للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

(وَقَالَ) وَفِي نُسْخَةٍ وَادَّعَى (فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ تَفْوِيضٌ) وَأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ نَصًّا قَاطِعًا وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى وَالنَّصُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ قَاطِعًا بَلْ يَحْتَمِلُ جِدًّا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ (وَسُكُوتُ السَّيِّدِ) عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ (عِنْدَ الْعَقْدِ تَفْوِيضٌ) لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْهُ فِي الْعَقْدِ يُشْعِرُ بِرِضَاهُ بِدُونِهِ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ وَالشَّرْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ لَهَا بِالْمَصْلَحَةِ (وَلَوْ زَوَّجَهَا) الْوَلِيُّ (بِإِذْنِهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (وَإِنْ وَطِئَ صَحَّ) النِّكَاحُ كَمَا لَوْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا بِإِلْغَاءِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ) لَا؟ فَ (تَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ) بِالْعَقْدِ وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ فَاسِدًا (وَجْهَانِ) وَبِالثَّانِي قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ كَمَا فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ إيرَادِ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ.

(فَرْعٌ) لَوْ (نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (أَوْ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ) لَهَا (وَتُعْطِيَهُ) أَيْ وَتُعْطِيَ زَوْجَهَا (أَلْفًا) وَقَدْ أَذِنَتْ بِذَلِكَ (فَمُفَوِّضَةٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي التَّفْوِيضِ (وَإِنْ زَوَّجَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ) مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقَدْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِلَا مَهْرٍ (صَحَّ الْمُسَمَّى أَوْ) زَوَّجَهَا (بِدُونِهِ فَمُفَوِّضَةٌ) فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ بِالْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ وَهُوَ عَجِيبٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى تَسْمِيَةٍ فَاسِدَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ

(الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِهِ) أَيْ التَّفْوِيضِ (فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ) لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ لَوْ نَكَحَ فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِمُفَوِّضَةٍ بِحَالٍ ثُمَّ وَطِئَ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ (لَا بِالْعَقْدِ) إذْ لَوْ وَجَبَ بِهِ لِتَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى الصَّحِيحِ وَقَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُتْعَةُ (أَوْ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ وَلِأَنَّ «يَرْوُعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نَكَحَتْ بِلَا مَهْرٍ فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ

وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ (أَكْثَرُ مَا كَانَ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ وَكَذَا فِي) صُورَةِ (الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ و) مَهْرِهَا (يَوْمَ الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ وَيَوْمَ الْوَطْءِ فِي وَجْهٍ) وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ فِي صُورَةِ الْمَوْتِ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ وَيَنْبَغِي فِيهَا اعْتِبَارُ يَوْمِ الْعَقْدِ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ الْوَطْءِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهَا هُنَا لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ اعْتِبَارَ يَوْمِ الْعَقْدِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِينَ (وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ) لِلزَّوْجِ (بِالْفَرْضِ) لِمَهْرٍ (قَبْلَ الْمَسِيسِ وَحَبْسِ نَفْسِهَا لَهُ) أَيْ لِلْفَرْضِ لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَكَذَا) لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا (لِلتَّسْلِيمِ) أَيْ تَسْلِيمِ الْمَفْرُوضِ كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ (وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ فَلَا مَهْرَ لَهَا) أَيْ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ.

(فَرْعٌ الْمَفْرُوضُ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

(قَوْلُهُ وَسُكُوتُ السَّيِّدِ عَنْ مَهْرِ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ) وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ وَأَمَةِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إذَا رَكِبَتْهُ الدُّيُونُ وَأَمَةِ الْقِرَاضِ إذَا فَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَالُ قِرَاضٍ وَقَوْلُهُ إذَا قُلْنَا بِأَنَّ مَهْرَهَا لِلْمُوصَى لَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إذْنِ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ إلَخْ) وَفَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ يَذْكُرُ الْمَهْرَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجْعَلْ تَفْوِيضًا وَلَا كَذَلِكَ السَّيِّدُ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَخْلُفُهُ فَعُدَّ تَفْوِيضًا اهـ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَلَوْ أَذِنَتْ الْمَرْأَةُ فِي التَّزْوِيجِ وَأَطْلَقَتْ إذْنَهَا وَلَمْ تَذْكُرْ الْمَهْرَ نَافِيَةً وَلَا مُثْبِتَةً فَإِذْنُهَا الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى طَلَبِ الْمَهْرِ وِفَاقًا وَهُوَ بِمَثَابَةِ إذْنِ مَالِكِ الْمَتَاعِ فِي بَيْعِ مَتَاعِهِ اهـ وَسَكَتَ عَلَيْهِ (تَنْبِيهٌ) مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّ تَفْوِيضَ الْمُكَاتَبَةِ بِرِضَا السَّيِّدِ صَحِيحٌ كَتَبَرُّعِهَا بِإِذْنِهِ وَأَنَّ تَفْوِيضَ الْمَرِيضَةِ يَصِحُّ إنْ صَحَّتْ وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ تَبَرُّعًا فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّفْوِيضَ فِي مَرَضِهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ لَا يُقَالُ يَجِبُ لَهَا بِالْمَوْتِ الْمَهْرُ فَلَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَبَهِهَا.

(قَوْلُهُ وَهَلْ تَبْقَى مُفَوِّضَةً) وَيُجْعَلُ التَّفْوِيضُ صَحِيحًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا فَهُوَ الْأَصَحُّ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ وَجَّهَهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إنَّمَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ حَيْثُ ذَكَرَ مُسَمًّى دُونَ مَا إذَا فَوَّضَ بِزِيَادَةِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا وَلَا نَفَقَةَ كَانَ أَبْلَغَ فِي التَّفْوِيضِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَمَا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْفَسَادَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ فَكَذَا اشْتِرَاطُ نَفْيِ الْمَهْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ زَوَّجَهَا بِدُونِهِ) أَيْ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَانِ الْبَغَوِيّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ عَجِيبٌ إلَخْ) الْعَجِيبُ مَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ التَّسْمِيَةَ الْفَاسِدَةَ كَلَا تَسْمِيَةٍ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَهْرِ وَالتَّسْمِيَةُ الْفَاسِدَةُ إنَّمَا تَقْتَضِي وُجُوبَ مَهْرِ مِثْلٍ بِالْعَقْدِ فِي غَيْرِ التَّفْوِيضِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي حُكْمِ التَّفْوِيضِ]

(قَوْلُهُ فَلِلْمُفَوِّضَةِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ لَا بِالْعَقْدِ) الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ الْعَقْدُ سَبَبٌ لِوُجُوبِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ الْمَهْرُ أَوْ مَا يَتَرَاضَيَانِ بِهِ وَذَلِكَ الْوَاجِبُ يَتَعَيَّنُ إمَّا بِتَرَاضِيهِمَا وَإِمَّا بِالْوَطْءِ وَإِمَّا بِالْمَوْتِ فَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ وَالْعَقْدُ سَبَبٌ وَالْوَاجِبُ مُبْهَمٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأَوْجُهَ إلَخْ) الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ تَرْجِيحُ اعْتِبَارِهِ إذْ الْبُضْعُ قَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْمُقَرَّرُ وَهُوَ الْمَوْتُ كَالْوَطْءِ وَمَتَى اخْتَلَفَ النَّقْدُ اُعْتُبِرَ فِيهِ حَالَةُ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُؤَجَّلًا) لَيْسَ لَنَا دَيْنٌ يَتَأَجَّلُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ إلَّا هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>