للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِقِ أَمَّا إذَا عَرَفَ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ (وَإِنْ جَهِلَ) أَيْ مَنْ كَتَبَ أَوَّلًا (بَحَثَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فَلَهُ أَمْرُهُ) أَيْ الْمُسْتَفْتِي (بِإِبْدَالِهَا) أَيْ الرُّقْعَةِ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ مَعَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَأْمُرَ صَاحِبَهَا بِإِبْدَالِهَا (فَإِنْ تَعَسَّرَ) إبْدَالُهَا (أَجَابَ بِلِسَانِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيَنْبَغِي لِلْمُسْتَفْتِي أَنْ يَبْدَأَ مِنْ الْمُفْتِيِّينَ بِالْأَسَنِّ الْأَعْلَمِ وَبِالْأَوْلَى فَالْأَوْلَى إذَا أَرَادَ جَمْعَهُمْ فِي رُقْعَةٍ وَإِلَّا فَمَنْ شَاءَ وَتَكُونُ الرُّقْعَةُ وَاسِعَةً يَدْعُو فِيهَا لِمَنْ يَسْتَفْتِيهِ وَيَدْفَعُهَا لَهُ مَنْشُورَةً وَيَأْخُذُهَا كَذَلِكَ فَيُرِيحُهُ مِنْ نَشْرِهَا وَطَيِّهَا (وَإِنْ عَدِمَ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ وَاقِعَةٍ (الْمُفْتِي فِي بَلَدِهِ وَغَيْرِهَا) الْأَوْلَى وَغَيْرِهِ (وَلَا) وَجَدَ (مَنْ يَنْقُلُ لَهُ حُكْمَهَا فَلَا يُؤَاخَذُ صَاحِبُ الْوَاقِعَةِ بِشَيْءٍ يَصْنَعُهُ) فِيهَا (إذْ لَا تَكْلِيفَ) عَلَيْهِ كَمَا لَوْ كَانَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَفِي نُسْخَةٍ وَمَنْ يَنْقُلُ بِحَذْفِ لَا وَهِيَ أَوْلَى وَأَخْصَرُ

(فَرْعٌ) لَوْ (أَفْتَاهُ) مُفْتٍ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ فَتْوَاهُ (قَبْلَ الْعَمَلِ) بِهَا كَفَّ (عَنْهُ) وُجُوبًا (وَكَذَا إذَا نَكَحَ امْرَأَةً) أَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى نِكَاحِهَا (بِفَتْوَاهُ ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهَا (لَزِمَهُ فِرَاقُهَا كَمَا) فِي نَظِيرِهِ (فِي الْقُبْلَةِ) وَاحْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ (وَإِنْ رَجَعَ) عَنْهَا (بَعْدَ الْعَمَلِ) بِهَا (وَقَدْ خَالَفَ) مَا أَفْتَاهُ بِهِ الْمُفْتِي (دَلِيلًا قَاطِعًا نَقَضَهُ) أَيْ عَمَلَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ قَاطِعًا بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ (فَلَا) يَنْقُضُهُ؛ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ (، وَإِنْ كَانَ الْمُفْتِي مُقَلِّدًا لِإِمَامٍ) مُعَيَّنٍ (فَنَصُّ إمَامِهِ، وَإِنْ كَانَ اجْتِهَادِيًّا فِي حَقِّهِ كَالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ) فِي حَقِّ الْمُجْتَهِدِ الْمُسْتَقِلِّ فَإِذَا رَجَعَ الْمُفْتِي عَنْ فَتْوَاهُ لِكَوْنِهَا خَالَفَتْ نَصَّ إمَامِهِ وَجَبَ نَقْضُ الْعَمَلِ وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَفْتِي بِرُجُوعِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ فِي حَقِّهِ (وَعَلَى الْمُفْتِي إعْلَامُهُ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ وَجَبَ النَّقْضُ، وَإِنْ أَتْلَفَ بِفَتْوَاهُ) مَا اسْتَفْتَاهُ فِيهِ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ خَالَفَ الْقَاطِعَ أَوْ نَصَّ إمَامِهِ (لَمْ يَغْرَمْ) مَنْ أَفْتَاهُ (وَلَوْ كَانَ أَهْلًا) لِلْفَتْوَى إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ

(فَرْعٌ يَجُوزُ) لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ (تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ إنْ دُوِّنَتْ الْمَذَاهِبُ كَالْيَوْمِ) فَلَهُ أَنْ يُقَلِّدَ كُلًّا فِي مَسَائِلَ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَسْأَلُونَ تَارَةً مِنْ هَذَا وَتَارَةً مِنْ هَذَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ (وَلَهُ الِانْتِقَالُ مِنْ مَذْهَبِهِ) إلَى مَذْهَبٍ آخَرَ سَوَاءٌ قُلْنَا يَلْزَمُهُ الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْأَعْلَمِ أَمْ خَيَّرْنَاهُ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ فِي الْقِبْلَةِ هَذَا أَيَّامًا، وَهَذَا أَيَّامًا (لَكِنْ لَا يَتَّبِعُ الرُّخَصَ) لِمَا فِي تَتَبُّعِهَا مِنْ انْحِلَالِ رِبْقَةِ التَّكْلِيفِ (فَإِنْ تَتَبَّعَهَا مِنْ الْمَذَاهِبِ الْمُدَوَّنَةِ فَهَلْ يُفَسَّقُ) أَوْ لَا (وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا لَا بِخِلَافِ تَتَبُّعِهِمَا مِنْ الْمَذَاهِبِ غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ فَلَا يُفَسَّقُ قَطْعًا وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ يُفَسَّقُ قَطْعًا

(فَصْلٌ يَسْتَخْلِفُ) جَوَازًا (فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ) كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةِ (قَاضٍ أَذِنَ لَهُ) فِي الِاسْتِخْلَافِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى فَصْلِ الْخُصُومَاتِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِأَنْ أَطْلَقَ لَهُ التَّوْلِيَةَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ (جَازَ) لَهُ الِاسْتِخْلَافُ (فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ) كَقَضَاءِ بَلَدَيْنِ أَوْ بَلَدٍ كَبِيرٍ؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ مُشْعِرَةٌ بِالْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَقَضَاءِ بَلَدٍ صَغِيرٍ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يَرْضَ بِنَظِيرِ غَيْرِهِ وَلَا قَرِينَةَ تُشْعِرُ بِخِلَافِهِ (فَلَوْ نَهَى عَنْهُ) ، وَقَدْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْ بَعْضِهِ (بَطَلَتْ) تَوْلِيَتُهُ لَهُ (فِيمَا عَجَزَ) عَنْهُ وَصَحَّتْ فِيمَا عَدَاهُ (وَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ خَلِيفَتِهِ) حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ (كَخَلِيفَةٍ لَا يَصْلُحُ) لِلْقَضَاءِ (وَالْخَلِيفَةُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَعْرِفَ شُرُوطَ الْوَاقِعَةِ) حَتَّى أَنَّ نَائِبَ -

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ أَفْتَاهُ مُفْتٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ فَتْوَاهُ قَبْلَ الْعَمَلِ بِهَا]

قَوْلُهُ لَوْ أَفْتَاهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ وَلَكِنْ قَالَ لِلْمُسْتَفْتِي مُجْتَهِدٌ أَخْطَأَ مَنْ قَلَّدْته لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ أَعْلَمَ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ) أَيْ وَلَا إلْجَاءٌ

[فَرْعٌ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ تَقْلِيدُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ إنْ دُوِّنَتْ الْمَذَاهِبُ]

(قَوْلُهُ فَهَلْ يَفْسُقُ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَفْسُقُ إنْ غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ

[فَصْلٌ يَسْتَخْلِفُ قَاضٍ جَوَازًا فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةِ]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ يَسْتَخْلِفُ فِي عَامٍّ وَخَاصٍّ قَاضٍ أَذِنَ لَهُ) شَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْلَافَ الْقَاضِي وَلَوْ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَاسْتِخْلَافُهُ وَلَدَهُ أَوْ وَالِدَهُ إذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِلصِّفَاتِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ كَمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَيْضًا تَقْلِيدُ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ لِلْقَضَاءِ وَيُشْكِلُ عَلَى جَزْمِهِمْ بِجَوَازِ اسْتِخْلَافِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ سَمَاعُ الْقَاضِي شَهَادَةَ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ فَإِنَّ الْبَغَوِيّ حَكَى فِيهَا وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ مِنْهُمَا الْمَنْعَ قَالَ فِي الْغُنْيَةِ وَكَأَنَّ وَجْهَهُ تَضَمَّنَهُ التَّعْدِيلُ، وَهُوَ مُتَّهَمٌ فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي تَفْوِيضِ الْحُكْمِ إلَيْهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ اسْتِخْلَافِ الْوَلَدِ أَوْ الْوَالِدِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الشُّرُوطُ مُجْتَمِعَةً فِيهِ ظَاهِرَةً عِنْدَ النَّاسِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ عَدَمِ ثُبُوتِ عَدَالَتِهِمَا عِنْدَ غَيْرِ الْأَصْلِ أَوْ الْفَرْعِ فَإِنْ كَانَتْ عَدَالَتُهُ مَعْرُوفَةً ثَابِتَةً عِنْدَ غَيْرِ الْأَبِ أَوْ الِابْنِ فَيُجْزَمُ بِالْقَبُولِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قِسْ (قَوْلُهُ جَازَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ) وَالْمَرَضُ وَالْغَيْبَةُ عَنْ الْبَلَدِ لِشُغْلٍ كَالْعَجْزِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ كَقَضَاءِ بَلَدٍ إلَخْ) هَذَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْعَامِّ أَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فِي أَمْرٍ خَاصٍّ كَتَحْلِيفٍ وَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بَطَلَتْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ) فَلَوْ كَانَ عَاجِزًا عِنْدَ الْوِلَايَةِ عَنْ شَيْءٍ قَدَرَ عَلَيْهِ لَمْ يَقْضِ فِيهِ؛ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ لَمْ تَشْمَلْهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْفُذْ حُكْمُ خَلِيفَتِهِ) فَإِنْ تَرَاضَيَا بِهِ الْتَحَقَ بِالْمُحَكَّمِ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ هَذَا إذَا عَلِمَا فَسَادَ تَوْلِيَتِهِ فَإِنْ جَهِلَا فَقَدْ بَيَّنَّا الْأَمْرَ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ مُلْزِمٌ بِغَيْرِ تَرَاضِيهِمَا فَلَا يَلْحَقُ بِالْمُحَكَّمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَهَذَا أَشْبَهُ (تَنْبِيهٌ)

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إذَا وَلَّى الْقَاضِي الْكَبِيرُ كَقَاضِي الشَّامِ مَثَلًا قَاضِيًا فِي بَلْدَةٍ هَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ وَعَدَمِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي قَاضِي الْإِمَامِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَفِيهِ لِلتَّرَدُّدِ مَجَالٌ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ فَمَا جَازَ لِلْوَكِيلِ جَازَ لَهُ وَمَا لَا فَلَا وَالْفَرْقُ قُوَّةُ وِلَايَةِ مَنْصُوبِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَائِبٍ لَهُ وَلِهَذَا لَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالُهُ بِخِلَافِ هَذَا وَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ مُشْتَمِلًا عَلَى مِصْرَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ كَالْبَصْرَةِ وَبَغْدَادَ يَتَخَيَّرُ فَإِذَا نَظَرَ فِي أَحَدِهِمَا فَفِي انْعِزَالِهِ عَنْ الْآخَرِ وَجْهَانِ مُحْتَمَلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَدْ انْعَزَلَ عَنْهُ لِتَعَذُّرِ حُكْمٍ فِيهِ بِالْعَجْزِ

<<  <  ج: ص:  >  >>