للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثُمَّ رَجَعَ) عَنْ إيجَابِهِ (أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ) أَوْ جُنَّ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ ارْتَدَّ (أَوْ رَجَعَتْ الْآذِنَةُ) عَنْ إذْنِهَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهَا أَوْ جُنَّتْ أَوْ ارْتَدَّتْ (امْتَنَعَ الْقَبُولُ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ إغْمَاءَهَا دُونَ رُجُوعِهَا وَالْمُصَنِّفُ عَكَسَ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ قَرِيبٌ

(فَصْلٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ كَقَوْلِهِ) وَقَدْ أُخْبِرَ بِمَوْلُودٍ (إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا) كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ (فَإِنْ أُعْلِمَ) أَيْ أُخْبِرَ بِحُدُوثِ بِنْتٍ لَهُ بِمَوْتِ إحْدَى نِسَاءِ زَيْدٍ مَثَلًا (فَصَدَقَ) الْمُخْبِرُ (ثُمَّ قَالَ) لِزَيْدٍ فِي الثَّانِيَةِ وَلِغَيْرِهِ فِي الْأُولَى (إنْ صَدَقَ) الْمُخْبِرُ (فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا صَحَّ) وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْت زَوْجَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٧٥] وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَصَوَّرَهُ بِالتَّصْدِيقِ الْمَذْكُورِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَا قَالَهُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ تَعْلِيقٌ وَإِنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُ فَتَفْسُدُ الصِّيغَةُ بِصُورَةِ التَّعْلِيقِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ إنْ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك مَنْعُهُ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ إنْ وَقَدْ صَدَقَ وَجَبَ جَعْلُهَا بِمَعْنَى إذْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لَا مَعْنَى كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِاشْتِرَاطِ الْيَقِينِ بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ (زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَيَكُونُ بُضْعُ كُلٍّ) مِنْهُمَا (صَدَاقَ الْأُخْرَى فَقَالَ تَزَوَّجْتهَا وَزَوَّجْتُك ابْنَتِي) عَلَى ذَلِكَ (لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَتَفْسِيرُهُ بِذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ آخِرِ الْخَبَرِ الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْ يَكُونَ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عُمَرَ الرَّاوِي أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي عَنْهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْبُخَارِيُّ بِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ، وَقِيلَ التَّعْلِيقُ وَقِيلَ: الْخُلُوُّ مِنْ الْمَهْرِ وَسُمِّيَ شِغَارًا إمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْبَلَدُ عَنْ السُّلْطَانِ إذَا خَلَا عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ وَقِيلَ: لِخُلُوِّهِ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِطِ، وَإِمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ شُغِرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ لَا تَرْفَعْ رِجْلَ ابْنَتِي حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ ابْنَتِك، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك اسْتِيجَابٌ قَائِمٌ مَقَامَ قَوْلِهِ زَوِّجْنِي ابْنَتَك وَإِلَّا لَوَجَبَ الْقَبُولُ بَعْدُ.

(وَكَذَا) لَا يَصِحُّ (لَوْ ذَكَرَ مَعَ الْبُضْعِ مَالًا) كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَك أَوْ أَمَتَك بِأَلْفٍ وَبُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقُولُ: الزَّوْجُ تَزَوَّجْت بِنْتَك أَوْ أَمَتَك وَزَوَّجْتُك بِنْتِي أَوْ أَمَتِي عَلَى ذَلِكَ لِوُجُودِ التَّشْرِيكِ الْمَذْكُورِ (فَلَوْ أَسْقَطَ) فِيهَا وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا (وَبُضْعُ كُلٍّ صَدَاقُ الْأُخْرَى صَحَّ النِّكَاحَانِ) إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ، وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْبُطْلَانِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ مَعَ إسْقَاطِ ذَلِكَ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ إسْقَاطِهِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ فِي بَقِيَّةِ نُصُوصِهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ مَعَ الْإِسْقَاطِ يَصِحُّ النِّكَاحَانِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِفَسَادِ الْمُسَمَّى (وَلَوْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِي صَدَاقُ ابْنَتِك وَلَمْ يَزِدْ) فَقَبِلَ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ (صَحَّ الثَّانِي فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْأَوَّلِ لِجَعْلِ بُضْعِ بِنْتِ الْأَوَّلِ فِيهِ صَدَاقًا لِبِنْتِ الثَّانِي بِخِلَافِ الثَّانِي (أَوْ عَكْسَهُ) بِأَنْ قَالَ وَبُضْعُ ابْنَتِك صَدَاقُ ابْنَتِي وَلَمْ يَزِدْ (صَحَّ الْأَوَّلُ) فَقَطْ لِمَا عُرِفَ، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُك بِنْتِي عَلَى أَنَّ بُضْعَك صَدَاقٌ لَهَا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ لَكِنْ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ سُمِّيَ خَمْرًا وَالثَّانِي الْبُطْلَانُ لِتَضَمُّنِ هَذَا الشَّرْطِ حَجْرًا عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مِلْكُ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمِلْكِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ التَّشْرِيكِ

(فَرْعٌ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ) دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا (إذَا قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِمَنْفَعَةِ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِمُتْعَةِ (أَمَتِك وَنَحْوِهَا) كَعَبْدِك لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ قَالَ) لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ (زَوَّجْتُك جَارِيَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِصَدَاقٍ) لَهَا (هُوَ رَقَبَةُ الْجَارِيَةِ) فَزَوَّجَهُ عَلَى ذَلِكَ (صَحَّ النِّكَاحَانِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَشْرِيَك فِيمَا وَرَدَ عَلَيْهِ عَقْدُ النِّكَاحِ (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّعْوِيضِ فِي الْأُولَى وَفَسَادِ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَوْ صَحَّ الْمُسَمَّى فِيهَا لَزِمَ صِحَّةُ نِكَاحِ الْأَبِ جَارِيَةَ بِنْتِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْت بِنْتَك عَلَى رَقَبَةِ جَارِيَتِي وَزَوَّجْتُك جَارِيَتِي فَقَبِلَ لِتَقَارُنِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَخَالَفَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ تَعْلِيقُ النِّكَاحِ]

فَصْلٌ) (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَصَدَ التَّبَرُّكَ الْعَقْدَ)

وَكَذَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك إنْ شِئْت وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ كَوْنِ التَّعْلِيقِ مَانِعًا إذَا كَانَ لَيْسَ مُقْتَضَى الْإِطْلَاقِ وَإِلَّا فَيَنْعَقِدُ فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُك بِنْتِي إنْ كَانَتْ حَيَّةً وَالصُّورَةُ أَنَّهَا كَانَتْ غَائِبَةً وَتَحَدَّثَ بِمَوْتِهَا أَوْ ذَكَرَ مَوْتَهَا أَوْ قَتْلَهَا وَلَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ يَصِحُّ مَعَهُ الْعَقْدُ وَبَسَطَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِتَعْلِيقٍ) ؛ لِأَنَّ إنْ إذَا أُدْخِلَتْ عَلَى مَاضٍ مُحَقَّقٍ كَانَتْ بِمَعْنَى إذْ وَإِذْ مَعْنَاهَا التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ الْمَوْلُودُ بِنْتًا إلَخْ) أَوْ إنْ كَانَتْ بِنْتِي طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ فَقَدْ زَوَّجْتُكهَا اسْتَشْكَلَ تَصْوِيرَ الْإِذْنِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي الْبِكْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَاعْتَدَّتْ وَأُجِيبُ بِتَصْوِيرِهِ فِيمَا إذَا وُطِئَتْ فِي الدُّبُرِ وَاسْتَدْخَلَتْ الْمَاءَ وَفِي الْمَجْنُونَةِ أَوْ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ إنْ طَلُقَتْ وَاعْتَدَّتْ أَنْ يُزَوِّجَهَا كَمَا أَشَارَ إلَى صِحَّةِ هَذَا الْإِذْنِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ

[فَرْعٌ قَالَ زَوَّجْتُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك وَيَكُونُ بُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقَ الْأُخْرَى]

(قَوْلُهُ أَوْ مِنْ تَفْسِيرِ نَافِعٍ الرَّاوِي) وَصَوَّبَ الْخَطِيبُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِي الْبُطْلَانِ التَّشْرِيكُ إلَخْ) ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي قَوْلُهُ وَبُضْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقُ الْأُخْرَى يَقْتَضِي اسْتِرْجَاعَهُ لِيَجْعَلَهُ صَدَاقًا فَقَدْ رَجَعَ عَمَّا أَوْجَبَ قَبْلَ الْقَبُولِ فَبَطَلَ (قَوْلُهُ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى) فَجَعَلَهُ عِوَضًا وَمُعَوَّضًا عَنْهُ وَالْمَحَلُّ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ فَاعِلًا وَقَابِلًا أَيْ لَا يُجْعَلُ عِلَّةً وَمَعْلُولًا كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا الصِّحَّةُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ

[فَرْعٌ يَفْسُدُ الصَّدَاقُ دُونَ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي بِمَنْفَعَةِ]

(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَكْسَ التَّصْوِيرِ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>