للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ النَّصِّ.

[الشَّرْط الثَّالِث أَنْ يَجْمَعَهُمَا أَيْ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ مَوْقِفٌ]

ٌ) إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الِاقْتِدَاءِ اجْتِمَاعُ جَمْعٍ فِي مَكَان كَمَا عُهِدَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَاتُ فِي الْعُصُرِ الْخَالِيَةِ. وَمَبْنَى الْعِبَادَاتِ عَلَى رِعَايَةِ الِاتِّبَاعِ، وَلِاجْتِمَاعِهِمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّهُمَا إمَّا أَنْ يَكُونَا بِمَسْجِدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي فَضَاءٍ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا بِمَسْجِدٍ، وَالْآخَرُ بِغَيْرِهِ، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَإِنْ كَانَا فِي مَسْجِدٍ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ وَاخْتَلَفَتْ أَبْنِيَةٌ) مِنْهُ كَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَنَارَةٍ (تَنْفُذُ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ وَإِنْ أُغْلِقَتْ) ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ مَبْنِيٌّ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُجْتَمِعُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ لِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ مُؤَدُّونَ لِشِعَارِهَا أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَيْهِ فَلَا يُعَدُّ الْجَامِعُ لَهَا مَسْجِدًا وَاحِدًا.

وَخَالَفَ فِيهِ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَضُرُّ الشُّبَّاكُ فَلَوْ وَقَفَ مِنْ وَرَائِهِ بِجِدَارِ الْمَسْجِدِ ضَرَّ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ قَالَ الْحِصْنِيُّ، وَهُوَ سَهْوٌ، وَالْمَنْقُولُ فِي الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَضُرُّ أَيْ أَخْذًا مِنْ شَرْطِهِ تَنَافُذَ أَبْنِيَةِ الْمَسْجِدِ (وَالْمَسَاجِدُ) الْمُتَلَاصِقَةُ (الَّتِي) تَنْفُذُ (أَبْوَابُ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ كَالْمَسْجِدِ) الْوَاحِدِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ، وَإِنْ بَعُدَتْ الْمَسَافَةُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَبْنِيَةُ وَانْفَرَدَ كُلُّ مَسْجِدٍ بِإِمَامٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجَمَاعَةٍ (إلَّا إنْ حَالَ) بَيْنَهُمَا (نَهْرٌ قَدِيمٌ) بِأَنْ حُفِرَ قَبْلَ حُدُوثِهَا، فَلَا تَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ بَلْ كَمَسْجِدٍ وَغَيْرِهِ وَسَيَأْتِي (لَا) نَهْرٌ (طَارِئٌ) بِأَنْ حُفِرَ بَعْدَ حُدُوثِهَا فَتَكُونُ كَالْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ فَيُعْتَبَرُ قُرْبُ الْمَسَافَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَهَذَانِ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا الْأَصْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ وَلَا مُنَافَاةَ بَلْ مَا سَلَكَهُ الْمُصَنِّفُ مَأْخُوذٌ مِمَّا فِي الْأَصْلِ وَكَالنَّهْرِ الطَّرِيقُ.

(وَعُلْوُ الْمَسْجِدِ كَسُفْلِهِ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ فَهُمَا مَسْجِدٌ وَاحِدٌ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ السَّابِقُ (وَكَذَا رَحَبَتُهُ) مَعَهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ، وَهِيَ مَا كَانَ خَارِجَهُ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ، فَإِنْ انْفَصَلَتْ فَكَمَسْجِدٍ آخَرَ وَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ اسْتَحْسَنَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي حَيْلُولَةِ النَّهْرِ الْقَدِيمِ بَيْنَ جَانِبَيْ الْمَسْجِدِ وَحَيْلُولَةِ الطَّرِيقِ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ، وَالْأَصْحَابُ عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا لَا حُجَّةَ فِيهِ إذْ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ فِيهَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ طَرِيقٌ يَكُونَانِ كَمَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا.

وَالْأَشْبَهُ لَا، كَمَا قَالَهُ ابْنُ كَجٍّ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ نَدْرِ أَوُقِفَتْ مَسْجِدًا أَمْ لَا هَلْ تَكُونُ مَسْجِدًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَتْبُوعِهَا أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَقْفِ، وَالْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ الْأَوَّلُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَخَرَجَ بِرَحَبَتِهِ حَرِيمُهُ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الْمُتَّصِلُ بِهِ الْمُهَيَّأُ لِمَصْلَحَتِهِ كَانْصِبَابِ الْمَاءِ وَطَرْحِ الْقُمَامَاتِ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَلْزَمُ الْوَاقِفَ تَمْيِيزُ الرَّحَبَةِ مِنْ الْحَرِيمِ بِعَلَامَةٍ لِتُعْطَى حُكْمَ الْمَسْجِدِ (وَإِنْ كَانَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ اُشْتُرِطَ فِي الْفَضَاءِ) وَلَوْ مُحَوَّطًا، أَوْ مُسْقَفًا مَمْلُوكًا، أَوْ مَوَاتًا، أَوْ وَقْفًا، أَوْ مُخْتَلِفًا مِنْهَا (أَنْ لَا يَزِيدَ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ وَمَنْ خَلْفَهُ، أَوْ) مَنْ (عَلَى) أَحَدِ (جَانِبَيْهِ وَلَا مَا بَيْنَ كُلِّ صَفَّيْنِ) ، أَوْ شَخْصَيْنِ مِمَّنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ، أَوْ بِجَانِبِهِ (عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ.

وَهُوَ شِبْرَانِ (تَقْرِيبًا) فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ، أَوْ شَخْصِ فَرَاسِخَ، وَهَذَا التَّقْدِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُرْفِ وَقِيلَ مَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذْ سِهَامُ الْعَرَبِ لَا تُجَاوِزُ ذَلِكَ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ فِي الْبِنَاءِ) بِأَنْ كَانَا فِي بِنَاءَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بِنَاءٍ، وَالْآخَرُ فِي فَضَاءٍ (وَلَوْ) كَانَ الْبِنَاءُ (مَدْرَسَةً وَرِبَاطًا أَنْ لَا يَحُولَ) بَيْنَهُمَا (حَائِلٌ يَمْنَعُ الِاسْتِطْرَاقَ أَوْ الْمُشَاهَدَةَ لِلْإِمَامِ، أَوْ لِمَنْ خَلْفَهُ كَمُشَبَّكٍ، أَوْ بَابٍ مَرْدُودٍ) ، أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةً، أَوْ غَرْبِيَّةً لِمَدْرَسَةٍ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ إذْ الْحَيْلُولَةُ بِذَلِكَ تَمْنَعُ الِاجْتِمَاعَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[الشَّرْط الثَّانِي أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُومُ أَفْعَالَ الْإِمَامِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ]

قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا لَمْ تَنْفُذْ أَبْوَابُهَا إلَخْ) فَلَوْ اتَّخَذَ فِيهِ حُجْرَةً وَسَدَّ مَنَافِذَهَا بِالْبِنَاءِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا بَابًا، أَوْ اتَّخَذَ سِرْدَابًا وَسَدَّ بَابَهُ بِالطِّينِ وَصَلَّى دَاخِلَهُ لَمْ تَصِحَّ الْقُدْوَةُ (قَوْلُهُ وَوَقَعَ لِلْإِسْنَوِيِّ) أَيْ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا رَحَبَتُهُ) اخْتَلَفَ الشَّيْخَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فِي حَقِيقَةِ الرَّحَبَةِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هِيَ مَا كَانَ خَارِجًا عَنْ الْمَسْجِدِ مُحَجَّرًا عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ رَحَبَةُ الْمَسْجِدِ صَحْنُ الْمَسْجِدِ قَالَ النَّوَوِيُّ الصَّحِيحُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا شَاهَدْنَاهُ وَلَمْ نَدْرِ، فَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُ وُقِفَ مَسْجِدًا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ شَارِعًا مُحَجَّرًا عَلَيْهِ صِيَانَةً لَهُ بِكَوْنِهِ أَحَاطَ بِهِ بُنْيَانٌ مِنْ جَانِبَيْهِ كَرَحَبَةِ بَابِ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ الَّتِي بَيْنَ الطَّيْبَرِسِيَّةِ والابتغاوية فَلَيْسَ مَسْجِدًا قَطْعًا.

(قَوْلُهُ: عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى صُعُودٍ، وَالْإِمَامُ عَلَى هُبُوطٍ، أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) وَيَضُرُّ مَا زَادَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا بُلُوغُ مَا بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْأَخِيرِ مِنْ صَفٍّ إلَخْ) ، لَكِنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُطَوِّلَ الْإِمَامُ الرُّكُوعَ وَنَحْوَهُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يُتَابِعَهُ مَنْ يَأْتَمُّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ لِمَنْ لَا تُمْكِنُهُ الْمُتَابَعَةُ قَالَهُ فِي الْكَافِي ع.

(قَوْلُهُ: أَوْ جِدَارِ صُفَّةٍ شَرْقِيَّةٍ، أَوْ غَرْبِيَّةٍ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُفَفُ الْمَدَارِسِ الْغَرْبِيَّةِ، وَالشَّرْقِيَّةِ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ فِيهَا لَا يَرَى الْإِمَامَ وَلَا مَنْ خَلْفَهُ الظَّاهِرُ امْتِنَاعُ الْقُدْوَةِ فِيهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ الطَّرِيقَيْنِ لِامْتِنَاعِ الرُّؤْيَةِ دُونَ الْمُرُورِ وَإِنَّمَا يَجِيءُ اخْتِلَافُهُمَا إذَا حَصَلَ إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ، وَالْمُرُورِ جَمِيعًا فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ فِيهَا عَلَى الصَّحِيحِ إلَّا بِأَنْ تَتَّصِلَ الصُّفُوفُ مِنْ الصَّحْنِ بِهَا وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ تَصْرِيحًا. اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ عِنْدَ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ بِالْمُرُورِ وَلَوْ بِانْعِطَافٍ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ لَوْ أَمْكَنَ الْمُرُورُ، لَكِنْ بِانْعِطَافٍ كَالْمُصَلِّي بِبُيُوتِ الْمَدَارِسِ الَّتِي بِيَمِينِ الْإِيوَانِ أَوْ يَسَارِهِ مَعَ فَتْحِ الْبَابِ، فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ كَالْجِدَارِ، وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَ صَلَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْمُسَامِتِ لِجِدَارِهِ، وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَابِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الصَّفُّ لِحَيْلُولَةِ الْجِدَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اتِّصَالِ الصَّفِّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الرُّؤْيَةُ بِقَرِينَةِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى صِحَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْكِنُ الْمُرُورُ إلَيْهِ بِالِانْعِطَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>