للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَانِي بِإِعْطَاءِ النَّقْدِ (وَلِلْجَانِي تَسْلِيمُهَا) أَيْ حِصَّةِ السَّيِّدِ (دَرَاهِمَ) ، أَوْ دَنَانِيرَ (لِلسَّيِّدِ) فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لَهُ يَجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ وَالْوَاجِبُ بِحَقِّ الْمِلْكِ النَّقْدُ فَإِذَا أَتَى بِهِ فَقَدْ أَتَى بِأَصْلِ حَقِّهِ وَحَاصِلُهُ تَخَيُّرُ الْجَانِي بَيْنَ تَسْلِيمِ حِصَّةِ السَّيِّدِ مِنْ الدِّيَةِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ بَيْنَ تَسْلِيمِ الدِّيَةِ وَالدَّرَاهِمِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ السَّيِّدَ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ حِصَّتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: إنَّهُ أَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَالْوَجْهَانِ بَحْثٌ لِلْإِمَامِ لَا نَقْلٌ عَنْ الْأَصْحَابِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَحَكَاهُ عَنْهُ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمُ الْإِجْبَارِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي بَسِيطِهِ يُفْهِمُ أَنَّ ذَلِكَ نَقْلٌ عَنْ الْأَصْحَابِ.

[فَرْعٌ كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا فِي الِانْتِهَاءِ]

(فَرْعٌ: كُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَا يَنْقَلِبُ مَضْمُونًا) فِي الِانْتِهَاءِ (بِتَغَيُّرِ الْحَالِ) كَأَنْ جَرَحَ مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكُلُّ جُرْحٍ أَوَّلُهُ مَضْمُونٌ ثُمَّ هُدِرَ الْمَجْرُوحُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ إلَّا ضَمَانُ الْجُرْحِ كَأَنْ جَرَحَ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ (وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الْحَالَيْنِ اُعْتُبِرَ فِي قَدْرِ الضَّمَانِ الِانْتِهَاءُ) كَأَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ لِغَيْرِهِ فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَتَجِبُ الدِّيَةُ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ (وَفِي الْقِصَاصِ تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ مِنْ الْفِعْلِ) كَالرَّمْيِ (إلَى الْفَوْتِ) ، وَهُوَ انْتِهَاءُ الْجِنَايَةِ

[بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ]

[الْفَصْل الْأَوَّلُ فِي أَرْكَان الْقِصَاص]

(بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ) الْأَوْلَى فِي غَيْرِ النَّفْسِ (وَفِيهِ أَرْبَعَةُ فُصُولٍ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْقَطْعُ) فَيُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَمْدًا مَحْضًا عُدْوَانًا كَمَا فِي النَّفْسِ (فَلَا قِصَاصَ فِي خَطَئِهِ) كَإِصَابَةِ إنْسَانٍ بِحَجَرٍ قَصَدَ بِهِ الرَّامِي جِدَارًا فَأَوْضَحَهُ (وَلَا فِي شِبْهِ عَمْدِهِ كَاللَّطْمَةِ تَتَوَرَّمُ) بِأَنْ يَتَوَرَّمَ مَحَلُّهَا (وَتُوضِحُ) هِيَ عَظْمَهُ (وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا الْخَفِيفِ وَالْحَجَرِ الْمُحَدَّدِ) أَيْ الضَّرْبُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (عَمْدٌ فِي الشِّجَاجِ) لَا فِي النَّفْسِ (لِأَنَّهُ يُوضِحُ غَالِبًا) ، وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا (وَقَدْ يَكُونُ) الْفِعْلُ مِنْ ضَرْبٍ وَغَيْرِهِ (عَمْدًا فِي النَّفْسِ) أَيْضًا فَالْأَوَّلُ (كَإِيضَاحِهِ) شَخْصًا (بِمَا يُوضِحُ غَالِبًا، وَلَا يَقْتُلُ غَالِبًا) كَالضَّرْبِ بِعَصًا خَفِيفٍ (فَمَاتَ) بِهِ فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ دُونَ النَّفْسِ، وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا مَاتَ فِي الْحَالِ بِلَا سِرَايَةٍ، وَإِلَّا فَيُوجِبُهُ فِيهَا أَيْضًا (وَ) الثَّانِي (كَفَقْءِ الْعَيْنِ) أَيْ بَخْصِهَا (بِالْأُصْبُعِ فَإِنَّهُ عَمْدٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ) فِي الْعَيْنِ وَالنَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْأُصْبُعَ فِي الْعَيْنِ تَعْمَلُ عَمَلَ السِّلَاحِ ثُمَّ بَيَّنَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ بِقَوْلِهِ (وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاطِعِ التَّكْلِيفُ وَالْتِزَامُ الْأَحْكَامِ وَفِي الْمَقْطُوعِ الْعِصْمَةُ وَالْمُكَافَأَةُ لَا التَّسَاوِي فِي الْبَدَلِ فَيُقْطَعُ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ كَمَا فِي النَّفْسِ وَتُقْطَعُ جَمَاعَةٌ) أَيْ أَيْدِيهِمْ (بِيَدٍ) لِوَاحِدٍ (تَحَامَلُوا عَلَيْهَا) دَفْعَةً وَاحِدَةً بِسِكِّينٍ، أَوْ نَحْوِهَا حَتَّى أَبَانُوهَا، أَوْ أَبَانُوهَا بِضَرْبَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا كَمَا فِي النَّفْسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي سَرِقَةِ نِصَابٍ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ مَحَلُّ الْمُسَاهَلَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْقَوَدِ.

وَلِهَذَا لَوْ سَرَقَ نِصَابًا دَفْعَتَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَوْ أَبَانَ الْيَدَ بِدَفْعَتَيْنِ قُطِعَ (لَا إنْ) تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ كَأَنْ (حَزَّ كُلٌّ) مِنْهُمْ (مِنْ جَانِبٍ وَالْتَقَى الْحَدِيدَتَانِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَا) أَيْ اثْنَانِ (قَطْعَ الْمِنْشَارِ) بِالنُّونِ وَبِالْيَاءِ وَبِالْهَمْزِ فَلَا قَطْعَ عَلَى أَحَدٍ فِي الْأُولَى خِلَافًا لِصَاحِبِ التَّقْرِيبِ، وَلَا فِي الثَّانِيَةِ (عِنْدَ الْجُمْهُورِ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ لِاشْتِمَالِ الْمَحَلِّ عَلَى أَعْصَابٍ مُلْتَفَّةٍ وَعُرُوقٍ ضَارِبَةٍ وَسَاكِنَةٍ مَعَ اخْتِلَافِ وَضْعِهَا فِي الْأَعْضَاءِ (بَلْ عَلَى كُلٍّ) مِنْهُمْ (حُكُومَةٌ) تَلِيقُ بِجِنَايَتِهِ (مَجْمُوعُهَا دِيَةُ يَدٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَبْلُغُ مَجْمُوعُ الْحُكُومَاتِ دِيَةَ الْيَدِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي صُورَةِ الْجُمْهُورِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ.

(تَنْبِيهٌ) مَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْجُمْهُورِ فِي صُورَةِ الْمِنْشَارِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ صُوَرِ التَّمْيِيزِ مَثَّلَ بِهِ ابْنُ كَجٍّ لِصُورَةِ الِاشْتِرَاكِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيَحِلُّ الْإِشْكَالُ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَنَّ الْإِمْرَارَ يُصَوَّرُ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَتَعَاوَنَا فِي كُلِّ جَذْبَةٍ وَرَسْلَةٍ فَيَكُونُ مِنْ صُوَرِ الِاشْتِرَاكِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَجْذِبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى جِهَةِ نَفْسِهِ وَيَفْتُرُ عَنْ الْإِرْسَالِ فِي جِهَةِ صَاحِبِهِ فَيَكُونُ الْبَعْضُ مَقْطُوعَ هَذَا وَالْبَعْضُ مَقْطُوعَ ذَاكَ وَيَكُونُ الْحُكْمُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: وَمَا صَوَّرَ بِهِ الْإِمَامُ كَلَامَ الْجُمْهُورِ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ) فِي غَيْرِ النَّفْسِ مِنْ الْجِنَايَاتِ (، وَهِيَ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَهُوَ (ثَلَاثَةُ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ قَطَعَ حُرٌّ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ جَرَحَهُ اثْنَانِ]

بَابُ الْقِصَاصِ فِي الْأَطْرَافِ) (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النَّفْسِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَعُمُومُ قَوْلِهِ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] ؛ وَلِأَنَّ الْأَطْرَافَ أَجْزَاءُ الْجُمْلَةِ فَاعْتُبِرَ فِي قِصَاصِهَا مَا اُعْتُبِرَ فِي قِصَاصِ الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: فَيُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْمُوضِحَةِ دُونَ النَّفْسِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَرْزِ الْإِبْرَةِ فِي الدِّمَاغِ حَيْثُ يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُوجِبُهُ فِيهَا أَيْضًا) قَالَ لِحُدُوثِ الْقَتْلِ مِنْ جُرْحٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ سِرَايَتُهُ مُوجِبَةً لِلْقِصَاصِ اعْتِبَارًا بِمُوجِبِهَا (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاطِعِ التَّكْلِيفُ) ، وَكَوْنُهُ غَيْرَ أَصْلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَغَيْرَ سَيِّدٍ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ فِي الْغُنْيَةِ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>