الْأَمْرَ (إلَى الْقَاضِي) لِيَبِيعَ جُزْءًا مِنْهَا لِمُؤْنَةِ التَّعْرِيفِ، وَالْقِيَاسُ لُزُومُهَا لِلصَّبِيِّ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُتَمَلِّكَ وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَاكَ (وَيَتَمَلَّكُ لَهُ الْوَلِيُّ) إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَمَلُّكِهِ لَهُ (حَيْثُ يَقْتَرِضُ) أَيْ حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ؛ لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ إيَّاهَا لَهُ فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ حَفِظَهَا، أَوْ سَلَّمَهَا لِلْقَاضِي (فَإِنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهَا) مِنْهُ (فَتَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ ضَمِنَ الْوَلِيُّ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيُّهُ الْحَاكِمَ فَالْأَشْبَهُ عَدَمُ ضَمَانِهِ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فِي انْتِزَاعِهَا (ضَمِنَ الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ لَا التَّلَفِ) بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ كَمَا لَوْ أَوْدَعَ مَالًا فَأَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ (فَيُعَرِّفُ الْوَلِيُّ) لُقَطَةً (تَالِفَةً ضَمِنَهَا) مُتْلِفُهَا (وَيَتَمَلَّكُ لِلصَّبِيِّ الْقِيمَةَ) إنْ رَأَى فِي تَمَلُّكِهِ لَهَا مَصْلَحَةً وَهَذَا (بَعْدَ قَبْضِ الْحَاكِمِ لَهَا) أَمَّا مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُمْكِنُ تَمَلُّكُهُ لِلصَّبِيِّ (وَالسَّفِيهُ، وَالْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ) فِي حُكْمِ الِالْتِقَاطِ (لَكِنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِهِمَا.
(الرُّكْنُ الثَّالِثُ فِي الْمُلْتَقَطِ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُنَاسِبُ حَذْفُ فِي (وَهُوَ نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (جَمَادٌ وَكَلُّهُ يُلْتَقَطُ وَلَوْ غَيْرَ مَالٍ) كَجِلْدِ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُلْتَقَطُ (لِلِاخْتِصَاصِ) وَثَانِيهِمَا (حَيَوَانٌ فَمِنْهُ الرَّقِيقُ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً (وَيُلْتَقَطُ لِلتَّمَلُّكِ مِنْهُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ لَا الْمُمَيِّزِ؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ إلَى مَالِكِهِ بِالدَّلَالَةِ (إلَّا) إنْ وَجَدَهُ (وَقْتَ نَهْبٍ) أَوْ نَحْوِهِ كَغَرَقٍ، أَوْ حَرِيقٍ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ صِيَانَةً لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ اللُّقَطَةُ (أَمَةً) وَوُجِدَ فِيهَا الشَّرْطُ السَّابِقُ (فَتَمَلُّكُهَا كَاقْتِرَاضِهَا) أَيْ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهَا لِلتَّمَلُّكِ حَيْثُ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهَا بِأَنْ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَمَحْرَمٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بِأَنْ كَانَتْ تَحِلُّ لَهُ أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا لَا الْمُمَيِّزِ فِي زَمَنِ الْأَمْنِ (وَيُنْفِقُ عَلَى الرَّقِيقِ) الْمُلْتَقَطِ مُدَّةَ حِفْظِهِ (مِنْ كَسْبِهِ) وَمَا بَقِيَ مِنْ كَسْبِهِ يُحْفَظُ مَعَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ (فَعَلَى مَا سَيَأْتِي) فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ مِنْ الْحَيَوَانِ (فَلَوْ بِيعَ وَقَالَ الْمَالِكُ) بَعْدَ ظُهُورِهِ (كُنْت أَعْتَقْتُهُ أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ) لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ وَمِثْلُهُ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمُزِيلَةِ لِلْمِلْكِ كَالْبَيْعِ كَمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الصَّدَاقِ.
(وَمَا سِوَاهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إنْ امْتَنَعَ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) بِقُوَّتِهِ (كَالْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ وَالْحَمِيرِ) أَوْ بِعَدْوِهِ كَالْأَرَانِبِ (وَالظِّبَاءِ) الْمَمْلُوكَةِ أَوْ بِطَيَرَانِهِ كَالْحَمَامِ (امْتَنَعَ الْتِقَاطُهُ فِي الْأَمْنِ لِلتَّمَلُّكِ مِنْ الْمَفَاوِزِ) لِخَبَرِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ نَحْوُهُ، وَلِأَنَّهُ مَصُونٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ أَكْثَرِ السِّبَاعِ مُسْتَغْنٍ بِالرَّعْيِ إلَى أَنْ يَجِدَهُ مَالِكُهُ لِتَطَلُّبِهِ لَهُ (لَا) مِنْ (الْبُلْدَانِ، وَالْقُرَى أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُمَا) فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَضِيعُ بِعَدَمِ وِجْدَانِهِ مَا يَكْفِيهِ وَبِامْتِدَادِ الْيَدِ الْخَائِنَةِ إلَيْهِ لِعُمُومِ طُرُوقِ النَّاسِ بِالْعُمْرَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَفَازَةِ (وَلَا) فِي (وَقْتِ نَهْبٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَوَجَدَهُ بِمَفَازَةٍ أَمْ غَيْرِهَا (وَلَوْ وَجَدَ بَعِيرًا مُقَلَّدًا) أَيَّامَ مِنًى (الْتَقَطَهُ وَنَادَى عَلَيْهِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ أَيَّامِ مِنًى نَحَرَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْحَاكِمَ) فَفَائِدَةُ الْتِقَاطِهِ مِنْ الْمَفَازَةِ نَحْرُهُ لَا تَمَلُّكُهُ لِمَا مَرَّ مِنْ مَنْعِ الْتِقَاطِ الْحَيَوَانِ مِنْهَا لِتَمَلُّكِهِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (وَلَوْ غَيْرَ الْحَاكِمِ الِالْتِقَاطُ لِلْحِفْظِ) صَوْنًا عَنْ الضَّيَاعِ (فَلَوْ الْتَقَطَ الْمُمْتَنِعَ) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (لِلتَّمَلُّكِ فِي مَفَازَةٍ آمِنَةٍ) ضَمِنَهُ وَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى مَكَانِهِ.
، ثُمَّ إنْ (سَلَّمَهُ إلَى الْحَاكِمِ بَرِئَ) كَمَا فِي الْغَصْبِ (وَمَا لَا يَمْتَنِعُ) مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ (كَالْكَسِيرِ وَالْفُصْلَانِ، وَالْغَنَمِ يُلْتَقَطُ) لِلتَّمَلُّكِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً أَوَجَدَهُ بِمَفَازَةٍ أَمْ لَا (فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ) وَتَمَلَّكَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ، (وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) لِلْمُلْتَقَطِ (وَلَهُ أَكْلُهُ) إنْ كَانَ مَأْكُولًا (فِي الْحَالِ) مُتَمَلِّكًا.
ــ
[حاشية الرملي الكبير]
قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ ذَاكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَقْرَبُ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ حَيْثُ قَالُوا مُؤْنَةُ التَّعْرِيفِ عَلَى الْمَالِكِ مَا لَمْ يُرِدْ التَّمَلُّكَ، وَإِرَادَةُ الصَّبِيِّ لَهُ لَاغِيَةٌ وَالْوَلِيُّ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي تَغْرِيمِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْأَحَظِّ لَهُ، وَإِنْ قَامَ مَقَامَهُ فِي تَمَلُّكِهَا لَهُ، كَاتِبُهُ.
(قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) الْأَشْبَهُ خِلَافُهُ لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ: لَا التَّلَفِ) وَلَوْ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ: بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ ضَمَانُ الصَّبِيِّ بِالتَّلَفِ فِي يَدِهِ بِتَقْصِيرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ السَّفِيهَ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ وَتَمَلُّكُهُ) وَفِي إبْقَاءِ اللُّقَطَةِ بِيَدِهِ وَهُوَ أَمِينٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهَا جَوَازُهُ كَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ وَكَلْبٍ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّعْبِيرُ بِالْمَمْلُوكِ يُخْرِجُ صُوَرًا مِنْهَا الْمَوْقُوفُ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَيَحْتَمِلُ جَوَازَ الْتِقَاطِهِ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكَلْبِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ وَقْفِيَّتَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ مَصْرِفَهُ جَازَ كَالْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ وَلَا يُتَمَلَّكُ. اهـ. فِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ أَبَدًا فَلَا يَكُونُ مَمْلُوكَ الرَّقَبَةِ وَهُوَ مَمْلُوكُ الْمَنَافِعِ، وَإِنْ خَرَجَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الثَّانِي إذَا جَوَّزْنَا الْتِقَاطَ الْمَوْقُوفِ لِتَمَلُّكِ مَنَافِعِهِ فَمَا وَجْهُ مَنْعِ الِالْتِقَاطِ لِلْمُنْقَطِعِ الْآخِرِ.
(قَوْلُهُ: وَيَمْتَنِعُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بِأَنْ تَحِلَّ لَهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ يُعَرِّفُ وَبَعْدَ الْحَوْلِ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا كَمَالِهِ بِيعَ مَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، ثُمَّ يَتَمَلَّكُ ثَمَنَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْتِقَاطُ الرَّقِيقِ لِلْحِفْظِ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا) يُعَرِّفُ الرِّقَّ بِعَلَامَةٍ كَعَلَامَةِ الْحَبَشَةِ وَالزِّنْجِ قَالَهُ الْفَارِقِيُّ وَكَذَا التَّمَجُّسُ أَوْ يُعَرِّفُ رَقِيقَةً مَجُوسِيَّةً، ثُمَّ يَجْهَلُ مَالِكَهَا، ثُمَّ يَجِدُهَا ضَالَّةً وَكَذَا مَعْرِفَةُ الْمُحَرَّمِ بِهَذَا وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ) الْمُرَادُ بِصِغَارِ السِّبَاعِ الذِّئْبُ وَالنَّمِرُ وَالْفَهْدُ كَذَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْكِفَايَةِ صِغَارُ السِّبَاعِ مِثْلُ صِغَارِ الثَّعَالِبِ وَابْنِ آوَى وَأَوْلَادِ الذِّئْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الذِّئْبَ الْكَبِيرَ مِنْ كِبَارِ السِّبَاعِ وَكَذَا النَّمِرُ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ النَّمِرَ مِنْ كِبَارِهَا فَقَالَ وَكِبَارُ السِّبَاعِ كَالْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فس الْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّمِرِ الصَّغِيرِ وَالثَّانِي عَلَى الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَتَمَلَّكَهُ بَعْدَ التَّعْرِيفِ) فَلَا يَتَمَلَّكُهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُهُ فِي الْحَالِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَإِنَّمَا جَازَ أَكْلُ الشَّاةِ لِلْحَدِيثِ قَالَ السُّبْكِيُّ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِالْأَكْلِ قَبْلَ التَّعْرِيفِ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْحَدِيثِ هِيَ