للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْءُ إذَا أَمْكَنَ لِتَوَقُّعِ قُدُومِ الْغَائِبِ وَحَاجَتِهِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهِ قَالَ الْقَفَّالُ وَإِذَا بَاعَ شَيْئًا لِلْمَصْلَحَةِ أَوْ أَجَرَهُ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ كَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَلِأَنَّ مَا فَعَلَهُ الْقَاضِي كَانَ بِنِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ (وَمَالَ مَنْ لَا تُرْجَى مَعْرِفَتُهُ لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي (بَيْعُهُ وَصَرْفُهُ) أَيْ صَرْفُ ثَمَنِهِ (فِي الْمَصَالِحِ وَلَهُ حِفْظُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ صَرْفُهُ فِي الْمَصَالِحِ لَا حِفْظُهُ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلنَّهْبِ وَمَدِّ أَيْدِي الظَّلَمَةِ إلَيْهِ

(فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ يَنْفُذُ كِتَابُ قَاضِي الْبُغَاةَ) أَيْ يُقْبَلُ كَكِتَابِ قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ (وَلِلْقَاضِي أَنْ يَشْهَدَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عَلَى كِتَابِ حُكْمٍ كَتَبَهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَالْحُكْمُ كَالْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ لَا بَأْسَ بِهَا وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا كَأَنْ أَذِنَ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ فِي الْإِفْرَاجِ عَنْ خَصْمٍ مَحْبُوسٍ فِي مَحَلِّهَا بِسُؤَالِ خَصْمِهِ (وَقَوْلُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ) الْمُوَكِّلِ فِي الْخُصُومَةِ (كُنْت عَزَلْت وَكِيلِي) قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ (لَا يَبْطُلُ الْحُكْمُ) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ (بِخِلَافِ الْمَحْكُومِ لَهُ) إذَا قَالَ ذَلِكَ يَبْطُلُ الْحُكْمُ (لِأَنَّ الْقَضَاءَ لِلْغَائِبِ بَاطِلٌ وَلَيْسَ لِمَنْ تَحَمَّلَ إشْهَادَهُ بِكِتَابِ حُكْمٍ) أَرْسَلَهُ بِهِ الْقَاضِي الْكَاتِبُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْغَائِبِ (وَخَرَجَ بِهِ أَنْ يَتَخَلَّفَ) فِي الطَّرِيقِ عَنْ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (إلَّا أَنْ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ) بِأَنْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ شَاهِدَيْنِ يَحْضُرَانِ بِالْكِتَابِ وَيَشْهَدَانِ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (أَوْ شَهِدَ بِهِ عِنْدَ قَاضٍ) فَيُمْضِيهِ (وَيَكْتُبُ) بِهِ (لَهُ) أَيْ لِلْقَاضِي الْمَقْصُودِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) قَاضِيًا وَلَا شُهُودًا (وَطَلَبَ أُجْرَةً) لِخُرُوجِهِ إلَى الْقَاضِي الْمَقْصُودِ (لَمْ يُعْطَ غَيْرَ النَّفَقَةِ وَكِرَاءِ الدَّابَّةِ بِخِلَافِ سُؤَالِهِ ذَلِكَ) أَيْ الْأُجْرَةَ (قَبْلَ الْخُرُوجِ) مِنْ بَلَدِ الْقَاضِي الْكَاتِبِ فَيُعْطَاهَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ (فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْخُرُوجَ) وَالْقَنَاعَةُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إشْهَادِ غَيْرِهِ وَهُنَا لِتَحَمُّلِ مُضْطَرٍّ إلَيْهِ (، وَإِنْ اسْتَوْفَى الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ الْحَقَّ مِنْ الْخَصْمِ وَسَأَلَهُ) الْخَصْمُ (الْإِشْهَادَ) عَلَى الْمُدَّعِي (بِذَلِكَ أَجَابَهُ) وُجُوبًا (وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ) كِتَابًا بِقَبْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إنَّمَا يُطَالَبُ بِإِلْزَامِ مَا حَكَمَ بِهِ وَثَبَتَ عِنْدَهُ (وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) يَعْنِي الْكِتَابَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ الْحَقُّ (كَمَا لَا يَلْزَمُ مَنْ اسْتَوْفَى مِنْ غَرِيمِهِ) مَا لَهُ عَلَيْهِ بِحُجَّةٍ أَوْ مَنْ بَاعَ غَيْرُهُ شَيْئًا لَهُ بِهِ حُجَّةٌ (أَنْ يُعْطِيَهُ الْحُجَّةَ) ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا تَكُونُ مِلْكَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ اسْتِحْقَاقٌ فَيَحْتَاجُ إلَيْهَا

(كِتَابُ الْقِسْمَةِ)

هِيَ تَمْيِيزُ الْحِصَصِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} [النساء: ٨] الْآيَةَ وَخَبَرُ «الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ» «وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بَيْنَ أَرْبَابِهَا» رَوَاهُمَا الشَّيْخَانِ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَقَدْ يَتَبَرَّم الشَّرِيكُ مِنْ الْمُشَارَكَةِ أَوْ يَقْصِدُ الِاسْتِبْدَادَ بِالتَّصَرُّفِ (وَتَصِحُّ) الْقِسْمَةُ (مِنْ الشُّرَكَاءِ) بِأَنْفُسِهِمْ وَمَنْصُوبِهِمْ (بِالتَّرَاضِي) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ (وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ) فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَتَصِحُّ مِنْ الْإِمَامِ وَمَنْصُوبِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَلَوْ وَكَّلَ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَفْرِزَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَحْتَاطَ لِمُوَكِّلِهِ وَفِي هَذَا لَا يُمْكِنُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ، وَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ جُزْءًا وَاحِدًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمُوَكِّلِهِ (وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ) وَلَمْ يَجِدْ مُتَبَرِّعًا (نُصِّبَ قَاسِمٌ فَأَكْثَرُ) فِي كُلِّ بَلَدٍ (بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَيُرْزَقُونَ) حِينَئِذٍ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ (إنْ كَانَ) فِيهِ سَعَةٌ هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بَلْ الْمَسْأَلَةُ كُلُّهَا تَقَدَّمَتْ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ أَوْ وَجَدَ مُتَبَرِّعًا (فَلَا يُنَصِّبُ) قَاسِمًا (إلَّا لِمَنْ سَأَلَ) نَصَّبَهُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَأُجْرَتُهُ) حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يُنَصِّبُهُ الْإِمَامُ أَوْ نَصَّبَهُ بِسُؤَالِهِمْ (عَلَيْهِمْ) سَوَاءٌ طَلَبُوا كُلُّهُمْ الْقِسْمَةَ أَمْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَهُمْ (وَلَا يُعَيِّنُ قَاسِمًا) إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ فِي هَذِهِ إلَخْ) بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ ذَلِكَ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الْحَاكِمِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ لَأَكَلَهُ ظَالِمٌ أَوْ خَائِنٌ غ

[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ فِي الْقَضَاء]

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الْإِذْنُ إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ حُكْمًا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ، وَهُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِمَنْ يَحْكُمُ نِيَابَةً عَنْهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِلْكَهُ قَالُوا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْوَرَقَةُ مِلْكَهُ فَلَهُ غَرَضٌ فِي إمْسَاكِهِ لِتَذْكَارِ الشُّهُودِ فَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى شَهَادَتِهِمْ

[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

(كِتَابُ الْقِسْمَةِ) (قَوْلُهُ وَمَنْ نَصَّبُوهُ لَهَا وَكِيلٌ لَهُمْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ فِي مَغْصُوبِهِمْ الرُّشْدُ فَلَا يَصِحُّ صُدُورُ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ اهـ وَالْعَدَالَةِ إنْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ جَوَازُ نَصْبِ الشُّرَكَاءِ امْرَأَةً وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ يَجُوزُ كَوْنُهُ عَبْدًا وَفَاسِقًا وَامْرَأَةً لِأَنَّهُ نَائِبُهُمْ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِالْمَرْأَةِ الْجُرْجَانِيُّ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ إلَخْ) فَيَجُوزُ كَوْنُهُ فَاسِقًا وَامْرَأَةً وَهَذَا إذَا كَانُوا مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ فَقَاسَمَ عَنْهُ وَلِيُّهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ قَيِّمُهُ حَيْثُ تَجُوزُ فَلَا بُدَّ فِي الْمَنْصُوبِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا بِكُلِّ حَالٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ مُرَاجَعَةُ الْقَاضِي لِيُنَصِّبَ قَاسِمًا بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الِاسْتِقْصَاءِ إنْ وَكَّلَهُ إلَخْ) ، وَإِنْ وَكَّلَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ أَحَدَهُمْ عَلَى أَنْ يَقْسِمَ عَنْهُمْ وَيَرَى فِيمَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكِيلًا عَنْ نَفْسِهِ عَلَى الِانْفِرَادِ أَوْ يُوَكِّلُ بَعْضُهُمْ رَجُلًا لِجَمِيعِ حُقُوقِهِمْ بِالْقِسْمَةِ جُزْءًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْإِمَامِ إنْ كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ سَعَةٌ) الرَّاجِحُ أَنَّ نَصَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَقِيلَ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ وَأُجْرَتُهُ عَلَيْهِمْ) وَفَارَقَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِلْقَاسِمِ عَمَلًا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَصَانِعِ الْأَعْمَالِ فِي جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهَا وَالْقَضَاءُ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي لَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا وَبِأَنَّ فِي الْقَضَاءِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْقِسْمَةُ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ الْمُسْتَحَقَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>