للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(صَحَّ) لِلْعِلْمِ بِالْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْعَمَلِ جَهَالَةٌ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ يَوْمًا لِيُخَاصِمَ غُرَمَاءَهُ (وَلَهُ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ الْأَجِيرِ (فِيمَا مَشَقَّتُهُ مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ.

(وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ أَرْضٍ مَسْتُورَةٍ بِالزَّرْعِ) أَوْ غَيْرِهِ مَا عَدَا الْمَاءَ لِوُجُودِ مَا يَمْنَعُ رُؤْيَتَهَا وَلَيْسَ مِنْ مَصَالِحِهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ وَالِانْتِفَاعِ عَنْ الْعَقْدِ وَمُشَابَهَتِهِ إجَارَةَ زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ.

(وَلَا) تَصِحُّ إجَارَةُ (دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِالْأَمْتِعَةِ) لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ (إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهَا) فَتَصِحُّ (وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الدَّارُ (بَعِيدَةً) عَنْ مَحَلِّ الْإِجَارَةِ بِحَيْثُ (لَا يُمْكِنُ قَبْضُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ) لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ (جَازَ) لِلْحَاجَةِ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ) وَلَوْ (مُطْلَقًا) عَنْ ذِكْرِ وَقْتِهَا وَتَفْصِيلِ أَنْوَاعِهَا (صَحَّ وَحُمِلَ) الْإِطْلَاقُ (عَلَى الْعُرْفِ فِي الْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَجِيرِ) رُتْبَةً وَذُكُورَةً وَأُنُوثَةً وَمَكَانًا وَوَقْتًا وَغَيْرَهَا.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْقِيَامِ عَلَى ضَيْعَةٍ قَامَ) عَلَيْهَا (لَيْلًا وَنَهَارًا كَالْعَادَةِ) أَيْ عَلَى عَادَةِ الْعَمَلِ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ.

(أَوْ) اسْتَأْجَرَهُ (لِلْخَبْزِ بَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ مَا يَخْبِزُهُ (أَرْغِفَةٌ) أَوْ أَقْرَاصٌ (غِلَاظٌ أَوْ رِقَاقٌ وَأَنَّهُ) يَخْبِزُ (فِي فُرْنٍ أَوْ تَنُّورٍ وَحَطَبُ الْخَبَّازِ كَحِبْرِ النُّسَّاخِ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْعُرْفُ وَسَائِرُ آلَاتِ الْخَبْزِ عَلَى الْأَجِيرِ إنْ كَانَتْ إجَارَةَ ذِمَّةٍ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْأَجِيرِ إلَّا تَسْلِيمُ نَفْسِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي فِي الْإِجَارَةِ]

(فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي. زَمَنُ الطَّهَارَةِ وَ) الصَّلَاةِ (الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً وَالرَّاتِبَةِ مُسْتَثْنًى فِي الْإِجَارَةِ) لِعَمَلِ مُدَّةٍ فَلَا تَنْقُصُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ فَلَوْ صَلَّى ثُمَّ قَالَ كُنْت مُحْدِثًا قَالَ الْقَفَّالُ: لَا نَمْنَعُهُ مِنْ الْإِعَادَةِ لَكِنْ يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ وَنَمْنَعُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْمَسْجِدِ لِلْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ بُعْدِهِ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ جِدًّا فَفِيهِ احْتِمَالٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامُهُ مِمَّنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ فَلَا وَعَلَى الْأَجِيرِ أَنْ يُخَفِّفَ الصَّلَاةَ مَعَ إتْمَامِهَا ثُمَّ مَحَلُّ تَمْكِينِهِ مِنْ الذَّهَابِ إلَى الْجُمُعَةِ إذَا لَمْ يَخْشَ عَلَى عَمَلِهِ الْفَسَادَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا سَبْتُ الْيَهُودِ) مُسْتَثْنًى (إنْ اُعْتِيدَ) لَهُمْ وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِي عُرْفِ الْمُسْلِمِينَ وَجَهْلِ أَكْثَرِ النَّاسِ لَهَا وَالذِّمِّيُّ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهَا.

(وَالْأَجِيرُ لِحَمْلِ الْحَطَبِ إلَى الدَّارِ لَا يُطْلِعُهُ السَّقْفَ) أَيْ لَا يُكَلَّفُ صُعُودَ السَّطْحِ بِهِ (وَفِي) وُجُوبِ (إدْخَالِهِ) لَهُ الدَّارَ (وَالْبَابُ ضَيِّقٌ قَوْلَانِ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِلْعُرْفِ وَثَانِيهِمَا لَا بَلْ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْإِدْخَالَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَوَجْهُ الْإِفْسَادِ تَعَارُضُ الْعُرْفِ وَاللَّفْظِ قَالَ وَالتَّقْيِيدُ بِالضَّيِّقِ لَا فَائِدَةَ لَهُ عِنْدَ تَأَمُّلِ التَّعْلِيلِ بِالْعُرْفِ.

(وَعَلَى الْأَجِيرِ لِغَسْلِ الثِّيَابِ أُجْرَةُ مَنْ يَحْمِلُهَا إلَيْهِ) لِأَنَّ حَمْلَهَا إلَيْهِ مِنْ تَمَامِ الْغَسْلِ (إلَّا إنْ شُرِطَ خِلَافُهُ) أَيْ بِأَنْ شُرِطَتْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَتَلْزَمُهُ.

(وَلَا أُجْرَةَ لِلْمَسَافَةِ إلَى شَجَرٍ اُسْتُؤْجِرَ لِقَطْعِهِ) فِي ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْعَمَلِ.

(وَلِمُسْتَأْجِرِ الدَّابَّةِ لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُقَدَّرٍ مَنْعُ الْمُؤَجِّرِ مِنْ تَعْلِيقِ شَيْءٍ) عَلَيْهَا مِنْ مِخْلَاةٍ أَوْ سُفْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لِاسْتِحْقَاقِهِ جَمِيعَ مَنْفَعَتِهَا (وَلَوْ أَكْرَى دَابَّةً) لِيَرْكَبَهَا (إلَى بَلَدٍ) فَرَكِبَهَا إلَيْهِ (فَرُجُوعُهُ بِهَا كَالسَّفَرِ الْوَدِيعَةِ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ بَلْ يُسَلِّمُهَا إلَى وَكِيلِ الْمَالِكِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَإِلَى الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَإِلَى أَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَمِينًا رَجَعَ بِهَا أَوْ اسْتَصْحَبَهَا إلَى حَيْثُ يَذْهَبُ لِلضَّرُورَةِ (وَلَوْ اسْتَعَارَهَا) لِيَرْكَبَهَا إلَى بَلَدٍ فَرَكِبَهَا إلَيْهِ (رَدَّهَا) إلَى الْمَكَانِ الَّذِي سَارَ مِنْهُ (وَلَوْ رَاكِبًا) -.

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إجَارَةُ مُدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ سَاكِنِهَا فَإِنَّهَا تَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَقْبِضَ أُجْرَتَهَا مِنْ زَارِعِيهَا (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَتْ مَزْرُوعَةً بِتَعَدٍّ وَأَمْكَنَ تَفْرِيغُهَا مِنْ الزَّرْعِ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا وَقَدْ سَبَقَتْ رُؤْيَةُ الْمُسْتَأْجِرِ إيَّاهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً إلَخْ) كَأَنْ كَانَتْ بِبَلَدٍ آخَرَ.

(فَصْلٌ فِيهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ الثَّانِي) (قَوْلُهُ: زَمَنُ الطَّهَارَةِ) مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ وَسُتْرَةٍ لِعَوْرَةٍ وَمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْعَمَلِ يَوْمًا فَوَقْتُ الصَّلَوَاتِ مُسْتَثْنًى وَلَوْ صَرَّحَ بِاسْتِثْنَائِهِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ. اهـ. وَقَالَ فِي خَادِمِهِ اسْتَأْجَرَهُ لِعَمَلٍ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَاةَ فِي وَقْتِهَا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقِيلَ لَا تَصِحُّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الشَّرْطُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ. اهـ.

قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الشَّارِحُ عَنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فِي قَوَاعِدِهِ هَلْ هُوَ مُعْتَمَدٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ مُعْتَمَدٌ كَمَا قَالَهُ وَإِنْ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ لِلْجَهْلِ بِمِقْدَارِ الْوَقْتِ مَعَ إخْرَاجِهِ عَنْ مُسَمَّى اللَّفْظِ وَإِنْ وَافَقَ الِاسْتِثْنَاءَ الشَّرْعِيَّ (قَوْلُهُ: وَالرَّاتِبَةِ) قَضِيَّةُ كَوْنِ زَمَانِ النَّوَافِلِ مُسْتَثْنًى شَرْعًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْعَمَلِ فِيهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ: إنَّهُ يَجُوزُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ الرَّوَاتِبَ وَأَنْ يَقْتَصِرَ فِي الْفَرَائِضِ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالشَّرَائِطِ صَحَّ وَوَجَبَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَوْقَاتِ إنَّمَا خَرَجَتْ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْعُرْفِ الْقَائِمِ مَقَامَ الشَّرْطِ فَإِذَا صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ مِمَّا يُجَوِّزُهُ الشَّرْعُ وَيُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ جَازَ كَمَا لَوْ أَدْخَلَ بَعْضَ اللَّيْلِ فِي الْإِجَارَةِ بِالنَّصِّ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَمَالِي: الْعَقْدُ فِي النِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ مَنَافِعِ الْأَزْمَانِ دَلَّ الْعُرْفُ عَلَيْهِ، أَوْ اسْتَحَقَّهُ الشَّرْعُ فَلَا يَدْخُلُ زَمَانُ الْأَكْلِ وَلَا الصَّلَوَاتِ وَلَا الصِّيَامِ وَلَا زَمَانُ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَأْجِرُ مَا أَتْرُكُكَ تَذْهَبُ لِلْجَامِعِ حَتَّى تُقَامَ الصَّلَاةُ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَشْهَدُ بِإِخْرَاجِهِ فَصَارَ كَالْمُشْتَرَطِ لَفْظًا وَكَذَلِكَ النَّفَلُ الْمُعْتَادُ مَعَ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُ النَّصَارَى فِي يَوْمِ الْأَحَدِ كَذَلِكَ) فَإِنْ أَسْلَمَ عَمِلَ فِيهِ وَتَرَكَ لَهُ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَلْ تَدْخُلُ أَيَّامُ الْجُمَعِ فِي الْمُدَّةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْبَيَانِ وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِي النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالنُّزُولِ فِيهَا وَكَسُبُوتِ الْيَهُودِ.

(قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا نَعَمْ) هُوَ الْأَصَحُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>