للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَأَدْرَكَتْ الْحَجَّ فَذَاكَ، وَإِنْ فَاتَهَا قَالَ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ: إنْ كَانَتْ سَبَبَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِخِيَارٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ الْمُفَوِّتَةِ، وَإِلَّا فَفِي الْقَضَاءِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُحْصَرِ إذَا سَلَكَ طَرِيقًا فَفَاتَهُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ الْمَنْعِ وَسَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِيمَا لَوْ أَحْرَمَتْ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ، ثُمَّ طَلُقَتْ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ فَفَاتَهَا الْحَجُّ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا يَجِبُ الْقَضَاءُ كَالْخَطَأِ فِي الْعَدَدِ وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَرْزُبَانِ (وَالْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ) إذَا أَرَادَتْ الْإِحْرَامَ (تَسْتَأْذِنُ وُجُوبًا الزَّوْجَ وَالسَّيِّدَ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فَإِنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ الْمَنْعُ فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَلَهُمَا، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيلُهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

الْمَانِعُ (الْخَامِسُ الْأُبُوَّةُ، وَلَيْسَ لِأَبَوَيْهِ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَلَا (مَنْعُهُ مِنْ) حَجِّ (الْفَرْضِ) لَا ابْتِدَاءً، وَلَا إتْمَامًا كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَيُفَارِقُ الْجِهَادُ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ، وَلَيْسَ الْخَوْفُ فِيهِ كَالْخَوْفِ فِي الْجِهَادِ مَعَ أَنَّ فِي تَأْخِيرِهِ خَطَرَ الْفَوَاتِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ كَانَ لِأَبَوَيْهَا مَنْعُهَا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُسَافِرَ مَعَهَا الزَّوْجُ (وَيُسَنُّ اسْتِئْذَانُهُمَا) فِي الْحَجِّ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ (وَيَمْنَعَانِهِ مِنْ) حَجِّ (التَّطَوُّعِ) ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِاعْتِبَارِ الْإِذْنِ مِنْ فَرْضِ الْكِفَايَةِ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لِرَجُلٍ اسْتَأْذَنَهُ فِي السَّفَرِ لِلْجِهَادِ: أَلَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اسْتَأْذَنْتَهُمَا؟ قَالَ: لَا قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِمَا لَهُ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ (وَلَهُمَا تَحْلِيلُهُ) مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ إذَا أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَتَحْلِيلُهُمَا لَهُ كَتَحْلِيلِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ اتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَيَلْزَمُهُ التَّحَلُّلُ بِأَمْرِهِمَا وَيَبْعُدُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَحْلِيلُ الْمَكِّيِّ وَنَحْوِهِ لِقِصَرِ السَّفَرِ الْمَانِعُ

(السَّادِسُ الدَّيْنُ، وَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ) أَيْ الْمَدِينِ (تَحْلِيلُهُ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي إحْرَامِهِ وَتَقَدَّمَ فِي جَوَازِ تَحَلُّلِ الْمَدِينِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِ غَرِيمِهِ تَفْصِيلٌ (، وَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ) لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ (إلَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ (فَإِنْ كَانَ) الدَّيْنُ يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ (اُسْتُحِبَّ) لَهُ (أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيَهُ) عَنْهُ عِنْدَ حُلُولِهِ.

(فَصْلٌ لَا قَضَاءَ عَلَى مُحْصَرٍ تَحَلَّلَ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَبُيِّنَ فِي الْقُرْآنِ أَوْ فِي الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ الْفَوَاتَ نَشَأَ عَنْ الْإِحْصَارِ الَّذِي لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ لَا قَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ بَلْ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ (فَإِنْ أُحْصِرَ فِي قَضَاءٍ أَوْ نَذْرٍ) مُعَيَّنٍ فِي الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ (فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ) كَمَا كَانَ كَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ، وَلَمْ يُتِمَّهَا (وَكَذَا حِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ) حِجَّةِ (نَذْرٍ) قَدْ (اسْتَقَرَّتْ) كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهِ بِأَنْ اجْتَمَعَ فِيهَا شُرُوطُ الِاسْتِطَاعَةِ قَبْلَ الْعَامِ الَّذِي أُحْصِرَ فِيهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُحْصِرَ فِي تَطَوُّعٍ أَوْ فِي حِجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ، وَلَمْ يَسْتَقِرَّ (فَلَا) شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّطَوُّعِ أَصْلًا، وَلَا فِي حِجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ النَّذْرِ (حَتَّى يَسْتَطِيعَ) بَعْدُ وَحِينَئِذٍ إنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ الْحَجُّ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِهِ، وَيَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ بِمُضِيِّهِ.

(فَصْلٌ. وَإِنْ وَجَدَ الْمُحْصَرُ طَرِيقًا وَاسْتَطَاعَ) سُلُوكَهُ (لَزِمَهُ سُلُوكُهُ) ، وَإِنْ طَالَ (حَتَّى يَصِلَ الْبَيْتَ) ، وَإِنْ عَلِمَ الْفَوَاتَ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّحَلُّلِ هُوَ الْحَصْرُ لَا خَوْفُ الْفَوَاتِ، وَلِهَذَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ بِالشَّامِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّحَلُّلُ بِسَبَبِ الْفَوَاتِ (فَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِطُولِهِ) أَيْ الطَّرِيقِ (أَوْ صُعُوبَتِهِ) أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّا يَحْصُلُ الْفَوَاتُ بِهِ (تَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ) لَا بِتَحَلُّلِ الْمُحْصَرِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهَا (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) ، وَإِنْ تَرَكَّبَ السَّبَبُ مِنْ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ؛ لِأَنَّهُ بَذَلَ مَا فِي وُسْعِهِ كَمَنْ أُحْصِرَ مُطْلَقًا (فَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ (اسْتَوَيَا) أَيْ الطَّرِيقَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ الَّذِي وَجَدَهُ أَقْرَبَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى فَفَاتَهُ الْحَجُّ (قُضِيَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ فَوَاتٌ مَحْضٌ أَمَّا إذَا وَجَدَ طَرِيقًا، وَلَمْ يَسْتَطِعْ سُلُوكَهُ فَكَالْعَدِمِ (وَإِنْ دَامَ الْحَصْرُ وَصَابَرَهُ) أَيْ الْإِحْرَامَ (مُتَوَقِّعًا زَوَالَ الْإِحْصَارِ حَتَّى فَاتَ) الْحَجُّ بِفَوَاتِ الْوُقُوفِ (فَلَا قَضَاءَ) لِمَا مَرَّ (وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ) أَيْ بِعَمَلِهَا وَمَحَلُّهُ كَمَا

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

أَيْ قَبْلَ بَذْلِ الْحَالِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلَا) ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْأَبَوَيْنِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا فَرْقَ فِيهِمْ بَيْنَ الْأَحْرَارِ وَالْأَرِقَّاءِ (قَوْلُهُ مِنْ حَجِّ الْفَرْضِ) فَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ حَجِّ الْإِسْلَامِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى مَنْعِهِ أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا وَكَانَ مِمَّنْ يُطِيقُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِأَبِيهِ، وَلَا لِوَلِيِّهِ مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى مُطِيقِ الْمَشْيِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَتَانِ لَكِنْ قَالَ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ وَتَبِعَهُ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي حَمْلُ حَجِّ الْإِسْلَامِ عَلَى مَا إذَا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّ الرِّضَا الزَّوْجِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَتَطَوُّعًا) قَالَ شَيْخُنَا: حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِضَاهُ بِذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ الِاسْتِئْذَانُ وَاجِبًا وَيُمْكِنُ حَمْلُ سُنِّيَّةِ الِاسْتِئْذَانِ عَلَى الْإِحْرَامِ وَوُجُوبِهِ عَلَى السَّفَرِ لَهُ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْمُسْلِمِينَ) وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْعِزُّ بْنُ جَمَاعَةَ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِهِمَا إلَخْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِقِصَرِ السَّفَرِ الْمَانِعِ) وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي إرْشَادِهِ وَلِأَبَوَيْ آفَاقِيٍّ مَنْعُهُ مِنْ تَطَوُّعٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ مُقْتَضَى الْحَاوِي جَوَازُ مَنْعِ الْمَكِّيِّ أَيْ وَنَحْوِهِ مِنْ التَّطَوُّعِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَمْنَعَانِهِ مِنْ السَّفَرِ الطَّوِيلِ لِلْحَجِّ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْحَجِّ وَذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِالْآفَاقِيِّ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ مَا إذَا كَانَ الْمَانِعُ مُصَاحِبًا لَهُ فِي السَّفَرِ

(قَوْلُهُ أَوْ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا) أَوْ اسْتَنَابَ مَنْ يَقْضِيهِ مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ.

[فَصْلٌ لَا قَضَاءَ عَلَى مُحْصَرٍ تَحَلَّلَ]

(قَوْلُهُ أَوْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ مَنْ أُحْصِرَ فِي مَسْأَلَةِ النَّذْرِ بَعْدَ إحْرَامِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْإِحْرَامِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عَامِهِ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ بِهِ إلَخْ) كَذَا أَطْلَقُوا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إذَا كَانَ بَعِيدَ الدَّارِ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ لَعَجَزَ عَنْ الْحَجِّ فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ بِهِ فِي هَذَا الْعَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>