مَاءِ الْحَرْبِيِّ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَيْضًا حَكَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ (وَلَا تُزَالُ يَدُ السَّيِّدِ) عَنْ أَمَتِهِ الْمُسْتَبْرَأَةِ (مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ) ، وَإِنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ بَلْ هُوَ مُؤْتَمَنٌ فِيهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّ سَبَايَا أَوْطَاسٍ لَمْ يُنْزَعْنَ مِنْ أَيْدِي أَصْحَابِهِنَّ.
(فَصْلٌ: يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَوْرُوثَةِ وَالْمُوصَى بِهَا بَعْدَ الْقَبُولِ، وَكَذَا الْمَبِيعَةُ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا تَامٌّ لَازِمٌ فَأَشْبَهَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ (وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي) لِضَعْفِ الْمَالِكِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَيَلْزَمُ مِنْ حِلِّهِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ الِاعْتِدَادَ بِهِ إذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي. (فَرْعٌ: لَوْ مَلَكَ) أَمَةً (مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مَنْ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ) لَهُ (وَهُوَ مَدْيُونٌ فَحَاضَتْ) أَوْ وَلَدَتْ وَالْمُرَادُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ (قَبْلَ الْإِسْلَامِ) فِي الْأُولَيَيْنِ (وَقَضَاءِ الدَّيْنِ) فِي الثَّالِثَةِ (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِمَا يَسْتَعْقِبُهُ. (وَيُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَاءِ الْمَرْهُونَةِ) فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ هَذَا مَا حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَحَكَى مُقَابِلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ، وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ عَجِيبٌ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ تَعَلَّقَ الْغُرَمَاءُ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ضَابِطًا لِمَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ لِوَطْءٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ ثُمَّ تَحَلَّلَتْ وَالرُّويَانِيُّ مُوَافِقٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ يُخَالِفُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا بِلَا مُوجِبٍ.
(فَرْعٌ: وَطْءُ السَّيِّدِ) أَمَتَهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (لَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ) ، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِقِيَامِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ (فَإِنْ حَبِلَتْ) مِنْهُ (قَبْلَ الْحَيْضِ بَقِيَ التَّحْرِيمُ حَتَّى تَضَعَ) كَمَا لَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ تَحْبَلْ (أَوْ) حَبِلَتْ مِنْهُ (فِي أَثْنَائِهِ حَلَّتْ) لَهُ (بِانْقِطَاعِهِ) لِتَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَضَعَ كَمَا لَوْ أَحَبْلَهَا قَبْلَ الْحَيْضِ (النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ) عَنْ مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ (فَإِنْ أَعْتَقَ مَوْطُوءَتَهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا (وَلَيْسَتْ بِمُزَوَّجَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ) لِزَوَالِ فِرَاشِهَا فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ الزَّائِلِ فِرَاشُهَا عَنْ النِّكَاحِ؛ وَلِأَنَّ وَطْأَهُ مُحْتَرَمٌ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ بَلْ أَوْلَى (وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ سَقَطَ عَنْ الْمَوْطُوءَةِ) لِزَوَالِ فِرَاشِهِ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي الْحَالِ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِشَبَهِهَا بِفِرَاشِ الزَّوْجَةِ) فَلَا يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ زَوَالِ فِرَاشِهَا (وَلِهَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أُمَّ الْوَلَدِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا) مِنْ حِينِ اسْتِبْرَائِهَا (لَحِقَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ) وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ غَيْرُهُمَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ (وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْأَمَةِ مِنْ زَوْجٍ، وَأَرَادَ السَّيِّدُ وَطْأَهُمَا اسْتَبْرَأَ الْأَمَةَ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ بِفُرْقَةِ الزَّوْجِ دُونَ الْأَمَةِ. (وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ) عَنْهُمَا (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) أَيْ عِدَّةِ الزَّوْجِ (وَلَوْ لَمْ يَمْضِ) بَعْدَ انْقِضَائِهَا (لَحْظَةٌ أَوْ أَرَادَ تَزْوِيجَهُمَا اُسْتُبْرِئَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ دُونَ الْأَمَةِ) لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ مُضِيَّ لَحْظَةٍ لِتَعُودَ فِيهَا فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ مَصِيرَهَا فِرَاشًا أَمْرٌ حُكْمِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ حِسِّيٍّ (وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ) عَنْهُمَا (وَهُمَا مُتَزَوِّجَتَانِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ زَوْجٍ) لَا مِنْ (شُبْهَةٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ) عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا فِرَاشًا لَهُ بَلْ لِلزَّوْجِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ، وَهُمَا مَشْغُولَتَانِ بِحَقِّ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِمَا فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِقُصُورِهَا عَنْ دَفْعِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَصِيرَا بِذَلِكَ فِرَاشًا لِغَيْرِ السَّيِّدِ.
(وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ جَازَ) كَمَا تَتَزَوَّجُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ، وَقَدْ قَدَّمَهَا قَبْلَ فَرْعِ بَاعَ جَارِيَةً فَلَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ، وَقَالَ هُنَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
[فَصْلٌ يُعْتَد بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَوْرُوثَةِ]
قَوْلُهُ: وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَنَحْوِهِ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَرْعٌ لَوْ مَلَكَ أَمَةً مُرْتَدَّةً إلَخْ) يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ زِنْدِيقَةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مُنْتَقِلَةً مِنْ كُفْرٍ إلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَمِيعِهَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَجُوسِيَّةً) أَيْ أَوْ وَثَنِيَّةً (قَوْله فَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ إلَخْ) التَّعَلُّقُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ أَقْوَى مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ مِنْ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَأْذُونِ بِهَا، ثَانِيهِمَا: عَدَمُ انْحِصَارِ حَقِّ التَّعَلُّقِ فِيمَنْ عَلِمَ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَلِهَذَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا جَازَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ) ثُمَّ تَحَلَّلَتْ أَوْ صَائِمَةً صَوْمَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ مُعْتَكِفَةً اعْتِكَافًا مَنْذُورًا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا، وَجَعَلَ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ فُرُوعِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ صَلُحَتْ لِلْوَطْءِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَمَا قَالَهُ بَعِيدٌ جِدًّا. اهـ. لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ وَمَا بَعْدَهَا، وَقَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ فِيهَا بَعِيدٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ (قَوْلُهُ: النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ) شَمِلَ زَوَالُ الْفِرَاشِ زَوَالَ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْوَقْفِ، وَالْعِتْقِ، وَالْمَوْتِ وَزَوَالَ فِرَاشِ، وَاطِئٍ لِشُبْهَةٍ بِالْفِرَاقِ، وَزَوَالَ فِرَاشِ الْأَبِ عَنْ جَارِيَةِ الِابْنِ، وَزَوَالَ فِرَاشِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute