للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا كَانَ صَرِيحًا فِي الْأَقْرَاءِ (وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت فَقِيلَ) هُوَ (كِتَابَةً) لِأَنَّ نَعَمْ تَتَعَيَّنُ لِلْجَوَابِ وَقَوْلُهُ طَلَّقْت مُسْتَقْبَلٌ بِنَفْسِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قِيلَ لَهُ طَلِّقْهَا فَقَالَ طَلَّقْت أَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ طَلَّقْت فَإِنَّهُ يَقَعُ فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى السُّؤَالِ وَالتَّفْوِيضِ (وَقِيلَ) هُوَ (كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ جَهِلَ حَالَ السُّؤَالِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ لَا يُسْتَفْهَمُ عَنْهُ وَصَرْفُهُ إلَى الِالْتِمَاسِ مَجَازٌ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا.

(فَرْعٌ لَوْ قِيلَ) لَهُ (أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ وَلَوْ نَوَى) لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ وَقَطَعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَأَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ طَلَاقَهَا وَعَلَيْهِ جَرَى الْأَصْفُونِيُّ وَشَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِيَارِهِمَا كَلَامَ الرَّوْضَةِ (وَلَوْ قِيلَ) لَهُ (أَطَلَّقْت) زَوْجَتَك (ثَلَاثًا) أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّلَاثِ كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى (فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالطَّلَاقِ) لِاحْتِمَالِ جَرَيَانِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ أَوْ مُخَاصَمَةٍ تَئُولُ إلَيْهِ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ (وَقَوْلُهُ) لَهَا (مَا أَنْت لِي بِشَيْءٍ لَغْوٌ) فَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ (وَإِنْ نَوَى أَوْ) قَالَ (امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا) وَالْحَالُ إنَّهَا (لَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَهُ (طَلُقَتْ) وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ.

(فَصْلٌ) لَوْ (قَالَ) لِزَوْجَتِهِ (وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا) مَثَلًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا (إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (بِتَفْرِيقِهِ) مِنْهَا بِحَيْثُ لَا تَلْتَقِي مِنْهُ نَوَاتَانِ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ (إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ) لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ (وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ جَوْزِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ) وَفِي نُسْخَةٍ تَرْكُ الْيَوْمِ (أَوْ) بِعَدَدِ (حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ قَبْلَ كَسْرِهَا) أَوْ إنْ لَمْ تَذْكُرِي لِي ذَلِكَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (تَخَلَّصَ) مِنْ الْحِنْثِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْرِيفَ) أَيْ التَّعْيِينَ (بِأَنْ تَأْخُذَ عَدَدًا تَتَيَقَّنُهُ) أَيْ تَذْكُرُ عَدَدًا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (ثُمَّ تُكَرِّرُهُ مَعَ زِيَادَةِ وَاحِدٍ وَاحِدٍ) فَتَقُولُ مِائَةٌ وَوَاحِدَةٌ مِائَةٌ وَاثْنَتَانِ وَهَكَذَا (وَتَحْتَاطُ) فَتُزِيدُ حَتَّى تَبْلُغَ مَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ فَتَكُونُ مُخْبِرَةً بِذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَاكِرَةً لَهُ. أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِمَا ذَكَرَتْهُ وَاسْتَشْكَلَ الشِّقُّ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْخَبَرَ يَعُمُّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ بِأَيِّ عَدَدٍ ذَكَرَتْهُ لِحُصُولِ مُسَمَّى الْخَبَرِ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَذِبًا كَمَا فِي تَعْلِيقِهِ بِإِخْبَارِهَا بِقُدُومِ زَيْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ لِلرُّمَّانَةِ وَنَحْوِهَا عَدَدًا خَاصًّا وَقَدْ عَلَّقَ بِهِ فَإِذَا أَخْبَرَتْهُ بِعَدَدِ حَبِّهَا كَاذِبَةً لَمْ تُخْبِرْ بِهِ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ فَيُصَدَّقُ بِالْخَبَرِ الْكَاذِبِ (فَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تَعُدِّي جَوْزَهَا) أَيْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْيَوْمَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَصْلٌ قَالَ لَهُ شَخْصٌ مُسْتَخِيرًا أَطَلَّقْت زَوْجَتَك وَأَرَادَ الِاسْتِفْهَامَ فَقَالَ نَعَمْ]

قَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى طَلَّقْت إلَخْ) لَوْ لَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا بَلْ كَتَبَ نَعَمْ أَوْ بَلَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ أَوْ كَذَا كَانَ فَهَلْ هُوَ كَتَطْلِيقِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ كَتَطْلِيقِهِ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ كَنَعَمْ) فَيَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ الْأَصَحُّ.

(قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

[فَرْعٌ قِيلَ لَهُ أَلَكَ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا]

(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَاهُ فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ ادَّعَتْ النِّكَاحَ فَأَنْكَرَ لَا يَكُونُ إنْكَارُهُ طَلَاقًا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ تَفَقُّهًا مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ

١ -

(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت اللَّيْلَةَ عَلَى حَارٍّ أَوْ بَارِدٍ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فِطْرِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فَقَالَ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا صَرِيحُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَوَّلُ مُقْتَضَى مَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ ابْن الْعِمَادِ وَفِيمَا قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ تَقْدِيمُ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى عُرْفِ الشَّرْعِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَلِذَلِكَ لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِ لَحْمِ الْحُوتِ وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى بِسَاطٍ بِالْجُلُوسِ عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ بِسَاطًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي سِرَاجٍ بِجُلُوسِهِ فِي الشَّمْسِ وَإِنْ سَمَّاهَا اللَّهُ سِرَاجًا وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى وَتَدٍ بِجُلُوسِهِ عَلَى الْجَبَلِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ أَفْطَرْت بِالْكُوفَةِ وَكَانَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ قِيَاسُ قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ يَكُونُ بِالْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ فَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ وَبِهِ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَهَذَا أَيْضًا مُوَافِقٌ لِفَتْوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ شَيْخُنَا فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَأَفْطَرَ عَلَى شَيْءٍ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَاسْتُفْتِيَ فِيهَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فَقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَصْلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا وَخَلَطَا نَوَاهُمَا إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ مِنْ نَوَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ]

(فَصْلٌ قَالَ وَقَدْ أَكَلَا تَمْرًا إلَخْ) .

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَرَادَ التَّعْيِينَ لِنَوَاهَا مِنْ نَوَاهُ فَلَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ) لَيْسَ فِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِالْوُقُوعِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ جُمْلَةً كَانَ مِنْ صُوَرِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ عَادَةً وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ عَدَمَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَقِيَ مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْيِينَ فَعَيَّنَتْ نَوًى وَمَيَّزَتْهُ وَقَالَتْ هَذَاك نَوَاك وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ تَكْذِيبٌ وَلَا غَيْرُهُ فَقُوَّةُ كَلَامِهِمْ تُفْهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُخَلِّصٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ تَعَرَّفَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ مَسْأَلَةَ التَّمْرَةِ إذَا اخْتَلَطَتْ بِصُبْرَةٍ فَأَكَلَتْهَا إلَّا تَمْرَةً قَالَ فِي الْكَافِي بَعْدَ إطْلَاقِهِ الْقَوْلَ بِالْخَلَاصِ بِتَفْرِيقِ النَّوَى وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِنَوَايَ أَوْ إنْ لَمْ تُشِيرِي إلَى نَوَايَ فَأَنْت طَالِقٌ فَالطَّرِيقُ أَنْ تَعُدَّ النَّوَى عَلَيْهِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً وَتَقُولَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ هَذِهِ نَوَاتُك. اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ قُدُومِ زَيْدٍ إلَخْ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّمَا خَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْقَرِينَةَ تُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الذِّكْرُ لَا مُطْلَقُ الْخَبَرِ الثَّانِي أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ لِمَا وَقَعَ مَعْدُودًا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>