الْمِسْكِ إذَا خَالَطَهُ غَيْرُهُ لَا عَلَى وَجْهِ التَّرْكِيبِ فَإِنْ كَانَ مَعْجُونًا بِغَيْرِهِ كَالْغَالِيَةِ وَالنِّدِّ صَحَّ الْبَيْعُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ السَّلَمِ وَالتَّعْلِيلِ يَقْتَضِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَجْمُوعُهُمَا لَا الْمِسْكُ وَحْدَهُ وَيُقْتَضَى أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْرُ الْمِسْكِ فِي الْأُولَى وَاللَّبَنُ فِي الثَّانِيَةِ مَعْلُومًا صَحَّ الْبَيْعُ وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ هُنَا عَنْ الْأَصْلِ كَلَامًا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدَيْنِ لَمْ أَرَهُ فِيهِ (أَوْ) بَيْعُهُ (فِي فَأْرَتِهِ) مَعَهَا أَوْ دُونَهَا فَلَا يَصِحُّ (وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَهَا) كَاللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ (نَعَمْ لَوْ) رَآهُ خَارِجَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهُ بَعْدَ رَدِّهِ إلَيْهَا أَوْ (رَآهَا فَارِغَةً ثُمَّ مُلِئَتْ مِسْكًا) لَمْ يَرَهُ (ثُمَّ رَأَى رَأْسَهَا) أَيْ رَأَى أَعْلَاهُ مِنْ رَأْسِهَا (جَازَ) وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ بَيْعٌ غَائِبٌ (وَإِنْ بَاعَهُ السَّمْنَ وَظَرْفَهُ أَوْ الْمِسْكَ وَفَأْرَتَهُ كُلُّ رَطْلٍ أَوْ قِيرَاطٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا كَمَا لَوْ بَاعَ فَوَاكِهَ مُخْتَلِطَةً هَذَا (إنْ عَرَفَا وَزْنَ كُلِّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (وَكَانَ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ وَوَجَّهُوهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلظَّرْفِ قِيمَةٌ بِأَنَّ الْبَيْعَ اشْتَمَلَ عَلَى اشْتِرَاطِ بَذْلِ مَالٍ فِي مُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الظَّرْفَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا أَنَّهُ مَضْمُومٌ فِي صَفْقَةِ الْمُتَمَوِّلِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ تَمْرَةً وَثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَهُوَ صَحِيحٌ قَطْعًا مَمْنُوعٌ وَمَا قَاسَ عَلَيْهِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا زَعَمَهُ (وَيَجُوزُ بَيْعُ حِنْطَةٍ مُخْتَلِطَةٍ بِشَعِيرٍ كَيْلًا وَوَزْنًا) بَلْ وَجُزَافًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ إذْ لَا مَانِعَ (وَيَجُوزُ بَيْعُ الْمَعْجُونَاتِ) كَالنِّدِّ (وَالْغَالِيَةِ) وَهِيَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ مِسْكٍ وَعَنْبَرٍ وَعُودٍ وَكَافُورٍ كَذَا فِي الْأَصْلِ فِي السَّلَمِ وَفِي التَّحْرِيرِ ذَكَرَ الدُّهْنَ مَعَ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ (لَا) بَيْعُ (تُرَابٌ مَعْدِنٍ) قَبْلَ تَمْيِيزِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَ) لَا تُرَابِ (صَاغَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَسْتُورٌ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُ فِيهِ عَادَةً كَبَيْعِ اللَّحْمِ فِي الْجِلْدِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (وَلَا يُشْتَرَطُ الذَّوْقُ وَالشَّمُّ فِي مِثْلِ الْخَلِّ وَالْمِسْكِ وَلَا لَمْسِ الثِّيَابِ) لِأَنَّ مُعْظَمَ الْمَقْصُودِ يَتَعَلَّقُ بِالرُّؤْيَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُهَا
(فَرْعٌ وَإِنْ رَأَى ثَوْبَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ قِيمَةً وَوَصْفًا وَقَدْرًا) كَنِصْفَيْ كِرْبَاسٍ (فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا) عَنْهُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ (صَحَّ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ (لَا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَوْصَافُ) الْمَذْكُورَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ لِجَهْلِ صِفَةِ الْمَبِيعِ وَلَمْ تُفِدْ الرُّؤْيَةُ السَّابِقَةُ الْعِلْمَ بِهَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي بَيْعِ عَبْدِهِ الْمُخْتَلِطِ بِعَبِيدِ غَيْرِهِ وَلَا يَعْرِفُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ) كَأَنْ ادَّعَى الْبَائِعُ رُؤْيَةَ الْمُشْتَرَى فَأَنْكَرَهَا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ وَهُوَ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِيهَا وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ نَافِيهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَأَيَّدَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذَّرِعَانِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ مُشَاعًا صَدَقَ الْبَائِعُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ظَاهِرٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْبَصَرِ الظَّاهِرِ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا فَلَا يُؤَثِّرُ إنْكَارُهَا بِخِلَافِ الْإِرَادَةِ (وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ شَجَرِ الْحَرَمِ وَالنَّقِيعِ) بِالنُّونِ وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا قُطِعَ لِدَوَاءٍ كَطَعَامٍ أُبِيحَ أَكْلُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُفَارِقُ هَذَا فِيمَا أُبِيحَ قَطْعُهُ لِدَوَاءٍ قَوْلَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ لَبَنَ الْأُضْحِيَّةَ الْمُعَيَّنَةِ يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَيَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ بِأَنَّ مَا هُنَا إنَّمَا أُبِيحَ لِحَاجَةٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي مَعْنَى أَشْجَارِ الْحَرَمِ أَحْجَارُهُ وَتُرَابُهُ (وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (نَصِيبِهِ مِنْ الْمَاءِ الْجَارِي) مِنْ نَهْرٍ أَوْ نَحْوِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ وَلِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَلِأَنَّ الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقُّ بِالْمَاءِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي آخِرَ الْبُيُوعِ الْمُنْهَى عَنْهَا.
[بَابُ الرِّبَا]
(بَابُ الرِّبَا) بِالْقَصْرِ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وَيُكْتَبُ بِهَا وَبِالْيَاءِ وَيُقَالُ فِيهِ الرَّمَاءُ بِالْمِيمِ وَالْمَدِّ هُوَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَشَرْعًا عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا
وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ زِيَادَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَرِبَا الْيَدِ وَهُوَ الْبَيْعُ مَعَ تَأْخِيرِ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا وَرِبَا النَّسَاءِ وَهُوَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ وَزَادَ الْمُتَوَلِّي رِبَا الْقَرْضِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ جَرُّ نَفْعٍ وَيُمْكِنُ عَوْدُهُ لِرِبَا الْفَضْلِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَكُلٌّ مِنْهَا حَرَامٌ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَقَوْلُهُ {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٨] وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ»
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَرْعٌ بَيْعُ مِسْكٍ اخْتَلَطَ بِغَيْرِهِ]
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِي الظَّرْفِ لَا الْمَظْرُوفُ نَفْسُهُ (مِنْهُ)
[فَرْعٌ رَأَى ثَوْبَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ قِيمَةً فَسَرَقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ]
(بَابُ الرِّبَا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute