَمِ تَقْدِيرِهِمْ لَهَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَكُلِّفَ) أَيْ الْغَاصِبُ (الزِّيَادَةَ) عَلَى مَا قَدَّرَهُ (إلَى حَدٍّ لَا يَقْطَعُونَ) أَيْ الشُّهُودُ (بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَوْ، وَصَفَهُ) أَيْ الْمَغْصُوبَ (الْغَاصِبُ بِعَيْبٍ خِلْقِيٍّ كَالْكَمَهِ) ، وَعَدَمِ الْيَدِ خِلْقَةً، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (صُدِّقَ) الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَعَدَمُ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَالْمَالِكُ يُمْكِنُهُ الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ (لَا إنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ وَاخْتَلَفَا فِي) عَيْبٍ (حَادِثٍ كَالْعَمَى) كَأَنْ قَالَ الْغَاصِبُ كَانَ أَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ أَوْ سَارِقًا، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ (صُدِّقَ الْمَالِكُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالْغَالِبَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَتَصْرِيحُهُ بِالتَّقْيِيدِ بِتَلَفِ الْمَغْصُوبِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ رَدَّهُ الْغَاصِبُ أَعْمَى) مَثَلًا (وَقَالَ هَكَذَا غَصَبْته) ، وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ حَدَثَ عِنْدَك (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَمَّا يَزِيدُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ. وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ بَلْ لَوْ تَلِفَ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ مَسْأَلَةِ الطَّعَامِ الْآتِيَةِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي التَّلَفِ قَدْ لَزِمَهُ الْغُرْمُ فَضَعُفَ جَانِبُهُ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الرَّدِّ.
(وَإِنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ دَارٍ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِجَارِيَةٍ) أَيْ بِغَصْبِهَا (فَقَالَ) الْمَالِكُ (لَا بَلْ بِالْمَدِينَةِ) فِي الْأُولَى (أَوْ) غَصَبْت (عَبْدًا) فِي الثَّانِيَةِ (حَلَفَ الْغَاصِبُ) أَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ دَارَ الْمَدِينَةِ وَلَا الْعَبْدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَصْبِهِ لَهُمَا (وَسَقَطَتْ دَارُ الْمَدِينَةِ أَوْ الْعَبْدُ) أَيْ سَقَطَ (بِيَمِينِهِ) حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا (وَدَارُ الْكُوفَةِ أَوْ الْجَارِيَةُ) أَيْ وَسَقَطَ حَقُّهُ أَيْضًا مِنْ كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ (بِرَدِّ الْإِقْرَارِ) أَمَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فَيَثْبُتُ (وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ) لِلْغَاصِبِ، وَقَدْ غَصَبَ مِنْهُ طَعَامًا (طَعَامِي) الَّذِي غَصَبْته (جَدِيدٌ، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ عَتِيقٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَصْبِ الْجَدِيدِ، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْدِيقِ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي حَادِثٍ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ ثَمَّ مُتَّفِقَانِ عَلَى تَعْيِينِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا بِقَرِينَةِ مَسْأَلَةِ دَارِ الْكُوفَةِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَالِكُ) ، وَأَخَذَ الْجَدِيدَ (وَلَهُ أَخْذُ الْعَتِيقِ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ) .
(فَصْلٌ) لَوْ (اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ يَمِينِ) نَفْيِ (الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِهِ بِاسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ (مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي) الْمَرْدُودَةِ (لَمْ يَرْجِعْ) بِالثَّمَنِ (عَلَى الْبَائِعِ) لِتَقْصِيرِهِ بِاعْتِرَافِهِ مَعَ شِرَائِهِ أَوْ بِنُكُولِهِ، وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرِي الْبَائِعُ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِرَافُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَيَبْقَى الْبَيْعُ بِحَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اعْتِرَافُهُ -
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِصِفَاتٍ فِيمَا غَصَبَهُ تَقْتَضِي النَّفَاسَةَ) كَقَوْلِهِ مُورِدُ الْخَدَّيْنِ أَكْحَلُ الْعَيْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا إلَخْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَهَذَا عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فِيمَا إذَا شَهِدَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ عَبْدًا بِصِفَةِ كَذَا ثُمَّ تَلِفَ الْعَبْدُ فَشَهَادَتُهُمَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَكُنْ لِأَجْلِ التَّقْوِيمِ عَيْنًا بَلْ لِلرَّدِّ أَوْ قِيمَةِ الْحَيْلُولَةِ. وَمَسْأَلَتُنَا فِيمَا إذَا تَلِفَ ثُمَّ شَهِدَا لِتَقْوِيمِ الْقِيمَةِ، وَإِنَّمَا غَرَّمَهُ هُنَاكَ الْقِيمَةَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِثُبُوتِ تِلْكَ الصِّفَةِ ابْتِدَاءً وَقَدْ جَمَعَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ هُنَا فَقَالَ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا كَانَتْ تُرْكِيَّةً بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِهَا لَمْ يُقَوَّمْ بِالصِّفَةِ؛ لِأَنَّ الْجَارِيَتَيْنِ قَدْ تَتَّفِقَانِ فِي الصِّفَاتِ الَّتِي تَذْكُرُهَا الشُّهُودُ وَتَخْتَلِفَانِ فِي الْقِيمَةِ لِكَوْنِ إحْدَاهُمَا أَخَفَّ رُوحًا، وَأَكْمَلَ عَقْلًا، وَأَحْلَى لِسَانًا، وَأَبَشَّ.
ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جَارِيَةً صِفَتُهَا كَذَا قَضَى لَهُ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَا بِهِ مَعْلُومٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَرْجِعُ إلَى الشَّاهِدَيْنِ فِي قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَإِنْ ذَكَرَا قِيمَتَهَا لَزِمْته فَإِنْ مَاتَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ قِيمَتِهَا فَإِنَّهُ غَارِمٌ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مَا لَا يُحْتَمَلُ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قِيمَتُهَا دِرْهَمٌ فَلَا يُقْبَلُ وَيَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ شُهُودُ الْمَالِكِ إلَخْ) لَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِقِيمَتِهِ قَبْلَ الْغَصْبِ لَمْ تُسْمَعْ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْغَصْبِ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْغَاصِبِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ بِغَصْبِ دَارٍ بِالْكُوفَةِ أَوْ بِجَارِيَةٍ إلَخْ) لَوْ أَحْضَرَ الْغَاصِبُ لِلْمَالِكِ ثَوْبًا وَقَالَ هَذَا هُوَ الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ غَيْرَهُ، قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدِي جَعْلُ الْمَغْصُوبِ كَالتَّالِفِ، وَإِلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا قَالَ الْمَالِكُ غَصَبْت مِنِّي ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَالَ الْغَاصِبُ هُوَ هَذَا الثَّوْبُ وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَإِلْزَامُ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةٍ لِلْمَالِكِ قَالَ شَيْخُنَا يُحَرَّرُ كَلَامُهُ فَعِنْدِي فِيهِ وَقْفَةٌ هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ مُقِرٌّ لَهُ بِثَوْبٍ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ فَيَبْقَى فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ وَيَرُدُّ كَلَامُهُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ وَقَدْ غَصَبَ مِنْهُ طَعَامًا إلَخْ مَعَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْغَصْبِ كَاتَبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ طَعَامِي جَدِيدٌ وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ عَتِيقٌ صُدِّقَ الْغَاصِبُ بِيَمِينِهِ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا شَيْءَ لِلْمَالِكِ.
[فَصْلٌ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةِ]
(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُشْتَرِي الْبَائِعُ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِرَافُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَصْبِ فَإِنْ كَانَ حِينَ الْبَيْعِ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ لَمْ تُسْمَعْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا لَفْظُ الْبَيْعِ سُمِعَتْ