للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْدَ سُكُوتِهِ فَيُنْكِرُ إقْرَارَهُ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِهِ لِيَثْبُتَ النَّسَبُ

(فَرْعٌ يَثْبُتُ أَيْضًا بِالِاسْتِفَاضَةِ الْمَوْتُ) كَالنَّسَبِ وَلِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَقَدْ يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَيَثْبُتُ بِهَا (الْوَلَاءُ وَالْعِتْقُ وَالْوَقْفُ وَالزَّوْجِيَّةُ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ مُدَّتُهَا عَسِرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ فَأَشْبَهَتْ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ الْمَنْعُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَا يَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُ الْوَقْفِ وَتَفَاصِيلُهُ بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الشُّرُوطِ صَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ لَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ قَالَ وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ تَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ

(فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَسْمَعَ) الشَّاهِدُ (مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ وَيُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ) فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ عَدْلَيْنِ نَعَمْ لَوْ أَشْهَدَاهُ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا (وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ وَذُكُورِيَّتُهُمْ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ

(فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُتَمَيِّزٍ) عَنْ أَمْثَالِهِ (كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ (وَكَذَا) يَجُوزُ ذَلِكَ (لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ) وَلَوْ (بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ) لِأَنَّ امْتِدَادَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ بِلَا مُنَازِعٍ يُغَلِّبُ ظَنَّ الْمِلْكِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ تَعَيُّنُ التَّسَامُعِ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ يَسْتَخْدِمُ صَغِيرًا لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ وَمِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرٌ مَعَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَيِّزِ غَيْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَمَاثَلُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ (وَلَا يَكْفِي) فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ (يَدٌ مُجَرَّدَةٌ وَلَا تَصَرُّفٌ مُجَرَّدٌ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ الْمَوْتِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزُوَ مَوْتَهُ إلَى أَسْبَابِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ كَمَا لَا يُعَيَّنُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمِيرَاثَ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا بِالِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَالزَّوْجِيَّةِ) لَوْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ الصَّدَاقُ فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ قَوْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) وَنُقِلَ مِنْ خَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ لِزَيْدٍ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ وَالشُّرُوطَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إطْلَاقُ أَنَّ الشُّرُوطَ بِالِاسْتِفَاضَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالشُّرُوطُ لَا تَسْتَفِيضُ أَصْلًا فَإِنْ اتَّفَقَ شَرْطٌ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيه وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَإِنَّ الْحُدُودَ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَسْجِيلٍ لَهُ فِي بِرْكَةِ الْحَبَشِ وُقِفَتْ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَلَمْ يُثْبِتْ حُدُودَهَا إذْ الْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُدُودَ لَا تَسْتَفِيضُ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهَا بِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلٍ) فِي مَعْرِضِ بَيَانِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ (قَوْلُهُ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ) عِلْمًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ بِانْضِمَامِ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهَا عَلَى الْكَذِبِ) فَيَكْفِي حُصُولُ الظَّنِّ الْغَالِبِ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَالتَّوَاتُرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ اعْتِمَادُ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يَقْرَبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ) ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَحْثًا وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ.

(تَنْبِيهٌ) وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَكَذَا الْإِعْسَارُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّشْدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْغَصْبُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِيمَا عُلِّقَ عَنْ الْقَاضِي مَوْهُوبٍ الْجَزَرِيِّ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مَوْضُوعًا وَهِيَ النَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالرَّضَاعُ وَتَضَرُّرُ الزَّوْجِ وَالصَّدَقَاتُ وَالْأَشْرِبَةُ وَالسَّفَهُ وَالْأَحْبَاسُ وَالتَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَالْإِسْلَامُ وَالْكُفْرُ وَالرُّشْدُ وَالْحَمْلُ وَالْوِلَادَةُ وَالْوَصَايَا وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقَسَامَةُ. اهـ. وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْقَسَامَةِ ثُبُوتُ اللَّوْثِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَالرَّضَاعُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّ الرَّضَاعَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الْإِبْصَارِ.

[فَصْلٌ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ]

(فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ) .

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ) لَا عِبْرَةَ بِاسْتِفَاضَةِ سَبَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ إلَّا الْمِيرَاثَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا سَمَاعُهُ مِنْهُ وَحْدَهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَالْمَدَارُ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَلَعَلَّ مَا فِي الْعُبَابِ تَصْوِيرٌ (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>