كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِنِسْبَةٍ لِلْأَبِ
(وَتَحْرُمُ الْمَنْفِيَّةُ بِاللِّعَانِ) عَلَى نَافِيهَا (وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ وَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ (وَفِي) وُجُوبِ (الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ (بِقَتْلِهِ لَهَا وَالْحَدِّ بِقَذْفِهِ لَهَا وَالْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَالِهَا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ) نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ التَّتِمَّةِ أَشْبَهَهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ هُنَا نَعَمْ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ فَاغْتَرَّ بِهَا الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ فَعَزَوْا تَصْحِيحَهُ إلَى نَقْلِ الشَّيْخَيْنِ لَهُ عَنْ التَّتِمَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّهَا وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهَا وَالْخَلْوَةِ بِهَا أَوْ لَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ وَبِنْتِهَا وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ
(السَّبَبُ الثَّانِي الرَّضَاعُ وَيَحْرُمُ بِهِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ)
لِلْآيَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ» وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ وَفِي أُخْرَى حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ (فَمُرْضِعَتُك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ وَمُرْضِعَاتُهَا) أَيْ وَمُرْضِعَاتُ مُرْضِعَتِك وَمُرْضِعَةُ أَبِيك مِنْ الرَّضَاعِ (وَمُرْضِعَاتُ مَنْ وَلَدَك) بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا (أُمَّهَاتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ وَكَذَا كُلُّ مَنْ وَلَدَتْ مُرْضِعَتُك أَوْ ذَا لَبَنِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.
(وَالْمُرْتَضِعَةُ بِلَبَنِك وَلَبَنِ فُرُوعِك نَسَبًا وَرَضَاعًا بِنْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) الْمُرْتَضِعَةُ (بِلَبَنِ أَحَدِ أَبَوَيْك) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ (أُخْتٌ) مِنْ الرَّضَاعِ (وَ) قِسْ (عَلَى هَذَا) بَقِيَّةَ الْأَصْنَافِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلُ
(فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ) فِي التَّحْرِيمِ كَمَا مَرّ قَرِيبًا مَعَ دَلِيلِهِ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْهُ (أُمُّ الْأَخِ) وَالْأُخْتِ (وَأُمُّ وَلَدِ الْوَلَدِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَجَدَّةُ الْوَلَدِ) وَإِنْ عَلَتْ (وَأُخْتُهُ) وَإِنْ سَفَلَ قَالَ الْجُرْجَانِيُّ وَأُمُّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمُّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ (فَإِنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ مِنْ النَّسَبِ وَلَا يَحْرُمْنَ مِنْ الرَّضَاعِ) ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حَرُمْنَ فِي النَّسَبِ لِكَوْنِ الْأُولَى أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا وَالثَّانِيَةُ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ كَذَلِكَ وَالثَّالِثَةُ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ أَوْ مَوْطُوءَةً كَذَلِكَ وَالرَّابِعَةُ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَةٍ كَذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةٌ أَوْ مَوْطُوءَةُ جَدٍّ كَذَلِكَ وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أُمُّ الْأَخِ.
كَذَا اسْتَثْنَى الصُّوَرَ الْمَذْكُورَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ (وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ لَا اسْتِثْنَاءَ؛ لِأَنَّهُنَّ) إنَّمَا (حَرُمْنَ) فِي النَّسَبِ (لِمَعْنًى آخَرَ) لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ كَمَا قَرَرْته وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ نَسَبٍ بِأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا أُمٌّ مِنْ رَضَاعٍ بِأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةَ زَيْدٍ أَوْ صَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا
(السَّبَبُ الثَّالِثُ الْمُصَاهَرَةُ فَيَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) وَإِنْ عَلَوْنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] (وَزَوْجَاتُ أُصُولِك) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ وَإِنْ عَلَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٢] (وَ) زَوْجَاتُ (فُرُوعِك) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ وَإِنْ سَفَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: ٢٣] .
وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ وَتَعْبِيرُهُ بِفُرُوعِك أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِابْنِك وَابْنِ ابْنِك أَمَّا الْعَقْدُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلُّ الْمَنْكُوحَةِ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الرَّوْضَةِ السَّقِيمَةِ مَا يَقْتَضِي تَصْحِيحَ مُقَابِلِهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَلْ يَأْتِي الْوَجْهَانِ إلَخْ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ هَلْ يَطَّرِدُ الْوَجْهَانِ فِي الْهِبَةِ لَهَا أَوْ يُقْطَعُ بِالْمَنْعِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ) قَدْ صَرَّحَ بِهِ يَعْنِي بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ حَيْثُ ذَكَرُوهُ فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ فِي الْمَانِعِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الْمَحْرَمِيَّةُ مِنْ النَّسَبِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي إلَخْ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ كَاتِبُهُ
[فَرْعٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ]
(قَوْلُهُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ مِنْهُ زَوْجَتُهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لَا بِالْأُخْتِيَّةِ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ لَا تَحْجُبُ بِخِلَافِ الْأُخْتِيَّةِ فَهِيَ أَقْوَى السَّبَبَيْنِ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَرِثَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا) يُقَاسُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْهُولًا فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُو الْمَرْأَةِ وَهُوَ صَغِيرٌ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا وَصَدَّقَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ لِاعْتِرَافِهِ بِفَسَادِهِ
[السَّبَبُ الثَّانِي مِنْ الْمُحَرَّمَاتُ مِنْ النِّكَاحِ أَبَدًا الرَّضَاعُ]
(قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَهَا الْأَصْلَ) قِيلَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَبَّهَ عَلَى تَحْرِيمِهِنَّ كُلِّهِنَّ بِالْمَذْكُورَتَيْنِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ السَّبْعَ إنَّمَا حَرُمْنَ لِمَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْإِخْوَةِ فَالْأُمُّ وَالْبِنْتُ بِالْوِلَادَةِ وَالْبَاقِي بِالْإِخْوَةِ أُمًّا لَهُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ وَتَحْرِيمُ بَنَاتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ بِوِلَادَةِ الْإِخْوَةِ
[فَرْعٌ الرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ فِي التَّحْرِيمِ]
(قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ أَخَ ابْنِ الْمَرْأَةِ) صُورَتُهَا فِي امْرَأَةٍ لَهَا ابْنٌ ثُمَّ إنَّهُ ارْتَضَعَ مِنْ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ فَذَاكَ الِابْنُ أَخُو ابْنِ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ أَوَّلًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهَذَا الَّذِي هُوَ أَخُو ابْنِهَا وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
أُخْتُ ابْنِهِ وَأَخُو ابْنِهَا وَجَدَّةُ ابْنِ مُرْضِعِهِ ... وَكَذَاك أُمُّ أُخْتِهِ مَعَ عَمٍّ وَخَالٍ فَاسْمَعْهُ
[السَّبَبُ الثَّالِثُ مِنْ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ الْأَبَدِيَّةِ الْمُصَاهَرَةُ]
(قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ بِمُجَرَّدِ عَقْدٍ صَحِيحٍ أُمَّهَاتُ زَوْجَتِك) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْحَالِ أَوْ الْمَاضِي حَتَّى يَشْمَلَ مَا لَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ الْمُرْضِعَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُطَلِّقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَلَا نَظَرَ إلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: ٢٢] قَالَ فِي الْأُمِّ يَعْنِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ عِلْمِكُمْ بِتَحْرِيمِهِ فَإِنَّهُ كَانَ أَكْبَرُ وَلَدِ الرَّجُلِ يَخْلُفُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ لَيْسَ أَنَّهُ أَقَرَّ فِي أَيْدِيهِمْ مَا فَعَلُوهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ