للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُمُعَةِ) لِاسْتِقْلَالِهِ (لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا) أَيْ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ (لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ) أَيْ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ إذْ لَيْسَ لِلْمَرْءِ مِنْ عَمَلِهِ إلَّا مَا نَوَى كَمَا مَرَّ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ وَتَصِحُّ نِيَّتُهُ لَهَا مَعَ تَحَرُّمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ سَيَصِيرُ إمَامًا وَبِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ صَرَّحَ الْجُوَيْنِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْوَجْهُ وَقَوْلُ الْعِمْرَانِيِّ هُنَا إنَّهَا لَا تَصِحُّ حِينَئِذٍ غَرِيبٌ وَإِذَا نَوَى فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ حَازَ الْفَضِيلَةَ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ وَلَا تَنْعَطِفُ نِيَّتُهُ عَلَى مَا قَبْلَهَا (وَ) أَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا فَلَوْ تَرَكَهَا (بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ) لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِ فِيهَا سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَمْ زَائِدًا عَلَيْهِمْ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ (فَإِنْ نَوَى) فِي غَيْرِهَا (وَعَيَّنَ الْمُؤْتَمَّ بِهِ فَأَخْطَأَ لَمْ يَضُرَّ) ؛ لِأَنَّ غَلَطَهُ فِي النِّيَّةِ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهَا، وَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ فَأَخْطَأَ ضَرَّ؛ لِأَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ كَمَا مَرَّ.

الشَّرْطُ (الْخَامِسُ تَوَافُقُ) نَظْمِ (الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ) كَالرُّكُوعِ، وَالسُّجُودِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتَا فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ (فَلَوْ اقْتَدَى فِي الظُّهْرِ مَثَلًا بِمَنْ يُصَلِّيَ الْجِنَازَةَ، أَوْ الْكُسُوفَ لَمْ تَصِحَّ) الْقُدْوَةُ لِتَعَذُّرِ الْمُتَابَعَةِ بِاخْتِلَافِ فِعْلِهِمَا (إلَّا فِي ثَانِي قِيَامِ ثَانِيَةِ الْكُسُوفِ) فَتَصِحُّ لِعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ بَعْدَهَا، وَهَذَا الْمُسْتَثْنَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ إيَّاهُ عَنْهُ وَلَا إشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ إذَا اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ.

قَالَ وَمَنْعُ الِاقْتِدَاءِ بِمَنْ يُصَلِّيَ جِنَازَةً، أَوْ كُسُوفًا مُشْكِلٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِ فِي الْقِيَامِ لَا مُخَالَفَةَ فِيهِ، ثُمَّ إذَا انْتَهَى إلَى الْأَفْعَالِ الْمُخَالِفَةِ، فَإِنْ فَارَقَهُ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَمَنْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ تُرَى عَوْرَتُهُ مِنْهُ إذَا رَكَعَ بَلْ أَوْلَى فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ، وَهُنَا مَوْجُودٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ اخْتِلَافُ فِعْلِ الصَّلَاتَيْنِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْمُتَابَعَةُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ، وَالشُّكْرِ كَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، وَالْكُسُوفِ (وَتَصِحُّ الظُّهْرُ) مَثَلًا (خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ، أَوْ الْمَغْرِبَ وَيَتَخَيَّرُ) الْمُصَلِّي خَلْفَهُ (فِي مُفَارَقَتِهِ) لَهُ (عِنْدَ الْقُنُوتِ) فِي الصُّبْحِ (وَالتَّشَهُّدِ) فِي الْمَغْرِبِ فَإِنْ شَاءَ فَارَقَهُ عِنْدَ اشْتِغَالِهِ بِهِمَا وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ، وَإِنْ شَاءَ اسْتَمَرَّ وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ.

وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَضُرُّ تَطْوِيلُهُ الِاعْتِدَالَ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِي الْقُنُوتِ إلْحَاقًا لَهُ بِالْمَسْبُوقِ (وَكَذَا) تَصِحُّ (الصُّبْحُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ) ، أَوْ نَحْوَهَا كَعَكْسِهِ بِجَامِعِ أَنَّهُمَا صَلَاتَانِ مُتَّفِقَانِ فِي النَّظْمِ (ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ) عِنْدَ قِيَامِهِ لِلثَّالِثَةِ (لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَنْ يُفَارِقَهُ وَيُسَلِّمَ لِغَرَضِ أَدَاءِ السَّلَامِ فِي الْجَمَاعَةِ وَلِوُرُودِهِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقُنُوتُ فِي الثَّانِيَةِ قَنَتَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ فِرَاقُهُ لِيَقْنُتَ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ الْحَنَفِيِّ التَّارِكِ لِلْقُنُوتِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ هُنَا (فَلَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ) ، أَوْ نَحْوَهَا (لَزِمَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ فِي) الرَّكْعَةِ (الرَّابِعَةِ) أَيْ عِنْدَ قِيَامِهِ لَهَا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ فَلَيْسَ لَهُ انْتِظَارُهُ بِخِلَافِ الْمُقْتَدِي فِي الصُّبْحِ بِالظُّهْرِ كَمَا مَرَّ (لِأَنَّهُ يُحْدِثُ) هُنَا (جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ) بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ وَافَقَهُ فِيهِ، ثُمَّ اسْتَدَامَهُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالتَّشَهُّدِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِالْجُلُوسِ تَنْبِيهًا عَلَى مَا الْكَلَامُ فِيهِ مِنْ أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الْمُخَالَفَةُ فِي الْأَفْعَالِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ فِي هَذِهِ، أَوْ لِلتَّشَهُّدِ فِي تِلْكَ وَلَمْ يَتَشَهَّدْ لَا يَلْزَمُهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ عَكْسُهُ، وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامُهُ الْجُلُوسَ، وَالتَّشَهُّدَ فِي تِلْكَ لَزِمَهُ مُفَارَقَتُهُ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُ لُزُومِهَا تَنْزِيلًا لِمَحَلِّ جُلُوسِهِ وَتَشَهُّدِهِ مَنْزِلَتَهُمَا وَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِهِمَا جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ (وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّيَ التَّرَاوِيحَ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: لَكِنْ لَوْ تَرَكَهَا لَمْ يَحُزْ الْفَضِيلَةَ) ، وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ (قَوْلُهُ: فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ) وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فَإِنَّ أَحْمَدَ يُوجِبُهَا وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ صَرَّحَ لَهُ الْجُوَيْنِيُّ) وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى فِيهَا كَذَلِكَ) ، فَإِنْ أَخْطَأَ ضَرَّ مَا لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ.

[الشَّرْط الْخَامِس تَوَافُقُ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ فِي الْأَفْعَالِ الظَّاهِرَةِ]

(قَوْلُهُ: الْخَامِسُ تَوَافُقُ نَظْمِ الصَّلَاتَيْنِ) وَجَدَ مُصَلِّيًا جَالِسًا وَشَكَّ أَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ أَوْ الْقِيَامِ لِعَجْزِهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَوْ لَا، وَكَذَا لَوْ رَآهُ فِي وَقْتِ الْكُسُوفِ وَشَكَّ فِي أَنَّهُ كُسُوفٌ، أَوْ غَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَعْلَمُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ هَلْ وَاجِبُهُ الْجُلُوسُ، أَوْ الْقِيَامُ " "، فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ كَأَنْ رَآهُ يُصَلِّي مُفْتَرِشًا، أَوْ مُتَوَرِّكًا فَإِنَّهُ يُحْرِمُ مَعَهُ وَيَجْلِسُ هَذَا إنْ كَانَ فِيهِ فَقِيهًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا لَا يَعْرِفُ هَيْئَاتِ الْجَلَسَاتِ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَّجَهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا) ، ثُمَّ الرِّيمِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي شَرْحِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ (قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُبْطِلَ ثَمَّ يَعْرِضُ بَعْدَ الِانْعِقَادِ إلَخْ) فَأَشْبَهَ التَّلَاعُبَ قَالَ فِي الْعُبَابِ، فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ جَاهِلًا وَفَارَقَهُ فَوْرًا لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ لِيُسَلِّمَ مَعَهُ) إنْ لَمْ يَخْشَ خُرُوجَ الْوَقْتِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ إمَامَهُ إلَخْ) يَلْزَمُ الْمَأْمُومَ مُفَارَقَةُ إمَامِهِ فِي هَذِهِ، وَإِنْ جَلَسَ إمَامُهُ لِلِاسْتِرَاحَةِ، وَكَذَا تَلْزَمُهُ فِي تِلْكَ إنْ لَمْ يَجْلِسْ لِلتَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ جُلُوسًا لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ أَنَّهُ يُحْدِثُهُ لِلتَّشَهُّدِ وَقَوْلُ أَصْلِهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ تَشَهُّدًا أَيْ جُلُوسَهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ لَمْ يَفْعَلْهُ الْإِمَامُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُ وَافَقَ الْإِمَامَ فِي تَشَهُّدِهِ ثُمَّ اسْتَدَامَهُ انْتَهَى. وَمُصَلِّي الظُّهْرِ لَا يَفْعَلُهُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ ثَالِثَتِهِ بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ فَإِنَّهُ إنْ فَعَلَهُ، فَالْحُكْمُ، فَالتَّعْلِيلُ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ أَصْلِهِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ الْعِشَاءُ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ إلَخْ) تَحْصُلُ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ بِصَلَاتِهِ الْعِشَاءَ، أَوْ نَحْوَهَا خَلْفَ التَّرَاوِيحِ وَعَكْسُهُ وَبِصَلَاةِ الصُّبْحِ، أَوْ نَحْوِهَا خَلْفَ " " قَوْلُهُ فَإِنْ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ إلَخْ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِمَنْ جَوَّزَ كَوْنَهُ مَأْمُومًا، وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ إمَامٌ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ التَّجْوِيزَ ثَمَّ اقْتَضَى قِيَامَ الْمَانِعِ حَالَ الِاقْتِدَاءِ، وَهُنَا لَا مَانِعَ حِينَئِذٍ. اهـ.

إيعَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>