للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ غَيْرِهِ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ حَيْثُ قَالَ، وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَتَكَرَّرُ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَوَطِئَ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ (فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ) عَنْ إذْنِهِ لِلرَّاهِنِ (قَبْلَ التَّصَرُّفِ، وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الرَّاهِنُ) الرُّجُوعَ حَتَّى تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إعْتَاقِهِ وَإِيلَادِهِ، وَهُوَ مُوسِرٌ (لَمْ يَنْفُذْ) تَصَرُّفُهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْإِذْنِ، وَرُجُوعُ الْمُرْتَهِنِ عَنْ إذْنِهِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ كَمَا أَنَّ لِلْمَالِكِ الرُّجُوعَ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ

(وَلِلْمُرْتَهِنِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ الرَّاهِنُ بِإِذْنِهِ) فِي الْهِبَةِ، وَلَوْ مَعَ الْقَبْضِ (قَبْلَ قَبْضِ الْهِبَةِ) بِمَعْنَى الْمَوْهُوبِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتِمُّ بِالْقَبْضِ، وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ (لَا فِيمَا بَاعَ) أَيْ لَا يَرْجِعُ فِيهِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّزُومِ، وَالْخِيَارُ دَخِيلٌ فِيهِ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (وَمَتَى) تَصَرَّفَ كَأَنْ (أَحْبَلَ أَوْ أَعْتَقَ، وَادَّعَى الْإِذْنَ) ، وَأَنْكَرَهُ الْمُرْتَهِنُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ فَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الرَّاهِنُ) ، وَكَانَ كَمَا لَوْ تَصَرَّفَ بِإِذْنِهِ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَتِيقُ، وَالْمُسْتَوْلَدَةُ) لِأَنَّهُمَا يُثْبِتَانِ الْحَقَّ لِأَنْفُسِهِمَا بِخِلَافِهِ فِي نُكُولِ الْمُفْلِسِ أَوْ وَارِثِهِ حَيْثُ لَا يَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ لِأَنَّهُمْ يُثْبِتُونَ الْحَقَّ لِلْمُفْلِسِ أَوَّلًا (وَ) إذَا اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ، وَوَرِثَهُ الْآخَرُ (يَحْلِفُ وَرَثَةُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَوَرَثَةُ الرَّاهِنِ عَلَى الْبَتِّ، وَلَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِمَا كَشَاهِدٍ، وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ، وَيَمِينٍ كَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ.

(فَرْعٌ) لَوْ (أَتَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ (بِوَلَدٍ فَادَّعَى الرَّاهِنُ اسْتِيلَادَهَا بِالْإِذْنِ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (صَدَقَ بِلَا يَمِينٍ إنْ اعْتَرَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ بِالْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ، وَبِالْوَطْءِ، وَبِمُدَّةِ إمْكَانِ الْوِلَادَةِ) أَيْ بِمُضِيِّهَا (وَبِالْوِلَادَةِ) لِأَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِمَجْمُوعِ الْأَرْبَعَةِ (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ.

[فَرْعٌ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ]

(فَرْعٌ) إذَا (أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَبَاعَهُ (وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ) عَلَى الرَّاهِنِ مِنْ قِيمَتِهِ لِيَكُونَ رَهْنًا مَكَانَهُ لِبُطْلَانِ الرَّهْنِ (أَوْ حَالَ قَضَى) حَقَّهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ وَحَمَلَ إذْنَهُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْبَيْعِ فِي غَرَضِهِ لِمَجِيءِ وَقْتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فَيَكُونُ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَأْذَنَ فِي بَيْعِهِ لِيَأْخُذَ حَقَّهُ أَوْ يُطْلِقَ فَإِنْ قَالَ بِعْهُ وَلَا آخُذُ حَقِّي مِنْهُ بَطَلَ الرَّهْنُ (وَإِذَا أَذِنَ) لَهُ (فِي الْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ) بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ (بِشَرْطِ كَوْنِ) أَوْ جَعْلِ (الثَّمَنِ) فِي الْبَيْعِ (أَوْ الْقِيمَةِ) فِي الْعِتْقِ (رَهْنًا بَطَلَ الْبَيْعُ) لِفَسَادِ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا نَعَمْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ فِي الْحَالِّ فِيمَا إذَا شَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْإِذْنِ بِخِلَافِهِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَهْنَهُ أَوْ جَعْلَهُ رَهْنًا لِأَنَّ رَهْنَ الْمَرْهُونِ مُحَالٌ (وَ) بَطَلَ (الْإِذْنُ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ أَذِنَ بِشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَ بِهِ مَالًا آخَرَ (وَ) بَطَلَ (عِتْقُ الْمُعْسِرِ) دُونَ عِتْقِ الْمُوسِرِ لِمَا مَرَّ، وَكَالْإِذْنِ فِي الْإِعْتَاقِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ الْإِذْنُ فِي الْوَطْءِ بِهَذَا الشَّرْطِ إنْ أَحْبَلَ، وَالتَّصْرِيحُ بِبُطْلَانِ عِتْقِ الْمُعْسِرِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ.

(وَكَذَا) يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْإِذْنُ (لَوْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَالدَّيْنُ مُؤَجَّلٌ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْجِيلِ الْمُؤَجَّلِ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَالِّ وَاسْتَشْكَلَ الْبُطْلَانُ فِي ذَلِكَ بِالصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ وَكَّلَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

يَظْهَرُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ.

(قَوْلُهُ يُفْهِمُ خِلَافَ قَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْضًا لِيَمْتَنِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُكَرِّرَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْمُرْتَهِنُ عَنْ الْإِذْنِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَرَّةِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَرَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ) أَوْ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهَا الرَّهْنُ) أَوْ وَطِئَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ تَحْبَلْ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) يُفْهِمُ أَنَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ شَرَطَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَتْ لَهُ سَلْطَنَةُ الرُّجُوعِ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ) هَذَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ الْعَبْدُ الْمُعْتَقُ تَعَلَّقَتْ بِهِ جِنَايَةٌ بَعْدَ الرَّهْنِ وَأَنْ لَا يَكُونَ قَدْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَإِنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ لَكِنْ قَدَّمْنَا حَقَّ الْمُرْتَهِنِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ وَأَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَلَوْ كَانَ مُكَاتَبًا وَأَذِنَ لَهُ بِالْإِعْتَاقِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ قَدْ ثَبَتَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِذْنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ رَجَعْت عَنْ الْإِذْنِ قَبْلَ أَنْ تَتَصَرَّفَ وَقَالَ الرَّاهِنُ لَمْ تَكُنْ رَجَعْت أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ

[فَرْعٌ أَتَتْ الْأَمَةُ الْمَرْهُونَةُ بِوَلَدٍ فَادَّعَى الرَّاهِنُ اسْتِيلَادَهَا بِالْإِذْنِ]

(قَوْلُهُ فَصُورَتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مَا نَسَبَهُ الشَّارِحُ لِلزَّرْكَشِيِّ صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ (قَوْلُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ) لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَجْهُولٌ وَغَيْرُ مَمْلُوكٍ (قَوْلُهُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ) أَيْ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِذْنِ وَلَيْسَ الِانْتِقَالُ شَرْطًا كَالِانْتِقَالِ شَرْعًا وَبِهَذَا عُلِمَ جَوَابُ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْإِسْنَوِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ جَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَبَيْنَ شَرْطِ كَوْنِهِ رَهْنًا وَقَوْلُهُ وَفَسَادُهُ بِجَهَالَةِ الثَّمَنِ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ هَذِهِ الْعِلَّةَ مُنْتَقَضَةً بِمَا إذَا عَيَّنَ الثَّمَنَ لَا جَرَمَ عَلَّلَهُ فِي الْإِبَانَةِ بِأَنَّهُ كَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ يَرْهَنَ عِنْدَهُ عَيْنًا أُخْرَى وَهِيَ عِلَّةٌ صَحِيحَةٌ ع وَقَوْلُهُ هَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَقَضَةٌ بِمَا عَيَّنَ الثَّمَنَ كَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا) سَوَاءٌ أَشَرَطَ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا أَمْ جَعَلَهُ رَهْنًا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ وَكَذَا حَالًّا وَشَرَطَ جَعْلَهُ رَهْنًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي الْحُسَيْنِ وَالْبَغَوِيِّ أَمَّا إذَا شَرَطَ فِي الْحَالِّ كَوْنَ الثَّمَنِ رَهْنًا فَيَصِحُّ قَطْعًا لِأَنَّهُ زَادَ تَأْكِيدًا لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهُ إذَا أَطْلَقَ الْإِذْنَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْعِرَاقِيُّونَ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فَقَالُوا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ لَا بِالشَّرْطِ وَكَانَ الشَّرْطُ تَأْكِيدًا وَقَالَ شَارِحُ التَّعْجِيزِ هَذَا فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَمَّا الْحَالُّ فَيَصِحُّ الشَّرْطُ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ فَقَدْ زَادَ تَأْكِيدًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَخَالَفَهُ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ شَرَطَ حَجْرًا عَلَيْهِ فِيمَا يَقْضِي بِهِ الدَّيْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>