للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْثُ لَا تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ بِأَنَّ الْحَجَّ بَعْدَ انْعِقَادِهِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَنِيَّةُ الصَّرْفِ مُلْغَاةٌ بِخِلَافِ الْقِصَارَةِ فَإِنَّهَا تَقْبَلُ الصَّرْفَ وَمَا لَوْ قَالَ مَالِكُ الْمَعْدِنِ لِغَيْرِهِ مَا اسْتَخْرَجْته مِنْهُ هُوَ لَك أَوْ اسْتَخْرِجْ لِنَفْسِكَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَعَلَ لَهُ شَيْئًا طَمِعَ فِيهِ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(فَصْلٌ وَالْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ) مَا اسْتَأْجَرَهُ (بِالتَّعَدِّي) فِيهِ (فَإِنْ نَامَ فِي الثَّوْبِ) الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ لِلُّبْسِ (بِاللَّيْلِ أَوْ نَقَلَ فِيهِ تُرَابًا أَوْ أَلْبَسَهُ مَنْ دُونَهُ) حِرْفَةً (كَعِصَارِ) أَوْ دَبَّاغٍ (أَوْ أَسْكَنَ الْبَيْتَ أَضَرَّ مِنْهُ كَحَدَّادٍ وَنَحْوِهِ) كَقَصَّارٍ (ضَمِنَ) أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ " وَنَحْوِهِ " (أَوْ ضَرَبَ الدَّابَّةَ) فَوْقَ الْعَادَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَادَةُ الضَّرْبِ تَخْتَلِفُ فِي حَقِّ الرَّاكِبِ وَالرَّائِضِ وَالرَّاعِي فَكُلٌّ تُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ أَمْثَالِهِ.

وَيَحْتَمِلُ فِي الْأَجِيرِ لِلرِّيَاضَةِ وَلِلرَّعْيِ مَا لَا يَحْتَمِلُ فِي الْمُسْتَأْجِرِ لِلرُّكُوبِ (أَوْ كَبَحَهَا) بِالْمُوَحَّدَةِ وَيُقَالُ بِالْمِيمِ بَدَلَهَا وَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ كَذَلِكَ أَيْ جَذَبَهَا بِاللِّجَامِ لِتَقِفَ (فَوْقَ الْعَادَةِ أَوْ أَرْكَبَهَا أَثْقَلَ مِنْهُ) ضَمِنَ أَيْضًا (لَا إنْ مَاتَتْ بِالضَّرْبِ الْمُعْتَادِ) أَوْ بِإِرْكَابِهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ دُونَهُ فَلَا يَضْمَنُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ.

(بِخِلَافِ) مَوْتِ (الزَّوْجَةِ وَالصَّبِيِّ) بِضَرْبِهِمَا لِلتَّأْدِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُمَا (لِإِمْكَانِ تَأْدِيبِهِمَا بِغَيْرِهِ) وَمَسْأَلَةُ الصَّبِيِّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ قَبْلَ فَرْعٍ وَإِنْ خَتَنَ الْأَجِيرُ حُرًّا (وَالْقَرَارُ) لِلضَّمَانِ (عَلَى) الْمُسْتَعْمِلِ (الثَّانِي إنْ عَلِمَ) الْحَالَ (وَإِلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ) إنْ كَانَتْ يَدُ الثَّانِي يَدَ أَمَانَةٍ كَالْمُسْتَأْجِرِ فَإِنْ كَانَتْ يَدَ ضَمَانٍ كَالْمُسْتَعِيرِ فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي الْغَصْبِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَإِنْ أَرْكَبَهَا مِثْلَهُ فَتَعَدَّى) بِمُجَاوَزَةِ الضَّرْبِ أَوْ بِغَيْرِهِ (اُخْتُصَّ) هُوَ (بِالضَّمَانِ لِتَعَدِّيهِ) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْكِبِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَإِنْ اكْتَرَى) دَابَّةً (لِمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً فَحَمَلَ وَزْنَهَا شَعِيرًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ الشَّعِيرَ أَخَفُّ) فَمَا أَخَذَهُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرُ (وَالْحِنْطَةُ يَجْتَمِعُ ثِقَلُهَا) فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ صَارَتْ يَدَ عُدْوَانٍ وَقِسْ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ مَا يُشْبِهُهُمَا (وَيُبْدِلُ بِالْقُطْنِ الصُّوفَ) وَالْوَبَرَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ (لَا الْحَدِيدَ وَ) يُبْدِلُ (بِالْحَدِيدِ الرَّصَاصَ) وَالنُّحَاسَ لِأَنَّهُمَا مِثْلُهُ فِي الْحَجْمِ (لَا الْقُطْنَ) وَمَسْأَلَتُنَا عَدَمُ جَوَازِ الْإِبْدَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهَا كَأَصْلِهِ فِي فَصْلٍ. وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِزِرَاعَةِ جِنْسٍ (أَوْ اكْتَرَاهَا) لِقَفِيزِ شَعِيرٍ (فَحَمَلَ) قَفِيزًا (حِنْطَةً ضَمِنَ) لِأَنَّهَا أَثْقَلُ (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَخَفُّ وَمِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ وَالْقَفِيزُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ يَسَعُ اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا (أَوْ) اكْتَرَاهَا (لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ عُرْيًا أَوْ عَكْسَهُ ضَمِنَ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَضَرُّ بِهَا، وَالثَّانِيَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَشْرُوطِ (أَوْ لِيَرْكَبَ بِسَرْجٍ فَرَكِبَ بِإِكَافٍ ضَمِنَ) إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ السَّرْجِ أَوْ أَخَفَّ مِنْهُ وَزْنًا وَضَرَرًا (أَوْ عَكْسَهُ فَلَا) يَضْمَنُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ أَثْقَلَ) مِنْ الْإِكَافِ (أَوْ لِيَحْمِلَ) عَلَيْهَا (بِإِكَافٍ فَحَمَلَ بِسَرْجٍ ضَمِنَ) لِأَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهَا (لَا عَكْسُهُ) فَلَا يَضْمَنُ (إلَّا إنْ كَانَ أَثْقَلَ) مِنْ السَّرْجِ.

(فَرْعٌ وَإِنْ زَادَ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِحَمْلِ مِقْدَارٍ سَمَّاهُ (فَوْقَ مَا يَقَعُ) مِنْ التَّفَاوُتِ (بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ) أَوْ الْوَزْنَيْنِ (بِأَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِتِسْعَةِ آصُعٍ فَكَالَ عَشَرَةً وَحَمَلَهَا) عَلَيْهَا وَسَيَّرَهَا (بِنَفْسِهِ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ) مَعَ الْمُسَمَّى لِتَعَدِّيهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ زَادَ مَا يَقَعُ بِهِ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ لِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ بِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَى مَكَانًا لِوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فِيهِ فَزَادَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إنْ كَانَ أَرْضًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ غُرْفَةً فَطَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُؤَجِّرُ بَيْنَ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَبَيْنَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ.

وَثَانِيهِمَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَهُ الْمُسَمَّى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلزَّائِدِ وَالثَّانِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْكُلِّ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِي فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ فَزَرَعَ ذُرَةً - مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أُجْرَةِ مِثْلِ الذُّرَةِ وَالْمُسَمَّى مَعَ أُجْرَةِ الزَّائِدِ مِنْ ضَرَرِ الذُّرَةِ - أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ ثَمَّ عَدَلَ عَنْ الْمُعَيَّنِ أَصْلًا فَسَاغَ الْخُرُوجُ عَنْ الْمُسَمَّى بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِهِ هُنَا.

(فَإِنْ تَلِفَتْ) أَيْ الدَّابَّةُ (مَعَهُ وَصَاحِبُهَا غَائِبٌ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ أَمْ بِغَيْرِهِ لِتَعَدِّيهِ (أَوْ حَاضِرٌ) وَيَدُهُ عَلَيْهَا (وَتَلِفَتْ بِالْحَمْلِ لَا بِغَيْرِهِ ضَمِنَ الْعُشْرَ) أَيْ عُشْرَ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ قِسْطُ الزَّائِدِ كَمَا فِي الْجَلَّادِ وَفَارَقَ مَا لَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ جِرَاحَاتٍ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ جِرَاحَةً وَاحِدَةً أَوْ جَرَحَهُ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

شَيْئًا إذَا قَصَدَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ جَحْدٌ لِلْعَمَلِ فَكَانَ مُقَصِّرًا وَلَا كَذَلِكَ مَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ إذْ لَا جَحْدَ مِنْهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مُخْطِئٌ فِي ظَنِّهِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهَا.

[فَصْلٌ الْمُسْتَأْجِرُ يَضْمَنُ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِالتَّعَدِّي فِيهِ]

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ) قَالَ فِي الْبَيَانِ إلَّا إذَا قَالَ: لِتَسْكُنَهَا وَتُسْكِنَ مَنْ شِئْتَ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَضَرُّ مِنْهُ لِلْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَالرَّائِضُ) حَتَّى لَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ وَأَرْكَبَ غَيْرَهُ مَعَ نَفْسِهِ لِتَرْتَاضَ فَهَلَكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى زَمِيلِهِ.

(تَنْبِيهٌ) مَنْ يُطَبِّبُ وَلَا يَعْرِفُ الطِّبَّ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ ضَمِنَ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِقَوْلِ طَبِيبَيْنِ عَدْلَيْنِ غَيْرِ عَدُوَّيْنِ لَهُ وَلَا خَصْمَيْنِ، وَلَوْ بَيْطَرَ فَظَهَرَ مِنْهُ عُدْوَانٌ ضَمِنَ وَإِنْ أَخْطَأَ (قَوْلُهُ: نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ) وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ صَارَ ضَامِنًا، (وَقَوْلُهُ مِقْدَارُهُمَا فِي الْحَجْمِ سَوَاءٌ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُجْعَلْ عَلَى رَأْسِ الْمِكْيَالِ شَيْءٌ مِنْ الْحَبِّ فَإِنْ جُعِلَ كَالشَّامِ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ مِنْ الشَّعِيرِ أَكْثَرَ مِنْ الْحِنْطَةِ فَلَا يَكُونَانِ فِي الْحَجْمِ سَوَاءً.

[فَرْعٌ زَادَ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً فَوْقَ مَا يَقَعُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ أَوْ الْوَزْنَيْنِ]

(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ فَوْقَ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ إلَخْ) لَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا شَهْرًا وَأَغْلَقَ بَابَهُ شَهْرَيْنِ ضَمِنَ الْمُسَمَّى لِلشَّهْرِ الْأَوَّلِ وَأُجْرَةَ الْمِثْلِ لِلثَّانِي لِأَنَّهُ فِي عُلْقَتِهِ وَحَبْسِهِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ إنَّمَا يَكُونُ بِتَسْلِيمِ مِفْتَاحِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَلَمْ تُوجَدْ التَّخْلِيَةُ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>