للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْطِئًا (وَيَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ نِصْفُ دِيَةِ الْأَوَّلِ) ، وَيُهْدَرُ النِّصْفُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّانِي، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (فَإِنْ جَذَبَ الثَّانِي ثَالِثًا، وَمَاتُوا فَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي ثُلُثُ دِيَةِ الْأَوَّلِ وَثُلُثٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ، وَثُلُثٌ) آخَرُ (يَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لَكِنَّ ثِقَلَ الثَّانِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ نِصْفُ دِيَةِ الثَّانِي، وَيُهْدَرُ النِّصْفُ) الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجَذْبِ الْأَوَّلِ وَجَذْبِهِ لِلثَّالِثِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَلَا أَثَرَ لِلْحَفْرِ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ بِالْجَذْبِ، وَهُوَ مُبَاشَرَةٌ أَوْ سَبَبٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى الشَّرْطِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي دِيَةُ الثَّالِثِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَهْلَكَهُ بِجَذْبِهِ (فَلَوْ جَذَبَ الثَّالِثُ رَابِعًا) ، وَمَاتُوا (فَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ نِصْفُ دِيَةِ الْأَوَّلِ وَرُبُعٌ) مِنْهَا (يَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ وَرُبُعٌ) آخَرُ (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِأَرْبَعَةِ أَسْبَابٍ صَدْمَةِ الْبِئْرِ وَثِقَلِ الثَّلَاثَةِ لَكِنَّ ثِقَلَ الثَّانِي مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ ثُلُثَا دِيَةِ الثَّانِي وَثُلُثٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ جَذْبِ الْأَوَّلِ لَهُ وَثِقَلُ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ وَثِقَلُ الثَّالِثِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي نِصْفُ دِيَةِ الثَّالِثِ، وَنِصْفٌ) مِنْهَا (هَدَرٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبَيْنِ جَذْبِ الثَّانِي لَهُ وَثِقَلِ الرَّابِعِ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ (وَعَلَى عَاقِلَةِ الثَّالِثِ دِيَةُ الرَّابِعِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَهْلَكَهُ بِجَذْبِهِ.

(وَإِنْ) لَمْ يَقَعْ كُلُّ مَجْذُوبٍ عَلَى جَاذِبِهِ بَلْ (وَقَعَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (فِي نَاحِيَةٍ فَدِيَةُ كُلِّ مَجْذُوبٍ عَلَى عَاقِلَةِ جَاذِبِهِ، وَالْأَوَّلُ دِيَتُهُ تَتَعَلَّقُ بِعَاقِلَةِ الْحَافِرِ) أَمَّا إذَا حُفِرَتْ الْبِئْرُ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِهَا (وَمَنْ وَجَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ) أَوْ بَعْضُهَا (فَالْكَفَّارَةُ) تَجِبُ (فِي مَالِهِ) كَمَا تَكُونُ فِي مَالِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ.

[الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُتَقَاوِمَيْنِ]

(الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اجْتِمَاعِ سَبَبَيْنِ مُتَقَاوِمَيْنِ فَإِنْ اصْطَدَمَا) أَيْ حُرَّانِ كَامِلَانِ (فَمَاتَا سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مَاشٍ طَوِيلٍ وَرَاكِبٍ) الْأَوْلَى أَوْ مَاشِيًا طَوِيلًا وَرَاكِبًا (غَلَبَتْهُمَا الدَّابَّتَانِ) أَوْ لَا (وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا) أَيْ الْمَرْكُوبَانِ جِنْسًا، وَقُوَّةً (كَفَرَسَيْنِ أَمْ لَا كَفَرَسٍ، وَبَعِيرٍ أَوْ بَغْلٍ) وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ سَيْرُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَمْشِي وَالْآخَرُ يَعْدُو، وَسَوَاءٌ أَكَانَا مُقْبِلَيْنِ أَمْ مُدْبِرَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُقْبِلًا وَالْآخَرُ مُدْبِرًا وَسَوَاءٌ أَوَقَعَا مُنْكَبَّيْنِ أَمْ مُسْتَلْقِيَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالْآخَرُ مُسْتَلْقِيًا (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ) لِوَارِثِ الْآخِرِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ الْآخَرِ، فَفِعْلُهُ هَدَرٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَضْمُونٌ فِي حَقِّ الْآخَرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِمُخَفَّفَةٍ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدَا الِاصْطِدَامَ كَأَنْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ أَوْ غَافِلَيْنِ أَوْ فِي ظُلْمَةٍ (فَلَوْ تَعَمَّدَا) .

هـ (فَشِبْهُ عَمْدٍ) لَا عَمْدٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الِاصْطِدَامَ لَا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْعَمْدُ الْمَحْضُ، وَكَذَلِكَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ) مِنْهُمَا (نِصْفُ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ) لِوَارِثِ الْآخَرِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ مِنْ التَّخْفِيفِ وَالتَّغْلِيظِ ثُمَّ مَحَلُّ ذَلِكَ كُلِّهِ إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَى الدَّابَّتَيْنِ ضَعِيفَةً بِحَيْثُ يُقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَتِهَا مَعَ قُوَّةِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَرَكَتِهَا حُكْمٌ كَغَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي جِلْدَةِ الْعَقِبِ مَعَ الْجِرَاحَاتِ الْعَظِيمَةِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ أَحَدُ الرَّاكِبَيْنِ عَلَى فِيلٍ وَالْآخَرُ عَلَى كَبْشٍ؛ لِأَنَّا لَا نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِحَرَكَةِ الْكَبْشِ مَعَ حَرَكَةِ الْفِيلِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَعَلَى كُلٍّ) مِنْ الْمُصْطَدِمَيْنِ فِي تَرِكَتِهِ (كَفَّارَتَانِ) إحْدَاهُمَا لِقَتْلِ نَفْسِهِ وَالْأُخْرَى لِقَتْلِ صَاحِبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إهْلَاكِ نَفْسَيْنِ.

(وَ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَرِكَتِهِ (نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) أَيْ مَرْكُوبِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِتْلَافِ مَعَ هَدَرِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَقَدْ يَجِيءُ التَّقَاصُّ فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجِيءُ فِي الدِّيَةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَاقِلَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَثَتَهُ، وَعُدِمَتْ الْإِبِلُ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّتَانِ لَهُمَا (فَإِنْ كَانَتَا لِغَيْرِهِمَا) كَالْمُعَارَيْنِ وَالْمُسْتَأْجِرِينَ (لَمْ يُهْدَرْ مِنْهُمَا شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَ وَنَحْوَهُ مَضْمُونَانِ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ فَوَقَعَ عَلَيْهِ آخَرُ عَمْدًا بِغَيْرِ جَذْبٍ فَقَتَلَهُ]

قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ إلَخْ) لَوْ لَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُ الدَّابَّةِ عَلَى ضَبْطِهَا فَفِي ضَمَانِهِ إتْلَافَهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنْ اخْتِيَارِهِ، وَأَظْهَرُهُمَا نَعَمْ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَرْكَبَ إلَّا مَا يَضْبِطُهُ. اهـ. شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ إنْ قَهَرَتْهُ، وَقَطَعَتْ الْعِنَانَ الْوَثِيقَ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ مُضْطَرًّا إلَى رُكُوبِهَا (قَوْلُهُ: أَمْ مُدْبِرَيْنِ) بِأَنْ حَرَنَتْ الدَّابَّتَانِ فَاصْطَدَمَتَا مِنْ خَلْفٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَا أَعْمَيَيْنِ إلَخْ) أَوْ مُدْبِرَيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَرَكَتِهَا حُكْمٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) ، وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيُّ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ إلَخْ) ، قَالُوا أَرَادَ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي التَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الْمَاشِيَيْنِ كَمَا، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(تَنْبِيهٌ) فِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ الْخَانِيَ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى حِفْظِ دَابَّةٍ فَانْفَلَتَتْ عَلَى أُخْرَى، وَأَتْلَفَتْهَا وَغَلَبَتْهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِهَا فَلَا ضَمَانَ، قَالَ وَمَسْأَلَةُ السَّفِينَتَيْنِ إذَا غَلَبَتْ الرِّيحُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الدَّابَّةُ إذَا غَلَبَتْهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَفِي الْإِبَانَةِ نَحْوُ ذَلِكَ أَعْنِي نَحْوَ مَسْأَلَةِ الْخَانِي، قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: وَنِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ) تَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ هُوَ الْمَعْرُوفُ، وَلَا يُقَالُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ لِلتَّشْقِيصِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ إنَّهُ الصَّوَابُ.

(فَرْعٌ) اصْطَدَمَ اثْنَانِ بِإِنَاءَيْنِ فِيهِمَا طَعَامٌ فَانْكَسَرَا ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ قِيمَةِ إنَاءِ الْآخَرِ، وَأَمَّا الطِّعَامَاتُ فَإِنْ تَمَيَّزَا فَعَلَيْهِمَا مُؤْنَةُ الْفَضْلِ، وَأَرْشُ النَّقْصِ أَوْ اخْتَلَطَا، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ قُوِّمَ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثُمَّ قُوِّمَا بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْصٌ اشْتَرَكَا بِقَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ، وَفِي قِسْمَتِهِ بِالتَّرَاضِي قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ أَوْ إفْرَازٌ، وَإِلَّا ضَمِنَ كُلٌّ نِصْفَ الْأَرْشِ وَتَقَاصَّا ثُمَّ كَانَا فِي الشَّرِكَةِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: إذَا أَتْلَفَهُ ذُو الْيَدِ) أَيْ أَوْ فَرَّطَ فِيهِ وَكَانَا مِمَّنْ يَضْبِطَانِ الْمَرْكُوبَ أَمَّا مَنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ عَلَى الدَّابَّةِ فَمَضْمُونٌ لَا مَحَالَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>