للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرَاهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ (وَتَبَسُّطٌ فِي أَكْلٍ وَلُبْسٍ) أَيْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَلَا يُكَلَّفُ فِيهِمَا التَّقْتِيرَ الْمُفْرِطَ.

(وَلَهُ اقْتِرَاضٌ وَأَخْذُ قِرَاضٍ وَشِرَاءُ جَوَارٍ لِتِجَارَةٍ) تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ (وَهِبَةٌ بِثَوَابٍ مَعْلُومٍ) ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ (وَبَيْعُ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ نَقْدٍ أَوْ عَشْرَةٍ) أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا (نَسِيئَةً وَشِرَاءُ النَّسِيئَةِ) إنْ كَانَ (بِثَمَنِ النَّقْدِ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يَرْهَنُ بِهِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ يَتْلَفُ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنِ النَّسِيئَةِ فَقَالَ الْبَغَوِيّ تَبَعًا لِلْقَاضِي لَمْ يَجُزْ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَجْهٌ شَاذٌّ لِلْقَاضِي تَبِعَهُ عَلَيْهِ.

(لَا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ قَبْلَ الْمُعَوَّضِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عَنْ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ نَوْعُ غَرَرٍ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِالْعِوَضِ الْغَائِبِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَجَزَمَ فِي غَيْرِهِ بِالْجَوَازِ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ (وَلَا قَبُولُ هِبَةِ) أَوْ وَصِيَّةٍ (مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) لَوْ كَانَ حُرًّا لِزَمَانَةٍ أَوْ هَرَمٍ أَوْ صِغَرٍ أَوْ نَحْوِهِ (إلَّا كَسُوبًا كِفَايَتَهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ) لَهُ (قَبُولُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعَ تَرَقُّبِ عِتْقِهِ (ثُمَّ) لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ضَعِيفٌ وَلَا يَبِيعُهُ بَلْ (يُكَاتِبُ عَلَيْهِ) فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ (وَنَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ وَالْفَاضِلُ) مِنْهُ (لِلْمُكَاتَبِ) يَسْتَعِينُ بِهِ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ (فَإِنْ مَرِضَ قَرِيبُهُ) الَّذِي تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا (أَوْ عَجَزَ لَزِمَ الْمُكَاتَبَ نَفَقَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ وَلَيْسَ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى أَقَارِبِهِ الْأَحْرَارِ حَيْثُ يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ كَسُوبًا إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ فِيهِ لَا لُزُومُ نَفَقَتِهِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ نَفَقَةُ قَرِيبِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهُ فِي الْكَسُوبِ الَّذِي عَرْضَ لَهُ مَرَضٌ بِسَبَبِ الْمِلْكِ لَا بِسَبَبِ الْقَرَابَةِ كَمَا عُرِفَ (وَإِنْ جَنَى) قَرِيبُهُ الْمَذْكُورُ (بِبَيْعٍ فِيهَا) أَيْ فِي الْجِنَايَةِ (وَلَا يَفْدِيه) لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الشِّرَاءِ (بِخِلَافِ) جِنَايَةِ (عَبْدِهِ) الَّذِي لَيْسَ بِقَرِيبٍ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى لَهُ يَصْرِفُهَا فِي النُّجُومِ.

[فَصْلٌ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا مَنَعَ مِنْهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِلْمُكَاتَبِ]

(فَصْلٌ إذَا أَذِنَ السَّيِّدُ فِيمَا مَنَعَ) مِنْهُ (مِنْ التَّصَرُّفَاتِ صَحَّ) التَّصَرُّفُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا فَإِذَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ صَحَّ كَمَا لَوْ وَهَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ الْآخَرِ (إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَ) فِي (كِتَابَتِهِ) لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَلَاءَ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لَهُ كَالْقِنِّ (وَ) فِي (التَّسَرِّي) لِضَعْفِ الْمِلْكِ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ مُعَامَلَةِ الْعَبِيدِ وَخَرَجَ بِنَفْسِهِ إعْتَاقُهُ عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ) لِنَفْسِهِ أَوْ رَقِيقِهِ (وَ) فِي (التَّفْكِيرِ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ) لَا بِالْإِعْتَاقِ (صَحَّ) كُلٌّ مِنْ النِّكَاحِ وَالتَّكْفِيرِ بِذَلِكَ لِوُجُودِ الْإِذْنِ وَلِأَنَّ الْقِنَّ إذَا صَحَّ نِكَاحُهُ بِالْإِذْنِ فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ وَتَرْجِيحُ جَوَازِ التَّكْفِيرِ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِفَايَتِهِ (كَهِبَتِهِ لِلسَّيِّدِ وَلِطِفْلِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (وَإِقْرَاضِهِ وَمُحَابَاتِهِ) فِي مُعَامَلَتِهِ مَعَهُ وَبَيْعِهِ نَسِيئَةً (وَتَعْجِيلِ دَيْنِهِ) الْمُؤَجَّلِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ لَهَا كَإِذْنِهِ (وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) فِي الْهِبَةِ لِغَيْرِهِ (فَوَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ) السَّيِّدُ عَنْ الْإِذْنِ (قَبْلَ الْإِقْبَاضِ) لِلْمَوْهُوبِ (امْتَنَعَ) الْإِقْبَاضُ (وَإِنْ اشْتَرَى قَرِيبُهُ) الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حُرًّا (بِالْإِذْنِ) مِنْ سَيِّدِهِ (يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ) كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ.

(وَتَزْوِيجُ السَّيِّدِ الْمُكَاتَبَةَ بِإِذْنِهَا صَحِيحٌ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ ضَعْفُ مِلْكِهِ لَهَا وَنَقْصُهَا.

(وَلِلْمُكَاتَبِ) وَلَوْ بِلَا إذْنٍ (شِرَاءُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) وَقَبُولُ هِبَتِهِ وَالْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ تَوْسِيعًا لَهُ فِي طُرُقِ الِاكْتِسَابِ (وَلَا يَعْتِقُ) عَلَى سَيِّدِهِ (إلَّا إنْ رَقَّ) الْمُكَاتَبُ (وَهُوَ) أَيْ وَمِنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ (مِلْكُهُ) فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ. قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ صَرْفِ الْمَالِ إلَى عِوَضِ مَنْ عَسَاهُ يَعْتِقُ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا نَظَرُوا إلَى لُزُومِ النَّفَقَةِ لَهُ بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا الْحَالَ (فَإِنْ كَانَ) مَا مَلَكَهُ بِمَا ذُكِرَ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ (وَلَمْ يَخْتَرْ) سَيِّدُهُ (تَعْجِيزَهُ) بَلْ هُوَ الَّذِي عَجَّزَ نَفْسَهُ (لَمْ يَسْرِ) عِتْقُ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَى الْبَاقِي، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ (وَإِنْ اخْتَارَ) سَيِّدُهُ (تَعْجِيزَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ) أَوْ مُعْسِرٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى (فَكَذَلِكَ) لِأَنَّ مَقْصُودَهُ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَدُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ ضِمْنِيٌّ قَهْرِيٌّ وَقِيلَ يَسْرِي فِيمَا قَالَهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِاخْتِيَارِ التَّعْجِيزِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ وَالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَتَبِعَهُ هُوَ ثَمَّ أَيْضًا، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الثَّانِيَ -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ يَجُوزُ إذْ لَا غَبْنَ فِيهِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْعِرَاقِيُّونَ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِيهِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لَا عَلَى الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ غَيْرُ سَدِيدٍ إذْ لَا تَبَرُّعَ.

(قَوْلُهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَمْ أَجِدْهَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَلَا الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلِتَفَاعُلِ مَعَانٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ تَبِعَهُ فِي الْمَقْصِدِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ مَنْعُ بَيْعِهِ وَأَنَّهُ يَرِقُّ بِرِقِّهِ وَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ وَهَذَا اصْطِلَاحٌ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي إعْتَاقِ رَقِيقِهِ عَنْ نَفْسِهِ) وَلَوْ عَنْ كَفَّارَةٍ أَمَّا عَنْ سَيِّدِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ فِي الْأَظْهَرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>