للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا) أَيْ اللُّقَطَةِ بِمَعْنَى الِالْتِقَاطِ وَفِي نُسْخَةٍ " فِيهِ " (الِاكْتِسَابُ لَا الْوِلَايَةُ) لِأَنَّهُ مَآلُ الْأَمْرِ وَمَقْصُودُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِمَّا فَرَّعَهُ كَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (فَيَصِحُّ الْتِقَاطُ ذِمِّيٍّ وَفَاسِقٍ وَمُرْتَدٍّ إنْ قُلْنَا لَا يَزُولُ مِلْكُهُ) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَاصْطِيَادِهِمْ وَاحْتِطَابِهِمْ (وَتُنْزَعُ) اللُّقَطَةُ (مِنْهُمْ) وَتُسَلَّمُ (إلَى عَدْلٍ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلًا لِلْحِفْظِ لِعَدَمِ أَمَانَتِهِمْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَأُجْرَةُ الْعَدْلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ (وَيُجْعَلُ عَلَيْهِمْ مُشْرِفٌ فِي التَّعْرِيفِ فَإِنْ تَمَّ) التَّعْرِيفُ (تَمَلَّكُوا) اللُّقَطَةَ (وَلَا يَصِحُّ الْتِقَاطُ عَبْدٍ بِلَا إذْنٍ وَلَوْ) الْتَقَطَ (لِسَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِلْوِلَايَةِ وَلَا يُعَرِّضُ سَيِّدَهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِ اللُّقَطَةِ لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لَهُ بِخِلَافِ اتِّهَابِهِ فَإِنَّهُ لَا بَدَلَ فِيهِ (وَيَضْمَنُهَا فِي رَقَبَتِهِ) كَالْغَصْبِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الْمُلْتَقِطَةُ (مُسْتَوْلَدَةً ضَمِنَ السَّيِّدُ) اللُّقَطَةَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْتِقَاطَهَا لِأَنَّ جِنَايَتَهَا عَلَيْهِ (فَلَوْ انْتَزَعَهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ (أَجْنَبِيٌّ صَارَ مُلْتَقِطًا) لِأَنَّ يَدَهُ إذَا لَمْ تَكُنْ يَدَ الْتِقَاطٍ كَانَ الْحَاصِلُ فِيهَا ضَائِعًا.

(وَسَقَطَ عَنْ) رَقَبَةِ (الْعَبْدِ الضَّمَانُ) لِوُصُولِهَا إلَى نَائِبِ الْمَالِكِ شَرْعًا (وَإِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ) الْتِقَاطَ الْعَبْدِ لَهَا (وَانْتَزَعَهَا مِنْهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ صَارَ مُلْتَقِطًا وَسَقَطَ عَنْ الْعَبْدِ الضَّمَانُ لِذَلِكَ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (إنْ اسْتَحْفَظَ بِهَا) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ أَيْ إنْ اسْتَحْفَظَهُ إيَّاهَا السَّيِّدُ (وَهُوَ أَمِينٌ أَيْ يَدُهُ كَيَدِهِ) فَهُوَ كَمَا لَوْ الْتَقَطَهَا ابْتِدَاءً وَاسْتَعَانَ بِهِ فِي تَعْرِيفِهَا (وَإِنْ اسْتَحْفَظَهُ) إيَّاهَا (وَهُوَ غَيْرُ أَمِينٍ أَوْ أَهْمَلَهُ) مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَحْفِظَهُ إيَّاهَا (ضَمِنَ السَّيِّدُ مَعَ الْعَبْدِ) لِتَعَدِّيهِمَا فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِالْعَبْدِ وَبِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ الْعَبْدُ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ أَفْلَسَ السَّيِّدُ قُدِّمَ مَالِكُ اللُّقَطَةِ فِي الْعَبْدِ عَلَى سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَلَوْ رَأَى عَبْدَهُ يُتْلِفُ مَالًا) لِغَيْرِهِ (وَلَمْ يَمْنَعْهُ ضَمِنَ مَعَ الْعَبْدِ) لِتَعَدِّيهِمَا وَلَوْ قَالَ بَدَلَ هَذَا كَمَا لَوْ رَآهُ يُتْلِفُ مَالًا وَلَمْ يَمْنَعْهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الِالْتِقَاطِ صَحَّ) الِالْتِقَاطُ كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يُفِيدُهُ أَهْلِيَّةُ الْوِلَايَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

(وَهَلْ الْإِذْنُ فِي الِاكْتِسَابِ) مُطْلَقًا (إذْنٌ فِي الِالْتِقَاطِ) أَوْ لَا فِيهِ (وَجْهَانِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَالْأَصَحُّ الدُّخُولُ (وَلَوْ عَتَقَ) عَبْدٌ (مُلْتَقِطٌ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (فَكَأَنَّهُ الْتَقَطَ حِينَئِذٍ) فَلَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ بَعْدَ التَّعْرِيفِ.

(فَرْعٌ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ) مُكَاتَبٍ (صَحِيحِ الْكِتَابَةِ وَمُبَعَّضٍ وَصَبِيٍّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَمْلِكُ وَالْمُكَاتَبُ، وَالْمُبَعَّضُ مُسْتَقِلَّانِ بِالتَّمَلُّكِ وَالتَّصَرُّفِ كَالْحُرِّ بِخِلَافِ فَاسِدِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ كَالْقِنِّ وَشَرَطَ الْإِمَامُ فِي صِحَّةِ الْتِقَاطِ الصَّبِيِّ التَّمْيِيزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ (فَإِنْ تَمَلَّكَهَا الْمُكَاتَبُ) بَعْدَ تَعْرِيفِهَا وَتَلِفَتْ (فَبَدَلُهَا فِي كَسْبِهِ وَهَلْ يُقَدَّمُ بِهِ الْمَالِكُ) لَهَا (عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَوْ لَا فِيهِ (وَجْهَانِ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي الْحُرِّ الْمُفْلِسِ، أَوْ الْمَيِّتِ (فَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ التَّمَلُّكِ) لِلُّقَطَةِ (لَمْ يَأْخُذْهَا السَّيِّدُ) لِأَنَّ الْتِقَاطَ الْمُكَاتَبِ لَا يَقَعُ لِلسَّيِّدِ وَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْتِقَاطُهُ اكْتِسَابًا؛ لِأَنَّ لَهُ يَدًا كَالْحُرِّ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَخْذُهَا مِنْهُ (بَلْ يَحْفَظُهَا الْحَاكِمُ لِلْمَالِكِ، وَهِيَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُبَعَّضٍ الْتَقَطَهَا) فَيُعَرِّفَانِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بِحَسَبِ الرِّقِّ، وَالْحُرِّيَّةِ كَشَخْصَيْنِ الْتَقَطَاهَا (فَلَوْ تَنَاوَبَا فَلِصَاحِبِ) أَيْ فَهِيَ لِصَاحِبِ (النَّوْبَةِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ النَّادِرَ يَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَدَنِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَى عَدَمِ دُخُولِهِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ صَاحِبُ النَّوْبَةِ (حَالَةَ الِالْتِقَاطِ) لَهَا لَا حَالَةَ تَمَلُّكِهَا فَلَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ السَّيِّدُ وَجَدْتهَا فِي يَوْمِي وَقَالَ الْمُبَعَّضُ بَلْ فِي يَوْمِي صُدِّقَ الْمُبَعَّضُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ (وَيَنْزِعُهَا الْوَلِيُّ مِنْ الصَّبِيِّ) الَّذِي الْتَقَطَهَا (وَيُعَرِّفُهَا لَا مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ بَلْ يَرْفَعُ) -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَالَ الْجَبَلِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ: مَتَى غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إذَا عَرَّفَهَا أَخَذَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ لِجَوْرِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّعْرِيفُ بَلْ تَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ أَبَدًا وَلِلْإِشْهَادِ فَائِدَتَانِ أَنَّهُ رُبَّمَا طَمِعَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا أَشْهَدَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّهُ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ مَجِيءِ صَاحِبِهَا فَيَأْخُذُهَا الْوَاجِدُ

(قَوْلُهُ: وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ) وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ ذِمِّيٍّ إلَخْ) وَهَلْ الْمُعَاهَدُ وَالْمُسْتَأْمَنُ إذَا جَاءَانَا كَالذِّمِّيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِمَا نَقْلًا وَقَالَ الْمُرَادُ بِالْفَاسِقِ الَّذِي لَا يُوجِبُ فِسْقُهُ حَجْرًا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ وَالْمُسْتَأْمَنَ كَالذِّمِّيِّ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَتُنْزَعُ مِنْهُمْ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْفَاسِقِ بِغَيْرِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ كَمَا يُزَوِّجُ مَعَ فِسْقِهِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُنْزَعَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَأُجْرَةُ الْعَدْلِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إلَّا إنْ أَرَادُوا التَّمَلُّكَ فَهِيَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ الْإِذْنُ فِي الِاكْتِسَابِ إذْنٌ فِي الِالْتِقَاطِ) وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ

[فَرْعٌ الْتِقَاطُ مُكَاتَبٍ صَحِيحِ الْكِتَابَةِ وَمُبَعَّضٍ وَصَبِيٍّ]

(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ الْتِقَاطُ صَحِيحِ كِتَابَةٍ كَالْحُرِّ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَا بِيَدِهِ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ وَلَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ تُمْكِنُ مُطَالَبَتُهُ مَتَى جَاءَ الْمَالِكُ مَعَ أَنَّ الْتِقَاطَهُ اكْتِسَابٌ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَمُبَعَّضٍ الْتَقَطَهَا) قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ صِحَّةُ لُقَطَةِ الْمُبَعَّضِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَعَدَمِهَا فِي التَّمَلُّكِ فَقَطْ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ مَعَ الْمُهَايَأَةِ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ كَالْقِنِّ (قَوْلُهُ: وَشَرَطَ الْإِمَامُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ مِنْهُمَا الثَّانِي) هُوَ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَجَّزَ نَفْسَهُ بَعْدَ التَّمَلُّكِ انْتَقَلَتْ إلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إلَخْ) الْأَصَحُّ دُخُولُ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الْمُؤَنِ النَّادِرَةِ فَتَكُونُ عَلَى صَاحِبِ النَّوْبَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا (قَوْلُهُ: وَيَنْزِعُهَا الْوَلِيُّ مِنْ الصَّبِيِّ إلَخْ) يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَلِغَيْرِهِ أَخْذُ اللُّقَطَةِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا لِنَفْسِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ مِنْ الضَّمَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>