للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ) لِاخْتِصَاصِ الْمَانِعِ بِغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا لِوَالِدَيْ وَلِفُلَانٍ وَعَكْسُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَدِمَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ قَدِمَ الْآخَرُ فَيَحْتَمِلُ الْقَطْعَ بِالْبُطْلَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ جِهَةِ الْعَطْفِ عَلَى الْبَاطِلِ كَمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَهُوَ الْوَجْهُ.

(فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْمُتَآجِرَيْنِ لِلْآخَرِ أَوْ عَلَيْهِ (لَا شَهَادَتُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (بِزِنَاهَا) أَيْ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ

(فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ) لَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي غِمْرٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَدُوٍّ حَقُودٍ عَلَى أَخِيهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَعَدُوُّ الْمَرْءِ مَنْ (يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ وَيَحْزَنُ بِمَسَرَّتِهِ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ (وَإِنْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ) عَلَيْهِ (لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ) وَلَوْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَدِّ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ) لِلْحَدِّ (لَيْسَ بِشَرْطٍ) فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ (وَلَا) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (عَلَى مَنْ ادَّعَى) عَلَيْهِ (أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ) وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ (فَإِنْ قَذَفَهُ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (بَعْدَ الشَّهَادَةِ) عَلَيْهِ (لَمْ يُؤَثِّرْ) فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ (فَرْعٌ الْبُغْضُ لِلَّهِ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِالْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ (لَيْسَ قَدْحًا) فِي الشَّهَادَةِ (فَمَنْ أَبْغَضْته لِفِسْقِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُك عَلَيْهِ كَشَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ) وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ (وَجَرْحِ الْعَالِمِ الرَّاوِي الْحَدِيثَ) أَوْ نَحْوِهِ كَالْمُفْتِي (نَصِيحَةً) كَأَنْ قَالَ لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ مُخَلِّطٌ أَوْ لَا تَسْتَفْتُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْفَتْوَى (لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ) لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ لِلنَّاسِ (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ) مِنْ الْعَدُوِّ (لِلْعَدُوِّ) إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ.

(فَرْعٌ حُبُّ الرَّجُلِ لِقَوْمِهِ لَيْسَ عَصَبِيَّةً) حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُمْ بَلْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ وَهِيَ أَنْ يُبْغِضَ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لَا تَقْتَضِي الرَّدَّ بِمُجَرَّدِهَا وَإِنَّمَا تَقْتَضِيهِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا دُعَاءُ النَّاسِ وَتَأَلُّفُهُمْ لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَالْوَقِيعَةِ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ (فَإِنْ أَلَّبَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ جَمَعَ جَمَاعَةً (عَلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

لِلْأَجْنَبِيِّ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي مُشْتَرَكٍ بِحَيْثُ يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ فَأَمَّا فِي مُشْتَرَكٍ لَا يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالْإِرْثِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّكْمِلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ مَعَ حُصُولِ النَّسَبِ فَالسَّبَبُ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِزِنَاهَا) وَلَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ) فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِهِ

[فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ لَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ لَهُ) وَإِنْ كَانَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ إنَّ مَحِلَّ رَدِّ الشَّهَادَةِ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا دَلَّ عَلَى الْعَدَاوَةِ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ وَنَحْوِهَا كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ وَهَلْ قَاذِفٌ أَمْ رَجُلٌ أَوْ زَوْجَتُهُ عَدُوٌّ لَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ) تَزْكِيَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَى الْعَدُوِّ بِحَقٍّ هَلْ تُرَدُّ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ دَعْوَى الدَّمِ كَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ بِسَمَاعِهَا لِأَنَّهُ أَثْبَتُ بِالتَّزْكِيَةِ أَمْرًا عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ وَقَالَ هُنَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِتَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ بِجَرْحِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً وَلَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ خَصْمُ وَارِثِهِ هَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَعُودُ إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ التَّرِكَةَ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فَهِيَ شَهَادَةُ الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِأَنَّهَا عَلَى الْمَيِّتِ لَا عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ دُونَ الْوَارِثِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ وَعَلَى الثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى هَذَا مَا إذَا ادَّعَى أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَرِثُوهُ مِنْ أَبِيهِمْ فَأَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فَعَلَى الثَّانِي لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْأَبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَقَالَ هُنَاكَ يُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ.

(قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ إلَخْ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ تُفْضِي إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةُ الْوَقْعِ فِي النُّفُوسِ تُسْفَكُ بِسَبَبِهَا الدِّمَاءُ وَتُقْتَحَمُ الْعَظَائِمُ (قَوْلُهُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَمَّنِي زَوَالِ نِعْمَتِهِ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْعَدَاوَةِ وَإِنَّمَا هُوَ الْحَسَدُ وَهُوَ حَرَامٌ وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهِ إلَى الْفِسْقِ وَالْكَلَامُ فِي عَدَاوَةٍ لَا يَفْسُقُ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا تَمَنِّي ذَلِكَ لَفْظًا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ) أَيْ الدُّنْيَوِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ) فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ صَوَّرَ الْعَدَاوَةَ الْمُوجِبَةَ لِلرَّدِّ بِمَا إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ فَقَالَ يَصِيرَانِ عَدُوَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَاكْتَفَى بِالْقَذْفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِطَلَبِ الْحَدِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَدَاوَةِ الْقَذْفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>