للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ) فِي الْحَالِ (لِلْحَيْلُولَةِ) ، وَيُعْتَبَرُ فِيهَا (أَقْصَى مَا كَانَتْ مِنْ الْغَصْبِ إلَى الْمُطَالَبَةِ) ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إذَا زَادَتْ الْقِيمَةُ بَعْدَ هَذَا أَنْ يُطَالِبَ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ (وَيَمْلِكُهَا) الْمَالِكُ كَمَا يَمْلِكُهَا عِنْدَ التَّلَفِ فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا وَلَا يَمْلِكُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ كَمَا لَا يَمْلِكُ نِصْفَ الْعَبْدِ إذَا قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ وَغَرِمَ وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يَمْلِكُهَا مِلْكَ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّهَا أَوْ رَدِّ بَدَلِهَا عِنْدَ رَدِّ الْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَلْزَمَهُ قَبُولُهُ (وَ) لِهَذَا (لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ عَنْهَا فَلَوْ ظَفِرَ الْغَاصِبُ بِالْآبِقِ أَوْ الْمَسْرُوقِ فَلَمْ يَحْبِسْهُ لِلْقِيمَةِ) أَيْ لِاسْتِرْدَادِهَا كَمَا لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ (بَلْ يَرُدُّهُ) لِمَالِكِهِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ، وَيَسْتَرِدُّ قِيمَتَهُ كَمَا أَنَّ الْمَالِكَ يَرُدُّهَا، وَيَسْتَرِدُّهُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَرْكِ التَّرَادِّ هُنَا، وَفِيمَا مَرَّ مِنْ نَظِيرِهِ فِي فَرْعِ غَصْبِ مِثْلِيًّا فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعٍ لِيَصِيرَ الْمَغْصُوبُ لِلْغَاصِبِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَمَّا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ رَدِّهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَجَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى عَقْدٍ قُلْت، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ فَكَفَى فِيمَا ذُكِرَ ذَلِكَ بِخِلَافِهَا بَعْدَ رَدِّهِ كَمَا سَيَأْتِي (فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً) بِيَدِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِزِيَادَةٍ (رَدَّهَا بِزَوَائِدِهَا الْمُتَّصِلَةِ دُونَ الْمُنْفَصِلَةِ) .

وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا بِأَنْ يَدْفَعَ عَنْهَا حَيَوَانًا فَيُنْتِجَ أَوْ شَجَرًا فَيُثْمِرَ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ أَوْ بِأَنْ يَكُونَا بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُ أَهْلُهُ بِالْحَيَوَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (وَلَمْ يَجُزْ إبْدَالُهَا) بِغَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الْقَرْضِ وَاللُّقَطَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَاقِيَةً (وَجَبَ) إبْدَالُهَا بِمِثْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ عَنْهَا مُتَقَوِّمًا، وَإِلَّا فَبِقِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ (فَإِنْ أَفْلَسَ الْمَالِكُ) ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ (فَالْغَاصِبُ أَحَقُّ) مِنْ غَيْرِهِ (بِالْقِيمَةِ) الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارٍ، وَهُنَا بِمُجَرَّدِ عَوْدِ الْمَغْصُوبِ يَنْتَقِضُ الْمِلْكُ فِي الْقِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ قُلْت وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْقِيمَةُ بَاقِيَةً قَدَّمَ الْغَاصِبُ بِبَدَلِهَا مِنْ ثَمَنِ الْمَغْصُوبِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ النَّصِّ.

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاخْتِلَافِ وَلَوْ) ، وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ (اخْتَلَفَا فِي تَلَفِ الْمَغْصُوبِ أَوْ) فِي (كَوْنِهِ كَاتِبًا أَوْ مُحْتَرِفًا أَوْ فِي مَالِكِ ثِيَابِ الْعَبْدِ) أَهُوَ مَالِكُهُ أَوْ غَاصِبُهُ (أَوْ فِي تَخَلُّلِ الْخَمْرِ الْمُحْتَرَمَةِ قَبْلَ تَلَفِهَا) بِأَنْ قَالَ صَاحِبُهَا تَلِفَتْ بَعْدَ تَخَلُّلِهَا، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ قَبْلَهُ (صُدِّقَ الْغَاصِبُ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا، وَيَعْجِزُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَوْ لَمْ يُصَدَّقْ لَأَدَّى إلَى تَخْلِيدِ حَبْسِهِ، وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ وَالْأَصْلُ فِيمَا عَدَاهُمَا بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، وَعَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الْمَالِكُ، وَإِذَا حَلَفَ الْغَاصِبُ فِي الْأُولَى فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْخَلَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَمْرَيْنِ، وَخَرَجَ بِالْعَبْدِ مَا لَوْ غَصَبَ حُرًّا صَغِيرًا مَثَلًا وَاخْتَلَفَ هُوَ وَالْوَلِيُّ فِي ثِيَابِهِ فَإِنَّ الْمُصَدَّقَ وَلِيُّهُ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَدَ غَاصِبِهِ لَا تَثْبُتُ عَلَى ثِيَابِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ (لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْقِيمَةِ) الْمُسْتَحَقَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ.

وَعَلَى مَالِكِهِ الْبَيِّنَةُ (وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمَالِكِ) بِقِيمَتِهِ (إلَّا إنْ قُدِّرَتْ الْقِيمَةُ وَلَا تُقْبَلُ) بَيِّنَتُهُ (عَلَى الْوَصْفِ) أَيْ وَصْفِ الْمَغْصُوبِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

تَضْمِينُ الْغَاصِبِ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ) إنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّرَادِّ فَقَدْ يُرْفَعُ السِّعْرُ وَيَنْخَفِضُ فَيَلْزَمُ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ كَمَا قَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَغَيْرُهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ لِلْغَاصِبِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْمَالِكَ لِيُحْضِرَ الْآبِقَ الْمَعْرُوفَ مَكَانَهُ بِأُجْرَةٍ مُسَمَّاةٍ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ إنَّهُ إذَا عَرَفَ مَوْضِعَهُ فِي مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ يُمْكِنُ رَدُّهُ فِي زَمَانٍ يَسِيرٍ وَقَالَ الْغَاصِبُ أَرُدُّهُ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَذْلِ الْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَعُدَ (قَوْلُهُ: وَتُتَصَوَّرُ زِيَادَتُهَا إلَخْ) صُورَةُ زِيَادَةِ النَّقْدِ الْمُتَّصِلَةِ أَنْ يَكُونَ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً فَيَضْرِبُهَا صِحَاحًا فَهَذِهِ قَدْ زَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا تَزِيدُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ مِنْ نَقْدٍ نَاقِصِ الْقِيمَةِ كَالدَّرَاهِمِ الْمَسْعُودِيَّةِ فَضَرَبَهَا عَلَى سِكَّةٍ تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ السِّكَّةِ الْأُولَى وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ فَصُورَتُهَا إذَا ضَرَبَ الْقِيمَةَ الْمَأْخُوذَةَ حُلِيًّا وَاسْتُعْمِلَ بِالْإِجَارَةِ لِمَنْ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ فَإِنَّ الْمَالِكَ يَفُوزُ بِالْأُجْرَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنَّ الظَّاهِرَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ قَالُوا إنَّ اسْتِحْقَاقَ الْقِيمَةِ لِلْحَيْلُولَةِ فِي الْغَصْبِ كَاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ الْمُتْلَفِ وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ بَدَلِ الْمُتْلَفِ قَالَ فِي الْخَادِمِ، وَمَا عَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يَكُونُ صَادِقًا إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَ سَبَبًا ظَاهِرًا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالسَّبَبِ كَالْمُودَعِ وَقَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبًا فَإِنْ ذَكَرَهُ فَكَالْمُودَعِ، وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ يَدُهُ يَدُ ضَمَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَدُهُ فِي الرَّابِعَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَثِيَابُهُ) هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ إنَّ مَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا بِالْعِمَامَةِ مَنْ قَالَ عِنْدِي عَبْدٌ عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ بَلْ صُورَةُ هَذَا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ وَرَدَّهُ لِمَالِكِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعِمَامَةَ لَهُ وَقَالَ مَالِكُهُ: هُوَ وَهِيَ لِي فَمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا وَيُحْمَلُ الْمَذْكُورُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ اسْتَثْنَى الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ وَيُحْمَلُ مَا فِي الْإِقْرَارِ عَلَى أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَسْتَثْنِ الثِّيَابَ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ كَذَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ وَلَا مُخَالَفَةَ إذَنْ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَالِكِ تَغْرِيمُهُ الْبَدَلَ عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ الْفَارِقِيُّ وَلِلْغَاصِبِ إجْبَارُ الْمَالِكِ عَلَى أَخْذِ الْبَدَلِ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَاجَةَ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى تَقْيِيدِ الْخَمْرِ بِالْمُحْتَرَمَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَيَّدُوهَا بِالْمُحْتَرَمَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَيْسَتْ مَغْصُوبَةً عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مَغْصُوبَةً بِاعْتِبَارِ مُدَّعِيهَا فَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّقْيِيدِ تَصْدِيقُ الْغَاصِبِ فِيهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>