للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَوَّلُ بَعْدَ قَذْفِهِ وَقَبْلَ إبَانَتِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَإِنْ اقْتَضَى تَصْوِيرُهُمْ خِلَافَهُ (وَلَوْ زَنَى الْعَبْدُ، ثُمَّ عَتَقَ، ثُمَّ زَنَى غَيْرَ مُحْصَنٍ لَزِمَهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ فَقَطْ) وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ لِاتِّحَادِهِمَا جِنْسًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا (وَلَوْ زَنَى الْبِكْرُ) الْحُرُّ (فَجُلِدَ خَمْسِينَ وَتُرِكَ لِعُذْرٍ، ثُمَّ زَنَى) مَرَّةً أُخْرَى (وَهُوَ بِكْرٌ جُلِدَ مِائَةً وَدَخَلَتْ الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ فِيهَا) لِذَلِكَ.

(فَصْلٌ لَا يَنْتَفِي) وَفِي نُسْخَةٍ يُنْفَى (وَلَدُ الْأَمَةِ بِاللِّعَانِ بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ) لِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَلِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ لِإِمْكَانِ النَّفْيِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَإِنْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ وَوَطِئَهَا) بَعْدَ مِلْكِهَا (وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتَمَلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَلَمْ تُجَاوِزْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَيْ قُبَيْلَهُ (فَلَهُ نَفْيُهُ) بِاللِّعَانِ كَمَا لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ (أَوْ) اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ (مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ يَوْمِ الْوَطْءِ وَجَاوَزَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ (فَلَا) يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِغَيْرِهِ (وَكَذَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا) بِأَنْ لَمْ تُجَاوِزْ الْمُدَّةُ فِيمَا ذَكَرَ آنِفًا أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ) لِلُّحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ بِوَطْئِهِ فِي الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَطِئَهَا مَا لَوْ لَمْ يَطَأْهَا فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا مَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا أَيْ بَعْدَ وَطْئِهَا، فَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ وَيَلْغُو دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ لِكَوْنِ الْوَلَدِ حَاصِلًا حِينَئِذٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَا يَمْلِكُ النِّكَاحَ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ قَدْ انْقَطَعَ بِفِرَاشِ الْمِلْكِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ (وَلِعَانُهَا بَعْدَ الْمِلْكِ فِي تَأَبُّدِ الْحُرْمَةِ) بِهِ (كَهُوَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ) فَيَتَأَبَّدُ.

[الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ]

[الْفَصْل الْأَوَّلُ فِي كَلِمَاتِ اللِّعَان]

(الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَفِيهِ فُصُولٌ) ثَلَاثَةٌ (الْأَوَّلُ فِي كَلِمَاتِهِ وَهِيَ خَمْسٌ) أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ (أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَالْخَامِسَةُ) يَقُولُ فِيهَا (عَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) لِلْآيَةِ وَيَأْتِي بَدَلَ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ بِضَمَائِرِ الْمُتَكَلِّمِ فَيَقُولُ عَلَيَّ لَعْنَةُ اللَّهِ وَإِنَّمَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْهَا أَدَبًا فِي الْكَلَامِ وَاتِّبَاعًا لِلْآيَةِ وَكُرِّرَتْ كَلِمَاتُ الشَّهَادَةِ لِتَأْكِيدِ الْأَمْرِ وَلِأَنَّهَا أُقِيمَتْ مِنْ الزَّوْجِ مَقَامَ أَرْبَعِ شُهُودٍ مِنْ غَيْرِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَيْمَانٌ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْكَلِمَةُ الْخَامِسَةُ فَمُؤَكِّدَةٌ لِمُفَادِ الْأَرْبَعِ (وَيُمَيِّزُهَا بِاسْمِهِمَا وَنَسَبِهَا) إنْ غَابَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ (وَإِنْ حَضَرَتْ كَفَتْ الْإِشَارَةُ) إلَيْهَا كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ (فَإِنْ كَانَ) ثَمَّ (وَلَدٌ) يَنْفِيهِ (قَالَ) فِي كُلٍّ مِنْ الْكَلِمَاتِ الْخَمْسِ (وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ) إنْ حَضَرَ أَوْ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ إنْ غَابَ (مِنْ زِنًا) وَ (لَيْسَ) هُوَ (مِنِّي) لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ (وَيَكْتَفِي بِقَوْلِهِ مِنْ زِنًا) حَمْلًا لِلَفْظِ الزِّنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَنُقِلَ عَنْ الْأَكْثَرِينَ خِلَافُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ زِنًا (لَا بِقَوْلِهِ لَيْسَ) هُوَ (مِنِّي) لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا وَخُلُقًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْنِدَهُ مَعَ ذَلِكَ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْقَذْفِ.

(فَإِنْ أَهْمَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ) الْكَلِمَاتِ (الْخَمْسِ أَعَادَ اللِّعَانَ) لِنَفْيِهِ إنْ أَرَادَ نَفْيَهُ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي تَسْمِيَةِ الزَّانِي إنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ (وَلَمْ تُعِدْهُ الْمَرْأَةُ) أَيْ لَا تَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ (وَلِعَانُهَا أَنْ تَقُولَ أَرْبَعًا أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لِمَنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا) إنْ كَانَ قَدْ رَمَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَالْخَامِسَةُ) تَقُولُ فِيهَا (عَلَيْهَا غَضَبُ اللَّهِ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا) لِلْآيَةِ وَتَأْتِي بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ فَتَقُولُ عَلَيَّ إلَى آخِرِهِ وَخُصَّ اللَّعْنُ بِجَانِبِهِ وَالْغَضَبُ بِجَانِبِهَا؛ لِأَنَّ جَرِيمَةَ الزِّنَا أَقْبَحُ مِنْ جَرِيمَةِ الْقَذْفِ وَلِذَلِكَ تَفَاوَتَ الْحَدَّانِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ أَغْلَظُ مِنْ لَعْنَتِهِ فَخُصَّتْ الْمَرْأَةُ بِالْتِزَامِ أَغْلَظِ الْعُقُوبَتَيْنِ (وَتُسَمِّيهِ) أَيْ الزَّوْجَ (بِمَا يُمَيِّزُهُ) غَيْبَةً أَوْ حُضُورًا كَمَا مَرَّ فِي جَانِبِهَا (وَلَا يَلْزَمُهَا ذِكْرُ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ فَلَوْ امْتَنَعَ الْقَذْفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي نَفْيِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لِمَنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ لَا مِنِّي وَلَا تُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِهَذَا اللِّعَانِ حَتَّى يَسْقُطَ

ــ

[حاشية الرملي الكبير]

قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ. (قَوْلُهُ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي إلَخْ) فَلَفْظَةُ أَشْهَدُ صَرِيحَةٌ هُنَا، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً فِي الْأَيْمَانِ، وَلَوْ ادَّعَتْ قَذْفًا وَأَثْبَتَتْهُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَاعَنَ لَمْ يَقُلْ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ بَلْ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَى مَنْ رَمَيْنَ إيَّاهَا بِالزِّنَا.

[فَصْلٌ لَا يَنْتَفِي وَلَدُ الْأَمَةِ بِاللِّعَانِ بَلْ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ]

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ وَلَدٌ قَالَ وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ إلَخْ) إذَا أَنْفَقَتْ الْمُلَاعَنَةُ عَلَى وَلَدِهَا مُدَّةً بَعْدَ اللِّعَانِ، ثُمَّ رَجَعَ الْأَبُ عَنْ نَفْيِهِ وَأَكْذَبَ نَفْسَهُ وَقُلْتُمْ بِالصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ إنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا فَذَلِكَ يُخَالِفُ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي فِي الْإِنْفَاقِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ فَمَا جَوَابُهُ هُنَا؟ فَأَجَابَ جَوَابُهُ هُنَا أَنَّ الْأَبَ تَعَدَّى بِنَفْيِهِ وَمَا كَانَ مُتَوَجِّهٌ لِلْأُمِّ طَلَبُ النَّفَقَةِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ فَإِذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ حِينَئِذٍ لِتَعَدِّيهِ قَالَ شَيْخُنَا وَكَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي النَّفَقَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>