للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِعْدَاءِ) مِنْ ذِي الْحَقِّ عَلَيْهِ.

(وَلَا يَحْبِسُ) وَلَا يَضْرِبُ (لِلدَّيْنِ) .

(وَيُنْظِرُ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيُنْكِرُ (عَلَى الْقُضَاةِ إنْ احْتَجَبُوا) عَنْ الْخُصُومِ (أَوْ قَصَّرُوا) فِي النَّظَرِ فِي الْخُصُومَاتِ (وَعَلَى أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ الْمَطْرُوقَةِ إنْ طَوَّلُوا) الصَّلَاةَ كَمَا أَنْكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مُعَاذٍ ذَلِكَ.

(وَيَمْنَعُ الْخَوَنَةَ مِنْ مُعَامَلَةِ النِّسَاءِ) لِمَا يُخْشَى فِيهَا مِنْ الْفَسَادِ.

(وَلَا يَخْتَصُّ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ) وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ (بِمَسْمُوعِ الْقَوْلِ بَلْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (أَنْ يَأْمُرَ) وَيَنْهَى (وَإِنْ عَلِمَ) بِالْعَادَةِ (أَنَّهُ لَا يُفِيدُ) فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْمُكَلَّفِ بِهَذَا الْعِلْمِ لِعُمُومِ خَبَرِ «مَنْ رَأَى مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ» .

وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْآمِرِ وَالنَّاهِي كَوْنُهُ مُمْتَثِلًا مَا يَأْمُرُ بِهِ مُجْتَنِبًا مَا يَنْهَى عَنْهُ (بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ) وَيَنْهَى (نَفْسَهُ وَغَيْرَهُ فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ الْآخَرُ) .

(وَلَا يَأْمُرُ وَيَنْهَى فِي دَقَائِقِ الْأُمُورِ) مِنْ أَقْوَالٍ وَأَفْعَالٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ غَيْرِهِ (إلَّا عَالِمٌ) فَلَيْسَ لِلْعَوَامِّ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِدَقَائِقِ الْأُمُورِ ظَوَاهِرُهَا كَالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ فَلِلْعَوَامِّ وَغَيْرِهِمْ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ فِيهَا.

(وَلَا يُنْكِرُ) الْعَالِمُ (إلَّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى إنْكَارِهِ لَا مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَلَا نَعْلَمُهُ وَلَا إثْمَ عَلَى الْمُخْطِئِ وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ الْإِنْكَارِ إذَا لَمْ يَرَ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ بِحَدِّنَا لِلْحَنَفِيِّ بِشُرْبِهِ لِلنَّبِيذِ مَعَ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْفِعْلِ أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ؛ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ لَمْ يَفْعَلْ مُنْكَرًا، وَالْحَدُّ لَا يُفِيدُ مَنْعُهُ مِنْهُ وَلِهَذَا لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِالْقَوْلِ كَمَا لَا يُنْكِرُ عَلَى الْمَالِكِيِّ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَإِنَّمَا حَدُّهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ أَدِلَّةَ عَدَمِ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ وَاهِيَةٌ وَبِهَذَا فَرَّقَ بَيْنَ حَدِّنَا لِشَارِبِهِ وَعَدَمِ حَدِّنَا لِلْوَاطِئِ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ.

(لَكِنْ إنْ نَدَبَ) عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ (إلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ بِرِفْقٍ فَحَسَنٌ إنْ لَمْ يَقَعْ فِي خِلَافٍ آخَرَ وَتَرْكِ) أَيْ وَفِي تَرْكِ (حَسَنَةٍ ثَابِتَةٍ) لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ حِينَئِذٍ.

(وَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ الْمُجْتَهِدِ) أَوْ الْمُقَلِّدِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (حَمْلُ النَّاسِ عَلَى مَذْهَبِهِ) لِمَا مَرَّ وَلَمْ يَزَلْ الْخِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي الْفُرُوعِ وَلَا يُنْكِرُ أَحَدٌ عَلَى غَيْرِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ وَإِنَّمَا يُنْكِرُونَ مَا خَالَفَ نَصًّا أَوْ إجْمَاعًا أَوْ قِيَاسًا جَلِيًّا.

(وَالْإِنْكَارُ) لِلْمُنْكَرِ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرِ السَّابِقِ (يَكُونُ بِالْيَدِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ) فَعَلَيْهِ أَنْ يُغَيِّرَهُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَمْكَنَهُ وَلَا يَكْفِي الْوَعْظُ لِمَنْ أَمْكَنَهُ إزَالَتُهُ بِالْيَدِ وَلَا كَرَاهَةُ الْقَلْبِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى النَّهْيِ بِاللِّسَانِ (وَيَرْفُقُ) فِي التَّغْيِيرِ (بِمَنْ يَخَافُ شَرَّهُ) وَبِالْجَاهِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ (وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ) بِغَيْرِهِ (إنْ لَمْ يَخَافُ فِتْنَةَ) مِنْ إظْهَارِ سِلَاحٍ وَحَرْبٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْلَالُ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ (رَفَعَ) ذَلِكَ (إلَى الْوَالِي فَإِنْ عَجَزَ) عَنْهُ (أَنْكَرَهُ بِقَلْبِهِ) .

(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْآمِرِ وَالنَّاهِي (التَّجَسُّسُ) وَالْبَحْثُ (وَاقْتِحَامُ الدُّورِ بِالظُّنُونِ) بَلْ إنْ رَأَى شَيْئًا غَيَّرَهُ (فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَنْ اسْتَسَرَّ) أَيْ اخْتَفَى (بِمُنْكَرٍ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهَا كَالزِّنَا وَالْقَتْلِ) بِأَنْ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا خَلَا بِامْرَأَةٍ لِيَزْنِيَ بِهَا أَوْ بِشَخْصٍ لِيَقْتُلَهُ (اقْتَحَمَ لَهُ الدَّارَ) وَتَجَسَّسَ وُجُوبًا فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بِالْجَوَازِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ انْتِهَاكُ حُرْمَةٍ (فَلَا) اقْتِحَامَ وَلَا تَجَسُّسَ كَمَا مَرَّ.

(وَلَا يَسْقُطُ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ) وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ عَنْ الْقَائِمِ بِهِمَا (إلَّا لِخَوْفٍ) مِنْهُمَا (عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ) أَوْ عُضْوِهِ أَوْ بُضْعِهِ (أَوْ) لِخَوْفِ (مَفْسَدَةٍ عَلَى غَيْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُرْتَكِبَ يَزِيدُ فِيمَا هُوَ فِيهِ عِنَادًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ كَإِمَامِهِ.

[فَصْلٌ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ وَالْمَوَاقِفِ الَّتِي هُنَاكَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ سَنَةٍ]

(فَصْلٌ وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ وَالْمَوَاقِفِ) الَّتِي هُنَاكَ (بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلَّ سَنَةٍ) مَرَّةً

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: أَوْ الْمُصِيبُ وَاحِدٌ وَلَا نَعْلَمُهُ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدَّ لَيْسَ مِنْ بَابِ إنْكَارِ الْمُنْكَرِ إلَخْ) قَيَّدَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي قَوَاعِدِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا يَرْفَعُ السُّؤَالَ فَقَالَ مَنْ أَتَى شَيْئًا مُخْتَلَفًا فِي تَحْرِيمِهِ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَهُ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ وَإِنْ اعْتَقَدَ تَحْلِيلَهُ لَمْ يَجُزْ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَأْخَذُ الْمُحَلَّلِ ضَعِيفًا تُنْتَقَصُ الْأَحْكَامُ بِمِثْلِهِ لِبُطْلَانِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَا يُنْقَضُ إلَّا لِكَوْنِهِ بَاطِلًا وَذَلِكَ كَمَنْ يَطَأُ جَارِيَةً بِالْإِبَاحَةِ مُعْتَقَدُ الْمَذْهَبِ عَطَاءٌ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْكَارُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَحْرِيمًا وَلَا تَحْلِيلًا أَرْشَدَ إلَى اجْتِنَابِهِ مِنْ غَيْرِ تَوْبِيخٍ وَلَا إنْكَارٍ اهـ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ

(قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ إحْيَاءُ الْكَعْبَةِ إلَخْ) يُعْتَبَرُ جَمْعٌ يَظْهَرُ الشِّعَارُ بِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي إيضَاحِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِعَدَدِ الْمُحَصِّلِينَ لِهَذَا الْفَرْضِ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ بَلْ الْغَرَضُ أَنْ يُوجَدَ حَجُّهَا فِي الْجُمْلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً (تَنْبِيهٌ)

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَدْ اُشْتُهِرَ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ إشْكَالٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّطَوُّعِ بِالْحَجِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ إحْيَاءَ الْكَعْبَةِ بِالْحَجِّ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَكُلُّ وَفْدٍ يَجِيئُونَ كُلَّ سَنَةٍ لِلْحَجِّ فَهُمْ يُحْيُونَ الْكَعْبَةَ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ الْعَيْنِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ كَانَ قَائِمًا بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ حَجُّ التَّطَوُّعِ، وَجَوَابُ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ مِنْ حَيْثِيَّتَيْنِ: جِهَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُ الْإِسْلَامِ وَجِهَةُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ مِنْ حَيْثُ الْأَمْرُ بِإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَلَوْ قِيلَ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَبِيدِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينِ لِأَنَّ فَرْضَ الْكِفَايَةِ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ لَكَانَ جَوَابًا اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّ وُجُوبَ الْإِحْيَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْعِبَادَةِ فَرْضًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَعَيِّنَ قَدْ يَسْقُطُ بِالْمَنْدُوبِ كَاللَّمْعَةِ الْمُغْفَلَةِ فِي الْوُضُوءِ تُغْسَلُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ، وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يَحْصُلُ بِجُلُوسِ الِاسْتِرَاحَةِ وَإِذَا سَقَطَ الْوَاجِبُ الْمُعَيَّنُ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ فَفَرْضُ الْكِفَايَةِ أَوْلَى وَلِهَذَا تَسْقُطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>