للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنْعُ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فَتَتَعَيَّنُ الْفِدْيَةُ (ثُمَّ الْقَرِيبُ يَكْفِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَصَبَةً وَ) لَا (وَارِثًا) وَلَا وَلِيَّ مَالٍ لِمَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِامْرَأَةٍ قَالَتْ لَهُ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا صُومِي عَنْ أُمِّك» قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِمَالَ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالْعُصُوبَةَ قَالَ وَمَذْهَبُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ لَوْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ بِالْإِذْنِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ

(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ لَمْ يَقْضِ وَلَمْ يَفْدِ) عَنْهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِمَا بَلْ نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَنْهُ

(وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ حَيٍّ) بِلَا خِلَافٍ مَعْذُورًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ

(فَرْعٌ مَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ اشْتَدَّتْ) عَلَيْهِ (مَشَقَّةٌ سَقَطَ) أَيْ الصَّوْمُ (عَنْهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] (وَلَزِمَتْهُ الْفِدْيَةُ) قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] الْمُرَادُ لَا يُطِيقُونَهُ أَوْ يُطِيقُونَهُ حَالَ الشَّبَابِ ثُمَّ يَعْجَزُونَ عَنْهُ بَعْدَ الْكِبَرِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَانَا يَقْرَآنِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ وَمَعْنَاهُ يُكَلَّفُونَ الصَّوْمَ فَلَا يُطِيقُونَهُ وَهَلْ الْفِدْيَةُ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ ذُكِرَ بَدَلٌ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ وَاجِبَةٌ ابْتِدَاءً وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِي وَيَظْهَرُ أَثَرُهُمَا فِيمَا لَوْ قَدَرَ بَعْدُ عَلَى الصَّوْمِ وَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ لَهُ وَسَيَأْتِيَانِ

(فَإِذَا عَجَزَ) عَنْ الْفِدْيَةِ (ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ) كَالْكَفَّارَةِ وَكَالْقَضَاءِ فِي حَقِّ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَصَحُّ هُنَا عَكْسَهُ كَالْفِطْرَةِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ حَالَ التَّكْلِيفِ بِالْفِدْيَةِ وَلَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ جِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا وَمَا بَحَثَهُ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا مَرَّ أَنَّ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّ إذَا عَجَزَ عَنْهُ الْعَبْدُ وَقْتَ الْوُجُوبِ يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَهُوَ هُنَا كَذَلِكَ إذْ سَبَبُهُ فِطْرُهُ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالتَّصْرِيحُ بِثُبُوتِ الْفِدْيَةِ فِي ذِمَّةِ الزَّمِنِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ

(وَلَوْ نَذَرَ الْهَرِمُ وَالزَّمِنُ صَوْمًا لَمْ يَصِحَّ) نَذْرُهُمَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يُخَاطَبْ بِالصَّوْمِ ابْتِدَاءً بَلْ بِالْفِدْيَةِ (وَلَوْ قَدَرَ) مَنْ ذُكِرَ (عَلَى الصَّوْمِ بَعْدَ الْفِطْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ) الصَّوْمُ قَضَاءً لِذَلِكَ وَبِهِ فَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ عَنْ الْمَعْضُوبِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِي هَذِهِ شَامِلٌ لِلزَّمِنِ بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ كَالْهَرِمِ وَالزَّمِنِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَنْ عَجَزَ لِهَرَمٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالشَّيْخِ الْهَرِمِ

(الطَّرِيقُ الثَّانِي) تَجِبُ الْفِدْيَةُ (بِفَوَاتِ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ فَإِذَا خَافَتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ وَلَوْ) كَانَتْ الْمُرْضِعُ (مُسْتَأْجَرَةً) عَلَى الْإِرْضَاعِ (وَمُتَطَوِّعَةً) بِهِ (عَلَى الْأَوْلَادِ) فَقَطْ وَلَوْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ الْمُرْضِعِ (أَفْطَرَتَا) جَوَازًا بَلْ وُجُوبًا إنْ خَافَتَا هَلَاكَهُمْ (وَعَلَيْهِمَا مَعَ الْقَضَاءِ الْفِدْيَةُ مِنْ مَالِهِمَا وَإِنْ كَانَتَا) مُسَافِرَتَيْنِ أَوْ مَرِيضَتَيْنِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: ١٨٤] أَنَّهُ نُسِخَ حُكْمُهُ إلَّا فِي حَقِّهِمَا حِينَئِذٍ وَالنَّاسِخُ لَهُ قَوْلُهُ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] وَالْقَوْلُ بِنَسْخِهِ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُحْكَمٌ غَيْرُ مَنْسُوخٍ بِتَأْوِيلِهِ بِمَا مَرَّ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ وَيُسْتَثْنَى الْمُتَخَيِّرَةُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا لِلشَّكِّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْحَيْضِ وَفَارَقَ لُزُومُهَا لِلْمُسْتَأْجَرَةِ عَدَمَ لُزُومِ دَمِ التَّمَتُّعِ لِلْأَجِيرِ بِأَنَّ الدَّمَ ثَمَّ مِنْ تَتِمَّةِ الْحَجِّ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ وَهُنَا الْفِطْرُ مِنْ تَتِمَّةِ إيصَالِ الْمَنَافِعِ اللَّازِمَةِ لِلْمُرْضِعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْمُتَطَوِّعَةِ إذَا لَمْ تُوجَدْ مُرْضِعَةٌ مُفْطِرَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ لَا يَضُرُّهَا الْإِرْضَاعُ (وَلَا تَتَعَدَّدُ) الْفِدْيَةُ (بِتَعَدُّدِ الْأَوْلَادِ) لِأَنَّهَا بَدَلُ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْعَقِيقَةِ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِمْ لِأَنَّهَا فِدَاءٌ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ (فَإِنْ خَافَتَا عَلَى

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا يَبْطُلُ إلَخْ) وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلِيِّ بِسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الْقَرِيبُ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ مِمَّا وَجَبَ فِيهِ التَّتَابُعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي أَعْتَقِدُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلْبَارِزِيِّ وَيَشْهَدُ لَهُ نَظِيرُهُ فِي الْحَجِّ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَرْضَ الْإِسْلَامِ وَآخَرَ عَنْ قَضَائِهِ وَآخَرَ عَنْ نَذْرِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ انْتَهَى وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ فِي صُورَةِ الْحَجِّ أَنَّهُ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَلَاةٌ أَوْ اعْتِكَافٌ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا اعْتَكَفَ عَنْهُ وَلِيُّهُ صَائِمًا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ عَنْ حَيٍّ) نُقِلَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ عَنْ الْحَيِّ إجْمَاعًا بِأَمْرٍ أَوْ غَيْرِهِ عَنْ قَادِرٍ أَوْ عَاجِزٍ وَكَتَبَ أَيْضًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَنَّ الْمَالَ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي أَصْلِ إيجَابِهِ وَالثَّانِي فِي جُبْرَانِهِ فَجَازَتْ النِّيَابَةُ فِي حَالَيْنِ حَالَةُ الْمَوْتِ وَحَالَةُ الْحَيَاةِ وَالصَّوْمُ لَا يَدْخُلُ الْمَالُ فِيهِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ جُبْرَانُهُ فَلَمْ تَجُزْ النِّيَابَةُ فِيهِ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ

[فَرْعٌ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ]

(قَوْله أَوْ وَاجِبَتُهُ ابْتِدَاءً) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

(قَوْلُهُ فَإِذَا خَافَتْ الْحَامِلُ إلَخْ) قِيَاسًا عَلَى الشَّيْخِ الْهَرِمِ بِجَامِعِ أَنَّهُ أَفْطَرَ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ عَنْ الصَّوْمِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِمَا) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَإِنَّ الْفِدْيَةَ تَلْزَمُهَا وَتَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تُعْتَقَ قَالَهُ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَصُومَ عَنْ هَذِهِ الْفِدْيَةِ لِأَنَّهَا تَجِبُ مَعَ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَهِيَ مَحْضُ غُرْمٍ فَلَا يَكُونُ الصَّوْمُ بَدَلًا عَنْهَا وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتَا مُسَافِرَتَيْنِ إلَخْ) خَرَجَ بِهِ مَا إذَا أَفْطَرَتَا لِأَجْلِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُمَا لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِمَا وَكَذَا إنْ أَطْلَقْنَا فِي الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ مَا ذُكِرَ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَخْ) يُحْمَلُ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا احْتِيَاجُهَا إلَى الْإِفْطَارِ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَالْإِجَارَةُ لِلْإِرْضَاعِ لَا تَكُونُ إلَّا إجَارَةُ عَيْنٍ وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهُ فِيهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْمُتَخَيِّرَةِ إذَا أَفْطَرَتْ لِلْإِرْضَاعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَافَتَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>