يُذْكَرْ) لِإِقْرَارِهِ (تَأْوِيلًا، وَلَوْ) كَانَ الْإِقْرَارُ (فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي بَعْدَ الدَّعْوَى) عَلَيْهِ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ الْوَثَائِقَ فِي الْغَالِبِ يَشْهَدُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَحْقِيقِ مَا فِيهَا، وَالتَّأْوِيلُ كَقَوْلِهِ أَشْهَدْت عَلَى رَسْمِ الْقُبَالَةِ أَوْ دُفِعَ إلَيَّ كِتَابٌ عَلَى لِسَانِ وَكِيلِي فَتَبَيَّنَ تَزْوِيرُهُ أَوْ أَقَبَضْته بِالْقَوْلِ، وَظَنَنْت أَنَّهُ يَكْفِي قَبْضًا، وَالتَّرْجِيحُ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ بِمَجْلِسِ الْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِهِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِإِقْرَارِهِ بَلْ أَقَرَّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ فَوَجْهَانِ قَالَ الْقَفَّالُ لَا يُحَلِّفُهُ، وَإِنْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا لِأَنَّهُ لَا يَكَادُ يُقِرُّ عِنْدَ الْقَاضِي إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ لِشُمُولِ الْإِمْكَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِ النَّصِّ، وَالْعِرَاقِيِّينَ، وَالْمِنْهَاجِ الثَّانِي انْتَهَى، وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ فَقَالَ إنَّمَا أَقْرَرْت، وَأَشْهَدْت لِيُقْرِضَنِي، وَلَمْ يُقْرِضْنِي صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ.
(فَرْعٌ) لَوْ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ وَجْهَانِ فِي التَّهْذِيبِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ كَدَفْعِ الْمَبِيعِ، وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ، وَدِيعَةٌ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْمَبِيعِ وَاجِبٌ بِخِلَافِ الْمَرْهُونِ (فَإِنْ قَالَ) فِيمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ مِنْهُ (لَمْ أُقِرَّ) بِهِ (أَوْ شَهِدُوا عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُقِرَّ لَهُ (قَبَضَ) مِنْهُ لِجِهَةِ الرَّهْنِ (فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ) لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدْت عَازِمًا عَلَيْهِ إذْ لَا يُعْتَادُ ذَلِكَ.
(فَصْلٌ) (الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ إنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ فَازَ بِالْأَرْشِ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ صَدَّقَهُ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ (صَارَ الْأَرْشُ رَهْنًا) فَيَأْخُذُهُ، وَيَكُونُ بِيَدِ مَنْ كَانَ الْأَصْلُ بِيَدِهِ (فَلَوْ اسْتَوْفَى) مِنْ غَيْرِهِ أَوْ أَبْرَأَ (رَدَّهُ إلَى الْمُقِرِّ لَا إلَى الْقَاضِي) ، وَلَا إلَى الرَّاهِنِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِآخَرَ، وَهُوَ يُنْكِرُهُ، وَلِأَنَّ الرَّاهِنَ يُنْكِرُهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَقٌّ فَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْمُقِرُّ عَلَى الرَّاهِنِ، وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ رَدُّهُ إلَى الْمُقِرِّ بِعَدَمِ رَدِّ مَا قَبَضَتْهُ الزَّوْجَةُ مِنْ الْمَهْرِ إلَى زَوْجِهَا فِيمَا إذَا ادَّعَى بَعْدَ طَلَاقِهَا وَطْأَهَا، وَأَنْكَرَتْهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ إلَّا بِالْوَطْءِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِهَا، وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهَا الْخَصْمَانِ أَمَّا لَوْ صَدَّقَاهُ أَوْ كَذَّبَاهُ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ (وَإِنْ أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى) ، وَلَوْ بَعْدَ لُزُومِ الرَّهْنِ، وَافَقَهُ الْمَرْهُونُ أَوَّلًا (فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ، وَضَرَرَ الْجِنَايَةِ يَعُودُ إلَيْهِ (وَالْقَوْلُ فِي عَكْسِهِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْمَرْهُونَ جَنَى بَعْدَ اللُّزُومِ (قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْجِنَايَةِ، وَبَقَاءُ الرَّهْنِ (فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ) عَلَى الْمُقِرِّ (لِلْمُقِرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ) أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنْ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ فَلَا حَقَّ لِغَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُ الْمَرْهُونِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَغْرَمُ جِنَايَةَ الْمَرْهُونِ، وَلَمْ يُتْلِفْ بِالرَّهْنِ شَيْئًا لِلْمُقِرِّ لَهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِجِنَايَةِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ لَهُ، وَإِنْ سَبَقَ الْإِيلَادُ الْجِنَايَةَ لِأَنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُ جِنَايَةَ أُمِّ الْوَلَدِ ذَكَرَ ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ.
(وَإِذَا) رَهَنَ أَوْ آجَرَ عَبْدًا ثُمَّ (أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ بِجِنَايَةٍ) مِنْ الْعَبْدِ (مُتَقَدِّمَةٍ) عَلَى اللُّزُومِ (أَوْ قَالَ كُنْت غَصَبْته أَوْ بِعْته، وَنَحْوُهُ) مِمَّا يَمْنَعُ الرَّهْنَ أَوْ الْإِجَارَةَ كَأَعْتَقْتُه (وَصَدَّقَهُ الْمُدَّعِي) أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (لَمْ يُقْبَلْ) قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا، وَفِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَنْفَعَةِ خَاصَّةً (صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ) مِنْ أَحَدِهِمَا، وَلَا حَاجَةَ فِي صُورَةِ الْعِتْقِ إلَى تَصْدِيقِ الْعَبْدِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ ذَكَرَهُ مَا عَدَا الْفَرْقَ فِي الْأَصْلِ، وَيُقَاسُ بِالْعِتْقِ الْإِيلَادُ، وَكَذَا الْوَقْفُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ أَوْ عَيَّنَهُ، وَلَمْ يُصَدِّقْهُ فَالرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ بِحَالِهِ أَوْ صَدَّقَهُ هُوَ، وَالْمُرْتَهِنَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ خَرَجَ عَنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ الْإِجَارَةِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ الْمُقْرَضُ كَانَ الرَّهْنُ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ فِيمَا ذُكِرَ (فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِمَا ادَّعَى بِهِ، وَيَسْتَمِرُّ الرَّهْنُ أَوْ الْإِجَارَةُ (ثُمَّ يَغْرَمُ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ) لِلْمُقِرِّ لَهُ (الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَالْأَرْشَ) فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ وَقِيمَتَهُ فِي غَيْرِهَا مَا عَدَا مَسْأَلَتَيْ الْعِتْقِ، وَالْإِيلَادِ، وَإِنَّمَا غَرِمَ
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
آخَرَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَحُكِمَ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِتَحْلِيفِ الْمُقَرِّ لَهُ يُحَرَّرُ قَالَ شَيْخُنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ
[فَرْعٌ دَفَعَ الْمَرْهُونَ إلَى الْمُرْتَهِنِ بِغَيْرِ قَصْدِ إقْبَاضِهِ عَنْ الرَّهْنِ هَلْ يَكْفِي عَنْهُ]
(قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ
[فَصْلٌ الْمُقِرُّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَرْهُونِ إنْ صَدَّقَهُ الرَّاهِنُ دُونَ الْمُرْتَهِنِ]
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ حَكَاهُ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ النِّكَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ مَرْدُودٌ وَلَكِنَّ الْإِشْكَالَ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَيْسَتْ مَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهَا مِنْ مَسْأَلَتِنَا أَنْ يَكُونَ الْأَرْشُ بِيَدِ الرَّاهِنِ لِكَوْنِ الْأَصْلِ كَانَ بِيَدِهِ وَهُوَ حِينَئِذٍ لَا يَرُدُّ إلَى الْمُقِرِّ إذْ الْجَامِعُ الْمُعْتَبَرُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَنْ فِي يَدِهِ الْمَالُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ مُنْكِرٌ لَهُ وَمُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ فَيُقِرُّ الْمَالَ فِي يَدِهِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فِي الْحَالَيْنِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي أَقُولُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْعَهَا فِي جِنَايَتِهِ وَقَدْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فَيَغْرَمُ لَهُ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُرْتَهِنِ الثَّمَنَ. اهـ. مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ الرَّهْنِ سَابِقًا عَلَى الْجِنَايَةِ) فَإِنْ مَلَكَ يَوْمًا لَزِمَ تَسْلِيمُهُ فِي الْجِنَايَةِ
(قَوْلُهُ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى اللُّزُومِ) قَالَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ أَنْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغَيْرِ مِنْ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يُوَاطِئُ مُدَّعِي الْجِنَايَةِ أَوْ غَيْرَهُ لِغَرَضِ إبْطَالِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَقْفُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ أَوْ صَدَّقَهُ وَلَمْ يَدَعْهُ (قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ بِحَالِهِ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَيَّدُ بِهَذِهِ الصُّورَةِ إذْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا الْمَاتِنُ غَيْرَ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْمُقِرِّ فِيهَا دُونَ الثَّانِيَةِ