للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي (لَمْ تَجِبْ) أَيْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا (أَوْ) عَلَى (غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَقَبِلَ الْجَانِي (فَوَجْهَانِ) أَحَدُهُمَا لَا تَجِبُ كَالدِّيَةِ وَالثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ يَجِبُ وَيَكُونُ عِوَضًا عَنْ الْقِصَاصِ الَّذِي تَرَكَهُ (وَإِنْ اقْتَصَّ ذِمِّيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ) قَتَلَ مُوَرِّثَهُ (بِغَيْرِ) حُكْمِ (حَاكِمٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَصَّ مِنْهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ بِذَلِكَ لَا يُنْقَضُ.

(وَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ) فَرَمَاهُ (فَقَتَلَ إنْسَانًا) فَهُمَا قَاتِلَانِ خَطَأً (فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتَيْهِمَا) نِصْفَيْنِ (وَيُكَفِّرَانِ) أَيْ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ كَفَّارَةٌ (، وَهَلْ لِعَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ) بِالرَّمْيِ (الرُّجُوعُ) بِمَا يَغْرَمُونَهُ (عَلَى الْمُكْرَهِ وَعَاقِلَتِهِ؟ . فِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَرْجِعُوا، وَإِنْ كَانَ الْمُكْرَهُ مُتَعَدِّيًا كَمَا لَا يَرْجِعُونَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ عَلَى الْقَاتِلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهِمَا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَى الْمُكْرَهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ تَحْمِلُ عَنْهُ الدِّيَةَ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ. (وَإِنْ اقْتَصَّ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ بِقَطْعِ إحْدَى يَدَيْ قَاطِعِهِ (بَعْدَ الِانْدِمَالِ) لِقَطْعِ يَدَيْهِ (فَأَهْلَكَتْ) يَدُ الْجَانِي أَيْ قَطْعُهَا (الْجَانِيَ أُخِذَتْ دِيَةُ) الْيَدِ (لِأُخْرَى مِنْ تَرِكَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ قِصَاصَهَا، وَقَدْ فَاتَ بِمَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ فَأَشْبَهَ سُقُوطَهَا بِآفَةٍ. (وَإِنْ اقْتَصَّ بِإِحْدَاهُمَا وَأُخِذَتْ دِيَةُ الْأُخْرَى) بِالْعَفْوِ عَنْ قِصَاصِهَا (وَمَاتَ بِنَقْضِ الْجِرَاحَةِ بَرِئَ الْجَانِي) فَلَا قِصَاصَ لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجِرَاحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَعْفُوٌّ عَنْهَا، وَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى نِصْفَهَا، وَالْيَدُ الْمُقَابَلَةُ بِالنِّصْفِ.

(وَإِنْ مَاتَ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ بِالسِّرَايَةِ بِقَطْعِ وَارِثِهِ يَدَ الْجَانِي فَمَاتَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قَطْعِهَا قَبْلَ قَطْعِ الْأُخْرَى (لَمْ يَسْتَحِقَّ) الْوَارِثُ شَيْئًا فِي تَرِكَتِهِ أَيْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ إذَا سَرَتْ الْجِرَاحَةُ إلَى النَّفْسِ سَقَطَ حُكْمُ الْأَطْرَافِ وَصَارَتْ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَقَدْ قَتَلَهُ بِالْقَطْعِ فَصَارَ كَحَزِّ الرَّقَبَةِ (وَيَقْتَصُّ) السَّيِّدُ (لِعَبْدِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْجَانِيَ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ (الْمَالُ) إذْ لَا يَثْبُتُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ (إلَّا إنْ أَعْتَقَهُ ثُمَّ عَفَا عَلَى مَالٍ) فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ بِخِلَافِ مَا إذَا عَفَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَقْتَضِيهِ.

(وَإِنْ قَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ إنْسَانٌ آخَرَ (بِقَطْعِ يَدٍ) لَهُ (عَمْدًا وَرِجْلٍ خَطَأً) فَمَاتَ مِنْهُمَا (فَلَا قِصَاصَ فِي النَّفْسِ) لِاخْتِلَاطِ الْعَمْدِ بِالْخَطَأِ (وَيَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى الْجَانِي) لِتَعَمُّدِهِ قَطْعَ الْيَدِ (وَنِصْفٌ) آخَرُ (عَلَى عَاقِلَتِهِ) لِخَطَأِ الْجَانِي فِي قَطْعِهِ الرِّجْلَ (فَإِنْ قَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ) أَيْ يَدَ الْجَانِي عَنْ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ (فَمَاتَ) مِنْهُ فَقَدْ (اسْتَوْفَى) حَقَّهُ، وَلَا يَبْقَى لَهُ شَيْءٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ خَطَأً فَإِنَّهُ يَكُونُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ.

(وَإِنْ ارْتَدَّ الْقَاتِلُ، أَوْ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ فَقَتَلَهُ الْوَلِيُّ) فِي الْأُولَى (أَوْ الْمُشْتَرِي) فِي الثَّانِيَة (بِالرِّدَّةِ وَقَعَ قِصَاصًا) فِي الْأُولَى (وَقَبْضًا) فِي الثَّانِيَةِ (إلَّا إنْ كَانَ الْقَاتِلُ) بِالرِّدَّةِ فِيهِمَا (إمَامًا) فَلَا يَقَعُ قَتْلُهُ قِصَاصًا، وَلَا قَبْضًا بَلْ لَهُ الدِّيَةُ فِي الْأُولَى فِي تَرِكَةِ الْمُرْتَدِّ، وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ قَتْلَهُ بِالرِّدَّةِ، وَغَيْرُهُ لَا يَمْلِك قَتْلَهُ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ لَا بِرِدَّتِهِ. وَالْمُصَنِّفُ صَوَّرَ ذَلِكَ بِحُدُوثِ الرِّدَّةِ بَعْدَ الْقَتْلِ وَالْبَيْعِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ تَصْوِيرُهُ بِحُدُوثِهَا قَبْلَهُمَا، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ.

(وَإِنْ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ ضَرْبًا قَاتِلًا فَمَاتَتْ) مِنْهُ (لَزِمَهُ الْقَوَدُ إلَّا إنْ أَدَّبَهَا بِسَوْطَيْنِ) ، أَوْ ثَلَاثَةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ، أَوْ نَحْوِهِمَا (ثُمَّ بَدَا لَهُ فَضَرَبَهَا الضَّرْبَ الْقَاتِلَ) فَمَاتَتْ فَلَا يَلْزَمُهُ قَوَدٌ لِاخْتِلَاطِ الْعَمْدِ بِشِبْهِهِ.

(وَإِنْ قَالَ الْوَكِيلُ) فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ (قَتَلْته بِشَهْوَتِي) لَا عَنْ الْمُوَكِّلِ (لَزِمَهُ الْقِصَاصُ وَلِلْمُوَكِّلِ الدِّيَةُ) فِي تَرِكَةِ الْجَانِي.

(وَإِنْ ضَرَبَ سِنًّا فَتَزَلْزَلَتْ، أَوْ يَدًا فَتَوَرَّمَتْ) ، أَوْ اضْطَرَبَتْ كَمَا فِي الْأَصْلِ (ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) ؛ لِأَنَّهَا سَقَطَتْ بِجِنَايَتِهِ.

(وَلَوْ تَوَقَّفَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ) فِي حَادِثَةٍ (لِإِشْكَالِهِ) أَيْ الْحُكْمِ فِيهَا (فَجَرَّأَهُ رَجُلٌ بِحَدِيثٍ نَبَوِيٍّ) رَوَاهُ لَهُ فِيهَا حَتَّى قَتَلَ بِهِ رَجُلًا (ثُمَّ رَجَعَ) الْمُجَرِّئُ (عَنْهُ) ، وَقَالَ كَذَبْت وَتَعَمَّدْت (فَلَيْسَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ) عَنْ شَهَادَتِهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَخْتَصُّ بِالْحَادِثَةِ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ (وَإِنْ حَبَسَهُ فِي) مَحَلِّ (دُخَانٍ، أَوْ مَنَعَهُ عَصْبَ فَصَادَتِهِ)

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

[فَرْعٌ جَنَى حُرٌّ عَلَى حُرٍّ بِمُوجِبِ قِصَاصٍ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبَلْ الْجَانِي) قَالَ شَيْخُنَا أَمَّا إذَا قَبِلَ لَزِمَهُ مَا عَفَا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَوْفَى الْمُسْتَحِقُّ مَا يُقَابِلُ دِيَةً لِبَقَاءِ النَّفْسِ فَصَارَ كَعَفْوِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بِغَيْرِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ فَيَصِحُّ بِتَرَاضِيهِمَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُهَا) مِثْلُهُ مَا إذَا قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ: ظَاهِر أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ النَّفْسِ عَلَى الدِّيَةِ بِخِلَافِ السِّرَايَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلتَّدَاخُلِ فَإِنَّهُ قَدْ أَخَذَ فِي السِّرَايَةِ مَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ وَالتَّدَاخُلُ حَاصِلٌ، وَهَذَا جَارٍ عَلَى عَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَهُوَ قَوْلٌ اخْتَارَهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى غَيْرِ جِنْسِهَا فَوَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَبَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَا إذَا إنْ قُلْنَا الْقَوَدُ عَيْنًا صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا مُخْتَصَرُ الْكِفَايَةِ (قَوْلُهُ: كَالدِّيَةِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ، وَقَبِلَ الْجَانِي لَمْ يَجِبْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِهَذَا قَيَّدَهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِعَدَمِ قَبُولِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي، وَهُوَ أَوْجَهُ إلَخْ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبَنَاهُمَا الْمُتَوَلِّي عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ مَا إذَا أَنْ قُلْنَا الْقَوَدُ عَيْنًا وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ: وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَوْجَهُ) الرَّاجِحُ هُوَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الطَّرَفِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ

(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ قَتَلَ مَنْ لَهُ عَلَيْهِ قِصَاصٌ خَطَأً إلَخْ) كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَرَأَى الْإِمَامُ فِي بَابِ الشِّجَاجِ الْقَطْعَ بِهِ، وَأَنَّ تَعْلِيلَ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ قَتَلْته بِشَهْوَتِي إلَخْ) نَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرَّهُ أَنَّ وَكِيلَ الطَّلَاقِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةِ إيقَاعِهِ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ هُنَاكَ أَنَّ مُقْتَضَاهُ الْوُقُوعُ إذَا أَوْقَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ الْمَنْقُولَ هُنَا عَدَمُهُ لِلصَّارِفِ. اهـ. إنَّمَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرُّويَانِيِّ الْوُقُوعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ الْبَغَوِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>